ياله من موقف عصيب علي الكافرين يوم ترجف القلوب وتضطرم الأجسام وتهيج المشاعر, إنهم الناس ذاهبون إلي حيث تعرض أعمالهم ليواهوها ومواجهة الإنسان لعمله قد تكون أقسي من الجزاء, وإن من الناس من يهرب من مواجهة عمله بينه وبين نفسه, ويشيح بوجهه عنه لبشاعته حين يتمثل له في نوبة من نوبات الندم ولذع الضمير. فكيف به وهو يواجه بعمله عليرءوس الأشهاد وفي حضرة الجليل العظيم الجبار المتكبر فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره, ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره. كان المفسرون القدامي يقولون إن الذرة هي البعوضة, وكانوا يقولون: إنها الهياءة التي تري في ضوء الشمس, فقد كان ذلك أصغر ما يتصورون من لفظ الذرة. فنحن الآن نعلم أن الذرة شئ محدد يحمل هذا الاسم وهي أصغر بكثير من الهباءة التي تري في ضوء الشمس. أخي المسلم: من حاسب نفسه قبل أن يحاسب خف حسابه يوم القيامة وحسن منقلبه ومآبه ومن لم يحاسب نفسه دامت حسراته وطالت عليه وقفاته يوم القيامة وقادته إلي الخزي والذل, واعلم أنه لا نجاة من هذا الشأن العصيب إلا بطاعة الله والرجوع إليه, والإنابة إليه, والامتثال لأوامره ونواهيه, والعمل بما أنزل في كتابه العزيز والتمسك به لأنه خير الكلام كلام الله عز وجل, وخير الهدي محمد صلي الله عليه وسلم, ومن تمسك بسنة رسوله تمسك بحبل الله الذي لا يؤدي من اتبعه وسار علي نهجه وأطاعه سوي الفوز برضا الله ورحمته وبركاته. أخي المسلم: ألا تري أنه من الأرجح أن نراقب ألسنتنا كلمة كلمة, صغرت أم كبرت, ونراقب أعمالنا عملا عملا, صغر هو أم كبر, لأنه بجانبك رقيب عتيد, يراقبك, ويعد أنفاسك وحركاتك وألفاظك تكتب وتحسب عليك, فاحذر. وكما قال الله في كتابه العزيز: إذ يتلقي المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد, ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد.
ياسر نورالدين
|
ساحة النقاش