برنـــــ تــــائب ـــامج

 

في هجيع الليل الآخر استيقظ باكياً نادماً ؛ أقلقه ذنبه ، وأرقه همه ،


قام من نومه حزيناً على ذنوب مضت ، وسيئات انقضت ، جاهر فيها ربه ، وبارز بها مولاه ....


لا يدري ما حالها ، وكيف سيلقى الله بها ، وهل ستمحى بعد توبته وندمه أم أنها ستبقى غصة


تخنقه في دنياه ؛ وياويله حين يلقاها في أخراه .



استيقظ فجالت هذه الخواطر بقلبه وفكره .. ثم حانت منه التفاتة إلى ساعته فإذا هو


وقت تنزل الرب الكريم الذي ينادي متودداً متلطفاً : (هل من داع فأستجيب له ؟ هل من سائل فأعطيه ؟


هل من مستغفر فأغفر له ؟ ) فشعر ببرد هذه الكلمات منساباً إلى قلبه كالبلسم الشافي لتلك الهموم



فانطلق مسرعاً إلى وضوئه فأحسنه وأسبغه ثم قام بين مولاه سائلاً ضارعاً راجياً رحمته ،


خائفاً من عقابه ، منطرحاً ببابه :



" إلهي اقبل توبتي ، وامح حوبتي ... إلهي أبوء لك ؛ وأعترف بكل نعمك التي لا أحصيها ،


وأعترف بذنوبي ... أنا عبدك الفقير المذنب .. ، أعود إليك فاقبلني ،


وأستغفرك فاغفر لي "


ثم لما قرب الفجر أوتر ثم جلس يستغفر ( وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ) آل عمران : 17


حتى أذن الفجر


( حي على الصلاة - حي على الفلاح - الصلاة خير من النوم )


فانطلق يحث خطاه التي ما اعتادت على هذا الطريق من قبل ؛ متذكراً فضل كثرة الخطا إلى المساجد


ثم صلى سنة الفجر التي أخبرنا المصطفى ? بأنها خير من الدنيا وما فيها ،


ثم أقيمت الصلاة فصف مع جموع المصلين وأحسن قيامه بين يدي ربه سبحانه ،


فصلى ثم قعد يقول ما صح عن رسول الله ? من أذكار تقال بعد الصلوات


( يا الله هذه أول مرة أقول هذا القول الجميل) - يحدث نفسه - ، ثم أتبعها بأذكار الصباح محتسباً


الأجور العظيمة فيها ؛ حتى أتمها ثم نظر إلى المصحف أمامه فأخذه فمتع عينيه بالنظر في آيات الرحمن


؛ وتلا قول المنان : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ) الأنفال : 2


فوجل قلبه وذرفت عينه وزاد إيمانه فأقبل على ربه واثقاً مطمئنا في حياته


...حتى بزغت الشمس مشرقة ثم صلى ركعتين


ثم قفل راجعاً إلى بيته ليعمره بالخير والإيمان كما ملئ سابقاً ذنوباً وعصيان ،


فدخل بيته ليستعد لدراسته أو عمله الذي سيكون مثالاً للعبد الصالح الأمين الذي يتقن عمله


لأن الله يحب ذلك ، فيكون قدوة لزملائه في حسن خلقه ، وطيب نفسه ، وسلامة صدره ... ناصحاً هذا ،


مبتسما ً في وجه هذا ، معيناً لذاك ... فإذا انقضى عمله عاد إلى بيته فقبل رأس أمه


التي فرحت بتوبته ، فعرض خدماته ومساعدتها فيما تريد ، فشكرته وأبدت له عدم الحاجة لذلك


.... ثم بعد الغداء الذي جمعه بأهل بيته الذين فرحوا بوضعه الجديد وبأخلاقه الجميلة التي ظهرت ؛


ذهب إلى غرفته ليقيل فيها حتى أذن العصر فذهب إلى المسجد وتلا حزبه من القرآن حتى


أقيمت الصلاة فصلى وذكر ربه بالأذكار التي قالها بعد الفجر والظهر وسيقولها


بعد المغرب والعشاء ...


ثم جلس يقول أذكار المساء حتى أتمها فمشى إلى بيته لينظر مسوؤولياته وواجباته الخاصة


حتى المغرب فصلاها جماعة ثم قعد يحفظ جزءاً من القرآن في حلقة تحفيظ أو مع معين آخر -


وكان قد خصص هذا الوقت ليحفظ القرآن الكريم كاملاً بتوفيق الله تعالى - حتى صلى العشاء


ثم عاد إلى بيته لينام مبكراً حتى يستيقظ قبل الفجر فيصلي ما شاء الله له أن يصلي ثم يوتر قبل الفجر .


عمر الله أوقاتنا بطاعته وذكره .




وصايا مهمة في البرنامج ..


1- الحرص على الأذكار الشرعية الصحيحة في أوقاتها ( الصلاة - النوم - الصباح والمساء -


دخول المنزل والخروج منه ...إلخ ) وينصح بكتاب : حصن المسلم فإنه جيد شامل .


2- الحرص على الصحبة الصالحة وترك الصحبة السابقة التي لا تعينك على طاعة الله .


3- كثرة الاستغفار (طوبى لمن وجد في صحيفته استغفاراً كثيراً )


4- حفظ ما تيسر من القرآن الكريم والسنة المطهرة الصحيحة ، ويا حبذا أن يكون لديك هدف وخطة ؛


مثل أن أحفظ في كل شهر جزءاً من القرآن وخمسة أحاديث منم الأربعين النووية .


5- الحرص على حضور مجالس الذكر في المساجد أو البيوت التي تزيدك فقهاً في الدين وقرباً من رب العالمين .


فإن لم يوجد فليكن لديك برنامج للاستماع عن طريق النت ولتكن محاضرة


واحدة في الأسبوع حتى لا تمل .


6- ليس هناك مانع من ممارسة الرياضة والترفيه عن النفس بشيء من اللعب ... ولـــــــــــــــــــكن :


بشرط عدم وجود المحظورات الشرعية .


7- المزاح ليس ممنوعاً في شرعنا ، وهذا نبينا ? يمزح ولكنه لا يقول إلا حقاً ، وقد قال لتلك العجوز


التي سألته الدعاء بأن تكون من أهل الجنة : ( إن الجنة لا يدخلها عجوز )


أي أنها تدخلها وهي شابة .


8- ينبغي للتائب أن يكون خير مثال للمؤمن الصالح في سائر شؤون حياته


9- القصد القصد تبلغوا ... بمعنى أن بعض التائبين قد يجتهد كثيراً في بدايات الطريق مما يولد مللاً


وسآمة بعد فترة من الزمن ... فقد يبدأ بقيام ساعة كاملة في الليل وهو لم يكن يوتر بركعة سابقاً ،


وقد يجتهد في الصيام فيصوم يوما ويفطر يوما ؛ وهو ما كان يعرف الصوم إلا في رمضان ....


وهكذا في القرآن وصلاة النافلة و..وو..


ولا يفهم من كلامي هذا أني أدعو إلى البداية الضعيفة في الاستقامة.. كلا ! فكلما كانت البداية محرقة


كانت النهاية مشرقة كما قيل .. ولكن المقصود أن يحرص على الاجتهاد المتدرج . ففي القيام مثلاً بثلاث


أو خمس ركعات ثم يزداد مع مرور الزمن يضيف إليها ركعتين .. وهكذا الصوم فيصوم ثلاثة أيام


متفرقة من كل شهر ثم بعد مدة من الزمن يصوم الاثنين والخميس وهكذا حتى تعتاد النفس الطاعة


فلا تستطيع العيش بدونها .


10- وأخيراً .. وهي نقطة مهمة جداً ... إن التوبة ليست خاصة بالعصاة المذنبين


فلا يظن التائب أنه بعد فترة من الزمن قد استغنى عن التوبة ....... لالالا بل هي من أجل


صفات الأنبياء والصالحين كما قال الله : ( وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) النور : 31


وكما كان هدي النبي ? في التوبة والاستغفار .


أسأل الله تعالى أن يتقبل منا ومنكم وأن يتوب علينا جميعا ..


وأن يثبتنا على هذا الدين حتى نلقاه وهو راض عنا .


محبكم : محب التائبين

 

المصدر: خجل
  • Currently 50/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
17 تصويتات / 93 مشاهدة
نشرت فى 3 يوليو 2010 بواسطة princess

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

1,741,694