استخدام المدخل الاسكندنافي في تحسين جودة حياة الأشخاص الصم المكفوفين
" تجربة جمعية نداء في مصر "
إعداد
سهير عبد الحفيظ عمر
ماجستير في التربية ( صحة نفسية )
أخصائية تأهيل الصم المكفوفين بجمعية نداء .
مقدمة إلى
المؤتمر الدولي السادس
“تأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة"
رصد الواقع واستشراف المستقبل
معهد الدراسات التربوية ـ جامعة القاهرة
تحديد المصطلحات :
الأشخاص الصم المكفوفين deafblind
أشار بيست Best(2003) إلى هيلين كيلر الصماء الكفيفة باعتبارها المفهوم الأول لإعاقة الصمم وكف البصر ، حيث ينظر إليها كظاهرة وليس كشخص حقيقي مما جعل تعريف الشخص الأصم الكفيف يحمل في طياته توقعات غير واقعية ، وأكد بيست (2003) على أهمية استخدام مصطلح الصمم وكف البصرdeafblindness بدلالته المتفردة على فئة لها احتياجات خاصة تختلف عن كل من فئة الصم وفئة المكفوفين منفصلتين .
كما ذكر دليل تينسي Tennessee (2004 ) أن الصمم وكف البصر يعني تلازم الإعاقتين السمعية والبصرية حيث يؤدي تلازمهما وتداخل تأثيرهما إلى بروز احتياجات كثيرة وعميقة في التواصل ، إضافة إلى احتياجات أخرى تعليمية ونمائية لايمكن تقديمها تحت مسمى أي من الإعاقة السمعية أو الإعاقة البصرية منفردا .
و ذكر انجراهام Ingraham (2007 ، ص 9 ) التعريف القانوني الأمريكي للأصم الكفيف باعتباره " الشخص الذي لديه تلازم بين الإعاقتين السمعية والبصرية يؤدي إلى مشكلات شديدة في التواصل ، ومشكلات أخرى تجعله غير قادر على الالتحاق ببرامج التربية الخاصة المعدة للمعاقين سمعيا أو المعدة للمعاقين بصريا ."
وقد أشار بعض الباحثين المهتمين بإعاقة الصمم وكف البصر ( مثل مايلز Miles، 1998 ، أمير القرشي ، 2006 ، إنجراهام Ingraham، 2007 ) إلى تصنيف إعاقة الصمم وكف البصر وفق محكين أساسين هما العمر عند حدوث الإعاقة ، ودرجة شدة الإعاقة ، حيث تصنف إعاقة الصمم وكف البصر وفق العمر عند حدوثها إلى أربعة تصنيفات هي الصمم وكف البصر الولاديين congenitally ، الصمم الولادي وكف البصر المكتسب acquired ، الصمم المكتسب وكف البصر الولادي congenital ، الصمم وكف البصر المكتسبين ، أما من حيث درجة شدة الإعاقة فيمكن تصنيفها إلى أربعة مستويات هي صمم وكف بصر تاميين totally ، صمم تام مع وجود بقايا بصرية ، صمم جزئي مع كف بصر تام ، صمم جزئي مع كف بصر جزئي .
و تتبنى الدراسة الحالية في تعريف الصم المكفوفين التعريف الاسكندنافي Nordic definition وتعديلاته (2006 ) حيث ينص التعريف الاسكندنافي (1980 ) على أنه " يعد الشخص أصما كفيفا عندما يعانى درجة شديدة من الإعاقتين البصرية والسمعية المتلازمتين ، وبعض الأشخاص الصم المكفوفين لديهم صمم تام مع كف بصر تام بينما يظل لدى البعض الآخر بقايا سمعية وبصرية . ويقصد بشدة تلازم الإعاقتين السمعية والبصرية أن الأشخاص الصم المكفوفين لا يمكنهم الاستفادة تلقائيا من الخدمات المقدمة للأشخاص ذوي الإعاقة السمعية أو ذوي الإعاقة البصرية ، وبناء عليه يتسبب الصمم وكف البصر في صعوبات بالغة تتعلق بالتعليم ، والتدريب ، الحياة العملية ، الحياة الاجتماعية ، الأنشطة الثقافية وإمكانية الوصول للمعلومات .
وفيما يتعلق بالصم المكفوفين منذ الولادة أو الذين يكتسبون الصمم وكف البصر في مرحلة مبكرة فالموقف يزداد صعوبة وتعقيدا على ضوء حقيقة وجود مشكلات إضافية تؤثر في شخصياتهم وسلوكهم ، وهذه الصعوبات تقلل من فرص الاستفادة من البقايا السمعية أو البصرية ـ في حال وجود إحداهما أو كلتيهما ـ ، ولهذا فلابد من النظر إلى الصمم وكف البصر كإعاقة منفصلة قائمة بذاتها separate تتطلب أساليب خاصة للتواصل ، وأساليب خاصة لمواجهة متطلبات الحياة اليومية . "
وفي عام 2006 أوصى المجلس الشمالي للقادة والمديرين في مجال الصمم وكف البصر في الدول الاسكندنافية باستخدام التعريف المعدل للصمم وكف البصر الذي قدمته مجموعة المؤلفين الشماليين والذي ينص على أن " الصمم وكف البصر إعاقة منفصلة قائمة بذاتها distinct disability ، وأن الصمم وكف البصر هو تلازم combined الإعاقة السمعية والبصرية الذي يحد من أنشطة الشخص ويقيد مشاركته الكاملة في المجتمع إلى الدرجة التي تتطلب من المجتمع تسهيل الخدمات الخاصة بهم وإجراء تعديلات بيئية و تكنولوجية ( تتناسب مع احتياجاتهم ) .
المدخل الاسكندنافي approach Scandinavian
في عام 1999 ظهر كتاب الخَلْق ( الإبداع ) المشترك للتواصلco-creating Communication مع الصم المكفوفين لاثنين من أبرز المتخصصات في مجال الإعاقة السمعية البصرية على مستوى العالم وهما آنا نافستاد Anne Nafstad وإنجر رودبرو Inger Rodbro والذي مثل تغيرا في فلسفة تأهيل الصم المكفوفين حيث اهتما ببحث النماذج التي تنظم العلاقات الدينامية والجسمية للأشخاص الصم المكفوفين مع البيئة ، ويحتوي هذا الكتاب المباديء الأساسية لما يعرف بالمدخل الاسكندنافي ، وقد أشار براون وباتس Bates & Brown (2005) إلى التركيز الشديد الذي بدأ أواخر الثمانينات على المعية الاجتماعية التبادلية reciprocal social togetherness التي شجعت إتباع قيادة الطفل وبناء علاقات إيجابية تساعد على ارتقاء التواصل والمهارات الأخرى .
ويعتمد الأساس النظري لهذا المدخل على نظرية التعلق attachment theory لبولبي حيث أشارت نافستاد ورودبرو Rodbro & Nafstad ( 1999 ) إلى اعتمادهما على أعمال جون بولبي على نظرية الارتباط وكذلك بحوث عالم النفس النرويجي مارتنس حيث أن الارتباط الآمن للطفل مع شريكه مقدم الرعاية يتيح اكتشاف فرص اكتساب الخبرة والتعلم ، و الإنسان بطبيعته كائن اجتماعي ، وكذلك الطفل الأصم الكفيف ، ونتيجة لفقده حاستى السمع والبصر تتعرض علاقة التفاعل الاجتماعي الفطري بين الأم والطفل للخطر إما بالتوقف عن التطور أو أنها لا تأخذ حيزا من العلاقة بينهما والنتيجة مروعة فالرابطة الانفعالية الطبيعية بين البشر لن تأخذ مكانها إلا إذا تم تعويضها عن طريق حاسة اللمس ، ونعلم الآن مدى عمق تأثير هذه الرابطة في حياة الطفل مما يجعله غير آمن في أيامه الأولى .
وقد ذكرت نافستاد ورود برو Rodbro & Nafstad ( 1999، ص 17 ) الأهداف الجديدة لتعليم الصم المكفوفين حيث يجب التركيز على جودة التفاعل أثناء التدخل وليس على الشخص الأصم الكفيف أو مهاراته بشكل منفصل عن عملية التفاعل ، و ألا يكون التركيز على جوانب البيئة الفيزيقية أو الاجتماعية وإنما على عمليات التفاعل بين الأصم الكفيف والبيئة ، كما يجب التأكيد على دعم الشخص الأصم الكفيف في الحصول على خبرات واسعة من التفاعل واستخدام ذخيرته من الأفعال والأنشطة .
وقد أكدت نافستاد ورود برو Rodbro & Nafstad (1999 ) على أن معيار الممارسة المتخصصة الجيدة يجب ألا يقاس عن طريق المهارات التي يمكن للطفل تأديتها أو التدريب عليها بل على جودة التفاعل بين الأصم الكفيف والبيئة .
وقد قدمت نافستاد وردوبرو Rodbro & Nafstad ( 1999 ) نموذجا للتدخل مع الأشخاص الصم المكفوفين يهدف إلى تحسين الجوانب الهامة للتفاعل والتواصل مع الأطــفال والراشدين الصم المكفوفين ، وذكرت جــنسن وآخرون Janssen et al.
( 2003) أن هذا النموذج يطلق عليه نمـوذج الخَلْق ( الإبداع ) المشترك للتواصل co-creating communication model ويقوم هذا النموذج بشكل أساسي على منح المتعاملين مع الصم المكفوفين رؤى جديدة تساعدهم على التكيف مع سلوكيات الأشخاص الصم المكفوفين وأساليب تواصلهم ، حيث يعتمد هذا النموذج على افتراض أساسي يؤكد ضرورة المشاركة الانفعالية مع الأشخاص الصم المكفوفين .
وبناء على ما سبق فالمدخل الاسكندنافي يشير إلى الأسس والمباديء التي قامت ببنائها نافستاد ورود برو Rodbro & Nafstad (1999) في مجال تعليم وتأهيل الصم المكفوفين من خلال الخَلْق و الإبداع المشترك co-creating للعلاقات البين شخصية interpersonal relationships في مجالات التفاعل الاجتماعي social interaction ، والتقاربية proximity ، والاستكشاف exploration بين الشخص الأصم الكفيف وشريكه السامع المبصر بهدف تنمية التعبيرات التواصلية communicative expressions و الوصول للمستوى الرمزي .
<!--<!--
ساحة النقاش