معنى التربية التشخيصية
إن مفهوم التربية التشخيصية مفهوم موروث من الثقافة التربوية بدول شمال أوروبا، حاول أخصائيو تأهيل الصم المكفوفين المعاصرين الاستفادة من هذا الموروث لاكتشاف المعالم الخاصة بالبيئة شديدة المحدودية التي يمكن للأصم الكفيف النمو و التعلم فيها. إلى جانب تحديد المعالم الخاصة التي تجمع كل الصم المكفوفين رغم الفروق الفردية الشاسعة بينهم.
وتعتبر التربية التشخيصية مبدأ أساسي في مجال التربية الخاصة. وهو يشمل كل الأعمار وكل المواقف. و يوضح المبدأ أنه لا يمكن التنبؤ بالطريق الصحيح لتلبية احتياجات الفرد، وعليه فلا يمكن مسبقاً المعرفة الدقيقة لكم التعلم الذي سيتعلمه الفرد و الطريقة المثلى لتعلمه.
والبرنامج الفردي الذي يوضع للأصم الكفيف في إطار هذا المفهوم يعتمد أساساً على التقييم المستمر، وهذا يعني أن شكل التخطيط لموقف التواصل مع الشريك الأصم الكفيف يعتمد دائماً على معرفتنا بقدرات الشريك الأصم الكفيف والأشياء المفضلة لديه وغيرها من غير المفضلة وكيفية تعبيره عن انتباهه لشئ معين و عن مبادراته في المواقف المختلفة.
ومحور التقييم في ظل مفهوم التربية التشخيصية لا ينحصر على الطفل وحده، و لكن العملية التقييمية هنا تنظر الى الطفل في إطار علاقته ببيئته البشرية الطبيعيةالمحيطة به بما تتضمنه من بدائل تربوية للتدخل معه.
و يتضح مما سبق أن العملية التربوية تقوم على أساس استكشافي. وأوسع ما يكون عليه مجال استكشافنا هو عندما يكون الأصم الكفيف شخص جديد علينا.
وبالتالي فعندما نكتشف مجالات اهتمام الفرد و نحفز حب استطلاعه، تزداد عملية الاستكشاف ويصبح الشخص الأصم الكفيف هو المرشد لهذه العملية.
وهذا يقودنا إلى التساؤل، هل يعني ذلك أن "التربية التشخيصية" هي حالة من المحاولة والخطأ؟
هي كذلك لدرجة معينة، فتوضح المبادئ تربوي أن كل الأطفال تسير على نفس النهج النمائي وعلى المعلم مراعاة الفروق بين الطفل الطبيعي و الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة هذا إلى جانب مراعاة الفروق الفردية بين طفل و آخر في إطار فئة الإعاقة الواحدة.
ومن هذا المبدأ يتضح أن فكرة المحاولة و الخطأ المتضمنة في مفهوم التربية التشخيصية ليست بفكرة عشوائية مجهولة الهدف، فهي تخضع لنصوص المبادئ التربوية المتفق عليها، (أي أن التدخل مبني على أساس المبادئ التربوية المعمول بها).
وبالرغم من أن الطفل الأصم الكفيف مثله مثل الأطفال الآخرين، يعتمد على اشتراكه في العلاقات الاجتماعية والانفعالية والتواصلية مع الآخرين كي يستطيع النمو كإنسان، إلا أن إعاقته الحسية تقلل من استعداده البيولوجي لدخول العالم الاجتماعي والثقافي بشدة و ينتج عن ذلك كائن " يبدو" غير اجتماعي وغير متواصل وغير مفكر يصعب إيجاد البيئة المناسبة لنموه وتطوره لأنها تعتمد في المقام الأول على قدراته والتي تبدو مختلفة عما تعودنا عليه. وعليه فالتدخل بهذا الشكل يتطلب المثابرة لمساعدة الطفل لكي يتطور وذلك باكتشاف الحلول التربوية التطبيقية المناسبة لتلبية الاحتياجات النمائية للفرد، مراعين في ذلك قدراته ومحاور اهتمامه.
ساحة النقاش