ذات مرةٍ قال أبو حنيفة: "أنا أرى كذا"، ولم تنتهِ المناقشة، فكتب أحد تلاميذة مقالته ، فقال له: "لا تكتب إنما هذا رأيي فانتظر حتى نجتمع على رأي".
فهل هناك أجمل من هذا؟
...
وفي بعض الأحيان ترتفع الأصوات في المناقشة، فيغضب البعض من علوّ الصوت في المسجد، فيقول أبو حنيفة: "دعوهم فإنهم لا يفقهون إلا هكذا".
فلابد أن يحدث حوار وأن يظل جو الحرية هذا، في بعض الأحيان وأثناء حديثه وقبل أن يصل لرأي، يقول له شخص: "أخطأت يا أبو حنيفة"، فسكت أبو حنيفة وقال قولاً آخر، فقال آخر: "أخطأت يا أبو حنيفة"، وكان هناك بين الحضور شخص كبير يحضر لأول مرة في المسجد، فوجد أن الاثنين يقولان للأستاذ الإمام الأعظم أخطأت يا أبو حنيفة، فنظر إلى التلاميذ وقال لهم: "ألا توقرون الشيخ؟ تقولون له أخطأت ويقبل ويسكت ولا تتكلمون"، فقال أبو حنيفة: "دعهم فلقد عودتهم ذلك من نفسي"، قال: "أعودتهم يقولون أخطأت؟ "قال: "لا نفقه إلا هكذا". ففقهنا لا يخرج إلا هكذا.
ما رأيكم في تاريخنا، وأدب الاختلاف؟
هل تقبل أن يقول لك أحدٌ أخطأت وأنت الكبير ذو المكانة؟ إلى أي مدى يضيق صدرك؟
هل من الممكن أن تكون أنت مؤسس الفكرة ليقول لك الناس أخطأت وتقول: أنا من عودهم ذلك؟!
لاحظ شيئا هامًّا، أن هذا لا يعني التقليل من أبو حنيفة، فتظن أنه فقط ماهرٌ في جمع الناس،
يقول الإمام مالك: "والله هذا الرجل -أبو حنيفة- لو أراد أن يقنعك أن هذا العمود -الخشب- ذهباً لأقنعك بحجته!"، ويقول أبو يوسف تلميذه: "كنا نختلف مع أبو حنيفة، فوالله تدور الأيام ولا نستقر إلا على ما قاله أبو حنيفة". ويقول ظفر: "جمعنا العلم من أناسٍ شتى، فوجدنا العلم بالتفاريق -عند كل شخص جزء منه-ووجدناها جملةً عند أبو حنيفة، فقلنا ليتنا ما أضعنا الوقت"، فكلما ذهبنا إلى شخص يعطينا جزءًا من العلم، فإذا ذهبنا لأبي حنيفة يعطينا إياه كاملا، لذا فإنك تتحدث عن شخصٍ غير عادي.
نشرت فى 29 مارس 2012
بواسطة princess
عدد زيارات الموقع
1,742,811
ساحة النقاش