لم تدعْ لنا الحربُ شيئاً
وتلاشى الحُلمُ الجميل
مَنْ ترى يحرثُ الحقول ؟!
أين لهو الأطفالِ عندَ البُحيراتِ وفوقَ الثلوج ؟!
أينَ ضاعَ الخيالُ والرخاءُ والجمال ؟!
ليسَ إلاَّ الجوعُ والفقرُ وعذابُ الأبرياءِ
أيُّ رُعبٍ وأيُّ حسرةٍ وأيُّ معنى للرجاء ؟!
هي النفسُ تحملُ الشرَّ والبغضاء
يا لهذا الكونُ المُعَذبُ
كيف ننجو من الأسى ؟
فيمَ هذا الصراع ؟
وفيمَ هذي الدماء ؟
نحنُ أسرى يقودُنا القَدَر
ليسَ منَّا مَنْ يستطيعُ فِكاكاً
ليسَ يُجدي تضرعٌ أو بكاء
أيها العالمُ المُخَرِب
ارحموا تلكَ الضحايا
ماذا مِنْ القتالِ جنيتم ؟
في سبيلِ المجدِ المُزيف ؟
في سبيلِ النصرِ المموه ؟
لم يعُدْ في جُملةِ الأحياءِ سوى بقيةٍ مِنْ حياة
عبثاً يبحثون في هذه الأنقاض عن أهلهم
كيفَ ذاقوا مرارةَ الخيبةِ السوداء
نحنُ نحيا في عالمٍ ليس يُدْرَى سِرُّهُ
تطلعُ الشمسُ كلَّ يومٍ ويعاودُها الأفول
ما سِرُّ ذلكَ الطُغيان ؟
تمضي السنينُ يأساً وحُزناً
مرتْ أعمارُنا سُدى
يا دويَّ النواحِ متى ينتهي الشقاء ؟
حيثُ تبقى الأشواكُ والورودُ تذوي
حيثُ يفنى الصفاءُ والليلُ يأتي
حيثُ يحيا الغُرابُ والبلبلُ الموهوب يهوي
ويُغني البومُ البغيض
حيثُ تبقى الغيومُ في الجوِّ رمزاً
حيثُ تبقى الرياحُ تصفو لحناً
حيثُ صوتُ الحياةِ يخفتْ
فغداً يخمُدُ الضياءُ
وتبقى ظُلمةُ الليلِ بُكْرَةً ومساءً
كلُّ ما في هذا الوجود لن يدفعَ عنَّا الشقاء
في بعيدِ الآفاقِ تحتَ دياجيرِ الوجود
حيثُ الحياةُ بلا زهرٍ ولا أشجار
عندَ شطِّ الحياةِ ألقيتُ مرسى زورقي
بين جُنَحِ الظلامِ أبحثُ عن سعادتي
طالَ تيهي ، يا لهفتاهُ ، ضاعَ الرجاء
قد رقبتُ الأشرارَ حيناً
ورأيتُ الطُغاةَ كالأشباح
يا ضفاف السعادةِ المنشودة
أينَ الحقيقةُ المفقودة ؟
ها أنا ذا حملتُ قلبي على كفي
وسرتُ أبحثُ عن نفسي
أيُّ قيدٍ من مرارة ؟
وأيُّ حُزنٍ ، وأيُّ خسارة
أيها الصادحُ المُغَردُ
دع الآمالَ تذبُل
رُبَّما كانَ في حياتِنا رجاء
أو دفقةٌ من ضياء
كيفَ يلهو بنا الخيال ؟
أنا أبكي لِكُلِّ قلبٍ
وأروي بأدمعي كلَّ غُصنٍ
كلُّ يومٍ طفلٌ جديدٌ وميتٌ
ودموعٌ تبكي على المأساةِ
ثُمَّ ماذا عن نهرِ الحياةِ ؟
تظلُّ الرياحُ تعصفُ بالنخيل
والقلبُ مُغْرَقٌ في أساه