جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
حــســــن زايــــــــد .. يـكـتـب :
لقد أصبحت الإمارة الخليجية بؤرة صديدية متقيحة ، قد تفضي تداعيات وجود حكامها علي كراسيهم ، لمدي أبعد ، إلي تفجير الوضع الدولي . فهذه الإمارة قد ثبت بالأدلة القطعية ، تبنيها لكافة مشاريع الإرهاب ، التي تقع في العالم . وذلك من خلال تبنيها لكافة الجماعات الراديكالية ، التي تتخذ موقفاً عدائياً من الوجود البشري . ابتداءًا بجماعة الإخوان بتفريعاتها التي تمتد اخطبوطياً داخل أنسجة مجتمعات أكثر من ثمانين دولة ، إلي جانب بعض الدول التي إخترقت أنظمة الحكم فيها . مروراً بتبني تنظيم القاعدة الذي يعد النسخة الأحدث من جماعة الإخوان ، بامتداداته الجغرافية في العالمين العربي والإسلامي . انتهاءًا بتنظيم داعش الذي يعد النسخة الأحدث من تنظيم القاعدة ، وتفريعاته علي امتداد المساحة الجغرافية ، التي كان يطلق عليها الوطن العربي . كل هذه الجيوش لا عمل لها سوي الإرهاب ، وإنهاك الدول ، وخوض معارك عصابات ضد جيوشها وقوات أمنها . وهنا فجر الرئيس المصري البؤرة الصديدية المتورمة حين ذهب إلي القول في مؤتمر القمة الإسلامية الأمريكية : " الإرهابى ليس فقط من يحمل السلاح، إنما أيضًا من يدربه ويموله ويسلحه ويوفر له الغطاء السياسى " وأضاف : " دعونى أسأل أين يتوافر الملاذ الآمن للتنظيمات الإرهابية لتدريبهم ومعالجة المصابين منهم وإجراء الإحلال والتجديد لمقاتليهم .. من الذى يشترى منهم الموارد الطبيعية التى يسيطرون عليها كالبترول ، ويتواطؤ معهم فى تجارة المخدرات والآثار" . بالقطع كانت الأسئلة حادة وقاطعة وواضحة ومباشرة ، والإجابة كذلك معروفة ومرصودة ، والجميع يدرك ما يفعله ، ويدرك دواعيه وأسبابه . وعندما تتحدث محافل الاستخبارات في العالم عن ان الدوحة تشجع الارهاب ، فلا ريب أنها ستكون مستهدفة ممن يمتلك الإرادة لمحاربة الإرهاب . وقد أصاب هذا الموقف الأمير القطري بالإرتباك ، مما دفعه إلي الخروج علي العالم بتصريحات غير مسبوقة ، أثارت حفيظة الدول الخليجية ، فاتخذت موقفاً جماعياً ، إلي جانب مصر . فإذا بالبيانات الدراماتيكية بقطع العلاقات مع إمارة قطر تصدر تباعاً من عدة عواصم . وهنا انقسمت ردود الأفعال علي قرار المقاطعة إلي ثلاثة مواقف هي : الموقف الأول ـ هناك عواصم التزمت جانب الصمت ، وليس السكوت ، الذي ليس ، بالضرورة ، علامة الرضا ، فلم تصدر بيانات بالترحيب أو الإدانة ، في محاولة للنأي بنفسها عن أتون الصراع الملتهب . الموقف الثاني : هناك عواصم أبدت ترحيبها بالإجراءات العقابية ضد قطر، حتي ترعوي عن مساعدتها ودعمها للإرهاب . الموقف الثالث : هناك عواصم أدانت أسلوب التعامل مع قطر ، خاصة وأن قرارات المقاطعة ، سترتب بالضرورة حصاراً عليها . وقد تداعت بعض هذه العواصم للوقوف إلي جانب قطر في مواجهة الموقف العربي . من بين هذه العواصم طهران ، التي مثلت تصريحات تميم بشأنها ، قبل تفاقم الأزمة ، سبباً في اشتعالها ، لأنها تمثل موقفاً معاكساً ، لاتجاه موقف دول مجلس التعاون الخليجي تجاه إيران . فقد استغلت إيران الرغبة الجامحة لدي أمير قطر ، في فرض نفوذه ، وتمرده علي السعوديه ، ومنافستها علي قيادة منطقة الشرق الأوسط ، وعرضت عليه تقديم الإمدادات الغذائية اللازمة من خلال المنفذ البحري . خاصة بعد الشراكة بينهما ، في المساعدة في صعود الإخوان إلي الحكم في مصر ، بعد الإطاحة بالنظام المعادي للثورة الإسلامية في إيران ، ولا يمنع ذلك من الوجود العسكري لإيران علي الأراضي القطرية . واجتماع الإيرانيون والأمريكان علي الأراضي القطرية ـ عسكرياً ـ أمر يثير الدهشة . وسارعت أنقرة إلي إعلان الحماية التركية لقطر ، بنشر قوات تركية علي أراضيها ، بخلاف القاعدة العسكرية الموجودة أصلا منذ عام 2016 م . وقبل ذلك فإن تركيا وقطر يجمعهما معاً ، جماعة الإخوان ، ومشروع الإسلام السياسي الواحد لمنطقة الشرق الأوسط . أما روسيا فرغم أنها تدعم النظام السوري ، وقطر تدعم الجماعات المسلحة ، والمفترض أنهما علي طرفي نقيض ، إلا أن روسيا متحالفة مع إيران ضد أمريكا في سوريا ، وفي ذات الوقت تدعم قطر في موقفها الراهن ، ويرجع ذلك إلي الإستثمارات والمشاريع الضخمة التي تعدت المليارات التي تنهض بها قطر في روسيا . وتنضم بذلك روسيا إلي المعادلة القطرية ، إلي جانب إيران وأمريكا . أما ألمانيا فمن الدول الرافضة لمحاصرة قطر ، باعتبار أن ذلك له تأثيرات سلبية علي ألمانيا إقتصادياً ، ولذا أعلن وزير خارجيتها أن : " قطع العلاقات وفرض الحصار أمور مرفوضة وغير مقبولة " . ذلك هو المشهد الراهن ، وهو مشهد قابل للتغير والحركة ، بل وللإندفاع والتهور ، من جانب الأمير القطري . وما زال التصعيد القطري متواصلاً ، بتكلسه حول مواقفه السابقة ، دون تراجع وإعادة الحسابات . وقد يصل بالتصعيد إلي حد المواجهة العسكرية ، وفي المواجهات العسكرية دائماً ما تكون الطلقة الأولي مجهولة ، وهي دائماً ما تكون الشرارة التي تشعل المعركة . وهو بموقفه المتكلس ـ غير المبرر وغير المفهوم في الإطار العروبي ـ يضع ظهر الدول التي قاطعته إلي الحائط ، وقد حرق أمامها بمواقفه كل البدائل المتاحة . فإن وصل الأمر حد المواجهة العسكرية ، فلا ريب عندي أنها ستمتد ، وتنتشر ، وتتوغل ، وقد تصل إلي حرب عالمية . حينئذ تكون الحرب العالمية الثالثة عربية / عربية ، وستكون نتائجها المؤكدة حرق المنطقة ، بعد تحويلها إلي حقل تجارب لكل الأسلحة المستحدثة لدي الدول المتقدمة .