نعم الانفجار السكاني المتزايد يمثل كارثة بكل المعايير، وذلك أن هذا الانفجار وما يقابله من خلل في الموارد وقصور في الإنتاج إذا ترك يتصاعد بمعدلاته الحالية فإن هذا سيعجل بالانفجار الذي تدفع إليه أمور وعوامل أخري كثيرة.
وإذا أردنا أن نعالج مشكلة الانفجار السكاني معالجة علمية فإن الأمر يقتضي أن ندرس تجارب الأمم التي نجحت في مواجهة هذه المشكلة، وأن نتبني كما تبنت حزمة من السياسات المتكاملة والقادرة علي تقديم حلول مواتية وناجزة.
ولابد أن ندرك جميعاً أن مواجهة هذه الكارثة لابد أن تكون مواجهة مجتمعية شاملة لا تقتصر علي أجهزة الدولة وحدها وإنما في جوار أجهزة الدولة فإن المجتمع المدني بفروعه كافة مدعو إلي المشاركة الفاعلة.
وقد كان الخطاب المكتوب الذي قرأه رئيس الجمهورية في افتتاح المؤتمر القومي الثاني للسكان معداً إعداداً جيداً، ولمس جوهر المشكلة، وأوضح أن مواجهة هذه المشكلة العويصة تتمثل في عدة أمور، في مقدمتها قضية التعليم وإعادة رسم الخريطة السكانية لمصر، ذلك أن المصريين يعيشون علي أقل من ستة في المائة من المساحة الجغرافية.
وإذا كان الرئيس قد دعا الكتاب والمفكرين وأجهزة الإعلام ورجال الدين المستنيرين إلي التصدي لهذه المشكلة وقيادة الحملة القومية التي تحاول مواجهتها، وصولاً إلي الوسائل الناجحة في هذا السبيل فإن هذه الدعوة لابد أن تلقي استجابة وعملاً وجهداً من الجميع.
فكيف يكون ذلك؟
ونظراً لاتساع مساحة الأمية، خاصة في المجتمع الريفي، فإن الإعلام المرئي ـ قنوات التليفزيون - تحمل مسؤولية كبيرة في هذا الصدد ولكن المشكلة أن الشعب المصري قد فقد الثقة في الإعلام الرسمي، ويأخذ ما يقال فيه إما علي أنه موضوعات إنشاء تنتهي بمجرد إلقائها، وإما أنه كلام يلقي ولا يقصد من ورائه إلا الكلام.
واستعادة ثقة المشاهد ليست أمراً سهلاً، وتحتاج إلي وقت طويل، ولكنها ليست بالأمر المستحيل، إذا أخذنا أمورنا مأخذ الصدق والجد وإذا اعتاد المشاهد علي ذلك، وأدرك أن ثمة تغيراً حقيقياً نحو الصدق والشفافية.
ساحة النقاش