! أفِـق يا غافِـل ..!



أيها الغافل .. يا مَن ألهته الدنيا بملذاتها وشهواتها !!



مالكَ تلهث وراء الدنيا هكذا ...؟!!




مالكَ منغمسٌ فى معاصيك ...؟!!



مالكَ تتجاهلُ الناصحين ...؟!!



ما لقلبك أصبح لا يتأثر ...؟!!



أين إيمانك ...؟!!





أما آن لكَ أن تُطَهِّرَ قلبك وجوارحك مِن كُلِّ ما يُغضِبُ الله جل وعلا ...؟!!



﴿ أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ ءَامَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرٍِ اللهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ ﴾ الحديد/16 .



أمَا علمتَ أنَّه مهما طال بك المقام ، فحياتك قصيرة ..




ومهما طال بك العمر ، فلا بد له من نهاية ..




لكنْ ما شكلُ هذه النهاية ..؟! هل هى حسنةٌ أم سيئة ..؟!



فـ يا سعادةَ مَن حَسُنَت خاتِمتُه ..


و يا تعاسةَ مَن خُتِمَ له بسُوء .. يا تعاسته إذا جاءه مَلَكُ الموت ..!! ماذا يقول ..؟!!


﴿ يَا حَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنْبِ اللهِ ﴾ الزمر/56 .. ماذا يفعل ..؟!! لا حيلة له .. كيف الفِرار ..؟!!



مضى الدهرُ والأيامُ والذنبُ حاصِلُ .. وجاء رسولُ الموتِ والقلبُ غافِلُ

نعيمُكَ فى الدنيا غـرورٌ وحَسـرةٌ .. وعيشُكَ فى الدنيا مُحالٌ وباطِـلُ



لقد جاءه ما كان فى غفلةٍ عنه .. جاءه ما كان يحذر .. جاءته السَكَرات .. ﴿ وَجَآءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ ﴾ ق/19..


وبدأت تتساكبُ مِن حوله العَبَرات ..


لَعَلَّ حوله أبوه وأمُّه وزوجتُه وابنُه الصغير ..


هذا يبكي ، وهذا يقول : مالكَ يا أبي لا تتكلم ..؟!


وهذه تتمنى بقاءه فى الدنيا وهى تراه يرحل ..


وأنتَ يا مِسكين أصبحتَ عاجزًا تدورُ في ذهنك الأفكار وأنتَ تُوَدِّعُ الدنيا ..


ليتني حافظتُ على الصلاة ..!!


ليتني أدَّيتُ الزكاة ..!!


ليتني لم أقطع الرَّحِم ..!!


ليتني أدَّيتُ الحقوقَ لأصحابها ..!!


ليتني أرجعتُ الأماناتِ إلى أهلها ..!!


ليتني تبتُ مِن الذنوب والمعاصى ..!!


ليتني .... ليتني .....!!


تتمنى لو تَرجِعُ إلى الدنيا ساعةً واحدةً فتعبد الله حق العبادة .


﴿ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ ﴾ المؤمنون/99-100.




لكنْ ... إذا جاء الأجل لا ينفع الندم .. ﴿ وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا ﴾ المنافقون/11 .



وتفكَّر في حالِكَ بعد الموت ..


وبعد أن كنتَ تلبسُ أفخرَ الثياب فى الدنيا ، ستلبسُ الأكفان ..


وبعد أن كنتَ تمشي على قدميك وتركبُ السياراتِ الفارهة ، ستُحمَلُ على الأعناق ..


وبعد أن كنتَ تسكنُ القصورَ الواسعة ، سيكونُ مسكنك حفرة ضيقة يساكنك فيها الدود .



فـ يالحقارة هذه الدنيا ..!!



كم كنتَ تسعى فيها وتتحملُ الصِّعابَ مِن أجل حفنة مال ، وتأمين مستقبل الأولاد ، وما علمتَ أنَّ هؤلاء الأولاد سينسوك بعد يومين أو ثلاثة مِن موتِك ، وسيبحثون عن أموالك ويبدأون فى قِسمتها بينهم ..



وما علمتَ أنَّ عملَكَ هو الوحيد الذى سيتبعك وسيبقى معك فى قبرك ، وهو الوحيد الذى سينفعك ..



وما علمتَ أنك سترحلُ يومًا وتفارقُ كُلَّ هذا المتاع الزائل ..




﴿ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلاً ﴾ النساء/77 .



فليتك تُفيقُ أيها الغافل ، ولا تُفني عمرك فى جمع مالٍ لا ينفعك ، بل يُلهيك عن ذِكر الله .. ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴾المنافقون/9 .


ولا تُصِرّ على الذنوب والمعاصي ، فقد قال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم : (( يُبعثُ كُلُّ عبدٍ على ما مات عليه )) رواه مسلم ..


واعلم أنَّ العمر قصير ، ولن يكون لك عمرٌ آخر ..


ولا تُسَوِّف ، فـ قد يأتيك الموتُ بغتة ، وحينها لا ينفعُ الندم ، ولا تُقبَلُ لك توبة .. وتأتي يوم القيامة فتجد معاصيك الكثيرة التي تَوَدُّ لو أنَّ بينك وبينها بُعدَ المشرقين .. يقول الله جل وعلا : ﴿ يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ ﴾آل عمران/30..



قَـوِّ صلتك بالله عز وجل ، وعُدْ إليه .. واعلم أنك ترجع إلى ربٍّ يفرحُ بتوبةِ عبده .. ولا تقنط مِن رحمة الله .. واعلم أنَّ اللهَ يغفر الذنوب جميعًا وهو الغفور الرحيم .



أسألُ اللهَ جَلَّ وعلا أن يُحْسِن لنا الخاتمة ، وأن يُدخلنا الفردوس الأعلى .