الهداية ومشيئة الله


((قل فلله الحجة البالغة فلو شاء لهداكم أجمعين )) آية 149
((فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ)) آية 125
(( وَلَوْ شَاء اللَّهُ مَا أَشْرَكُواْ وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ )) آية 107
((وَلَوْ أَنَّنَا نزلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلا مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلا أَنْ يَشَاءَاللَّهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ )) آية 111


هذه الآيات العظيمة وردت في \\\"سورة الأنعام\\\"، وقد وجدت فيها شيء مشترك ألا وهو مشيئة الله عزّ وجل واختياره في هبة الهداية لمن يشاء من خلقه وعباده، في قوله ((فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا ))
س1: من الذي يريد الله أن يهديه ومن الذي يريد أن يضله وقوله: \\\"قل فلله الحجة البالغة فلو شاء لهداكم أجمعين\\\" ?
س2: ما هي الحجة البالغة التي تهدي الناس أجمعين؟
س 3 ولماذا لم يشأ الله أن يهدي الناس أجمع؟
س4: (ولو شاء الله ما أشركوا)، (ما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء الله). لماذا شاء الله تعالى أن يشرك بعض ولا يؤمن آخر!!
أخيرا أود القول أني ترددت كثيرا في طرح السؤال لأنني أجدني أعرف الإجابة أحيانا وأحيانا أعجز عن تفسير ما ترمي إليه بعض الآيات!! لكني أقر أن هذا التدبر في آيات الذكر الحكيم يعود فضله لله تعالى أولا ومن ثم لدروس العقيدة التي تنير قلوبنا الصماء وأذهاننا القاصرة الجاهلة للتفكر والتأمل الحقيقي في العبودية لله عز وجل.
شكرا لرحابة صدرك وإفادتنا من تلك العلوم
الهداية في القرآن على درجات :
1- الهداية العامة : وهي عامة تشريعية لكل البشر بأن الله خلق البشر ووفّر لهم كل سبل الهداية مثل الفطرة - العقل - الأنبياء هذه كلّها من سبل الهداية العامة والتي معناها العقائدي \\\" إراءة الطريق\\\" وهذه الهداية قابلة أن تتخلّف ولا تتحقق.
مثال : شخص يسألك كيف نذهب الى المكان الفلاني فتشرح له بالكلام تأخذ الطريق الفلاني تصادفك إشارة مرور ثم تتابع سيرك مستقيم...وكلّ وصفك وكلامك أنك تهديه الى الهدف المقصود.
هذا الشخص ممكن أن يصل الى الهدف إذا اتبع إرشاداتك بدقة ولم يغيّر أي من الإرشادات التي وصفتها له ، والإحتمال الآخر ممكن ألا يصل ويضل الطريق.
2- الهداية الخاصة : هي هداية تكوينية فيها من الرحمة والرعاية تجعل الشخص من الصعب جدا أن يضل إلا إذا أسرف على نفسه كثيرا. وهي هداية لا تتخلف ولا يمكن عدم تحققها.
مثال : أيضا شخص يسألك عن عنوان معيّن فأنت تركب سيارتك وتمشي أمامه وهو يتبعك فلا مجال لهذا الشخص أن يضلّ أو يضيع.
بعد هذه المقدمة نبدأ بالإجابة على السؤال رقم 1 :
س1: من الذي يريد الله أن يهديه ومن الذي يريد أن يضله؟
بالهداية العامة : الله سبحانه شاءت إرادته أن يهدي الجميع بالهداية التشريعية كأن يقول الصلاة واجبة، الحج واجب، الحجاب على النساء واجب...
إنما الله لا يفرض الهداية التكوينية التي لا تتخلّف على الناس ، يعني وجّب الصلاة على الناس من حيث الهداية العامة والأمر بالإمتثال للأمر الإلهي ولكن لا يجبر الناس على القيام بفعل الصلاة بأن ينزل ملكاً من الملائكة مثلاً ويأمر الشخص قم فصلّي.
1- إذن الهداية التشريعية العامة هي هداية إلهية للجميع.
2- أما الهداية التكوينية الخاصة، أي القيام بتنفيذ أوامر الهداية العامة السابقة الأساسية فهذه من سعي العبد نفسه ثم يأتي التوفيق الإلهي بعدها بالهداية الخاصة بأن يزيده هدى خاص فوق الهداية العامة.
س2: ما هي الحجة البالغة التي تهدي الناس أجمعين؟
قال الإمام الصادق عليه السلام \\\"نحن الحجة البالغة على من دون السماء وفوق الأرض\\\" وتلك هداية بيّنة ويقصد بتلك الهداية، الهداية الخاصة التي لا تمتنع ولا تتخلّف بحال من الأحوال لأنها من الأمور التكوينية وليست هداية التشريع.
س 3 : ولماذا لم يشأ الله أن يهدي الناس أجمع؟
لأن لو شاء الله أن يهدي جميع الناس بالهداية التكوينية الخاصة غير الممتنعة دون أن يكون ذلك من سعي العبد، لسقط الثواب والعقاب ووجب في ذلك الجبر.
س4: (ولو شاء الله ما أشركوا)، (ما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء الله)
لماذا شاء الله تعالى أن يشرك بعض ولا يؤمن آخر?
كما وضّحنا للأسباب التي ذكرت لمّا ترك العبد السعي لتلك الهداية الخاصة والإيمان الكامل ترك الله تسديده بما اختاره العبد لنفسه وليس بما اختاره الله له.
فلم شاؤوا لأنفسهم الضلال شاء الله لهم ألا يهديهم وشاء لهم ألا يؤمنوا.


مما راق لقـــلبى
المصدر: عرب حب
  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 123 مشاهدة
نشرت فى 12 مايو 2011 بواسطة princess

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

1,747,069