صباحٌ أخيرٌ تناثرَ مني
يمرُ بحقلي
فتُشرقُ في الروحِ نخلة
وقبل انفلاتِ الضياءِ من الذاكرة
أُحاولُ لمَّ الشموسَ بكفي
لئلا يضيقُ بها الكونُ
وتُفلتُ مثلَ ارتعاشي وشوقي
فتمسحَ خدَّ الصباحِ القديم
سماءٌ تَعَرَتْ من الدمعِ وأبكتْ عيونَ النَّهار
على المُدنِ الهاربة
مثلَ جُرحٍ أصيلِ بكفِّ السَّماء
تكشفُ وجهاً يختبيء بين ندوبِ الصباح
لعلَّ المسافةَ بين الغيابِ وبيني تصيرُ بلا ذاكرة
صباحٌ غريبٌ كدمعةٍ يَشُدُّ المدينةَ من ظلِّها
ويسكُبُ شوق المرايا
نهارٌ يمرُّ فيلقى بين السَّائرينَ العطاشى
سلامٌ على الذاهبين إلى صوتِكِ البكرِ
سلامٌ عليها تَقدُّ من العشقِ عطرِك
تُمزقُ غيماً لتُنبتَ نهرك
لتقطفَ ماءَ الحياةِ من السُنبلاتِ الجريحة
لتفتحَ بابَ الضياءِ الأخير بقلبِك
ودمي نهرٌ على أهبةِ الشوقِ ينتظرُ ماءً
وكلُّ خرائطِ الضوءِ تضيع
تجرُّ من الروحِ خيباتَها
وتصنعُ من عيشِها الأزلي وسائدَ للمتعبين
تهزُّ بأنهارِها نحو أرضٍ بعيدة
لتحضنَ طفلاً شريداً غلى بابِ قلبٍ
يَمُدُّ أكُفَّ اشياقٍ
ويطلبُ ملحَ الحياة
خُطاكِ ترافقها الشمسٌ فيها احتراقُ السُدى
تزرعُ بين الغياهبِ أشواقَها
وتقتلُ كلَّ الأفاعي التي تشتهي ظلَّها
سيغرقُ فيكِ السديمُ
ويكبرُ فيكِ المدى