بسم الله الرحمن الرحيم


الغيبة هو ذنب عظيم استهان به الكثير من الناس، ولم يعط له بالا ... وهو آفة من آفات اللسان، والتي قد تجر على صاحبها الشر الكثير ...


قال مجاهد: " لابن أدم جلساء من الملائكة، فإذا ذكر الرجل المسلم أخاه بخير قالت: ولك مثله، وإذا ذكره بسوء قالت الملائكة: يا ابن أدم المستور عورته، أربع على نفسك واحمد الله الذي ستر عليك ".
وقال وهب بن منبه: صحبت الناس خمسين سنة فما وجدت رجلاً غفر لي زلة ولا أقالني عثرة ولا ستر لي عورة.
حقيقة مرة!! ... و الكل يدعيها! ...و الكل واقع فيها! ...إلا من رحم ربي!!
ثم أترى أنت يا من تغتاب أنه ليست لك عيوب؟،
بل قد يكون ما تعيب على أخيه موجود فيك!
أليس هذا موجودا؟ ... قد لا يكون!...
ماذا ستستفيد من ذكر عيوب أخيك ؟!، ماذا ستستفيد؟.
لا شيء سوى أنك تبرهن بالدليل القاطع على سوء سريرتك، ونقص في عقلك فقط لا غير!!!
يقول الشاعر :
أرى كل إنسان يرى عيب غيره ... ويعمى عن العيب الذي هو فيـه
وما خير من تخفى عليه عيـوبه ... ويبدو له العيـب الذي لأخـيـــه
وكيف أرى عيباً وعيبي ظـاهر ... وما يعرف السوءات غير سفـيه
وقال آخر :
ولست براء عيب ذي الود كله ... ولا بغض ما فيه إذا كنت راضـيا
فعين الرضا عن كل عيب كليلة ... كما أن عين السخط تبدي المساويا
و طبعا أنت لست منهم !!!
وقيل للربيع بن خيثم: ما نراك تعيب أحداً!، فقال:" لست عن نفسي راضياً فأتفرغ لذم الناس" ، وأنشد:
لنفسي أبكي لست أبكي لغيرها ... لنفسي من نفسي عن الناس شاغل.
وقال النخعي: إني لأرى الشيء مما يعاب فلا يمنعني من عيبه إلا مخافة أن أبتلي به.
أسمعتم ماذا يقول العقلاء؟ ...



قد يقول واحد منا بثقة، ما نقول إلا ما فيه ولسنا نبتليه!! ...
رائع! ... هل يجب أن تذكر عيوبه، ثم هل لك أن تذكرها أمامه؟، ...لن تجرؤ أبدا!!!
هل تعلم ما يسمى هذا التصرف؟ .
اسمع جيدا! ... يسمى غيبة، غيـبة، غيــبة!
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " أتدرون ما الغيبة ؟ " قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: ذكرك أخاك بما يكره "، قيل أفرأيت إن كان في أخي ما أقول ؟ قال : " إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته " . رواه مسلم
هذا قول الرسول صلى الله عليه وسلم، و ليس قولي! .
يبدو الأمر بسيطا!، اسمع ...
قوله تعالى: (وَلا يَغتَب بَعضُكُم بَعضا، أَيُحِبُ أَحَدُكُم أَن يَأكلَ لَحمَ أخيهِ مَيتا فَكَرِهتُموه) ؛ لك أن تتصور ذلك!!! .
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت للنبي صلى الله عليه وسلم: " حسبك من صفية كذا وكذا. قال بعض الرواة تعني قصيرة. فقال: لقد قلت كلمة لو مزجت بماء البحر لمزجته" .
و الآن اعرف عقاب الغيبة:
عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لما عرج بي إلى السماء مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون بها وجوههم وصدورهم، فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم ".
وعن أنس رضي الله تعالى عنه قال: " من اغتاب المسلمين وأكل لحومهم بغير حق وسعى بهم إلى السلطان، جيء به يوم القيامة مزرقة عيناه ينادي بالويل والثبور ويعرف أهله ولا يعرفونه" .
هذا و أنت حين تغتابه فأنت تتكرم عليه من حسناتك!؛
قيل للحسن البصري رضي الله تعالى عنه إن فلاناً اغتابك، فأهدى إليه طبقاً من رطب فأتاه الرجل وقال له: اغتبتك فأهديت إلي؟!، فقال الحسن: أهديت إلي حسناتك فأردت أن أكافئك.
قال ابن المبارك: قلت لسفيان الثوري: يا أبا عبد الله، ما أبعد أبا حنيفة عن الغيبة، ما سمعته يغتاب عدواً له قط، فقال: هو أعقل من أن يسلط على حسناته ما يذهبها! .
العجيب أننا نغتاب، وإذا علمنا أن أحدا يغتابنا، نغضب جدا ! .
و بالمناسبة لعلك تستغرب لم كل العذاب لأجل الغيبة؟ .
في الحقيقة الغيبة و التي تراها ذنبا واحدا وبسيطا، غير أنها مجموعة من الذنوب المتراكمة، كيف ؟ !

 

حسنا! ... عندما تغتاب، فأنت إما أن تنتقص من شأن الآخر، و هو ذنب فعن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره التقوى هاهنا " . ويشير إلى صدره ثلاث مرار " بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم كل المسلم على المسلم حرام : دمه وماله وعرضه " . رواه مسلم
فأنت تنتقص منه حسدا و غيرة ، وهم من الذنوب العظام ! .
عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث ولا تحسسوا ولا تجسسوا ولا تنافسوا ولا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانا " .
وقال علي رضي الله عنه: "الحاسد مغتاظ على من لا ذنب له " .
وقال الفقيه أبو الليث السمرقندي: " يصل إلى الحاسد خمس عقوبات قبل أن يصل حسده إلى المحسود، أولاها: غم لا ينقطع. الثانية: مصيبة لا يؤجر عليها، الثالثة: مذمة لا يحمد عليها، الرابعة: سخط الرب، الخامسة: يغلق عنه باب التوفيق.
ويقال: ثلاثة لا يهنأ لصاحبها عيش. الحقد والحسد وسوء الخلق.
وقيل: الحسود غضبان على القدر.
وقيل لأحدهم: ما بال الحسود أشد غماً؟ قال: لأنه أخذ بنصيبه من غموم الدنيا، ويضاف إلى ذلك غمه لسرور الناس.
قال عبد الملك يوما للحجاج: ما من أحد إلا وهو يعرف عيب نفسه، فصف عيب نفسك، فقال: اعفني يا أمير المؤمنين، فأبى، فقال: أنا لجوج حقود حسود، فقال عبد الملك: ما في الشيطان شر مما ذكرت.
و إما أنك تريد أن ترفع من شأنك، إذ كيف ترفع من شأنك، إذا لم تنتقص من غير؟ ، و هو ذنب يحمل معنى العجب، و العجب بالنفس من أعظم الذنوب، و يكفي أنه الذنب الذي أسخط الله على الشيطان الرجيم !، و العجب بداية الكبر و الحقد ...باختصار العجب أساس كثير من الأخلاق السيئة! .
فأنت تريد مدح نفسك، ولعلمك باستنكار الناس لمثل هذا الفعل، اتخذت طريقا غير مباشر لمدح نفسك... تفكر في نفسك، وستكتشف هذا الشعور الرهيب!، ما أخبثه!! .
قال الله تعالى: (فَلا تُزَكوا أَنفُسَكُم هَو أَعلَمُ بِمَن اِتقى) .
وقيل لبعض الحكماء: ما الصدق القبيح؟ فقال: ثناء المرء على نفسه.
لنحاول أن تمنع أنفسنا من الغيبة ، لأننا إذا اغتبنا برهنا لأنفسنا وللآخرين مدى سوء أخلاقنا ، ومدى العجب الذي نحمل في نفسنا ، ومدى الحقد و الحسد والشر الذي نحمله للآخرين ..



تحياتي لكم ..

فـــــي أمـــــــان الله ..<!-- / message -->

 

 

المصدر: العنابى
  • Currently 87/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
30 تصويتات / 61 مشاهدة
نشرت فى 10 مارس 2010 بواسطة princess

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

1,740,379