ابتسام نور الهدى ツ Ibtissem Nour el Houda

تنمية عالمنا بتنمية انفسنا..

اللهم إشهد أنني قد سامحتُ كل من أخطأ بحقي . .وأنني قد عفوتُ عنه وأنني أُحبُ له ما أُحبُ لنفسي .

بهذة الرقائق أحب أن أبدأ مقالتى بحقيقة علمية قاطعة, فقد ثبت علمياً أن من أهم صفات الشخصيات المضطربة والتي تعاني من القلق المزمن هو أنها لا تعرف التسامح .. ولم تجرب لذة العفو ونسيان الإساءة. ولقد ضرب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ عشرات الأمثلة على التسامح والعفو، وعلى نفس الدرب سار الصحابة رضوان الله عليهم .. قال الله تعالى:”خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين” . ( الأعراف 199)

و قال أيضا صلى الله عليه و سلم ” من لا يغفر لا يُغفر له “.

و التسامح و التلطف مع الناس تعد قاعدة ذهبية في جذب الناس والتأثير فيهم، فيقول المولى تبارك و تعالى لحبيبه و مصطفاة صلى الله عليه و سلم : {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ }آل عمران159

وهذا ما تعلمه صلى الله عليه وسلم من ربه جل وعلا، فتراه هيناً ليناً رحيماً صلى الله عليه وسلم، والأحاديث في هذا الصدد كثيرة.

وقال تعالى: “وإن تعفو أقرب للتقوى” ..وقال صلى الله عليه وسلم: “أفضل أخلاق أهل الدنيا والآخرة أن تصل من قطعك وتعطي من حرمك وتعفو عمن ظلمك“.

مفاهيم خاطئة عن التسامح:

1 – الضعف : يعتقد الكثير من الناس أن التسامح يعد ضعفاً, فمعنى أن أتسامح أن أتنازل عن حقوقى و هذا خطأً سأتطرق إليه لاحقاَ.

2 – تقبل الإهانة : يعتقد البعض من الناس أيضاَ أن التسامح يعتبر أن نتقبل الإهانة من الأخرين و السكوت على إسائتهم لنا.

3 – نسيان التجربة : و يعتقد البعض أيضاً أن التسامح يعنى نسيان التجربة بكاملها و ترك الفرصة سانحة أمام الأخرين للنيل منا, إذن فلابد أن يتغير الأخرون و يبادروا بالحديث و الصلح, و هذا خطأَ أيضاً و سأتحدث عنه لاحقاً.

إذن فما هو التسامح ؟؟؟

التسامح هو منتهى القوة.

التسامح هو أن تري نور الله في كل من حولك مهما يكن سلوكهم معك.

التسامح هو أقوي علاج علي الإطلاق.

القرار بعدم التسامح هو قرار المعاناة.

قوة الحب والتسامح في حياتنا يمكن أن تصنع المعجزات.

التسامح يمنحنا كل ما نبتغييه, يمكن لأجهزتنا المناعية أن تقوي عندما نتسامح.

الصفح عن الآخرين هو أول خطوة نحو الصفح عن أنفسنا, إما أن تسامح تماما أو لا تسامح علي الإطلاق.

إنه من الأيسر أن نتسامح عندما نتخلي عن اعتقادنا بأننا ضحايا.

التسامح عملية مستمرة وليست شيئا نقوم به مرة أو مرتين.

التسامح هو اقصر طريق إلى الله .

التسامح هو الممحاة التي تزيل آثار الماضي المؤلم .

التسامح يجعل عبء الحياة أقل ثقلا مما هو عليه.

التسامح في اللغه :التساهل.

التسامح نصف السعاده.

التسامح أن تطلب من الله السماح والمغفره.

التسامح أن تسامح والديك وأبناءك والآخرين .

التسامح ليس سهلا لكن من يصل إليه يسعد.


التسامح ليس فقط من أجل الآخرين. لكن من أجل أنفسنا وللتخلص من الأخطاء التي قمنا بها والإحساس بالخزي والذنب الذي لازلنا نحتفظ به داخلنا..التسامح هو معناه العميق هو أن نسامح أنفسنا.

أما حينما نتحدث عن التسامح المتكامل, فنحن بصدد التسامح المنطقى و التسامح العاطفى معا. فهناك العديد من الأشخاص ممن يتلفظون بأنى قد سامحت فلانا أو أنى قد تناسيت تجربة مؤلمة قد حدثت لى فى الماضى, و لكن إذا ذكر له أحد الأشخاص هذه التجربة أو أسم الشخص تغيرت معالم وجه و اضطرب قلبة, ففى هذة الحالة, نقول له أنك لم تسامح بعد.

التسامح المتكامل يعنى التسامح المنطقى و العاطفى معا, فبمعنى أخر إذا تذكر الإنسان هذى التجربة المؤلمة أو هذا الشخص المسئ فى حقه, يشعر بارتياح نفسى, يتمنى له الخير و يكمل هو فى مسيرة حياته.

إنه من الاسهل و الأرخص و الأفضل أن يتسامح الإنسان و أن يزيح من على كاهل عاتقهِ هذة التجارب المؤلمة و الأحداث البائدة و الاشخاص الفانية من أن يبقى طوال حياته حاملا لها, متألما بجراحها, عائشا فى سجنها, متعذبا بأشجانها, مستذكرا للحظاتها, حزينا لحدوثها.

لقد حان الوقت أن يتخلي الإنسان عن ماضيه المؤلم و يقول له “كفى, لقد تعلمت منك الكثير, و لكنى لست بحاجه إلى مزيد من الشعور و الأحاسيس السلبية, فانا أريد منك فقط التجارب السابقة كى أتعلم منها و لا أعيد أخطائى ثانية و لكنى لست بحاجه إلى حمل متاعبك و تراكماتك البائدة حتى أستطيع أن أستمر فى حياتى“.

فوائد التسامح :

1 – القوة الروحانية : القوة الروحانية و الشعور الرائع المستمد من الله سبحانه و تعالى, فلا يمكن أن نطلب من الله السماح و المغفرة من دون أن نبدأ نحن فى التسامح مع الناس.

2 – القوة الذهنية : طالما أن الفرد أصبح متزناً روحانياً سيصل إالى الإتزان الذهنى و العقلى. فعندما يتزن الإنسان روحانياً, سيؤثر ذلك ذهنياً, و هذا سيدفعه إلى التفكير بطريقة صحيحة, و التفكير الصحيح سيدفعه إلى الكلام الصحيح, و الكلام الصحيح سيدفعه إلى التصرف السليم, و التصرف السليم سيدفعه إلى الحصول على رد فعل رائع, و بلا شك أن رد الفعل هذا سيعود عليه بشعور و أحاسيس رائعة, و العكس صحيح أيضاً.

3 – القوة العاطفية : عند إكتمال الإتزان الروحانى و الذهنى, سنصل إلى الشعور و الأحاسيس. فلو كانت القوة الذهنية إيجابية و رائعة سنصل إلى الإتزان العاطفى.

4 – القوة الجسمانية : و عند الوصول إلى القوة العاطفية سيحدث الإتزان الجسمانى بأسرة. و هذا سيصل بنا إلى الذات العليا و راحة البال التى هى أفضل و أذكى شعور قد يصل إليه الإنسان فى دنياه و التى بدورها ستصل به إلى القرب من الله سبحانه و تعالى.

مشاكل عدم التسامح:
 
1 – الشعور و الأحاسيس السلبية : ليس فقط الشعور و الأحاسيس السلبية, و لكن عند التفكير فى التجربة و الشخص تزداد هذة الشعور و الأحاسيس بدرجة كبيرة جداَ, مما سينعكس بلا شك على سلوك الفرد, لأن الشعور و الأحاسيس هى وقود الفعل, بمعنى أخر أى عمل يقوم به الإنسان هو نتيجة محرك داخلى من الشعور و الأحاسيس سواءاَ كانت إيجابية أو سلبية, فالشعور و الأحاسيس هى وقود الفعل. فلو كانت هذة الشعور سلبية سيكون التصرف سلبى و بالتالى سيكون رد الفعل أيضاَ سلبى و المزيد و المزيد من الشعور و الأحاسيس السلبية و العكس صحيح بالطبع.

2 – زيادة حدة التجربة : كما ذكرت سابقاَ, فإن مجرد إعادة التفكير فى المشكلة سيزيد من حدة التجربة بفعل قانون يسمى “التراكم” و هو من قوانين العقل اللاوعى, فلو أن هناك شخصاَ يحب شخص فى الوقت الحاضر, لا يمكن أن يظل هذا الحب كما هو مع مرور الوقت, بلا شك سيزداد يوماَ فيوماَ, و العكس صحيحا بالضبط, لو أن هناك شخصاَ يبغض شخصاَ, بكل تأكيد سيزداد هذا البغض يوماَ فيوماَ و بالتالى سيتأذّى شعور الفرد و تزداد شدة الإحتقان و حدة التجربة.

و تبقى هناك كلمة:

و هنا لابد أن نفرق بين التسامح و العفو عن الناس و عدم التفريط فى الحقوق الشخصية و الثوابت الشرعية و إلى ما غير ذلك, فلا يعنى أن أكون متسامحا أن أُفرط فى حقوقى و أُصبح إنساناً سلبياً, فهذا يتنافى مع العقل و المنطق بل و الدين أيضاً. الحقوق لا تفريط فيها و لكن بالحُسنى مع مراعاة الأداب العامة و القواعد الشرعية المُتبعه, فنحن لا نعيش فى غابة.

إذن فلا مناص من أن نتسامح و نعفو عمن ظلمنا و ندعوا له بالهدايه. حيث أننا إذ لم نحصل على حقوقنا بالطرق الواجب إتباعُها فأحرى لنا أن ندعوا للظالم بالهدايه عسى أن يمن الله عليه و يَرُدَ المظالِم إلى أهلها, فالمظلوم لن ينتفع شيئاً إذا قتل الظالم أو أنتقم منه, أو أحرق قلبه, فيكون هذا هو الخُسران المُبين.

قوة التسامح:

1 – التسامح مع الله :

أولى خطوات التسامح هو طلب السماح من الله سبحانه و تعالى, يقول الحق جلا فى علاه : (( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ )) . حقاً إنه هو الغفور الرحيم, و لكن لابد أن يتسامح الإنسان مع الناس أيضاً كما قال صلى الله عليه و سلم “من لا يغفر لا يُغفر له“, بل لابد من أن نبدأ بالتسامح مع النفس أولاً.

2 – التسامح مع النفس :

بعد طلب العفو و السماح من الله لابد أن يسامح الإنسان نفسه, و يسامح ماضيه و يزيل من على عاتق كتفيه آلام الماضى البغيض, و أن يطوى صفحة الماضى و يبدأ من جديد, ويحذو كل خطوة فى طريقه الرشيد, و يطلب من الله العلى المجيد, أن يقيه شر الضلال البعيد, و العذاب الشديد. و يقول لماضيه لقد تعلمت منك المزيد و المزيد, سأنتفع فقط من خبراتك و لكنى لن أخذ معى الإحباطات و الأحاسيس التى لا تفيد. و بلا شك سيهدينى ربى إلى ما أبتغى و ما أُريد. – ((كَلا إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِي)) (الشعراء - 62 ).

3 – التسامح مع الوالدين :

التسامح مع الوالدين على كل ما مضى و مصاحبتهما فى الدنيا بالمعروف, و الدعاء لهما عن ظهر قلب. فاللهم أرحم والدينا كما ربونا صغارا, اللهم اجزهم باللإحسان إحسانا, و بالسيئات عفوا و غفرانا, اللهم زد فى حسناتهم إن كانوا محسنين و تجاوز عن سيئاتهم إن كانوا مخطئين, اللهم ألبسهما تاج الوقار. و هنا يحضرنى حديث خليل الله إبراهيم عليه السلام مع أبوه الكافر فى سورة مريم, عندما ناداه نبى الله إبراهيم بكلمة ((يأبتِ)) فى 4 آياتٍ متتاليات.

((وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنّهُ كَانَ صِدّيقاً نّبِيّاً * إِذْ قَالَ لاَِبِيهِ يَأَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لاَ يَسْمَعُ وَلاَ يَبْصِرُ وَلاَ يُغْنِي عَنكَ شَيْئاً * يَأَبَتِ إِنّي قَدْ جَآءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتّبِعْنِيَ أَهْدِكَ صِرَاطاً سَوِيّاً * يَأَبَتِ لاَ تَعْبُدِ الشّيْطَانَ إِنّ الشّيْطَانَ كَانَ لِلرّحْمَـَنِ عَصِيّاً * يَأَبَتِ إِنّيَ أَخَافُ أَن يَمَسّكَ عَذَابٌ مّنَ الرّحْمَـَنِ فَتَكُونَ لِلشّيْطَانِ وَلِيّاً ** قَالَ أَرَاغِبٌ أَنتَ عَنْ آلِهَتِي يَإِبْرَاهِيمُ لَئِن لّمْ تَنتَهِ لأرْجُمَنّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيّاً * قَالَ سَلاَمٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبّيَ إِنّهُ كَانَ بِي حَفِيّاً * وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ وَأَدْعُو رَبّي عَسَىَ أَلاّ أَكُونَ بِدُعَآءِ رَبّي شَقِيّاً)) (مريم 41 : 48 )

فعندما قال إبراهيم لأبيه: {سلام عليك} كما قال تعالى في صفة المؤمنين: {وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً} وقال تعالى: {وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين} ومعنى قول إبراهيم لأبيه {سلام عليك} يعني أما أنا فلا ينالك مني مكروه ولا أذى وذلك لحرمة الأبوة {سأستغفر لك ربي} ولكن سأسأل الله فيك أن يهديك ويغفر ذنبك {إنه كان بي حفياً} قال ابن عباس وغيره: لطيفاً, أي في أن هداني لعبادته والإخلاص له.

وقال عليه الصلاة والسلام: (رغِم أنفه، رغم أنفه، رغم أنفه، قيل من يا رسول الله؟ قال : من أدرك والديه عند الكبر أحدهما أو كلاهما ثم لم يدخل الجنة ) رواه مسلم، والمعنى أن من أدرك والديه أو أحدهما عند الكبر ولم يبر بهما لم يدخل الجنة، ورغم أنفه، أي وأنفه لصقُ بالتراب من الذل، وقد قال عليه الصلاة والسلام في الحديث المتفق عليه : (لا يدخل الجنة قاطع) .

4 – التسامح مع أفراد الأسرة :

التسامح أيضاً مع جميع أفراد الأسرة من ألاخوة و الأخوات, و هنا أيضاً يحضرنى قصة يوسف علية السلام, بعدما ألقاه أخوته فى البئر ثم أصبح عبداً, ثم طُعِن فى شرفه, ثم أُلقى فى السجن سنوات طويله, و لكنه رضوان الله عليه قد سامح أُخوته حينما قالوا له: (( (90) قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ (91) قَالَ لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (92) )).

ليس فقط هذا بل قام عليه السلام بإلقاء اللوم على الشيطان و ليس على أُخوته حين قال : (( وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ))

و هذة هى قوة الحب و التسامح و منتهى القوة و النبل و الأخلاق.

5 – التسامح مع الناس :

ألا تحبون أن يحبكم الله ؟! ألا تحبون أن يعفو الله عنكم ؟؟ ألا تحبون أن يعزكم الله ؟؟ ألا تحبون أن يتجاوز الله عنكم ؟؟؟!!

إنه سبحانه عفو يحب أهل العفو .. فإن عفوتم عن الناس أحبكم الله سبحانه وتعالى كما قال سبحانه وتعالى .. (( والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين ))

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال .. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :-
(( ما نقصت صدقة من مال وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا , وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله )) رواه مسلم.

وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أيضا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :
(( كان تاجر يداين الناس فإذا رأى معسرا قال لفتيانه : تجاوزوا عنه لعل الله أن يتجاوز عنا فتجاوز الله عنه )) رواه البخاري ومسلم.

فالتسامح و العفو هي من أنبل الصفات على وجه الأرض فما أحوجنا لها في هذه الأيام كثيراً مانرى المشاكل تشتعل بين المسلمين وكثيراً مانرى خصاما وأحياناً قد يكون فراقاً بين صديقين أو أخ وأخيه فأين هو التسامح الذي أوصانا به ربنا الكريم في كتابه :

((وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)) -النور22-

وقوله تعالى

((وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ)) -فصلت 34-

وعندما دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة منتصرًا، جلس صلى الله عليه وسلم في المسجد، والمشركون ينظرون إليه، وقلوبهم مرتجفة خشية أن ينتقم منهم، أو يأخذ بالثأر قصاصًا عما صنعوا به وبأصحابه. فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: (يا معشر قريش، ما تظنون أني فاعل بكم؟). قالوا: خيرًا، أخ كريم، وابن أخ كريم.. قال: (اذهبوا فأنتم الطلقاء) – سيرة ابن هشام -

و بينما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا في المسجد مع أصحابه قال: -” سيدخل عليكم الآن رجلا من أهل الجنة ” فأخذ يترقب الصحابة هذا الرجل الذي سيدخل . فدخل رجل بسيط ليس ذو مال ولا جاه – و هو سعد بن مالك - دخل وصلى ركعتين وعندما خرج تبعه عبد الله ابن عمرو بن العاص واستضيف عند الرجل ثلاثة أيام حتى يرى الرجل ماذا يفعل وبماذا استحق الجنة فلم يجده كثير الصلاة ولا كثير الصيام .وعندما إنتهت الثلاثة الأيام قال ابن عمرو للرجل يا رجل قد قال لنا رسول الله ونحن جالسون معه في المسجد انه سيدخل عليكم رجل الآن من أهل الجنة فتبعتك وبقيت ثلاثة أيام عندك حتى أرى بماذا استحقيت الجنة فلم أجدك كثير الصلاة ولا كثير الصيام فقال الرجل هو كما قلت .ولكنني كل يوم قبل أن أنام في فراشي أسامح وأعفوا عن كل من أخطأ بحقي .
فقال ابن عمرو بهذا والله فزت بالجنة . . .

قد يقول البعض منا يا إخواني وأخواتي إن هذا لا يستحق العفو ..! فنقول لهم .. نحن نتعامل مع الله ولا ننسى إننا نقدم أولا الخير لأنفسنا قبل أن يكون للناس ؛ ومن أكبر الأمثلة للعفو قصة سيدنا يوسف - عليه السلام - مع إخوته حينما عفا عنهم بقوله (( لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم )) يوسف 92

وقد قال أبو بكر : سلو الله العفو والعافية والمعافاه.

فالعفو : محو الذنوب , والعافية : أن يعافيه الله من سقم أو بلية , وأما المعافاة : فأن يعافيك الله من الناس ويعافيهم منك , أن يغنيك عنهم ويغنيهم عنك .. ويصرف أذاهم عنك ويصرف أذاك عنهم ..

يقول أبو بكر الصديق رضي الله عنه : بلغنا أن الله تعالى يأمر مناديا يوم القيامة فينادي : من كان له عند الله شيء فليقم فيقوم أهل العفو , فيكافئهم الله بما كان من عفوهم عن الناس .

ومن قصص العفو عند السلف الأخيار … ما روي أن مالك الأشتر كان ماراً في سوق الكوفة وقد ارتدى ثياباً من الخام، فرآه شخص طائش فمال إليه يحتقر ملابسه ويرميه بالطين، فلم يلتفت إليه الأشتر ومضى في طريقه، فقيل له هل تعرف من رميت؟ قال: لا، قيل له: هذا مالك الأشتر صاحب أمير المؤمنين عليه السلام، فارتعد الرجل وتبع الأشتر إلى المسجد فوجده قائماً يصلي، فما فرغ من صلاته وقع الرجل على قدميه يقبلها فقال له الأشتر: ما هذا؟ قال: أعتذر إليك مما صنعت. فقال الأشتر: لا بأس عليكم فو الله ما دخلت المسجد إلا لأستغفر لك ))

إن في روح الإسلام من العفو والسماحة الانسانية تجاه البشرية كلها ما لا يملك منصف من البشر ان ينكره، فهي تحث على تآلف الاجناس، واشاعة التراحم والمودة بين الناس، والتأدب بالآداب الاسلامية، ونبذ الحقد والحسد والتباغض، ليتحقق العدل والانصاف واعطاء الحقوق لأصحابها والمساواة بين بني البشر.

فالعفو مظهر من مظاهر حسن الخلق ودليل كمال الإيمان وحسن الإسلام .. ودليل على سعة الصدر وحسن الظن كما أنه يثمر محبة الله ومحبة الناس وهو أمان من الفتن وعاصم من الزلل ودليل على كمال النفس وشرفها وطريق نور وهداية لغير المسلمين . كما أنه تهيئة للمجتمع والنشئ الصالح لحياة أفضل .. والحصول على الخير الدنيوي والأخروي ؛ لأن الناس يحبون المتسامح صاحب العفو .

فالعفو يريح الضمير .. وقد أكدت بعض الوكالات العلمية أن قوة الحب و التسامح يرتبطان بانخفاض ضغط الدم الشرياني ومستويات هرمونــات التوتر في أجسامنا،واثبتت الدراسه أن هناك ارتباطات بين العفو والتسامح والآثار الفسيولوجية في الجسم ، حيث أن التسامح والعفـو يؤديـان الى تقليل إفراز هـرمون التوتر….. (الكورتيزول) الذي يؤدي إلى رفـــــع ضغــط الدم .

فهاهو العلم يثبت أن قـوة الحـب و التسـامـح أقوى من الثأر والإنتقام فهل هناك أجمل من أن يتحول الأعداء إلى أحباب ؟

وما من يوم جديد إلا وينادي منادٍ من السماء: يا ابن آدم.. أنا يوم جديد، على عملك شهيد، فاغتنم مني فإني لا أعود إلى يوم القيامة. فابدأ من اليوم و لا تنتظر الغد , فربما لم يعد هُناك غداً و أبعث برسالة حب و تسامح إلى كل من تعرف و من لا تعرف عسى الله أن يرحمنا و يتقبل منا و يتغمدنا برحمتهِ يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.

المصدر: lirano.com
nourelhouda

الحياة دمعة وبسمة.. فلا تجعل الدمعة التي تسقط تلو الاخرى تضعفك بل اصنع منها قوة ومن القوة سيف لتقطع به الاشواك التي تنبت في طريقك.. **لديك حياة واحدة لتعيشها.. فكيف تختار ان تعيشها..!!!** عش كل لحظة كأنها اخر لحظة في حياتك ..

  • Currently 50/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
12 تصويتات / 1802 مشاهدة
نشرت فى 29 يونيو 2011 بواسطة nourelhouda

ابتسام نور الهدى ツ Ibtissem Nour el Houda

nourelhouda
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

336,678

ضع كتاباً بين يديك...

سلم النجاح
ضع دائما صورتك التي تريد أن تكون عليها في عقلك و مخيلتك, وستتجه تدريجيا نحوها.. اذا لم تهزم نفسك, ستهزمك.. سلم النجاح لا يعاني من الازدحام في اعلاه..
نابوليون هيل

**********
Follow me on Twitter
Ibtissem Nour

Join me on Facebook
For a beautiful world



*******************

بنوك المحبه - Love Cheques
إبداع في طريقة التواصل مع كل من حولك لتعبر لهم عن اهتمامك وتوصل لهم مشاعرك وتشاركهم أحاسيسك وحياتك، مع انتقاء عبارات تواصل رائعة في جزء من هذه الشيكات، وترك المجال لك مفسوحاً لتعبر بطريقتك في الجزء الآخر.
بالتواصل الجميل وتبادل الاهتمام تحلو الحياة سواء كنت زوجاً أم كنتِ زوجة، أباً أم أماً، ابناً أم ابنة، صديقاً أم قريباً.
للطلب اون لاين عن طريق موقع شركة الابداع الفكري ولديهم خدمة توصيل للمنازل.
==> شيكات المحبة - السوق الإلكتروني لشركة الإبداع الفكري

****