جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
كان الأمر جداً لا هزل فيه . فلا يزعم أحد بأن الدعوة إلي ثورة " الغلابة " ، كانت مجرد دعوة استنزافية للقوات المصرية ـ سواء قوات الجيش أو الشرطة ـ بإعلانها حالة الإستنفار القصوي بين صفوفها ، لمواجهة ثورة " الغلابة " 11 / 11 . وهو ما قد تحقق بالفعل ، لأن الإستنفار يستلزم نفقات ، تمثل استنزافاً لموارد الدولة ، أي ثورة " غلابة " من جيوب " الغلابة " لمصلحة أصحاب المليارات من الإخوان وأذنابهم ، الذين يسعون وسع الطاقة للإستيلاء علي ملك مصر وخزائنها . ولكن في المقابل جري الإنفاق بالملايين من أموال الجماعة ، علي الدعاية لدعوة ثورتهم المزعومة ، من بداية شراء البضائع والحاجيات والدولارات ، وإخفائها في مخازن سرية ، بقصد تعطيش الأسواق ، والتضييق علي الشعب ، وتجويعه ، ومحاولة تثويره ، وتحضير المسرح للثورة المتوهمة . هذا بخلاف الدعاية الإعلامية والإعلانية ، وجيوش الكتائب الإلكترونية ، والجرائد والمجلات ، والقنوات الإخوانية ، وقنوات الجزيرة ، والقنوات التركية . إذن فالإستنزاف متبادل ، ولكن شتان بين إنفاق لحماية شعب ، وإنفاق لهدم مقدرات أمة . ولا أحد يستطيع أن يزعم ـ كما هو حالهم دائماً ـ أن الفاعلية الخاصة بـ 11 / 11 إختراع أمني مخابراتي بقصد شغل الشعب عن الأزمة الإقتصادية التي تمر بها مصر . لأن صفحات الإخوان علي مواقع التواصل قد أعلنت ـ عند شعور الداعين للفاعلية بفشلهم في الحشد لدعوتهم علي المستوي الشعبي ـ إلغاء الفاعلية . ولا يزعم أحد أن العلة وراء إعلان الإخوان إلغاء الفاعلية مرده إلي هزيمة هيلاري كلينتون في الإنتخابات الرئاسية أمام دونالد ترامب ، علي اعتبار أن إدارة أوباما والحزب الديمقراطي ، والمرشحة عن الحزب هيلاري كلينتون ، كانوا يمثلون الداعم الرئيسي ، وحجر الزاوية في الوقوف في ظهر كل من يسعي إلي هدم الدولة المصرية . صحيح أن هذا العامل لم يغب ظله عن المشهد ، ولا عن التأثير فيه ، ولكن ليس علي النحو الذي يفضي إلي إلغاء الفاعلية . فلن يقم الأمريكان بالثورة نيابة عن أحد ، ولا تركيا بدكتاتوريتها الطافحة ، ورئيسها الموتور ، ولا قطر والقطريين الذين يستوعبهم حي من أحياء القاهرة ، بل يبتلعهم ابتلاعاً دون أن يظهر لأحدهم ظل من الظلال . أي من هؤلاء لن يقوم بثورة نيابة عن أحد . أما عن الإخوان وأتباعهم وأذنابهم والمتحالفين معهم والمنتفعين من وجودهم فلو تجمعوا علي قلب رجل واحد ، في صعيد واحد ، فلن يمثلوا رقماً صحيحاً في المعادلة المصرية . وهنا يعن تساؤل مشروع حول ما جري التعويل عليه في الرهان من جميع الأطراف ؟ . الحقيقة أن الجميع قد راهن علي شيء واحد ، وهو الشعب المصري . لقد راهن الطرف المناويء للدولة المصرية علي الشعب المصري ، وبنفس القدر راهنت الدولة المصرية علي الشعب المصري . لقد تصورت القوي المناوئة للدولة المصرية أن الشعب المصري ، بقليل من التسخين ، وكهربة الأجواء ، مع تعطيش الأسواق ، وإفقارها ، من الممكن أن ينفجر في وجه السلطة ، كما حدث من قبل مرتين ، الأولي في 25 يناير ، والثانية في 30 يونيه ، خاصة أن الظروف الآن أصعب وأقسي في كل مناحي الحياة . ولكن الشعب المصري وضع هذا الفريق في ركن ضيق ، وقزمه ، وحجمه ، وعرفه وزنه . والدولة المصرية راهنت علي الشعب المصري . ليس هذا انكاراً لحقيقة أن الشعب المصري يئن تحت وطأة طاحونة الغلاء ، وأنه يتحمل ما لا يتحمله بشر ، تلك حقيقة . وقد قبل الرئيس السيسي التحدي والرهان ، حين قام قبيل الفاعلية المزعومة التي سموها ثورة " الغلابة " ابتزازاً للمشاعر واستغلالاً للظروف ، بإعلان مجموعة من القرارات الإقتصادية الصعبة ، التي تسقط أي حكومة ، وأي نظام ، فإنه يراهن علي أمر ما . ما لا يدركه الإخوان وتوابعهم وأذنابهم ، وكافة القوي المناوئة ، في الداخل والخارج أن الشعب المصري يثق في إخلاص ونزاهة وشفافية الرئيس ، ويعلم أن ما يفعله هو صالح الوطن ، وضخ استثمارات في المستقبل . إن الشعب المصري إرتضي أن يتمدد أمام طبيبه ، ويئن تحت إعمال المشرط في جسده متألماً ، حتي يشفي من علله ، وينهض من جديد . فهل وجدت مريضاً يكره طبيبه لأنه يُعمل في جسده المشرط بقصد علاجه بالتدخل الجراحي ؟ . وقد تكون المرجعية ليست ثقة في النظام القائم ، وإنما المرجعية مؤداها عدم الثقة في الإخوان ، وأن العمل معهم هو قفز إلي المجهول ، بينما العمل مع الرئيس السيسي ينطوي علي صعوبات قد تكون شديدة ، إلي أنها تمثل السير إلي غاية محددة ، وهدف مرسوم . لقد كشف الشعب المصري لدعاة الثورة ، وسماسرة ترويجها أنهم يعيشون حقاً فورة من فورات الفراغ الثوري .