✅🙏✅الكورونا بين الفقه والأدب تنوعت البواكي والكورونا متطور حتى كوفيد١٩ ، نجول في رسالة الوبا لابن الوردي لنتخيل ونتصور الحال والمحال وعلى الرغم من أن ابن الوردي شاهد مظاهر الإصابة بالطاعون، والتي كانت غاية في القسوة والعنف، بحسب ما نقله هو سواء في شعره، أو ما تركه في رسالة، أوضح فيها حجم الإصابة المرعب بالطاعون، إلا أن الشاعر ابن الوردي، عمر بن مظفر المعرّي المتوفى سنة 749 للهجرة، تحدى الطاعون، علناً، في قصيدة من بيتين فقط، أجمع من تناول حياته وترجم شعره ومصنفاته، على أنه مات بعدها، بيومين، مصاباً بالطاعون الذي سبق وتحداه، قبل 48 ساعة من وفاته، وكانا آخر بيتين شعريين له. وفي ديوانه، قال ابن الوردي متحدياً الطاعون: ولستُ أخاف طاعوناً كغيري فما هو غير إحدى الحسنيينِ فإن متُّ، استرحتُ من الأعادي وإن عشتُ، اشتفتْ أذني وعيني و ها هي تتنغم فدوى الفلسطينية ثانية يوم فشا الطاعون في مدينتي خرجت للعراء مفتوحة الصدر إلى السماء أهتف من قرارة الأحزان بالرياح : هبّي وسوقي نحونا السّحاب يا رياح وأنزلي الأمطار تطهّر الهواء في مدينتي وتغسل البيوت والجبال والأشجار وسوقي نحونا السّحاب يا رياح ولتنزل الأمطار ! ولتنزل الأمطار ! ولتنزل الأمطار! وقال ابن الوردي في رسالته عن الطاعون، إنه "زائر" منذ 15 سنة، متحدثاً عن الصين التي لم تتمكن من "صون" نفسها منه، وكذلك الهند، وبلاد الأوزبك، وأرض القرم، وقبرص، والقاهرة، والجزائر، والإسكندرية المصرية التي قال فيها بعدما طعنت: اسكندرية، ذا الوبا سَبعٌ يمدّ إليك ضَبعهْ صبراً لقسمته التي تركت من السبعين سبعهْ! أكثر من 1000 وفاة بالطاعون يوميا وقال إن دمشق في ذلك الطاعون، كانت تخسر كل يوم أكثر من ألف من أبنائها، واستخدم تعبيرا عن الطاعون بأنه "أقلَّ الكثرة" لما حصده من أرواح بشر في دمشق. وبتتبع خط رسالة ابن الوردي في الطاعون، فلم تخل منه مدينة كبرى من فلسطين إلى أقصى الشمال السوري وصولا إلى أرض التّرك، مرورا بمدن وسط سوريا، كحمص وحماة. وصوّر ابن الوردي أحد مظاهر الإصابة بالطاعون، كبصق الدم من فم المصاب، بحسب ما رواه، وشبّه ذلك كما لو أنه العدم ذاته، فيقول: "ومن الأقدار أنه يتتبع الدار، فمتى بصق الواحد منهم دماً، تحقق كلهم عدماً، ثم يسكن الباقين الأجداث، بعد ليلتين أو ثلاث" ويختصر ذلك في بيتين: سألتُ بارئ النسم في دفع طاعون صدم فمن أحسّ بلع دم فقد أحسّ بالعدم! ومن هول الوباء، صار الناس يحسبون سنينهم على إثره. هكذا يثبت عندنا التأريخ ابتداء من أعوام الطاعون، وهذا ما يقره الجاحظ في «البيان والتبيين» قائلًا: «وقد كانت الطواعين تقع كثيرًا، فتصير تواريخ، كطاعون عمواس وطاعون العذارى وطاعون الأشراف وغيرها. وشاعر يرثي موت أبنائه في طاعون البصرة قائلًا: «وكنتُ أبا سِتةٍ كالبدورِ قد فقأوا أعينَ الحاسدينا فَمرُّوا على حادثات الزمانِ كَمرِّ الدراهمِ بالناقدينا وحَسبُكَ من حادثٍ بامرئٍ يرى حاسديهِ لهُ راحمينا» ومن النظرة المتوازنة في فقه الأوبئة يقول الطبري في «تاريخ الأمم والملوك»: «دخلتْ سنة ثماني عشرة. ففيها كان طاعون عمواس، فتفانى فيها الناس، فتوفي أبو عبيدة بن الجراح؛ وهو أمير الناس (قائد الجند)، ومعاذ بن جبل، ويزيد بن أبي سفيان، والحارث بن هشام، وسهيل بن عمرو، وعتبة بن سهيل، وأشراف الناس». عمواس قرية بفلسطين تزامن وقوع الطاعون فيها مع حملة المسلمين إلى بلاد الشام في بدايات الفتح، فسقط إثر ذلك الناس مرضى، يضيف الطبري: «لما اشتعل الوجع قام أبو عبيدة في الناس خطيبًا، فقال: أيها الناس، إن هذا الوجع رحمة بكم ودعوة نبيكم محمد، وموت الصالحين قبلكم، وإن أبا عبيدة يسأل الله أن يقسم له من حظه. فطُعِن فمات (أصيب بالوباء)، واستخلف على الناس معاذ بن جبل». يقول ابن كثير في «البداية والنهاية»: «فلما اشتعل الوجع وبلغ ذلك عمر (ابن الخطاب) كتب إلى أبي عبيدة ليستخرجه منه: أن سلام عليك، أما بعد، فإنه قد عرضت لي إليك حاجة، أريد أن أشافهك بها، فعزمت عليك إذا نظرت في كتاب هذا أن لا تضعه من يدك حتى تقبل إلي. قال: فعرف أبو عبيدة أنه إنما أراد أن يستخرجه من الوباء. فقال: يغفر الله لأمير المؤمنين، ثم كتب إليه يا أمير المؤمنين إني قد عرفت حاجتك إليَّ، وإني في جند من المسلمين لا أجد بنفسي رغبة عنهم، فلست أريد فراقهم حتى يقضي الله فيَّ وفيهم أمره وقضاءه، فخلني من عزمتك يا أمير المؤمنين، ودعني في جندي». تستوقف واقعة عمواس جمهور الفقهاء للتعليق عليها. فيقف جميعهم عند القول بما اقتضته السنة من أقوال تجمع بين اعتبار الطاعون قَدَرًا والموت به شهادة. يقول ابن حجر العسقلاني في متنه: «من مات بالطاعون يشارك شهيد المعارك في ثواب الشهادة، وفي بعض الصفات الأخروية»، ويضيف : «تسمية الطاعون عذابًا ورحمة، لا تنافي بينهما، لحمل الوصفين على اعتبار الآخر. ولا مانع أن يأذن الله تعالى لمؤمني الجن في عقوبة من شاء من الإنس بذلك، وإن كان فيهم غير مذنب». وكذا تحريم الدخول أو الخروج من أرض بها وباء كما أمر الحديث النبوي: «ليس من أحدٍ يقعُ الطاعونُ فيمكث في بلده صابرًا محتسبًا، يعلم أنه لا يصيبه إلا ما كتب الله له إلا كان له مثل أجر شهيد»، (رواه البخاري)، وقوله أيضًا: «إذا سمعتم به (الطاعون) بأرض، فلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم بها، فلا تخرجوا فرارًا منه» حفظكم ربي وحفظ الإنسانية وللحديث بقية حول فقه الأوبئة ونظرات في رسالة الماعون و الطاعون ✍️💚✍️كتب نزار رمضان
نزار رمضان حسن
مدرب تنمية بشرية بالمملكة العربية السعودية / مدرب معتمد في الكورت من معهد ديبونو بالأردن / متخصص رعاية موهوبين وهندسة التفكير/ مستشار في حل المشكلات الأسرية والشبابية / معهد اعداد دعاة / عضو شبكة المدربين العرب /مدرب في نظرية سكامبر/مدرب في نظرية تريزمن معهد ديبونو بالأردن / دبلوم برمجة لغوية »
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
388,575
ساحة النقاش