كما ذكرنا في الحلقات السابقة أنه عند اختيار شريك الحياة لا بد أن تتوفر المواصفات الثلاثة: الدين، والقبول الشكلي، والتكافؤ الاجتماعي، وأن فترة الخطوبة هدفها تعميق وتقويم هذه الأمور الثلاثة ثم بعد ذلك الانتقال إلى المرحلة الأخرى وهي عقد القران .

والملحوظة الجميلة أن الإسلام وضع مراحل تدريجية قبل أن يتم الزواج، تبدأ بالتعارف بين الفردين والعائلتين، ثم الخطوبة، ثم عقد القران إلى أن يتم الزواج، لكي يحدث التوافق النفسي والروحي والعاطفي ويبدأ يتعمق خطوة خطوة.

وكما ذكرنا أن الهدف من الخطوبة الارتياح النفسي والعقلي الذي لا بد أن يكون بعيداً عن الشهوات والغرائز التي لو دخلت في هذه المرحلة لا بد أن تأثيرها سيكون سلبياً .

 

حلقة الخطوبة جاء عليها كثير من التعليقات، وأنه لا بد أن يحدث الارتياح النفسي والتوافق العقلي، ولكن السؤال كيف سيتم ذلك دون أن يحدث تجاوز للحدود، وكيف سيكون شكل العلاقة بين الطرفين؟

 

كنا قد ذكرنا أننا لسنا مع الخلوة بين الطرفين التي تؤدي إلى الحرام، فكيف التوفيق بين أن لا يحدث بينهما خلوة وفي نفس الوقت لابد أن يكون بينهما لقاءات ليتحدث كل منهما إلى الطرف الآخر .

 فالحل وبمساعدة أسرة كل من الخطيبين أن يجلسوا في غرفة والعائلة تجلس في غرفة أخرى وبالطبع لن يغلق عليهم الباب، ولكن أن يفسح المجال أمامهما ليتعرف كل منهما على شخصية الآخر ويكون ذلك تحت مظلة العائلة من غير الرقابة التي تجعل الكلام محسوباً عليهم.

فمن حقها وحقه التقييم، وكذلك حل آخر أن تجتمع أسرة العريسين في النادي (وهذا مثال) ويجلس هو وخطيبته على طاولة وأفراد العائلة على طاولة أخرى.

ونريد من كل هذا أن تكون الخطوبة في شكل إسلامي فلدينا ضوابط أن لا تحدث خلوة بينهما، لكن في نفس الوقت أن يفسح المجال أمامهما حتى يلتقيا بأفكارهما وتبادل الآراء بينهما.

والعائلة لا بد أن توفر هذا الجو الذي يساعد الطرفين أن يدرس كل منهما شخصية الآخر.

كما أنه من الأفضل أن لا تطول فترة الخطوبة، إن تم التوافق بين الاثنين وتحقق الهدف المرجو من الخطوبة.

 

معنى آخر بعض العائلات ترحب بالخطيب ترحيباً شديداً، فأوجه كلمتي إلى الشاب فأنت ما زلت عضواً جديداً على الأسرة، وأن تكون زيارتك لأسرة العروس بشكل لا يزعج عائلتها ولابد من الذوقيات والأدبيات، وكذلك للشاب المتدين الذي لا يذهب إلى زيارة خطيبته سوى مرة واحدة في الشهر فهذا أيضاً مرفوض وإلاّ كيف سيحدث التفاهم بينكما..

فيجب الموازنة بحيث يبقى الود والتفاهم متصل وهذا الأمر يحتاج إلى الأب الصديق والأم الصديقة والأخ الصديق الذي يوجه ابنه أو ابنته حتى لا تحدث المشاكل أو غير ذلك..

فنحن بحاجة إلى الأب الصديق الذي يوجه وينصح ويساعد ولنا في حماه سيدنا موسى قدوة الذي أحس بميل ابنته لسيدنا موسى فكان أن عرض عليه الزواج منها.

الأب الذي مثل سيدنا أبو بكر الذي كان إن أحس أن ابنته السيدة عائشة ظهر منها ما يزعج النبي فكان يسرع ويصلح ما بينهما.

الحماه مثل نبينا صلى الله عليه وسلم الذي يوم زواج السيدة فاطمة وسيدنا علي رضي الله عنهما، وكان أن رأى أسماء بنت عميس تقف على باب سيدنا علي الذي هو زوج ابنته. وكان أن قال لأسماء: أين أخي؟

فقالت أسماء باستغراب: من

قال: علي

فقالت: يارسول الله

قال: هو أخي

فلماذا ركز النبي على كلمة "أخي" لمن سيصبح صهره زوج ابنته، لأنه أراد أن يبني العلاقة بينه وبين من سيتزوج ابنته على الأخوة ، فلم يكن فقط الأب الصديق بل أيضاً الحماه الصديق. علماً بأنه لم يكن ينادي سيدنا علي بكلمة أخي قبل أن يتزوج من ابنته.

فهل نرى نموذج الحماه الذي يسعى إلى سعادة ابنته..

 

عقد القران

 

سنبدأ بسؤال لمن سيعقد قرانه قريباً:إذا تم اكتشاف عيوب قاتلة قبل عقد القران فهل يجب مصارحة الأهل؟

 

الرأي الراجح في هذا الأمر أنه إن كان هذا العيب القاتل قد حدث في الماضي، وحصلت التوبة وأنه لن يعود إليه ويجب التأكد من ذلك، فالستر أولى ولا تصارحي أهلك.

 

وإن كان هذا العيب مازال موجوداً ويسهل إصلاحه أو قابل للإصلاح فلا داعي لإخبار الأهل، فيجب المحاولة بإصلاح هذا العيب وتأخير الزواج إلى  أن يتم التأكد من إزالة هذا العيب.

 

ولكن إن كان هذا العيب ما زال موجوداً ويصعب تغييره، كأن يكون مدمن مخدرات، فهنا ونصحيتي للبنات أنه لا بد من مصارحة الأهل، فهنا الوضع يختلف وهذا أمر خطير، أن يتم الزواج ثم يستمر في إدمانه للمخدرات ولن تستطيعي أن تصارحي أهلك بعد فوات الآوان لأنك لم تستعيني بهم قبل زواجك، وكنت تعلمين بوجود هذا العيب فيه. وتكون العاقبة أن تعيشي في مأساة ولن تستطيعي البوح بهمومك.

وفي هذا المجال هناك تجارب لبنات خضن هذه التجربة، كانوا يعرفون أن الخطيب يشرب المخدرات ولم يخبرن أهلهن خوفاً من عدم إتمام الزواج، ولكن العاقبة كانت وخيمة بعد الزواج.

وهذا أيضاً ينطبق على شارب الخمر..

 

 

والآن سيبدأ عقد القران وأولى كلمات هذا العقد :

 "زوجتك ابنتي على

فهل تدرك قيمة هذه المعاني..

والكلام موجه للرجال، أنت تضع يدك في يد والد الفتاة الذي سيستأمنك على ابنته، ونلاحظ دائماً أن الآباء عند إتمام عقد القران يقول لصهره يافلان هذه أمانة..

فأنت تعاهد الله ورسوله، فيجب أن ننتبه لهذا الأمر..  إياك أن تتلفظ بها دون أن تكون متأكداً أنك ستنفذها..

فهل تعرف ماذا يعني ذلك؟ أي أن أنك تعاهد الله على أن تأتي بأوامر الله الموجودة في كتابه.

فأنت تضع يدك بيد والد العروس، والناس تشهد عليك والشهود، والمأذون يعقد العقد، فلا بد أن تنفذ ما جاء فيه:  

"...وعاشروهن بالمعروف..." سورة النساء آية 19 فهل ستنفذ ذلك أم ستنقض عهدك مع الله..

فعلى كتاب الله أي على أوامر الله..

وهل تعلم أن هذا أصعب وعد في حياتك تعاهد فيه الله أنك ستكرم من تزوجتها..

وللأسف ما نراه من آلاف الزيجات التي ظلمت فيها المرأة، والرجال سيحاسبون عليها..

فاليد التي قالت على كتاب الله وسنة رسوله، أعطت عهداً لله، فيا من قصرتم في هذا العهد توبوا إلى الله واستغفروه ..

وهل نعرف ماذا يعني "وعاشروهن بالمعروف" أي ليس فقط أن لا تؤذيها ولكن أن تتحمل أذاها، وغضبها، وخطأها، وأن تصبر عليها ولنا في نبينا صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة.

نساء النبي كانت تهجره إحداهن إلى الليل ويصبر عليها.

كانت إحداهن تختلف مع النبي على النفقة وتثقل عليه، ويصبر النبي عليها.

كانت تغار ويصبر عليها، ليس هذا فحسب بل أيضاً ويداعبها ليسري عن قلبها ليصرف عن قلبها الغضب ليستريح القلب.

فهل أنت مستعد أن تتزوج على كتاب الله، وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي الحديث:خيركم خيركم لأهله..

لا يكرمهن إلا كريم ولا يهينهن إلاّ لئيم.

هذا ديننا، ثم كيف يتهم الإسلام بأنه لا يكرم المرأة..!

فهل هناك قانون وضعي أو دين وضع على الرجل هذا الميثاق؟

ولنرى قول الله عزّ وجل

 

ثم أن الله عزّ وجل أطلق على عقد القران أو مانسميه بكتب الكتاب بالميثاق الغلييظ

وكلمة الميثاق الغليط لم ترد في القرآن إلاّ ثلاث مرات، مرة على الأنبياء  

ومرة ثانية على بني إسرائيل " المائدة آية 13  

والمرة الثالثة عليك أيها الشاب المقدم على الزواج..

فهل ستكون من نموذج الأنبياء أم من النموذج الذي نقض الميثاق..

فمن سينقض الميثاق ستكون حياته كئيبة، لأن ذلك يؤدي إلى غضب الله..

هذا بالنسبة للرجل، أما بالنسبة للمرأة، كذلك منذ اللحظة التي سيأتي وليها يستئذنها في موافقتها وأجابت بالقبول فعليها أيضاً مسؤلية هذا الميثاق..

عندما جاءت السيدة عائشة إلى النبي صلى الله عليه وسلم تسأله عن الجهاد في سبيل الله الذي خصص به الرجل فكيف للنساء أن ينلن هذا الثواب العظيم فيرد عليها:

اعلمي أن حسن تبعل المرأة لزوجها يعدل الجهاد في سبيل الله..

أن تعامليه بأحسن ما عندك والمقصود به أن المرأة أحياناً لا توافق أحلامها الرجل الكامل الذي كانت تتمناه، فتكون تجاهد وتستشهد في اليوم مائة مرة من أجل إرضاءه فيكون هذا جهادها..

وإذا كان الشهيد يستشهد مرة في حياته، فهي ستستشهد في بيتها كل يوم.. فيكون لها ثواب كثواب المجاهد، والنبي وضع لها هذا الثواب ومن غير أن تذهب إلى أرض المعركة، لأن معركتها داخل بيتها، فيها شهادتها. فصبرها وجهادها في إرضاؤه بمثابة جهادها وعبوديتها لله تبارك وتعالى..

فيجب أن نعي هذا الأمر جيداً، ثم لندخل على صيغة العقد الذي يتكون من كلمتين:

زوجتك..  قبلت

سبحان الذي يجعل الحرام حلالاً بكلمتين..

فهل رأينا أهمية هذا الموضوع، وعلى كل من سيقبل على إتمام العقد مراجعة النية، وهل ستحسني اتباعك لزوجك وإرضاؤه وتراعي الله فيه، وإن لم تكن هذه هي النية فهي نقض للميثاق يتأتى عليها قول الله

 

نقطة ثانية، حبذا لو يتم عقد القران في المساجد، ولا يعني ذلك أننا ضد أن يعقد القران في المنازل، ولكن نتمنى أن يعود هذا الأمر وتتجمع الناس في المساجد، ومن سنة النبي صلى الله عليه وسلم أن تلقى خطبة في بداية العقد أو كلمة للتذكير بهذا الميثاق الغليظ.

هناك من سيعتقد أن طرح هذا الأمر وأن يعقد القران في المسجد من باب التضييق، فيمكن أن يتم هذا الأمر وبمنتهى السعادة والفرح ويغلف بشكل رقيق ومعاني جميلة..

وسأضرب لكم مثلاً، كنت عندما أشارك في عقد قران في المسجد والناس تنتظر أني سأقوم بإلقاء خطبة أو درس أو ما شابه ذلك، ولكني كنت ألقي أبياتاً من الزجل وذلك ليعم جو الفرح في هذه المناسبة، وسأعرض عليكم أبياتاً قمت بإرسالها وهي كالتالي :

قالوا اكتب قصيدة لكل الشباب                وينفع نقولها في كتب الكتاب

يشارك في غيبتك عريسنا في فرحه          ونسمع نصيحتك وناخد ثواب

واحلفت لازم ألبي نداء الحبايب              وشارك معاهم ولو كنت غايب

بكلمة ترقق قلوب اللي نسيوا             ويمكن تصبر في قلبي اللي دايب

ده حب وجمعنا وربك يديمه               لاهو لدنيا ولا احنا قرايب

ثم بعد أن شعرت أن الكلام كان مؤثراً ، فاستشهدت بحديث النبي صلى الله عليه وسلم :تنكح المرأة لأربع، وحولته إلى زجل:

ياواخد عروستك لمالها حيفنى             وتدفع لوحدك فاتورة الحساب

يا واخد عروستك حسيبة ونسيبة      قوام راح حاتقولك ايش جاب لجاب

يا واخد عروستك وساحرك جمالها    ده عمر اليمامة ما حبت غراب

ياواخد عروستك لدينها حيبقى         وتضمن سعادتك ليوم الحساب

 

وأنا أحببت أن أعرض عليكم هذه الأبيات، وهذه فكرة حتى لا نعتقد أن عقد القران في المسجد نستمع فيه إلى كلمات خفيفة قبل البدء بالعقد للإرتقاء بالروح وبشكل لطيف ..

 

النية

 

تم عقد القران ، والفرحة تملاً القلوب، فما هي النية؟

لا بد أن تتوفر في النية الأمور التالية:

ـ السعادة

ـ أعيش لنفسي

ـ تأسيس أسرة في طاعة الله

ـ الأخذ بأيدي أولادي وأسرتي

ـ نصرة الإسلام الذي لا تتحقق إلا بالبيوت المتماسكة.

أذكر شاباً في إحدى المرات أخبرني أن نيته في زواجه أن يطبق قول الله سورة يونس آية 87

فالله أمر سيدنا موسى أن يخبر الشباب أن يجعلوا من بيوتهم قبلة للمؤمنين، فكلما أراد المؤمنين أن يزدادوا إيماناً يذهبوا إلى بيت فلانة..

البيت الذي يملاُه الإيمان، والذكر والقرآن..

كل ذلك لأنه لا بد أن يكون هناك نية، وتخطيط ورؤية مستقبلية..

 

المهر

وما يحدث في أيامنا ويقدرالمهر على حسب مستوى الجمال، ومستوى العائلة، وهل هذه هي فلسفة المهر في الإسلام وهذا الكلام يعني أن المرأة أصبحت سلعة.

فلسفة المهر في الإسلام أنه هدية للمرأة للتقدير، فإن كان التقديرمادياً فهل هي كشريكة العمر وزوجة وأم تقدر قيمتها بالمال؟ وهل نعلم أنه كلما ارتفع المهر قلت قيمتها لأنك حولتها إلى سلعة..

ويجب أن نفهم كلام النبي صلى الله عليه وسلم : أكثرهن بركة أقلهن مهوراً ..

وبالتالي كلما تحول الموضوع إلى موضوع مادي، فتكون الجميلة وصاحبة الأخلاق والنسب ستتزوج من الغني، ومن يملك المواصفات التي تليق بها من أخلاق ونسب كريم وصاحب مستقبل طموح، ولكنه يفتقد العنصر المادي، فلن يستطيع أن يتزوجها ويضطر إلى أن يتزوج من لا تناسبه.

والنبي صلى الله عليه وسلم في حديث له قال:إذا جاءكم من ترضون دينه فزوجوه، إلاّ تفعلوا تكن فتنة في الأرض.

فمن تزوجت على أنها سلعة ستشقى، وسيشقى بها من تزوجها، وتكون النتيجة أن يشقى بهما المجتمع أيضاً، وهذا معنى حديث النبي "إلاّ تفعلوا تكن فتنة في الأرض.

فالمهر هدية رمزية، وقيمة المرأة لاتقدر بالمال، والمهر هدية على حسب الإمكانيات إن قبلت الزواج .

وهنا يجب توضيح أمر هام، هناك فرق بين أن يطلب الأهل من العريس أن يشارك معهم في تأسيس بيت الزوجية وبين المهر الذي هو من حق العروس.

وهل تقييم بناتنا أصبح على حسب هذا المهر، أو التباهي والمقارنة بمهور دفعت لفلانة وفلانة، ألم تسمعي يا أمي لقول الله تبارك وتعالى: ... سورة النساء آية 36

فإياكم أن تكونوا مختالين وتفقدوا حب الله من أجل المقارنة بابنة خالتها أو ابنة عمتها الذي دفع فيها مهراً غالياً..

وهذه هي فلسفة المهر في الإٍسلام.

 

وفي موضوع المهر أيضاً، رواية أخرى للنبي صلى الله عليه وسلم :أكثرهن بركة أيسرهن مهوراً.

أي التيسير في دفع المهر، من غير شحناء، وهذه دعوة في تيسير دفع المهور، ولا تغالوا بالذات لو كان الهدف هو التباهي.فالله لا يرضى بهذا، وابنتكم أغلى من ذلك..

 

حق الطاعة

 

هل تطيع الفتاة خلال فترة عقد القران زوجها أم أهلها.

فأوجه كلمتي إلى الشباب، حق الطاعة من حق أهلها طالما مازالت في بيت أبيها إلى أن تنتقل إلى منزل الزوجية.

وأطلب من الزوج أمرين: العقل والخلق

أما في العقل فكن عاقلاً أن لاتضع امرأتك في موقف يستحيل عليها اتخاذ القرار، بينها وبين أبوها.

والأمر الثاني الأدب والخلق، فأنت وضعت يدك في يد حماك وقلت له :زوجني، وقال لك: قبلت..

فهل من المعقول أن تطلب منها أن لا تطيع أهلها، فلا تضعها في هذا الاختبار الصعب، والمطلوب من المرأة الذكية التي تحاول إرضاء زوجها دون أن تتجاوز حدودها ولا يعرضها لمشاكل مع أهلها.

وكذلك الآباء والأمهات في فترة كتب الكتاب يصبح عندهم غيرة شديدة، ويتصرفون تصرفات سيضحكوا عليها بعد ذلك، وهذه الغيرة نتيجة لشعورهم بأن ابنهم أو ابنتهم سيتركونهم. فالحل أن لا تشعروهم أنكم غير محتاجين لهم وأنك ستنفصلون عنهم، وأن لا يزيد هذا الشعور لديهم، فالمطلوب في هذه الفترة أن تجعلهم يشعرون أنهم ما يزال لهم الأمر في شأن ابنتهم والعكس أيضاً للشاب. وهذا يحتاج لشيء من العقل والحكمة، وأن تشعروهم بأهميتهم، وتقوموا بزياراتهم والتودد إليهم، وأنكم تسمعون كلامهم، فتذوب هذه الغيرة وتختفي، تجنباً لمشاكل قد تحدث وينتج عنها فشل العلاقات أو حتى فشل الزواج.

وكلمة أوجهها للآباء والأمهات، فإياكم والغيرة التي تعمى بها القلوب، فهؤلاء أولادكم، ولا بد أنكم تحرصون على سعادتهم وهذا يتطلب أيضاً دور الأب الصديق والأم الصديقة.

 

طبيعة المرحلة

 

كل الحرام أصبح حلال ، ولكن ترفق وراعي عرف المجتمع والتقاليد،  وأن تؤجل العلاقة الزوجية إلى أن يتم حفل الزفاف، ولمراعاة واحترام رغبة أمها وأبوها.

هناك من سيقول أنه في عقد القران أصبحت زوجته، ولكن عرف المجتمع طالما لا يتعارض مع الدين فهو دين، ولا بد من مراعاة هذا الأمر، وإلاّ ستكون قد أخطأت ، ثم افرض لا قدر الله أنه حدث لك أمر ومت، فالأهل سيكون لديهم مشكلة كبيرة في حياة ابنتهم.

ولذلك هناك كثير من الآباء والأمهات يرفضون إتمام عقد القران إلا في ليلة الزواج، وأن كنت أرى أن الشاب والفتاة يجب أن يتعقلوا ويفهموا هذا الأمر، ففترة عقد القران هي من أجمل الفترات، لأنها زواج دون مسؤوليات، وزواج حلال ويعيشون فترة في منتهى الرومانسية، والعلاقة الأخيرة يستحسن تأجيلها حتى يتم الزفاف والانتقال إلى بيت الزوجية وتحقيق رضا الأهل في هذا الأمر، ومن باب الحرص أيضاً على عرف المجتمع أن تحترمه أيها الزوج وتفهمه لأهل زوجتك.

 

حفل الزفاف

 

ما هي فكرة حفل الزفاف، هل هي عادة اجتماعية، أم أصل في الإسلام؟

الجواب هو أصل في الإسلام، فالنبي والصحابة كانوا حريصين على هذا الأمر، وأن يكون هناك مدعوين وتقام الولائم.

في حفل زفاف السيدة فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم، على سيدنا علي ابن أبي طالب، كانت تركب على بغلة النبي صلى الله عليه وسلم وكان يقود هذه البغلة سيدنا سلمان الفارسي، وراءها كان يسير أبوها النبي صلى الله عليه وسلم، وسيدنا حمزة عم النبي، والصحابة يرفعون السيوف، والسيدات يلتففن حولها، ومن مظاهر البهجة أيضاً أبيات شعر  تنشد، وكلمات رقيقة وأغاني، ووليمة، إلى أن تم توصيلهم إلى منزلهم الزوجي.

ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتزوج دون أن يولم، فلا بد أن نفرح وتفرح بناتنا وعائلاتنا.. وهو مظهر اجتماعي إسلامي للأنثى وللتقارب بين الأسر، وإشهار وإعلان ..

ولكن ما يحدث في أيامنا هذه في حفلات الزفاف لا يمت إلى مراد الله، ومن الأمور المستحدثة وهي عبارة عن أربعة مصائب:

ـ رقص واختلاط مستهتر،

ـ تبذير شديد في الأموال

ـ حسد وغيبة ونميمة

ـ تفاخر وتعالي

فهل تبدأ حياة أولادنا بالمعاصي، والبركة والسعادة كنز من كنوزالله عزّ وجل يهبها للطائعين، وهناك بيوت تدمر في يوم الزفاف، وذلك نتيجة لهذه المعاصي، ثم نأتي بالمدعوين، فنحملهم ذنوب، ونحمل ذنوبهم يوم القيامة

فحفل الزفاف يوم بداية، فهل ستفتح الباب برضا الله أم بغضب الله؟

وهل ترضون أن تكون البداية غضب الله ، وهذا اليوم يوم عظيم عند الله فهذا يوم لبيت مسلم سيفتح، ولاثنان سيعفّوا أنفسهم، فهل من المعقول أن نحول هذا الرضا لغضب، وبدلاً من أن يكون يوماً من أيام الرحمن يكون يوماً من أيام الشيطان؟

فالله أحل لك الحلال فتبدأه بالمعصية.

وأوجه كلمتي إلى من يرقص في في هذا الحفل، والرجل بالذات كيف ستقابل سيدنا عمر وسيدنا خالد يوم القيامة، وكذلك لبناتنا أيضاً أين الحياء؟..

فهل نعلم أنه أجمل شيء في هذا اليوم توفير جو هادئ من السكينة والاطمئنان للرجل والمرأة حتى تكون أجمل ليلة في حياتهما.

 

وكذلك هذه الأموال الباهظة التي يتم إنفاقها في التجهيزات لهذا الحفل، ونحن لسنا ضد إقامة حفل الزفاف، ولكن ضد التبذير في هذا الأمر، أليس من الأولى أن نوفرها ونعطيها لأولادنا ليستفيدوا بها، أو أن يسافروا في رحلة شهر عسل، وبدلاً من أن يكون هذا الحفل من أجل التباهي والتفاخر أمام العائلات..

لقد أصبح لدينا تقاليد خاطئة ومرفوضة، ولننظر إلى احتياجات المجتمع ، والتبذير حرام وليس من مصلحة الأولاد، ثم إن أنانية بعض العائلات  تؤثر على فرحة الابن وعروسه..

لا يعني هذا أننا لن نقيم حفل، بل بالعكس ولكن في ضمن المعقول، وسنفرح ولكن دون أن يكون هناك معاصي.

أتمنى من العائلات أن يبدأوا بهذه المبادرة وتغيير هذه العادات ..

 

من الجدير بالذكر أن ليلة الزفاف في الإسلام تسمى بليلة البناء، وسميت بذلك لأنها فعلاً سيبدأ بها بناء بيت مسلم، فلنشعر بمعناها، والإسلام يهدف أن يوفر في هذه الليلة الجو الهادئ، والسعادة والاطمئنان للعريس والعروسة .. وهذه أجمل ليلة في حياتهم..

سيدنا خالد يقول: أجمل ليلة في حياتي، ليلة زواج، وليلة جهاد في سبيل الله..

 

النبي صلى الله عليه وسلم، رافق سيدنا علي والسيدة فاطمة إلى منزلهم ثم قال: ياعلي انتظرني في بيتك ولا تحدث أمراً مع زوجتك حتى آتيك..

وتأخر النبي، ثم جاء النبي صلى الله عليه وسلم وقال: تعال يا أخي، تعالي يا فاطمة، أعطني يدك يا علي، أعطني يدك يا فاطمة، ضع يدك على يدها:

ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: بسم الله، اللهم إن هذا أخي وأحب خلقك إلي، اللهم إن هذه ابنتي وأحب الخلق إلي، اللهم طهرهما، وطهر نسلهما، اللهم ارضى عنهما وبارك لهما..

ثم قال: يا علي ضع يدك على رأس فاطمة وقل: اللهم إني أسألك خيرها وخير ما خلقت له.

ثم قال لهما: قوما فصليا ركعتين..

ثم قام فأخذ بالباب، ونظر إليهما وقال:اللهم إني أستخلفك عليهما، أستودعكما الله، وأغلق الباب.

فلنقارن هذه البداية، وما يحدث من معاصي في أيامنا هذه في أفراحنا،

ومن السنة عندما يدخل العروسين منزل الزوجية:

1ـ صلاة ركعتين

2ـ يضع يده على رأسها ويسأل الله خيرها وخير ما خلقت له.

3ـ الدعاء في أن يبارك الله لهما.

فلماذا لا نقلد نبينا صلى الله عليه وسلم، وهذه ليست عبارة عن شعائر دينية، ولكن من أجل توفير الجو الروحي السكينة والهدوء.

ثم إن الإسلام رأيه: لا للعجلة، أي لا تختصر سعادة العمر كله في ليلة، ولذلك كان أن طلب النبي من سيدنا علي والسيدة فاطمة أن ينتظرا، وذلك حتى يعلمنا: لا للعجلة.. لا تختصر فرحة العمر كله في ليلة واحدة..

وهكذا يعملنا نبينا صلى الله عليه وسلم.

 

يجب معاملة المرأة معاملة رقيقة في هذه الليلة، وبدلاً من الاستماع إلى الثقافة الجنسية وغيره.. فالموضوع وببساطة في هذه الليلة أن التوافق الروحي سيأتي والدليل كلمة في القرآن سورة البقرة آية 223 وهذه الكلمة للرجال، أي لا تبدأ علاقتك بعلاقة شديدة أو عنيفة، ولكن قدم بالكلام الرقيق، والحنان والمداعبة والتقبيل.. فهل نرى كيف أن قرآننا لم يترك لنا شيئاً حتى كيف تتصرف مع زوجتك في بداية الحياة الزوجية، وهذا هو المفتاح، والتوافق الروحي سيأتي بالفطرة لو طبقنا ما أمرنا به الله سبحانه "وقدموا لأنفسكم"..

هذا كان ما يتعلق بليلة الزفاف.

 

 والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 815 مشاهدة
نشرت فى 24 مايو 2011 بواسطة princess

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

1,742,290