جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
تمضي بنا الحياة ، وتأخذنا مشاغلها ، حتي نجد أنفسنا فجأة أمام اللحظة الأخيرة ، التي يصعب فيها الإستدراك علي ما فات ، بالشطب ، أو الكشط ، أو التعديل . ولا يقبل فيها طلب الرجوع والعودة لنعمل غير الذي كنا نعمل ، والتوبة عما فعلنا ، والندم علي فعله . في تلك اللحظة تتكشف لنا حقيقة الحقيقة ، وليست الحقيقة كما كنا نتخيلها أو نتصورها ، أو نحب أن نراها ونتمني .
وفن التمثيل بكل عبقرياته في الدخول في الشخصية والإندماج فيها ، وتقمصها ، وآداء دورها المرسوم ، بكفاءة وفاعلية وإقناع ، من خلال الحركة والسكنة واللفتة أمام الكاميرات ، والشحنات الإنفاعلية المتدفقة في هدوء أو عنف ، أو بين بين ، موهبة .
والسينما والتلفزيون والكمبيوتر والهاتف ينقلون الآن لجمهور المشاهدين ـ دون استثناء أو تمييز أو طبقية ـ المشاهد التمثيلية التي ينتجها ويخرجها فريق عمل ضخم من العاملين في هذا الحقل .
والسينما في أبسط تعريفاتها ـ باعتبارها هي المصدر الوحيد للأفلام ـ هي فن صناعة التصوير المتحرك . ويعد الفن السينمائي وتوابعه من تمثيل وإخراج من اهم أنواع الفنون شعبية ، ويطلق عليه البعض الفن السابع ، لأن هناك فنون ستة كونت الكورال السداسي الإيقاع للحلم الجمالي كما ذهب الناقد الفرنسي كانودو ، وهي : العمارة والموسيقي والرسم والشعر والرقص , والسينما تجمل وتضم وتجمع هذه الفنون الستة ، ولذلك سميت الفن السابع .
ولا ريب أننا جميعاً نستمتع بمشاهدة الأفلام ،لأسباب عدة تختلف من وقت لآخر ، ومن شخص إلي آخر في الوقت الواحد . وتعايشنا مع هذه المتعة لفترات طويلة ولسنوات عدة ، حتي أصبحت هذه الأفلام لدي البعض ، وما يصاحبها من متعة ، ضرورة حياتية ، ينفق من أجل مشاهداتها النقود . حتي أنه أصبح من الصعوبة بمكان الإستغناء عنها مجتمعياً ونفسياً . وأصبحت الأفلام كذلك أداة من أدوات التغيير في المجتمع ، وتعديل إتجاهاته ، وفقاً لمقتضيات حياتية حاكمة .
في ظل ذلك يصعب القول بإمكانية الإستغناء عن السينما ، وما تنتجه ، ونزع تأثيراتها علي كل جوانب الحياة المجتمعية .
ولكن يتعين أن يكون علي هذه الأحكام استدراك لصالح الدين . إذ لا يمكن أن نكون أصحاب دين ، وننحي الدين عن حياتنا بالكلية . وللدين علي فن التمثيل تحفظات ، وذلك بعيداً عن الإتهامات المعلبة ، التي يوجهها بعض علماء الدين ومشايخه للتمثيل والممثلين والممثلات ، وكذا الإتهامات التي يوجهها الجانب الآخر لعلماء الدين ومشايخه كالرجعية والتخلف .
بالقطع هذه التحفظات لا تنصرف إلي النواحي التقنية من تلك الصناعة ، ولا تنصرف إلي مجمل الأعمال السينمائية . وإنما التحفظ الذي لا شبهة فيه ، ولا استدراك عليه ، يتمثل في المشاهد الحميمية ، أو التي تفضي إليها بين الرجل والمرأة ، وما يصاحبها من تعري كلي أو جزئي يكشف العورات ، ويثير الشهوات الحيوانية لدي البعض . وهذه المشاهد تكون بين غرباء لا يحل لهم ممارستها تحت زعم التمثيل .
بالقطع هناك نأثيرات نفسية واجتماعية علي جانب الممثل أو الممثلة أو كلاهما في آن . وكذا تأثيرات علي جمهور المشاهدين علي ذات المستوي وربما أشد . وحتي لو لم تكن هناك تأثيرات فهناك أوامر إلهية نبهتنا إلي حرمة مثل هذه التصرفات ، وما يؤدي إليها . فهي بلا شك من دواعي إشاعة الفاحشة في الذين آمنوا علي نحو أو آخر .
هذا ما أري في أمر ديني ودنياي ، قد يكون محلاً للنقض أو النقد أو الرفض . ومع ذلك فلنعتبرها دعوي للتأمل والتدبر والتفكير الهاديء .