للشيطان  في الأرض أوكار كثيرة فيها يبيض ويفرخ ويتكاثر ويتناسل , على رأس تلك الأوكار مايسمى بمدينة الإنتاج الاعلامى , وهذا هو الاسم الحركي لها لزوم التغطية والخداع والتمويه اللفظي . أما الاسم الحقيقي لها والذي لايعرفه كثير من الناس فهو : حظيرة الإنتاج الشيطاني..!. حيث يجمع كبير الأبالسة فى هذه الحظيرة أبناءه الصغار كل ليلة ليسألهم ماذا فعلوا ببني آدم فى هذا اليوم . فيتقدم أحد الأبالسة الصغار منتشيا  ويقول لأبيه  : أنا مازلت بفلان حتى طلق زوجته , فيضربه أباه على قفاه ويقول له ساخرا خسئت , مافعلت شيئا , فهو سيتزوج غيرها . فيتقدم الثاني مفتخرا ويقول أنا مازلت بفلان حتى تأخر عن صلاته . فيضربه ويقول له متهكما : سيستغفر ويتوب الله عليه . فيتقدم الثالث ويقول أنا مازلت بفلان حتى سرق . فيقول له غاضبا خسئت وخبت سيندم ويتوب ويرد المال لأهله . وهنا يتقدم الابن البار بأبيه ويقول له : أما أنا فمازلت بفلان حتى صار إعلاميا بمدينة الإنتاج الاعلامى .وهنا تنفرج أسارير كبير الأبالسة ويضحك ويهلل ويضرب على أكتافه فرحا مسرورا ويقول له : هو أنت... هو أنت... هو أنت....!؟

* نعم ...  إن حظيرة الإنتاج الشيطاني تفعل بعقول المصريين مالا يفعله كل شياطين وأبالسة الأرض من غواية وإغواء وتسلط وإضلال وتضليل وقلب للحقائق واشعال للحرائق فى كل شبر فى أرض هذا الوطن . فحدث ولا حرج عن الكذب الممنهج المنظم المتعمد , وحدث ولاحرج عن النفاق البين الواضح . وحدث لاحرج عن موت الضمائر وبيع الذمم بثمن بخس دراهم معدودة . وحدث ولا حرج عن التزوير والغش والتدليس والخيانة والعمالة فى أزهى عصورها . وحدث ولا حرج عن التناحة والجباحة وقلة الحياء وتجمد الدم فى العروق . وحدث ولاحرج عن النباح كل ليلة مقابل الأجر المعلوم , كل بقدر علو صوته وقدرته على النباح المتواصل بلا انقطاع . وحدث ولاحرج عن التشويه والتجريح والسب والقذف فى حق الأبرياء الشرفاء . وحدث ولاحرج عن الدعارة بالكلمات والزنا بالمعاني والمسافحة بالحروف كما وصفهم الراحل الدكتور مصطفى محمود رحمه الله .

* إن العاملين بتلك الحظيرة لاهم لهم ولاعمل سوى تحريض فئات المجتمع بعضها على بعض . لاهم لهم ولاعمل غير التسفيه والتحقير وممارسة فنون السفالة والرذيلة والردح الشعبي كالذي يحدث فى الحواري الشعبية بين الصبية الصغار وبنات الليل والملاهي الشيطانية والمراقص التي يحرسها أبالسة الأرض . كل هولاء يعملون عبر أجهزة التحكم من بعد . ليس لهم مبدأ ولارأى ولاعقل ولا ذمة ولا ضمير . هم يستترون وراء أزيائهم الفخمة والتي اشتروها بالكذب والسحت. والحقيقة أن وراء تلك الأزياء المزركشة الفخمة , أنياب ومخالب وزعانف وسموم ناقعات لايعلمها ولايعرف حقيقتها كثير من الناس ولاسيما البسطاء منهم .

* إن روائحهم الكريهة الخبيثة قد فاحت وانتشرت فى كل شبر على أرض مصر حتى أزكمت الأنوف . لا أكون مبالغا ولا متجاوزا إذا قلت إن تلك العصابة فى تلك الحظيرة هم من فصيلة الخنفساء التي تموت إذا شمت الروائح الطيبة الزكية الجميلة , وتنتعش وتنتفش وتعيش إذا شمت الروائح الخبيثة الكريهة . لايمكن لتلك الثلة الخبيثة أن تعيش وتنمو فى جو طبيعي ومناخ ملائم مناسب لأن ذلك يخالف طبيعتهم . إنهم لايرضون لأنفسهم غير عيشة الديدان فى باطن الأرض والتي تتغذى على فضلات كائنات أخرى . هكذا هم لايرضون ولايهنؤون إلا أن تظل رؤوسهم تحت ضغط الأحذية الثقيلة حتى تحلو لهم الحياة . وهكذا العبيد المناكيد . الشئ من معدنه لايستغرب . ولايمكن أن تنتظر من الحرباء أن تلد لك حمائم وديعة . ولايمكن أن تنتظر من الحيات السامة أن يتدلى من أفواهها غير السموم الناقعات . ولايمكن أن تستأمن الذئاب الجائعة على  حظيرة دواجن . فكل إناء ينضح بما فيه.

* عندما يتنازل الإنسان عن إنسانيته ويقبل أن يعيش ذيلا ذليلا , , وعندما يرضى الإنسان أن يكون بوقا لغيره , وعندما يقبل الإنسان أن يبيع ضميره ويتنازل عن دينه ويؤجر لسانه لمن يدفع أكثر . عندما يحدث ذلك وأكثر من ذلك فلاتحدثنى بعد ذلك عن بشر , لأنك ساعتها لن تجد غير كائنات ممسوخة ومطموسة ومختوم على قلوبها . إنها كارثة كبيرة ومصيبة فادحة أن يخلق الله الإنسان ويكرمه , لكنه يأبى إلا أن يهين نفسه ويسئ إليها ويهبط بها إلى أسفل السافلين . لو تجسد الشيطان فى صورة بشرية فإنه يعجز أن ياتى بمثل مايأتى به هولاء من مكر وخداع وجرائم فى حق الدين والوطن والشرف والكرامة . ولايمكن لإنسان عاقل أن يضع المال أمامه هدفا وحيدا يجب الحصول عليه بكل الوسائل المشروعة وغير المشروعة , ثم يضع كل شئ بعده وبلا استثناء وراء ظهره من دين ووطن وقيم وأخلاق ومبادئ .

أضغانهم القلبية , وخدعتهم انحرافاتهم العقلية , فتصوروا أن تلك الدنيا ليس وراءها موت ولا حياة ولا نشور ولاحساب ولإعقاب . إنهم يعيشون فقط لحظتهم , فلعي* لاشك فى أن هولاء ماهم إلا مرتزقة أعمتهم أطماعهم الدنيوية  , وأضلتهم شوها بأي ثمن وبأي شكل وبأى وصورة , وليستمتعوا بكل شئ فيها تماما كحياة البهائم  فى الحظائر بلا هدف ولا غاية غير الطعام والشراب والتناسل ثم النوم ثم الموت والفناء . إنها طمأنينة الغفلة كهولاء الذين يتناولون المسكرات والمخدرات فتذهب عقولهم فى غيبوبة طويلة قد لايفيقون منها إلا فى قبورهم . لكن ماذنب المجتمع الذى يدفع ثمن الفاتورة من دمه بسبب طمس الحقائق وخطف الأذهان وتشويه عقول عوام الناس .

* لابد من تطهير المجتمع من جراثيم هذا الفساد . ولابد من اقتلاع جذور تلك الحشائش الضارة حتى لاتنبت وتزدهر وتورق شوكا يؤرق مضاجع المجتمع. إن الوطن هو الخاسر الأكبر فى استمرار هولاء يضلون الناس بغير علم ولإدارية بمخاطر الطريق الذي يسيرون فيه ويدفعون الناس إليه دفعا . إنهم يزرعون القنابل الموقوتة على جانبي الطريق , والتي إذا انفجرت فلن تختار ضحاياها بعناية , بل ستنفجر فى وجوه الجميع , الصالح قبل الطالح , والمظلوم قبل الظالم , والأمين قبل الخائن , لأن المجتمع يهلك كله إذا كثر الخبث . وليس هناك خبث أدهى وأمر من تضليل وإضلال الناس بغير علم  . إن وطننا فى خطر عظيم , فمن يتقدم لإنقاذه ياقومنا قبل فوات الأوان ومرور الزمان...!؟.

المصدر: كتب السعيد الخميسي
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 230 مشاهدة
نشرت فى 27 يناير 2015 بواسطة news2012

صحافة على الهواء

news2012
نتناول الموضوعات السياسية والعلمية والدينية والإجتماعية على الساحة الداخلية والخارجية وتأثيرها على المجتمع المصرى »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

126,501