جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
حــســــــن زايـــــــــد .. يكتب :
العـلاقـة الحـرام بـين القـطــريـين والأمـريـكان
السؤال الذي يشغل الناس بحق في شرقنا الأوسط مؤداه : هل ستتوقف إمارة قطر عن غيها لو صدرت لها الأوامر من البيت الأبيض ؟ . فإذا كانت الإجابة بنعم ، كما يعتقد الناس ، وينطق به واقع الحال . فلابد ـ منطقياً وبديهياً ـ أن يعقبه سؤال آخر : لماذا لم تصدر أمريكا الأوامر إلي قطر بالتوقف ، والكف نهائياً ، عما تفعله ؟ . وهنا ينقسم الناس بين قولين :
الأول ـ أن هناك خلاف بين المؤسسات الأمريكية الحاكمة ، حول مدي قناعتها بكشف الدور القطري في المنطقة من عدمه . فمؤسستي الخارجية والدفاع يميلون إلي جانب قطر ، ومؤسسة الرئاسة تميل إلي جانب الدول المقاطعة لها . وهذا هو السر وراء عدم صدور الأمر بالتوقف .
الثاني ـ أن الخلاف البادي بين المؤسسات الأمريكية ، ما هو إلا خلاف ظاهري بينها . قد تكون العلة وراءه تمرير أو عدم تمرير القرارات والمواقف الأمريكية مصحوبة بمبرراتها . أي أنها سيناريوهات متفق عليها ، وهي تعد جزءاً من القرارات والمواقف . وعليه فإن القرارات والمواقف المتخذة هي قرارات متفق عليها ، وكذا فإن القرارات السلبية ـ عدم اتخاذ القرار في المواضع التي كانت تستوجب اتخاذه ـ متفق عليها كذلك . ولذا يصعب الرهان علي مؤسسة بمفردها في اتخاذ قرار ما أو الإمتناع عنه .
وأنا شخصياً أكثر ميلاً إلي القول الثاني في التعامل مع الجانب الأمريكي ، لأنه يتوافق مع التوجه البرجماتي ـ النفعي ـ للمجتمع الأمريكي ، في الفن والسياسة والإقتصاد والأدب .
فلو اتخذنا من الموقف القطري أنموذجاً ، لوجدنا أن العلاقة الحرام بين قطر وأمريكا ، قد بدأت في أعقاب الإنقلاب علي الأمير الأب / خليفة بن حمد . ففي منتصف العقد الأخير من القرن الماضي ، عُقد ما يُعرف بمنتدي التغيير في العالم العربي في الدوحة ، وجري الإتفاق علي إنشاء فرع فيها لما يعرف بأكاديمية التغيير . وقد كانت تلك البداية في مخطط الشرق الأوسط الجديد / الفوضي الخلاقة / سايكس / بيكو الغرب أمريكية .
تولت قطر جمع الإرهابيين ، وإيوائهم ، وتمويلهم ، وتدريبهم ، وتسليحهم ، تحت الرعاية الغرب / أمريكية الكاملة . ثم بدأت وقائع ما عرف ـ زوراً وبهتاناً ـ بثورات الربيع العربي . إلي جانب ذلك نشط إلي حد سرطاني تنامي الإستثمارات القطرية في معظم البلدان الأوروبية ، وأمريكا . وقد بلغت هذه الإستثمارات حد إسقاط إقتصاديات هذه الدول حال قيام قطر بسحبها .
علي الجانب الآخر من العلاقات ، سنجد العلاقات العربية القطرية : حيث يسم العلاقات السعودية القطرية التوتر ، قبيل الإستقلال القطري عن الإنتداب البريطاني عام 1971م . وامتد الشد والجذب بينهما لعقود ، بسبب محاولات خروج قطر / الشقيقة الصغري ، من تحت جناح وصاية الشقيقة الكبري / السعودية . وقد كانت أبرز الصراعات تلك المتعلقة بترسيم الحدود بين البلدين . ومنذ استيلاء حمد بن خليفة / انقلاباً علي والده / علي السلطة ، وقد زاد سعيه نحو بروزة الدور القطري دولياً . ولكن السعودية تساند قبيلة آل مُرَّة المعارضة ، والمتهمة بمحاولة الإنقلاب سنة 1996م . وقد تفاقمت الأزمة الدبلوماسية بين قطر وجيرانها ، أعضاء مجلس التعاون الخليجي ، إلي حد سحب السفراء احتجاجاً علي تدخل قطر في الشأن الداخلي لها ، وذلك في 2014م .
فلو عدنا إلي 2010م لوجدنا أن السياسات القطرية اختلفت عن دول الجوار . فقد دعمت قراراً خليجياً / دولياً بضرب ليبيا . وخالفتها في ملفات حماس وحزب الله . ونسقت مع تركيا في الحرب علي سوريا ، بدعم التنظيمات المقربة من تنظيم الإخوان أيديولوجياً . بينما دعمت السعودية التنظيمات السلفية . وفي اليمن انخرطت قطر في التحالف العربي ، ومع ذلك تدعم الحوثيين وتمدهم بالسلاح والعتاد ، وهم فصيل يتبع إيران . وتتخذ من إيران موقفاً محايداً ـ بخلاف موقف مجلس التعاون ـ بسبب الحدود البحرية المشتركة .
ويعتبر تنظيم الإخوان أهم نقاط الخلاف . فقد دعمت قطر الحراك الإحتجاجي في مصر ، ودعمت الرئيس الإخواني . وبسبب الأزمة السياسية التي داهمت مصر في ظل حكم الإخوان، وتحرك حراك احتجاجي ضدهم ، مطالباً بتدخل الجيش . وعندما تدخل الجيش ، استجابة للمطالب الشعبية ، اسمته قطر انقلاباً ، وسوقت لذلك إقليميا ودولياً . في حين دعمت السعودية ودول الخليج الجيش .
وقد امتد الصراع بين السعودية وقطر، إلي المستوي الإعلامي ، من خلال قناتي العربية / السعودية ، والجزيرة / القطرية .
فإذا وصلنا إلي قرار قطع العلاقات ، ووقف التعامل برياً وبحرياً وجوياً ، فسنجد أنه أخطر الأزمات التي تواجه المنطقة . وقد حددت الدول المقاطعة ثلاثة عشر مطلباً ، رفضتها قطر ، واستجلبت قوات تركية وإيرانية ، بخلاف القواعد الأمريكية ، إلي المنطقة . وهو خط سير عكس الإتجاه ، نتيجة الإحساس السرطاني المتضخم بالذات . والمراهنة علي حجم الإستثمارات الهائلة في الدول الغربية وأمريكا من الناحية الإقتصادية ، وحجم الأسرار التي خلفها المخطط الشيطاني للمنطقة ، ونسبة مشاركة كل دولة فيها . وآخر الأوراق امكانية استجلاب روسيا إلي جانب إيران وتركيا إلي المنطقة .
وقد بان ذلك من المواقف الرمادية التي اتخذتها بعض الدول الغربية من قطر ، بعد انكشاف وتعرية دورها . وذلك لضمان سرية المعلومات المشتركة ، وحفاظاً علي استقرار اقتصاديتها ، فضلاً عن البحث عن قضمة مماثلة للقضمة الأمريكية سواء من السعودية أو قطر .
وقد حاول وزير خارجية امريكا إسقاط الثلاث عشرة مطلب ، بمبادرته ، واتفاقه الإرهابي مع قطر لمكافحة الإرهاب ، وبيعها طائرات . إلا أن وزراء خارجية الدول الأربع قد نجحوا في افساد المحاولة الأمريكية . وستجد زيارات مماثلة من ألمانيا وفرنسا وغيرهما .
تلك بعض جوانب العلاقة الحرام بين أمريكا والغرب ، وإمارة الشيطان ، والأيام القادمة حبلي بالمواقف والأحداث ، ومخاضات لا حصر لها .