authentication required
مراحل حياة عمرو خالد في حوار مع جريدة الوطن الكويتية


الكويت - محمد عاطف 10/3/2010



الداعية الاسلامي عمرو خالد بعد 15 سنة قضاها في العمل الدعوي مازال الى الآن يتلقى هجوما عنيفا من أصحاب الدرب، فهو صاحب فكر متجدد وأصحاب الأفكار الجديدة هذا نصيبهم عبر الزمان..عمرو خالد داعية غير عادي في أسلوبه وطريقة دعوته اختار الطريق الصعب وهو الشباب فذهب اليهم في النوادي والجامعات وذلك لايمانه بان الشباب هم مفتاح نهضة الأمة فعمل على هدايتهم وسار على خطى «الحبيب» فرسم لوحة جميلة مكونة من قطع مختلفة شكلها بريشته الخاصة، فكان هناك قطعة اسمها الايمانيات والروحانيات وبجوارها قطعة اسمها الأخلاق ثم قطعة ثالثة اسمها التنمية "صناع الحياة " ومشروعات النهضة ثم قطعة رابعة اسمها التعايش، فجاءت لوحة رائعة للتنمية بالايمان.

«الوطن» أجرت معه لقاء على هامش زيارته الكويت للمشاركة في الندوات الدينية لمهرجان "زين الليالي ليالي فبراير" حيث فتح لنا قلبه وتحدث بكل صراحة ووضوح وقفز سريعا من محطة لأخرى وحكى عن حياته ونشأته وتعليمه وبدايته مع الدعوة ورأيه في عدة قضايا منها الخطاب الديني وأحداث العنف في صعيد مصر بين الأقباط والمسلمين ودور الأزهر والفن والفنانين... واليكم تفاصيل اللقاء.

طفولة سعيدة

* د. عمرو ممكن تحدثنا عن أيام الطفولة؟

- طفولتي تنقسم الى جزأين، طفولة سعيدة منفتحة، رياضة، حنان عائلي، أسرة متماسكة فيها تربية شديدة على الأخلاق، ولكن لم يوجد فيها تركيز على التربية الدينية لأن في ذلك الوقت لم تكن دورات التدين بالحجم الذي كانت عليه في الثمانينيات والتسعينيات. وفي عمر 7 أعوام كان جدي لأمي يأخذني معه وهو يوزع المواد التموينية على الأحياء الفقيرة، وكان يحرص على ان يحكي لي قصة من قصص الصحابة كل أسبوع، وهذه القصص هي التي حكيتها فيما بعد في "نلقى الأحبة" و"خطى الحبيب"، ولم أكن أتخيل وانا استمع الى هذه القصص انها تتفاعل معي حتى احكيها.. وأحب الرياضة لانها تحمي من السجائر والانحرافات وتبني الشخصية وتخلق تحدياً واصراراً وصبراً.. وكنت في مدرسة القومية بالزمالك المشتركة بنين وبنات ومن خلالها تعاملت مع المرأة بدون مشكلة فأصبح هناك قدرة على المخاطبة.

الإقبال على الله

* اذا تطرقنا الى فترة المراهقة والشباب.. ماذا تقول؟

- كانت فترة عادية ومرت بشكل طبيعي، ولم يحدث فيها انحرافات لأني بدأت أتعمق في الدين والاقبال على الله والعبادة والمسجد والقرآن مع بداية فترة المراهقة، وهو ترتيب المولى عز وجل ان انشغل بهذا العالم الرائع الذي اكتشفته، وكنت قارئاً نهماً لانه ليس هناك من يستطيع ان يقدم فكرا وهو لا يقرأ، واذكر انني انتهيت من قراءة جميع كتب انيس منصور الأدبية في عمر 14 سنة، فهو أجمل من كتب في أدب الرحلات، وقرأت نصف روايات احسان عبد القدوس، كل هذا خلق نوعا من الانفتاح وفهم الحياة، وأقول ان العاطفة التي تعطى للأطفال في الصغر تنعكس على شخصيتهم في الكبر وفي قدرتهم على العطاء. وكنت العب في أشبال النادي الأهلي ويقوم بتدريبي الكابتن محسن صالح، ولعبت كل الألعاب التي فيها مضرب وكرة، وهناك بعض الشباب في هذه المرحلة عندما يقبل على التدين من فرط الحماس تحصل عنده مراهقة تدين.

القدم والشطرنج

* وماذا عن حياتك الجامعية؟ - اجاب مبتسما.. الدراسة في الجامعة كانت بين العمل الاسلامي وفريق كرة القدم والشطرنج وتعلم القدرة على بناء العلاقات السليمة، وكنت أمارس انشطة كثيرة في الجامعة واستطيع ان اقول انه لم يوجد طالب في كلية التجارة جامعة القاهرة لم يكن بيني وبينه منطقة مشتركة، والرياضة كانت المفتاح فحصل تنوع في الشخصية، وهذا الفرق بيني وبين الدعاة الآخرين الذين تلتقي معهم في المسجد فقط، وانا التقي معك في المسجد والتقي مع الآخرين في 6 مناطق أخرى، فعليك ان تنوع في مجالات استقبالك وتنوع علاقاتك. وكنت أمارس انشطة كثيرة في الجامعة ومغرما بكل ألوان الفنون. وبعد الدراسة سافرت الى انجلترا ومارست انشطة ضخمة للعمل الاسلامي، ثم قررت الرجوع الى مصر من اجل العمل الدعوي فرجعت واشتغلت في الاقتصاد وهي فترة كانت ثرية جدا، واشتغلت في مكتب مراجعة ووصلت لنائب مدير وحضرت الزمالة، وسافرت في عمليات خاصة لمراجعة شركات كبرى في العالم العربي وذلك من 1/1/1990م الى 1997م، وهذه التوليفة هي التي خلقت القدرة على التواصل مع الناس.

تجارب تراكمية

* كيف كانت بدايتك مع الدعوة؟

- بعد كل هذه التجارب التراكمية لم اقدر على كتمان ما تذوقته، حيث مررت بمراحل طويلة من التعليم والدراسة في فن الدعوة وكيفية مخاطبة الناس، ولم أتخيل يوما مواجهة الكاميرا ولم تكن طموحاتي لانني كنت مشغولاً بتقديم شيء للاسلام، ولي في العمل الدعوي 15 سنة، ولكن بدأت الدعوة في الاندية والمساجد متأخراً، واذكر جيدا عندما كان يقال هناك داعية جديد اسمه عمرو خالد.. وكنت اطرق جميع الأبواب لأتعلم، فقمت بزيارة نخبة من كبار الدعاة في العالم الاسلامي وفي مقدمتهم الشيخ الغزالي، والشيخ كشك والشيخ ابراهم عزت. ولكن لم يكن هناك الموجه الأوحد، انما كنت مثل النحلة أمر على الرحيق وأتعلم وأجرب، وبعد الدراسة سافرت الى انجلترا ومارست أنشطة ضخمة للعمل الاسلامي، وأعطيت محاضرات للجاليات العربية، وكنت أدرك جيدا ان هناك معاني جميلة ولكن توجد مشكلة في الدعاة فهم غير قادرين على توصيل هذه المعاني بطريقة صحيحة.

* كيف تقيم تجربتك في الدعوة بعد 15 سنة من العمل الدعوي؟

- صمت قليلاً.... ثم قال: سؤال صعب جدا.. الحمد لله نعم ربنا كثيرة، وأعتقد بأن ربنا سبحانه وتعالى ألهمنا خطوات صحيحة في أوقات صحيحة ومراحل انتقال دقيقة، والذي أستطيع ان أقوله اننا عملنا مثل واحد يرسم لغزاً ويركب قطعاً ليكون صورة سليمة، فكان هناك قطعة اسمها الايمانيات والروحانيات وبجوارها قطعة اسمها الأخلاق ثم قطعة ثالثة اسمها التنمية (صناع الحياة ) ومشروعات النهضة ثم قطعة رابعة اسمها التعايش، فلا توجد تنمية من غير شركاء فعلينا ان نتعلم التعايش، ولا توجد تنمية في جو مشحون بالطائفية، وفي رؤية تنضج لتكمل صورة نموذج جديد لم تكن موجودة من قبل وهي كيف يسهم الايمان في النهضة، ونحاول تقديمه بشعار التنمية بالايمان، ومن خلال هذه الصورة أقدم أربع حاجات لصورة واحدة (الايمان - الاخلاق - التنمية - التعايش) وبناء على هذا الكلام رسمت صورة تجربتي.

مجددون

* برنامجك الجديد يحمل عنوان "مجددون" ماذا تعني بهذه الكلمة؟

- تعني اننا قدمنا للعالم أفكارا جديدة في جميع المجالات وكان لدينا مبدعون طوال 1200 سنة، الفرابي في الطب النفسي، وسنان في المعمار، وابن سينا في الطب، وابن بطوطة واستكشاف الرحلات، ثم توقفنا عن تقديم الجديد آخر مائتي عام وأصابتنا حالة من الجمود، وهذا الجمود ليس المهم معرفة أسبابه ولكن علينا ان نبدأ من جديد من خلال ظهور اجيال مبدعة للتنمية والنهضة، مستندين إلى الحديث النبوي "يبعث الله على رأس كل مائة عام من يجدد"، والحمد لله ان النبي صلوات الله عليه وسلم استخدم كلمة يجدد والا كنا سنتهم باننا نستخدم ألفاظا مخيفة في الدعوة، لان البعض يخاف من التجديد، ويظنه تغييراً، ولكن التجديد في اللغة " اعادة الشيء الى حالته الأولى بما يناسب العصر"

الخطاب الديني

* تجديد الخطاب الديني ملف يتم فتحه من وقت الى آخر.. ما هي رؤيتكم في هذا الموضوع؟

- بالطبع يحتاج الى تطوير والنموذج الذي اعرضه هو تجديد للخطاب الديني، والدكتور طارق السويدان صاحب طريقة متجددة ومبتكرة وفيها ابداع ود. محمد العوضي، والشيخ نبيل العوضي وفكرة مشروع درر والنزول الى الشباب في المجمعات التجارية، وأعطيتك مثالا بهذه الأسماء الكبيرة حتى لا تظن انني اقصد من جاء بعدي، فهذا تيار كبير نشأ نتيجة احتياج له، وظهر شباب ودعاة يسيرون على هذا الطريق.

تطرف ديني

* ما وجهة نظرك في أحداث العنف الأخيرة التي وقعت في صعيد مصر بين الأقباط والمسلمين؟

- هذا موضوع في منتهى الخطورة، ولابد من جهود كثيفة من المؤسسة الدينية والاعلام لمواجهة التطرف الديني الذي يؤدي الى هذه الأحداث، ولابد من استيعاب طاقات الشباب في انشطة تطوعية في المجتمع المدني لانها اذا لم تستوعب ستتجه الى هذا النوع من التطرف، ولابد من جهود حثيثة في قضية البطالة لانها تؤدي الى اليأس والاحباط، ومن الممكن ان نقول ان الموضوع له علاقة بمفاهيم دينية خاطئة مرفوضة كلها تنشر الفكر المعادي لمن هم شركاؤنا في الوطن، وأوصنا النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، وارفض بشدة ما يحدث لانه ليس اسلاماً ولا يرضي الله ولا الرسول. * وما أسبابها؟

- هناك العديد من الأسباب الاجتماعية والدينية والاقتصادية، الدينية بمعنى فهم خاطئ للدين يقوم به أحيانا دعاة متطرفون، واجتماعية ان هناك عنفا في الأسرة يؤدي الى خروج نماذج متطرفة، واقتصادية وهي البطالة.

* اين الأزهر من كل ما يحدث؟

- ليس عندي رد على هذا السؤال.. ولكن الأزهر مؤسسة عظيمة ومن المهم جدا المحافظة عليه لانه صرح للاسلام ولكن محتاج لتطوير.

صناع الحياة

* تتعرض لهجوم شديد منذ ظهورك، الا يمثل ذلك ضغطاً نفسياً عليك؟

- بالعكس، أصحاب الأفكار والمبادرات الجديدة هذا نصيبهم عبر الزمان وكل حاجة في الدنيا لها ثمن، تريد ان تكون تقليدياً لن يتكلم عنك احد، لأن العقل البشري بيشتغل بنظام المحاكاة، فاذا شاهد صورة مشابهة لصور عنده لا توجد مشكلة، لكن اذا شاهد صورة جديدة أحيانا يرفضها، وهذا من الناحية السيكولوجية لانه لم ير هذه الصورة من قبل، وأعتقد بأنه منذ البداية ونحن "مجددون" بمبادرات وأفكار او بطريقة عرض، كنا مجددين في «صناع الحياة» وكنا مجددين في "مجددون"، وهذا نصيب المبادر وعليه ان يتحمل بسعة صدر، وبعد مرور الوقت الناس تستوعب هذه المبادرات والأفكار الجديدة، يعني أشياء كثيرة من التي هوجمنا عليها تطبق الآن. ويؤذيني نفسيا لانني انسان.

نفوس مريضة

* كيف تفسر ظاهرة الكارهين للنجاح؟

- موجودون في كل مكان وللأسف أصحاب النفوس المريضة يلجأون دائما الى مقاومة النجاح، و«خطى الحبيب» من انجح الأمور التي قمت بها دعويا وتأثيرا ومع ذلك هجم من غير العقلاء عليّ في كلمة أولوها غلط وشنوا من خلالها حرباً تدل على عدم توازن عقلي فهم أعداء النجاح، وعليك ان تصبر وهم بذلك يهدوننا حسنات، أحيانا واحد يهاجم"خطى الحبيب" ويقول عمرو خالد اخطأ في كلمة ويحولها الى حرب فتعرف انه يهديك حسنات، ومن الوارد الخطأ فنحن بشر.

نظرة خاطئة

* ذكرت انك متابع لكل الوان الفن.. بماذا تفسر غياب العمل الاسلامي الهادف عن ساحة الفن التي ازدحمت بفن افساد عقول الشباب وأخلاقهم؟

- يضحك بصوت عال ويسأل.. هل العمل الاسلامي الهادف غائب عن الفن فقط.. ثم يجيب قائلا : لا احد يستطيع ان ينكر ان العمل الاسلامي ضعيف للغاية لكن علينا ان نتحلى بالشجاعة ونحن نبحث عن أسباب هذا الضعف، والمطلوب من الفن ان يدعو الى القيم الصحيحة فللأسف مازالت النظرة للفن لدى كثير من المتدينين نظرة غامضة تسيطر عليها فكرة التحريم، وهناك من المسلمين من يرفض كلمة الفن من بابها، لما يحدث فيه من افساد ولكن ليس من التوازن هذا التعميم لأن التعميم يعميك عن الحقائق، وهذا خطأ كبير لاننا بذلك نحرم انفسنا من قيمة عالية، ولو خرج الفن من اطار بتحبه وبحبها المسيطر عليه منذ 50 سنة الى اطر اوسع من قيم النجاح والأخلاق والتعايش لدفع الناس الى النهضة، والنبي صلى الله عليه وسلم كان يشجع على الشعر لانه يدفع الناس الى النجاح وهو اللون السائد في ذلك العصر.

ليس حراما

* كيف تقيم الفن الموجود حاليا على الساحة؟

- الفن الموجود حاليا ليس حراما فقط انما افساد للفن لانه فاقد الكثير من مقوماته.. والفن في مصر فاقد الكثير من المعايير والقيم، ولكن توجد اعمال تستطيع ان تقول انها جيدة ولكن للأسف قليلة منها مسلسل الملك فاروق كان عملاً قيم جداً، ومسلسل صلاح الدين بالمناسبة الذي نفذ المسلسل سوريون والذي انتجه كويتيون أدركوا ان الميديا وسيلة عظيمة اذا استخدمت صح، ومعجب جدا بتجربة الفنان محمد صبحي في مسلسل "يوميات ونيس"، وتأثرت بشغل مصطفى العقاد في عمر المختار، وأتابع كل الأفلام التي تعرض في دور العرض السينمائي في مصر، لانه كيف اتعامل مع الشباب وانا لا اعرف طريقة تفكيرهم، كما اتابع المسرح العالمي في انجلترا.

مهرجان متميز

* ممكن تحدثنا عن مشاركتك في الفعاليات الدينية لمهرجان "ليالي فبراير؟

- يسعدني كثيراً ان أشارك أهل الكويت أفراحهم وسعادتهم في مثل هذه المحاضرات الدينية، وحريص على تكرار التجربة مرات عديدة ان شاء الله، والجميل ان تجتمع الكويت على مهرجان واحد فيه كل هذا التنوع، واختيار شعار الفعاليات الدينية اختيار موفق فيه لمحة على ما يبحث عنه الانسان من راحة النفس والطمانينة بطاعة الله عز وجل. و«الوطن جريدة وتلفزيون» عملا تغطية ضخمة ومتميزة لكل فعاليات المهرجان.

كلمة أخيرة

* كلمة أخيرة.. ماذا تقول؟ - الكويت فيها سر تجعل الناس تسكنها وتحبها وأعتقد بأن السر يكمن في ان الأجداد المؤسسين ربوا أولادهم على العطاء فنشأت الكويت فيها سكينة وحب والذي يزورها يشعر بطمأنينة واستقرار، وهذا حدث معي لأن الكويت فيها 3 مواصفات للحرية لا يوجد لها مثيل في العالم العربي، واقبال عجيب على الثقافة وفيها ابداع وتجديد في مجالات كثيرة.
المصدر: Amrkhaled.net
  • Currently 55/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
19 تصويتات / 59 مشاهدة
نشرت فى 11 مارس 2010 بواسطة princess

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

1,741,670