كلُّ جدرانِ المدينةِ ترتدي ثوبَ الحِداد
الشارعُ المنسي خلفَ البحر
هذي قطةٌ تغفو على كيسٍ تُبللهُ الدماء
زخَّاتٌ من الأحزان
طوفانٌ يجرُ مدينةَ البؤساء
أرواحٌ تُغادِر
لم يَعُدْ للأرضِ رائحةُ الغبارِ الرطب
رائحةُ الدماء
تصَّاعدُ من فوق أسفلتِ الحياة
وهذه الأسواقُ ما عادتْ تُشاغِب
قد تحولتْ الشوارعُ أنهُراً
والذكرياتُ تُطاردُ الماضين نحو الحُلم
كانَ النَّاسُ يقتسمونَ خُبزَ همومهم
ويُخربشون على جِدارِ الليلِ بالأحلام
كانَ النَّاسُ أكبرُ من فضاءِ عيونهم
من عُمرِهم ....من حُلمِهم
عِقْدٌ يُسائلُ نفسَهُ في سِرِّهِ
مَنْ فَكَكَّه ؟
مَنْ غَيَرَّ الأحجامَ والأشكالَ ؟
مُنْذُ تَمَزقَ الثوبُ العتيق
ولم يزلْ نورٌ يُحاولُ جاهِداً أنْ يُحبِكه
الليلُ يرحلُ رغماً
والضوءُ يطردُ في الدُجى ما أنهكه
ومدينتي ريشةٌ مغموسةٌ في لونِ حُزن
والتوابيتُ الكثيرةُ لم تَعُدْ تسع المكان
وصوتُ قُنبلةٍ يئِنُّ على نزيفِ القمح
أحلامٌ يُبللُها الهباء
وورودٌ ذبلتْ لموتِ الغَمِّ
أولادٌ حُفاةٌ في زُقاقِ الموتِ يلتحفون فيهِ حنينَهُم
طفلٌ يُعانِقُ دُميةَ الحُلمِ التي ماتتْ على كفيهِ
والباقون يرتجفونَ مثلَ حمامةٍ
هذي فتاةٌ في مَهبِّ الحرب ضاعَ حبيبُها
تبكي عليهِ وحيدةً
أمٌ تَشُمُّ ابنيها الذيْن تعانقا في زورقِ الموتِ
المُسافِرُ في مدى المجهول
حطَّ فوقَ ضوءٍ خفيف
أغرابٌ يزورونَ المدينة
لاجئينَ إلى خِيامِ الموت
إلى التَشردِ والتَسَكُعِ والغياب
ما عادَ للطيرِ المُهاجِرِ موئلٌ
غيرَ الضباب
نشرت فى 8 يناير 2017
بواسطة nsmat