إنا كفيناك المستهزئين
قال له ربه- تبارك وتعالى -: (وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَّحْمُوداً) [الإسراء: 79]، وقال له - سبحانه -: (مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى * وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الْأُولَى * وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى) [الضحى 3: 5]، وقال له - سبحانه وتعالى -: (ورفعنا لك ذكرك)، وقال - تعالى -: (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ * إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَر) [الكوثر]
فهو سيد ولد آدم يوم القيامة، اتخذه الله خليلاً كما اتخذ إبراهيم خليلاً، وجعله خاتماً للنبيين وإماماً للمرسلين، وهو أكثر النبيين تابعاً يوم القيامة، وأمته أكثر أهل الجنة، وقد رجا أن تكون أمته شطر - نصف - أهل الجنة فأعطاه الله أكثر مما رجا، فجعل أمته ثلثي أهل الجنة، فقال - صلى الله عليه وسلم -: ((أهل الجنة مائة وعشرون صفاً، ثمانون منهم من أمتي)) [رواه الترمذي وأحمد].
هذا النبي الكريم، المبعوث رحمة للعالمين، تعرض لمسلسل من الإيذاء منذ أن جهر بالدعوة في مكة، وحتى بعد أن أظهره الله - عز وجل - على عدوه، وأظهر به دينه على الدين كله.
وفي زمن الفتنة التي تموج وتضطرب مثل موج البحر الهائج، في زمن ضعفت فيه الأمة وتخلت عن ريادتها وسيادتها وعزها، وتداعت عليها الأمم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها، تطور مسلسل الإيذاء والاستهزاء على يد عباد الصليب وإخوان القردة والخنازير، ومنافقي هذا الزمان وزنادقته في زمن العولمة، فنشرت بعض الصحف الغربية رسوماً كاريكاتورية يسخرون فيها من سيد ولد آدم - صلى الله عليه وسلم -، وكتبت بعض المواقع على شبكة الإنترنت وخاصة المواقع التبشيرية النصرانية تطعن في نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم -، وتشكك في رسالته وتصفه صلوات ربي وسلامه عليه بأنه قاطع طريق، نشر دينه الذي تعلمه من بعض اليهود والنصارى بالإرهاب وحد السيف، وأنه - صلى الله عليه وسلم - كان مغرماً بالنساء، وأنه تزوج طفلة في السابعة من عمرها، وأنه تزوج بأكثر من خمسين امرأة، والأعجب من ذلك أن تخرج علينا امرأةٌ المفترض أنها مسلمة فتكتب كتاباً بعنوان: الحب والجنس في حياة النبي، ويتم عرض الكتاب وبيعه في معرض القاهرة الدولي للكتاب، ثم تعيد الصحف الدانماركية نشر الرسوم المسيئة للنبي - صلى الله عليه وسلم - وكأن حلقات هذا المسلسل القذر قد كُتب لها ألا تتوقف ليبقى هذا المستنقع الآسن تفوح منه رائحة الكذب والافتراء.
إنا كفيناك المستهزئين:
لقد أيَّد الله - عز وجل - نبيه، ونصره على عدوه، وأظهر دينه على الدين كله، وكفاه - سبحانه وتعالى - شر الكافرين والمشركين والمنافقين، وأمره - سبحانه - أن يجهر بدعوته من غير خوف ولا وجل فقال - سبحانه -: (فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ* إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ * الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللّهِ إِلـهاً آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ * وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ * وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) [الحجر: 94: 99]
لقد بدأ مسلسل الإيذاء والاستهزاء بالنبي - صلى الله عليه وسلم - من اللحظة الأولى للجهر بالدعوة، فلما دعا قومه وعشيرته الأقربين، قال له عمه أبو لهب: تباً لك ألهذا جمعتنا؟ فأنزل الله - تبارك وتعالى -: (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ * مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ * سَيَصْلَى نَاراً ذَاتَ لَهَبٍ * وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ * فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ) [المسد].
وزعم المشركون أن محمداً تعلم القرآن من رجل نصراني فقالوا: إنما يعلمه بشر، فرد الله - تبارك وتعالى - عليهم بقوله: (لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَـذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ) [النحل: 103].
وقالوا: شاعر أو كاهن؟ فقال ربنا - عز وجل -: (إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلاً مَا تُؤْمِنُونَ * وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ * تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ) (الحاقة: 40: 43)
ثم قالوا: ساحر أو مسحور: (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جَاؤُوا ظُلْماً وَزُوراً * وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً * قُلْ أَنزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً * وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ لَوْلَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً * أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلاً مَّسْحُوراً * انظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً * تَبَارَكَ الَّذِي إِن شَاء جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِّن ذَلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَيَجْعَل لَّكَ قُصُوراً) [الفرقان: 4 - 10].
ولقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يحزن لإعراضهم ويضيق صدره بقولهم فأمره ربه أن يعرض عنهم وأن يعبد ربه حتى يأتيه اليقين.
ثم تطور مسلسل الإيذاء فأخذ صوراً أخرى مثل مقاطعة النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن معه، ومن يدافع عنه من بني هاشم وبني المطلب فكان الحصار في شعب أبي طالب.
ثم كان التعرض بالأذى لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يصلي عند الكعبة قائماً أو ساجداً، فخنقه عقبة بن أبي معيط بردائه، وطرح فرث الجذور على رأسه وهو ساجد.
كل هذا الأذى ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - صابر محتسب لا يصده ذلك عن تبليغ رسالة ربه - عز وجل - إلى الناس كافة ليخرجهم من الظلمات إلى النور.
فلما كان يوم بدر، يوم الفرقان، وقع صناديد الكفر والشرك صرعى بأسياف الفئة القليلة المستضعفة، فهزموهم بإذن الله، و(كم من فئة قليلة غلبت فئة كثير بإذن الله والله مع الصابرين) [البقرة:249]، وأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بضرب عنق عقبة بن أبي معيط من دون سائر الأسرى، وحفر المسلمون حفرة - قليباً - دفنوا فيه قتلى المشركين، ووقف النبي - صلى الله عليه وسلم - يناديهم بأسمائهم ويقول: ((هل وجدتم ما وعد ربكم حقاً؟ إني وجدت ما وعد ربي حقاً)).
ومات أبو لهب بعد بدر منبوذاً مذموماً، وكفى الله - عز وجل - نبيه هؤلاء المشركين المعاندين المستهزئين، وصدق ربي - عز وجل - إذ يقول: (إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ) [الحجر:94]، (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) [الأنفال: 64].
فصار المؤمنون مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في معية الله وكفايته ونصرته لا يخشون أحداً إلا الله، ولما حاول بعض المشركين إخافتهم وإلقاء الرعب في قلوبهم بعد غزوة أحد قالوا: حسبنا الله ونعم الوكيل.
عقاب الله - عز وجل - لمن آذى نبيه - صلى الله عليه وسلم - روى البخاري في كتاب المناقب من صحيحه باب علامات النبوة في الإسلام- عَنْ أَنَسٍ - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَ رَجُلٌ نَصْرَانِيًّا فَأَسْلَمَ وَقَرَأَ الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ، فَكَانَ يَكْتُبُ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَعَادَ نَصْرَانِيًّا فَكَانَ يَقُولُ مَا يَدْرِى مُحَمَّدٌ إِلاَّ مَا كَتَبْتُ لَهُ، فَأَمَاتَهُ اللَّـهُ فَدَفَنُوهُ، فَأَصْبَحَ وَقَدْ لَفَظَتْهُ الأَرْضُ. فَقَالُوا هَذَا فِعْلُ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ، لَمَّا هَرَبَ مِنْهُمْ نَبَشُوا عَنْ صَاحِبِنَا فَأَلْقوهُ. فَحَفَرُوا لَهُ فَأَعْمَقُوا، فَأَصْبَحَ وَقَدْ لَفَظَتْهُ الأَرْضُ، فَقَالُوا هَذَا فِعْلُ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ نَبَشُوا عَنْ صَاحِبِنَا لَمَّا هَرَبَ مِنْهُمْ فَأَلْقَوْهُ. فَحَفَرُوا لَهُ وَأَعْمَقُوا لَهُ فِى الأَرْضِ مَا اسْتَطَاعُوا، فَأَصْبَحَ قَدْ لَفَظَتْهُ الأَرْضُ، فَعَلِمُوا أَنَّهُ لَيْسَ مِنَ النَّاسِ فَأَلْقَوْهُ.
إيذاء اليهود والمنافقين لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم تعرض النبي - صلى الله عليه وسلم - للون آخر من الإيذاء وهو إيذاء اليهود والمنافقين، فكان اليهود يشككون في نبوته ورسالته، وقد فضحهم الله - عز وجل - وبيَّن إفكهم، وكان إسلام من أسلم من أحبارهم بعد تأكده من علامات النبوة مثل عبد الله بن سلام الذي وصفوه بقولهم: "خيرنا وابن خيرنا وسيدنا وابن سيدنا"، فلما علموا بإسلامه قالوا: "هو شرنا وابن شرنا".
وزيد بن سَعَنة الذي قال: " لم يبق من علامات النبوة شيء إلا وقد عرفته في وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين نظرت إليه، إلا اثنتان لم أخبرْهما منه: يسبق حلمه جهله: ولا يزيده شدة الجهل عليه إلا حلماً، فقد اختبرته منه، فأشهدك يا عمر أني رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا"، [رواه ابن حبان، والحاكم، والطبراني في الكبير، والبيهقي في السنن الكبرى، والضياء المقدسي في الأحاديث المختارة].
وكذبه هؤلاء المغضوب عليهم، ومع ذلك عاشوا معه في المدينة وقد دخلوا في عهده، فلم ينقض معهم عهداً ولم يعتد عليهم أحد من أصحابه، بل كان يصبر على أذاهم ويرجو هدايتهم، فكان بعضهم يدخل على النبي - صلى الله عليه وسلم - ويقول مُعَرضاً: السام عليك يا محمد، فيقول لهم - صلى الله عليه وسلم -: ((وعليكم))، والسام يعني الموت، فتسمع عائشة قولهم فتغضب وتقول: " عليكم السام واللعنة"، فيقول لها النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تقولي هذا يا عائشة))، فتقول: ألم تسمع ما يقولون؟ فيقول لها: قالوا: ((السام عليك، فقلت وعليكم)).
فلما نقضوا عهودهم قاتلهم النبي - صلى الله عليه وسلم - وأجلاهم عن المدينة، فأجلى بني قينقاع، ثم بني النضير، ثم بني قريظة، كلما نقض فريق منهم عهده أجلاه النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولم يأخذ غيره بذنبه، وهو الذي أنزل الله عليه: (وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى)، وقال: (وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى).
أما أهل النفاق الذين أظهروا الإسلام وأبطنوا الكفر فقد اشتد أذاهم لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى قال زعيمهم: (لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ)، فرد الله - عز وجل - عليهم بقوله: (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ) [المنافقون:8].
وقد فضحهم الله - عز وجل - في سورة التوبة فقال: (وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيِقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ مِنكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [التوبة:61]
ومع هذا فقد صبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أذى المنافقين مع قدرته على أن يوقع بهم العذاب والقتل في الدنيا لأنه كان يخشى أن يقول الناس: إن محمداً يقتل أصحابه فيصدهم ذلك عن الدخول في دين الله - عز وجل -، وصدق الله إذ يقول: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) [الأنبياء: 107].
لقد عمَّت هذه الرحمة المهداة الناس جميعاً، مؤمنهم وكافرهم أما أهل الكفر فقد أمنوا عذاب الاستئصال في الدنيا وَمَا كَانَ اللَّـهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ.
وأما أهل الإيمان فهم المستحقون لرحمة الله - عز وجل - في الدنيا والآخرة وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ.
فكانت بعثة النبي - صلى الله عليه وسلم - رحمة عامة لكل أهل الأرض، ورحمة خاصة للمؤمنين الذين يتبعون الرسول النبي الأمي صلوات ربي وسلامه عليه.
وقد فصل الله - عز وجل - في قصة موسى - عليه السلام - وقومه حين عبدوا العجل، فلما رجع موسى غضبان مما صنعوا وحرق العجل ونسفه في اليم، واختار سبعين رجلاً من قومه وصعد بهم الجبل، فرجف بهم الجبل، فدعا موسى ربه وطلب المغفرة والرحمة، فأخبره ربه أنه - سبحانه - يصيب بعذابه من يشاء ممن طغى وتكبر، ويرحم المتقين من عباده، وخص بالرحمة منهم أتباع الحبيب محمد - صلى الله عليه وسلم - قال - تعالى -: (وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِّمِيقَاتِنَا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُم مِّن قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاء مِنَّا إِنْ هِيَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَن تَشَاء وَتَهْدِي مَن تَشَاء أَنتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ * وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَـذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَـا إِلَيْكَ قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاء وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَـاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ *الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِـي وَيُمِيتُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ) [الأعراف:155 – 158].
فانظر إلى هؤلاء السفهاء يصفون الرحمة المهداة بالإرهاب والقتل وسفك دماء الأبرياء، فما أبعد أمثال هؤلاء عن هذه الرحمة الخاصة بالمتقين، وانظر كيف رسموا صوراً زعموا أنها لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد نزَّه الله - عز وجل - نبيه عن أن يعبث أحد من الناس بصورته، فأجمعت الأمة على تحريم تمثيل النبي - صلى الله عليه وسلم - وتصويره إجلالاً له وتوقيراً
بل إن الله - عز وجل - منع الشيطان أن يتمثل بصورة النبي - صلى الله عليه وسلم - لأحد في نومه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((من رآني في المنام فقد رآني حقاً، فإن الشيطان لا يتمثل بي))، وفي رواية: ((فإن الشيطان لا يتكونني)) [متفق عليه].
وما مثل هؤلاء الحمقى الذين نشروا هذه الصور وزعموا كذباً وزوراً أنها للنبي - صلى الله عليه وسلم - إلا مثل كفار قريش الذين سبوا النبي - صلى الله عليه وسلم - فقد سموه مذمماً وجعلوا يسبونه، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((انظر كيف يصرف الله عني شتم قريش، يسبون مذمماً وأنا محمد)).
فليموتوا بغيظهم، فلن ينالوا من سيد ولد آدم وقد رفع الله قدره وذكره.
وأنتم يا معشر المسلمين أين أنتم من نصرة الحبيب محمد - صلى الله عليه وسلم -، أفيقوا من غفلتكم واستيقظوا من سباتكم، أين أنتم من سنة الحبيب محمد - صلى الله عليه وسلم - وهديه، أين أنتم من شريعته ومنهاجه، أين أنتم من سيرته وشمائله وأخلاقه، ألا تشعرون أنكم قد أسأتم إلى الحبيب حين تركتم سنته وهجرتم هديه، أين مقاطعة هؤلاء السفهاء، هل توقف مسلسل الإيذاء حتى تهدأ غضبتكم؟!
فاللهم إنا نبرأ إليك من تطاول السفهاء وتخاذل الجبناء.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
المصدر: العنابى
نشرت فى 21 ديسمبر 2010
بواسطة princess
عدد زيارات الموقع
1,741,636
ساحة النقاش