< tr>


إن نقطة البناء تنبع في الأمة الإسلامية من تربية جيلها على التمسك بكل ما هو إسلامي، ومعرفة موطن أو مكمن الهزيمة والضعف هو النقطة الرئيسة لتحقيق النصر والقوة.
وقد ابتليت أمتنا الإسلامية بأشخاص وهبهم الله ـ عز وجل ـ قوة في الأسلوب وجزالة في اللفظ إلا أنهم سخروها في التنصل من كل ما هو إسلامي يغربون تارة ويشرقون أخرى رايتهم مجاراة ركب الحياة حتى ولو على حساب ثوابتهم الدينية بل جعلوا نقطة ضعفنا الأساسية هي تخلفنا عن مجاراة ركب الكون في العلوم التجريبية هكذا زعموا.
شباب قاسوا العز بالإسلام باعاً.......وآخرون متيمون بما فعله الأعداء
حتى الجمعة التي يحضرونها صارت مملة وطويلة ومكررة و....!!!
والصحاح التي يقرؤونها ليس فيها حديث يزيد على نصف صفحة..!!!
ولا أدري أي جمعة يقصدون ولا أي صحاح يقرؤون...فخطبة الجمعة اليوم تعاني من الإيجاز المخل أكثر من معاناتها من التطويل الممل، وهناك من الخطب الموجز البليغ ومنها الطويل المشوق الذي لا يحس معه المستمع بالطول...
وفي الصحيحين فضلاً عن الصحاح أحاديث تزيد عن الصفحة والصفحتين انظر مثلا حديث جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنهماـ عند مسلم في وصف حجة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وحديث توبة كعب بن مالك وصاحبيه ـ رضي الله عنهم ـ في الصحيحين وغيرهما، بل هناك من أئمتنا مَن أفردها بالتصنيف ( الأحاديث الطوال)....
فليت هؤلاء حينما لم يكن عندهم علم بالصحاح سكتوا ولم يهرفوا بما لم يعرفوا، وليتهم حين لم يثنوا الركب عند المشايخ طلباً للعلم سكتوا ولم يتكلموا عن محاضراتهم ودروسهم وتهوين ما يلقونه من العلم، فهؤلاء ينطبق عليهم وصف ربنا _سبحانه_ في كتابه "وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ وَإِن يُهْلِكُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ"[الأنعام:26].

أيها المتفيهقون إن لم تكونوا من طلبة العلم وحراسه فلا تكونوا وبالاً على طلابه، واتركوا طلاب العلم ومشايخهم في شأنهم فهم في لذة لا يعلم قيمتها إلا هم حتى قال الإمام الشافعي ـ رحمه الله ـ:

سَهَري لِتَنقيحِ العُلومِ أَلَذُّ لي *** مِن وَصلِ غانِيَةٍ وَطيبِ عِناقِ
وَصَريرُ أَقلامي عَلى صَفَحاتِها *** أَحلى مِنَ الدَوكاءِ وَالعُشّاقِ
وَأَلَذُّ مِن نَقرِ الفَتاةِ لِدَفِّها *** نَقري لِأُلقي الرَملَ عَن أَوراقي
وَتَمايُلي طَرَباً لِحَلِّ عَويصَةٍ *** في الدَرسِ أَشهى مِن مُدامَةِ ساقِ
وَأَبيتُ سَهرانَ الدُجى وَتَبِيتُهُ *** نَوماً وَتَبغي بَعدَ ذاكَ لِحاقي

أما عن السبب الرئيس لضعف المسلمين فهو الهوة السحيقة بين المسلمين ودينهم، مما أدى إلى العبث بحياتهم وأعمارهم وأوقاتهم أما أن نجعل سبب ضعفنا هو تخلفنا عن مجاراة ركب الكون ( الغرب ) في العلوم التجريبية فهذا نوع من الغثائية، وماذا فعل من جاراهم إلا أنه صار عبداً لهم ويتكلم بألسنتهم لأنه خسر ذاتيته وكيانه الديني وذاب معهم..!!!
نعم نحتاج إلى القوة التي أمرنا الله ـ عز وجل ـ بإعدادها لكن ليست هي مصدر قوتنا ولا منبع عزتنا ولا أساس ضعفنا.
ولم يقل أحد من علمائنا ومشايخنا أن تعلم هذه العلوم التجريبية هو انشغال بلهو الحياة الدنيا أو من تعلمها موغل في العلمنة فلم يقل أحد أن العلمانية هي تعلم العلوم التجريبية أبداً..!!!

وقد سئل سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز _رحمه الله_ عن حكم تعلم العلوم الدنيوية والصناعات العسكرية، وهل هي فرض على المسلمين، وهل يؤجر عليها المسلم الذي يتعلمها؟
فأجاب:
الحمد لله
العلوم ( غير العلوم الشرعية ) أي من استخراج المعادن وشؤون الزراعة والفلاحة وسائر العلوم النافعة، قد يجب منها ما يحتاجه المسلمون، ويكون فرض كفاية، ولولي الأمر فيها أن يأمر بما يحتاجه المسلمون، ويساعد أهلها في ذلك، أي بما يعينهم على نفع المسلمين، والإعداد لعدوهم، وعلى حسب نية العبد تكون أعماله: عبادة لله _عز وجل_ متى صلحت النية، وخلصت لله، وإذا فعلها بدون نية تكون من المباحات: أعني أنواع الصناعات المباحة، واستخراج المعادن والزراعة والفلاحة، وغير ذلك.
وكلها أمور مطلوبة ومع صلاح النية تكون عبادة، ومع خلوها من ذلك تكون أموراً مباحة، وقد تكون فرض كفاية في بعض الأحيان إذا دعت الحاجة إليها، ووجب على ولي الأمر أن يلزم بذلك من هو أهل لها، فهي أمور لها شأنها، ولها أحوالها الدّاعية إليها، وتختلف بحسب النية، وبحسب الحاجة.
(من كتاب العلم وأخلاق أهله ص 15 للشيخ عبد العزيز بن باز يرحمه الله) www.islam-qa.com
هذه مقتطفات أردت أن أؤكد عليها بعد قراءتي لمقال ( نقطة ضعف) المنشور بجريدة الوطن السعودية العدد ( 1702)
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه واتباع أهله، وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه واجتناب أهله.
هذا والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

 

يسري صابر فنجر

  • Currently 135/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
45 تصويتات / 477 مشاهدة
نشرت فى 9 مايو 2006 بواسطة nsma

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

235,723