جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
حـســــن زايـــــــد .. يـكـتــب :
الـبــيـان فـي انـحــراف أئـمـــة الإخـــوان
لم أتفاجأ بتعليق أحد قدامي الأصدقاء ، علي مقال الأمهات الإرهابيات . ولكن المفاجأة أنه قد هرب من موضوع المقال ، إلي طريق جانبي ، تساءل فيه بخبث تساؤلاً مؤداه : " علي شرع من كان سيد قطب وحسن البنا ؟ " . وهذا طعم لن أبلعه ، لأنني لم اكفر لا سيد قطب ، ولا حسن البنا ، ولم أخرجهما من الملة ، كما فعلا . فهم باتهامهم المجتمع المسلم المعاصر بالجاهلي ، وعصرهم بعصر الجاهلية ، إنما قصدا تكفير المجتمع ، وإخراجه من الملة ، بتوصيفهما للجاهلية الواقع فيها ـ علي حد زعمهما ـ بأنها أشد وأنكي من الجاهلية الأولي . ولم يقصدا الجاهلية التي قصدها رسول الله عندما قال لأحد أصحابه : " إنك إمرؤ فيك جاهلية " ، وهي تعني أنه مع كونه مسلماً ، فيه جاهلية ، وهي جاهلية لا تخرج عن الملة .
وقد تبعهما في اعتقادهما من شايعهما من الإخوان ، وانبني علي معتقدهما هذا تصرفات ومسالك ، تفصح بلا مواربة عن فساد المقدمات . فأنت تعلم أن فساد المقدمات يفضي بالضرورة إلي فساد والنتائج . وذلك دون تجشم عناء البحث فيما عدا هذه القاعدة المنطقية .
والناظر في الحوادث التي صاحبت وجود الإخوان ، في حياة حسن البنا ، وارتبطت بهم ، كحوادث حرق محلات اليهود ، وحوادث القتل ، سواء الناجحة منها أو الفاشلة . وقد طالت حوادث القتل القضاء ممثلاً في القاضي أحمد الخازندار ، كما طالت رئيس وزراء مصر، سواء محمود فهمي النقراشي أو أحمد ماهر. وهنا يأتي التساؤل المشروع عن موقع حسن البنا من هذه الأفاعيل . هل هو المحرض علي نحو مباشر أو غير مباشر ؟ . أم أنه الفاعل ، وإن كان بيد غيره ؟ . أم أنه الساكت عن الحق في بيان الحقيقة ؟ . وربما يزايد صديقنا ـ أو يزايد أحدهم ـ بقوله: أنه لم يكن يعرف ، وهو قول مردود ، بأن حسن البنا نفسه، قد قال في حق القتلة ، بأنهم : " ليسو إخواناً ، وليسو مسلمين " . وهذا يدل دلالة قاطعة علي معرفته بالأمر ، ومن الإخوان من روي عنه ، أنه قد قال كلاماً فُهِمَ منه ، أنه تكليف بالقتل . فهل صدر البنا وإخوانه هنا عن الإسلام باعتباره جهاداً ؟ . أم إن إلصاق الأمر بالإسلام ، ربما يكون شفيعاً ، في تصورهم ، إن لم يكن عند الله ، فعند الناس ، وعند أنفسهم ؟ . فهل هذا هو الإسلام الذي يقدمه لنا الإخوان ؟ .
فإذا تجاوزنا مرحلة البنا ، إلي مرحلة الهضيبي وثورة يوليه 1952 م ، وتأملنا الصدام المفتعل من جانبهم مع ثوار يوليه ، ومحاولة إغتيال عبد الناصر ، وخيانتهم أثناء مفاوضات الجلاء ، لوجدنا أن الصراع ليس علي الإسلام ، وإنما علي الحكم . فهم لا يريدون أن يُحكَمُوا بالإسلام ، وإنما يريدون أن يَحْكُمُوا بالإسلام . وذلك مطعن رئيس في فكرة الحاكمية التي أطلقها سيد قطب ، اقتباساً من المفكر الباكستاني أبو الأعلي المودودي، وبني عليها قطب منهاجه الفكري ، لأنه نادي بالحاكمية كي يَحْكُم ، لا أن يُحْكَم .
والطريف في الأمر ، والأكثر دلالة علي الإنحراف بالإسلام ، هو سعي سيد قطب بمساعدة شقيقتيه ، وزينب الغزالي ، لبناء تنظيم جديد داخل رحم الإخوان ، يستهدف ضرب المصالح الحيوية للبلاد ، بهدف إحداث الفوضي المطلوبة ، لتيسير القفز علي سدة الحكم ، وهو التنظيم المعروف بتنظيم 1965م . إذ ليس في الإسلام ما يدعو إلي ذلك . وقد عهد إلي يوسف القرضاوي الإخواني ، من الإخوان بمراجعة كتاب في ظلال القرآن ، فقال عنه القرضاوي أنه يعج بالتكفيريات . وكتاب معالم في الطريق ليس كتاب دين ـ وإن كان تلفح بعباءته ـ بقدر ما هو كتاب تحريضي علي الحكومات والشعوب الإسلامية . هذا فضلاً عن أن كتب سيد قطب تعد المراتع التي نبتت فيها كل نجوم الجماعات الإرهابية ، وبقية الفكر الإخواني عيال عليه . وقد أخذت في خفها العديد من البشر ، ما بين قتلي وجرحي ، وأشهرهم الشيخ الذهبي ، وأنور السادات ، ورفعت المحجوب ، هذا بخلاف محاولات القتل الفاشلة . وما زالت مشاهد الإرهاب ، التي نراها حتي اليوم ، التي ما زالت تقطر دماً معلقة في أعناقهم إلي يوم يُبعثون .
وهنا يتبادر إلي الذهن التساؤل : هل هذا من الإسلام في شيء ؟ . بالقطع لا . ومن ثم فقد سعوا إلي تطويع الإسلام ، ولي عنقه ، حتي يتمشي مع يصدرعنهم من أقوال وأفعال . وهذا ليس له عندي سوي مسمي واحد فقط لا ثاني له وهو : انحراف بالإسلام .
وهذا الفكر رضعته جدات أول أمس ، وأمهات الأمس ، وبنات اليوم ، وبنات الغد ، وما بعد غد . وكما قلنا في المقال ـ محل الإنتقاد / الأمهات الإرهابيات ـ أن المرأة هي الحاملة للرحم ، الحاضنة للنطف الإرهابية القادمة ، التي تدفع يومياً إلي الشارع مشاريع إرهابية صغيرة .
ولابد يا صديقي العزيز أن تدرك أن هناك فارقاً ، وبوناً شاسعاً ، بين الإنحراف عن الإسلام ، والإنحراف بالإسلام . وأنا لم أقل أنهما قد انحرفا عن الإسلام ، وإنما انحرفا بالإسلام . وإنك إن كنت قد أنهيت كلامك بقولك : " علي شرع من كان سيد قطب او حسن البنا ، علي شرع ماركس وجان بول سارتر ، ام علي شرع حزمني يا .. " ، دون أن يخفي عليَّ ما تحمله من روح السخرية والدعابة ، وربما الإستهزاء . إلا أنه لم يخف عليَّ كذلك ما تحمله كلمة : " مع العلم انني لا انتمي لفصيل الاخوان المسلمين " من دلالة ، لأنها اللغة الدارجة التي يلتجيء إليها أي إخواني في نهاية كلامة . سواء كان إخوانياً ، أو إخوانياً بالوكالة ، أو إخوانياً بالإيجار .