الاسلام المختطف

الإسلام دين عظيم ، من رب عظيم ، بُعث به رجل عظيم ، ودونت قيمه في دستور عظيم ، مكونات العظمة تحيط بهذا الدين من كل جانب ، واختار الله له في بواكير الدعوة رجالاً عظماء حملوه لنا بأمانة متناهية ، ينفون عنه انتحال المبطلين وتأويل الغالين ، وكانوا ترجمة حرفية لتعاليم الدين ديناً وأخلاقاً وتعاملاً ، فكانوا بحق مسلمين بامتياز ، يصورون الدين واقعاً ، ويمثلونه تطبيقاً .. ثم خلف من بعدهم خلف غيروا وبدلوا .. وآخرون حاولوا أن يسيروا على الغرز والأثر ، وبين هؤلاء وهؤلاء مهاترات ومناظرات ، ودعاوى وادعاءات ، كلٌ يدّعي أنه الدين ولا أحد غيره ، فهؤلاء يقصون أولئك حاصرين اسم الدين فيهم ، وأؤلئك يختصرون امتداد الدين ، وسعة الإسلام في شخوصهم ولا غير .. أين الدين الخالص ؟

من الذي يمثل الإسلام ؟

وهل الاسلام جهاد وقتل وقتال .. فحسب ؟

أم هو علم ورواية وفقه وتفسير .. فقط ؟

هل الدين دعوة وتبشير ، وسعي في هداية الخلق إلى الخالق فحسب ؟

أم أن الدين هو مجموع ذلك ..

ثم لو اشتغلت طائفة بأمر من أمور الدين .. هل من الضرورة أن تكون محل نقد طائفةٍ أخرى تشتغل بأمرٍ غيره ؟

هل من تثريب على من تخصص في مجالٍ ليسدّ ثغرةً على المسلمين ، تاركاً مجالاً آخر لمن يشتغل به ؟

أين الخلل ؟

كل طائفة من تلك التي ذكرت تحصر الدين فيما هى مشتغلة به ، بينما الدين أوسع وأشمل ، وأكبر وأعمق من أن يختطفه أحدٌ كائناً من كان ، أو أن يمثله مشروعٌ واقعاً ما وقع .

لست أنس أبدا قريباً لي في السويد تواصل معي ذات مرة بعد طول انقطاع ، وكان حديث الأوبة للتدين ، فسألني بتشنج وحدة : هل أنت سلفي ؟

فابتسمت .. لأقول له وماذا تعرف عن السلفية ؟ فلم يحر جواباً .

وآخر أشد تشنجاً لو أقسمت بين الركن والمقام أنه لا يحفظ الأربعين النووية ، فضلاً عن قصار المفصل لما حنثت ، جُلُّ همه رصد مخالفات فلان وفلان ، وتبديع فلان وإخراج فلان من دائرة الدين أو سلامة المنهج ، عقد لي مرّة مجلس مناظرة لأنني ذكرت(س) من الناس في خطبة ، فلمّا أعياني وغلبني ، وأعترف بكل شجاعة أنه غلبني ، وصدق الشافعي : (ما ناظرت جاهلاً إلا غلبني ) لما رفعت له الراية البيضاء استسلاماً ، حاولت أن آوي إلا جبل يعصمني من الماء ، أو ركن شديد ، فذكرته بشهادة عالمٍ هو يرتضيه ، وإمامته محل اتفاق ، هو شيخنا العلاّمة ابن عثيمين - رحمه الله -  فقلت له : عندي تزكية خطية بقلم الشيخ تثبت أن العبد الفقير على عقيدة سليمة ومن طلابه الموثوق بسلامة منهجهم .

قال : قد علمت من أمرك مالم يعلمه الشيخ !!

أظنك أيها القارئ وببساطة قد عرفت سرّ استسلامي في المرة الأولى .

شعارات هنا وهناك ، وصيحات ، ووو .. الكلّ يريد اختزال الاسلام في طائفته وجماعته ويأبى الاسلام إلا أن يكون فوق الجميع وحكماً على الجميع .

من حقك أن تسأل : من الذي يمثل الإسلام اليوم ؟

ومن واجبي أن أجيب : يمثله حملة الكتاب وعلماء الأمة ، المتمسكون بالكتاب والسنة قولاً وفعلاً ، وإلاّ فكل يدّعي وصلاً بليلى ، وليلى لا تقرّ لهم بذاكا !!

يمثل الإسلام كل متمسك بتعاليمه ، محاول لذلك ، وإلا فمنذا الذي يدعي الإحاطة  بكليته ؟ وأنى له ذلك لو ادّعاه ؟!! بل وهيهات هيهات .

يمثل الإسلام كلّ مسلم لم تعرف عنه بدعه مكفرة ولا زيغ عن الحق متعمد .. ليظلّ الاسلام كما أراده الله ظلاً ظليلاً يقي من هجير كل المذاهب الأرضية ، ودوحة فينانة وأمناً وإيماناً .

اللهم اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم وثبتنا على ذلك حتى نلقاك .


للتعليق:
http://alsayeg.com/pages/Articles/Details.aspx?ID=45

     

المصدر: [email protected]
  • Currently 30/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
10 تصويتات / 48 مشاهدة
نشرت فى 12 إبريل 2010 بواسطة princess

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

1,742,084