وتتعكر عليك أحيانا ، هكذا طبع الدنيا ، منذ أن خلقها الله تعالى لتكون دار
ابتلاء ، فكن من الناجحين في التعامل معها ، وفي حسن التصرف مع
أحوالها اليومية ، وأقوى معين لك الصلة بالله تعالى خالقها وخالقك ، فقل
كلما أشرق صباح :
(رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي) طه: 25- 28
وكن فلق الصباح وانطلق بهمة ونشاط ، وتوكل على مولاك ، وواجه الدنيا
بإحسان ، واعترف بالتقصير مهما فعلت ، وقل :
(رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي) القصص: 16
فالدنيا تنتظرك ، لتجدد مساعيك فيها ، وتصلح سائر أمرك ، بيد تبني بجد
وإخلاص ، وقلب يرجو الله ويعشق رضاه :
(رَبَّنَا ءاتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) البقرة: 201
وهكذا تجد لحياتك حلاوة مهما كانت مراراتها ، وتحس بسعادة مهما بلغت
صعابها ، لأنك مع الله ، يهبك القوة وقت الضعف ، ويهديك النور وسط
الظلام ، لأنك اخترت أن تكون مع الذين يقولون للخالق وحده :
(سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ) البقرة: 285
نعمة أنت فيها ، اسمها الهداية ، حَرَم بعضُ الناس أنفسهم منها فظلموها ،
فاطلب من ربك دوامها وتعوذ به من زوالها وتبدلها :
(رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ) آل عمران: 8
وتذكر أحبابك الذين سلكوا هذا الطريق ، وحملوا الرسالة ، وصمدوا في وجه
المشاق ، وحافظوا على الأمانة ، فهم يستحقون أوسمة الفخر ، ويستحقون
منك كل الحب وصافي الود :
(رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} الحشر: 10
واعلم أن هناك من لا يرضى لك هذا الخير ، ولا يحب لك هذا النور ، وقد
تتحول مشاعره إلى محاولات تلو المحاولات ، وقد ينجح!!! فلا تبتئس إن
زلت بك القدم ، ولا تيأس إن ضعفت نفسك ومالت ، بل كن قويا ، وأعدها
بحزم إلى جادة الصواب ، وثق أنك قادر على جعلها خيرا من سالف عهدها ،
وقل لربك بصدق :
(رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ) البقرة: 286
وقد يتكالب عليك الأعداء ، في صورة ناصحين ، وربما يكونون من الأقربين
، وقد يستعينون بمؤثرات ومؤثرين ، فكن صامدا ، فأنت بإيمانك أقوى من
زوابعهم ، وقل بصدق ويقين :
(حَسْبِي اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ) التوبة:129
وأحيانا يخادعون ، ويشوشون ويشوهون ، ويزينون ويقبحون ، ويصرخون
ويرجفون ، فيلتبس الأمر على بعض الناس ، فكن أنت مع الله ، وسر على نور وقل :
(عسى ربي أن يهديني سواء السبيل) القصص:22
وبعضهم يستخدم ما لديه من قوة ونفوذ ، فيستعين بها على الغير ، ليسلك
معه الغيّ ، فيقع البعض في فتنة عظيمة ، فيتخبط في صحراء من التيه ، فلا
تخف ولا تحزن وكن مع الذين يرددون قولا وفعلا :
(رَبِّ نَجِّنِي مِنْ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) القصص: 21
وسر مع السائرين في موكب رحمة الله ، وثق أنك منصور بقوة الله ، لأنك
ارتضيت الرحمة وسلكت طريقها ، وقلت مع القائلين بخضوع وخشوع وأمل ورجاء :
(رَبَّنَا ءامَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ) المؤمنون: 109
وصرفت نفسك عن سلوك طريق الخراب والدمار ، وطلبت من ربك يقيك سبل
الفساد والانحراف ، لأنك تعلم أن مرتعها وخيم ، وثمارها لا تطاق ،
فانصرف وجهك عنهم مرددا :
(رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا * إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا) الفرقان: 65- 66
واستمسك بحبل الله ، مستعينا بالعبادات ، فهي سندك الأقوى ، وحصنك
الحصين ولا تنس أن ترجو ربك بعدها :
(رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) البقرة: 127-128
ولا تنس كذلك تربية ذريتك على هذا النهج الجميل ، فهي فهي جزء منك
وامتداد لك ، تنظر الأرض حسن طلعتها وجمال إشراقتها وروائع صنيعها :
(رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ) إبراهيم 40
ولا تنس بلدك كلها فهي معقلك ومرتع صباك وموطن ذكرياتك وأرض
أمجادك التي احتضنتك بحنانها تربيت فيها وغذيت بخيرها وتنشقت طيب
هوائها :
(رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ) إبراهيم: 35
وانطلق بروحك الإيجابية فالحياة تنتظر جميل صنيعك :
(رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ) الممتحنة4
وعش حياتك متفائلا ، مبتسما سعيدا ، عاملا مخلصا ، تنتظر رحمات الله
وإن رآك الناس في أضيق حال :
(رَبَّنَا ءاتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا) الكهف: 10
وكن عبدا شكورا ، بصلاحك في شأنك كله ، وحفاظك على النعمة التي أنت
فيها ، فبالشكر تدوم النعم بل يزيدها الله تعالى ويبارك فيها ، فردد ولا
تتردد :
(رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ) النمل: 19 <!-- / message -->
ساحة النقاش