جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
في عام 1977 عندما كنتُ في الثالثةِ والعشرين كانت لدَيَّ قطَّةٌ سَوداء سَمَّيتُها (ليل) وكانت سابِغَةَ السَّواد إلا من بَياضٍ يختَفي في بطنها ، وكنت أتعثَّر بها عندما أقوم لمطلبٍ أريدهُ بالليل ، ومع حدَبي عليها كانَت لا تكفُّ عن المواء وكأنَّما يتلَبَّسُها جِنٌّ حتَّى ليضيقُ بها صدرُ الحليم ، فكانت تلك القصيدة :
مُـــــواءٌ مُــــــواءٌ مُـــــواءٌ مُـــــواءْ
كَفَى قد شَكا مِنــكِ ذا الـدَّاءَ داءْ
أَوَجهٌ دَميــــــمٌ وصَـوتٌ قَبــيـــــحٌ
وبَــــــــحٌّ عَدِمتُ لَــــدَيْهِ الـــدَّواءْ
وعينـاكِ عَيــنُ الضَّوَى في شراهُ
وفَكَّاكِ فَــكَّــا الأسَى والشَّقــــاءْ
ومـــــا قصَّرَتْ في وِصالِـكِ كَـــفٌّ
ولا أطفَــــأ القَلـــبُ حَــرَّ الــــرِّثاءْ
دَعَـوتُـــــكِ لــــمَّا رَأيْــتُ اسوِدادَ
كِ لَيْلًا وفي البَــطنِ فَجـرٌ مُضــاءْ
غَطـــاهُ إلى الأرضِ جَونٌ كثيـــفٌ
وقَد كانَ في القَلبِ بَعضُ العـزاءْ
وكَم في الدُّجَى بِــكِ مِنْ عَثــرَةٍ
يَــــخرُّ بهـــــا المَرءُ خَــرَّ الـــدِّلاءْ
تُعينـينَ صَرفَ الليـــــالي عَلَــيَّ
وتورينَ شَوكَ الجـــوَى والطَّخــاءْ
وفي الأرضِ منْ جِنـسِكِ الوادِعا
تُ كالنَّسْمِ يَحْوِينَ مَعنَى الصَّفاءْ
يُضَمِّدْنَ رُزءَ الضَّنَى بالـــــتَّصابي
ويَنـــفضْنَ مُكثَ الوَنَى باللِّقــــاءْ
ويَهديــــنَنا الحُسنَ مُستَـظرَفاتٍ
فَيُلهِمنَنـــا الشِّعرَ شَأنَ الظِّبـــاءْ
أيـــــا لَيْـــلُ واللَّيـــلُ فيــهِ الثُّرَيَّا
وعَنـــكِ انطَوَى ذا السَّنا والضِّياءْ
عَن الكَلـــبِ زانَــــكِ طُهْـرٌ ولَكِنْــ
نَ بَحَّـــــكِ كالرِّجسِ يَجفوهُ مــاءْ
ولَو عِشْتِ فَــــردًا لَمــا كانَ كَربًا
تَفــادي قيائِــــكِ ذاكَ العُــــــــواءْ
ولَكِنَّ بَطنَـــكِ كالسَّيـــلِ يَغــــزو
دروبَ الثَّـرَى والغَـضَى والفِنـــــاءْ
فَيَعلـــو جَهيرًا ويُمسي ضَجيــجًا
مُـــــواءٌ مُـــــواءٌ مُــــــواءٌ مُـــــواءْ
(محمد رشاد محمود)
المصدر: مجلة نسمات شعرية الإلكترونية