* د. سامي عبدالعزيز الأهم من الحديث عن التغيير هو ممارسته, كما أن التدرج في التغيير يجعله مقبولا من كل الأطراف, وكذلك فإن أشياء صغيرة ملموسة يمكن أن تبشر بأشياء كبيرة, من هذا المنطلق البسيط فكرت في مناشدة الإعلام المصري بكل وسائله وأشكاله أن يتبني هذه الفكرة المتواضعة في شكلها والكبيرة في معناها ومغزاها. فقد تخيلت أن الإعلام المصري قرر أن يغير أسلوبه في التعامل مع مجموعة من البشر اجتهدت وجاهدت, أصابت وأخطأت, عمرت واسهمت بقدر ما تستطيع, هذه المجموعة من البشر هم مواطنون مصريون قادتهم الظروف ليشكلوا حكومة مصر علي مدي السنوات الماضية, وبقدر طاقتهم وقدراتهم وما أحاط بهم من ظروف ومتغيرات سعي كل منهم أن يحقق أهداف الوطن والمواطن, وحينما جاء موعد التغيير, وهو شئ طبيعي في العالم كله ـ إلا عندنا ـ أيذانا بانتهاء دورهم كان لابد وأن يتركوا مواقعهم لفكر جديد وجيل جديد ورؤية جديدة وهي سنة الحياة, وإن طال أجل هذه السنة في بلادنا, وبغض النظر عمن خرج أو من يستمر فمن ينكر عطاء د. عاطف عبيد مهما اختلفنا حول نتائج أداء حكومته, حيث كان يعمل بلا كلل وهو يحمل تحت جاكيته جهاز طبي ليحميه من السقوط في أي لحظة, وقدم اجتهادات بعضها أثمر وبعضها لم يثمر بعد وبعضها غير قابل للاثمار والبعض الآخر لم يرق إلي توقعات وتطلعات المواطن المرهق المحتاج لحياة أفضل. ومن ينكر جهد د. يوسف والي العالم الجليل الصامت الذي كان ينفذ سياسة دولة وعاش حياته بلا مطامع شخصية بشهادة المؤيد والمعارض, من يحجب أنوار الإعلام المصري التي تؤكد وتنطلق ببراعة رجل يمكن أن أعيد تسميته إلي محمد صفوت إعلام الشريف, فلم يحدث أن ارتبط الإعلام باسم شخص, كما ارتبط بصفوت الشريف, الذي ترك بصمة من الصعب تجاهلها مهما مرت الأعوام, من يغفل الكفاح الشريف, للوزير د. حسين كامل بهاء الدين, وهو يحمل أثقل تركة, وهي ملف التعليم وراح يصطدم وهو يجتهد مع أفكار مضادة أحيانا تكون بموضوعية وأحيانا أخري تكون عكس ذلك فخطا بالتعليم خطوات كبيرة بحق رغم كل الصعاب التي نعرفها جميعا, من يتجاهل وأنا أكتب هذا المقال الفكر الحضاري لفارق حسني الذي استوعب قيمة مصر وكنوزها الثقافية, وحافظ عليها بكل ما أوتي من قوة وعزم. والأمر نفسه من يكابر وينكر جهد فاعل وعامل بناء بدرجة وزير صال وجال في عالم الإسكان والتعمير, وقدم لمصر بحق الكثير ستكشف عنه الأيام د. محمد إبراهيم سليمان, ومن لا يقر صمود د. البلتاجي أمام أحداث جسام وتحديات رهيبة تجعل السياحة نوعا من السباحة ضد التيار, ومع ذلك جد واجتهد وأفلح رغم قسوة الظروف, وعدم سيطرته علي كل مقدرات السياحة في مصر, ومن لا يشعر بالامتنان لرجل بهدوء واتزان زرع مشاعر الإحساس بالأمان وسط بحر هائج من الإرهاب والتطرف أنه الوزير حبيب العادلي وباجتهاد واضح سعي د. مفيد شهاب لوضع أسس واستراتيجيات التطوير في التعليم العالي والبحث العلمي, وهي بذور تستحق الرعاية لكي تثمر, ومن لم يدرك الفكر الراقي الذي سعي د. علي الدين هلال لزرعه في أوساط الشباب بتواضع العلماء أمام هذا الرصد المتواضع والمختزل لجهد رجال تصورت أن التليفزيون المصري سيخصص ولأول مرة برنامجا بعنوان وفاء ولقاء فيه نسجل ونبرز ما بذله هؤلاء الوزراء من جهد صادق وأمين حتي وأن اختلفت معهم فكفاهم ما تلقوه من نقد وانتقاد طوال فترة عملهم, وفيه يلتقي الوزير الجديد مع من سبقه فينقل له خبرته, ويتسلم منه ملفاته بكل ما فيها من تجارب فاشلة وناجحة وما فيها من أفكار مستقبلية حتي يتواصل حبل العطاء لهولاء الوزراء الذين لم يكونوا عاملين في شركاتهم الخاصة, وإنما في وزارة مصرية تعمل من أجل المواطن المصري. الأمر نفسه أتخيله في الصحافة المصرية لتقوم بأحاديث صحفية مع الذين أدوا دورهم في مقابل القادمين لتحمل مسئولياتهم, كفانا أن نجعل الوزير الذي يخرج يشعر بأنه مطرود غير مأسوف عليه, وأن نجعل القادم يشعر بأنه الساحر العجيب الذي سوف يأتي بحلول سحرية, أننا أن لم نفعل فإننا نرسخ عدم الوفاء للأجيال السابقة أمام الأجيال القادمة التي تري من سبقهم في يوم وليلة يتحولون إلي كائنات مرفوضة مغضوب عليها, أنها مشاعر قاسية ومعاني أكثر قسوة, لا تليق بمصر أم التسامح الحضاري عبر تاريخها, أنها خاطرة بادرت بكتابتها لألحق, الموقف وهو ساخن, ولذلك أرجو المعذرة أن أغفلت بدون قصد جهد الأحد فهدفي هنا هو الأفكار والمبادئ وليست الشخصيات أو الاسماء, أننا بقدر تمنياتنا للوزارة الجديدة بالتوفيق لاحداث التغيير الملموس الذي يعود بالنفع علي المواطن المصري بقدر ما ينبغي أن نقول لمن سعي واجتهد شكرا. مرة أخري لنبدأ التغيير بالفعل وليس بالكلام. *الاهرام
|
ساحة النقاش