تعتبر الأسرة من أهم المؤسسات الاجتماعية، وهي جديرة بأن تحمل مصطلح مؤسسة، لأنها تحوي داخلها كياناً إدارياً يشرف على تنظيم أمورها ويخطط ويدير ويتخذ القرارات بشأنها. وإذا أردنا توزيع الإدارة على إدارات صغيرة فسوف نجد أن من أهمها هي الإدارة المالية أو الاقتصادية، وهي بكل ما تحمل من أهمية، إلا أن الأسر تتعامل معها بشكل سلس وانسيابي خالٍ من أي تعقيدات.

والفرق الوحيد بين الإدارات الناجحة لأسر معينة هي كيفية الإدارة واتباعها لأساس سليم، حتى لو لم يكن مكتوباً، وإنما متفق عليه داخل الأسرة وكل حسب خصوصيتها. فقد تجد أسراً إدارتها المالية ناجحة بفضل الزوجة أو الزوج، بالرغم من أن من يديرها لم يتحصل إلا على قدر ضئيل من التعليم، وقد تجد أسراً يديرها أشخاص نالوا قسطاً من التعليم وموفوري المال، إلا أن إدارتهم فاشلة. وهذا دليل على أن نجاح الإدارة الاقتصادية داخل الأسرة يرتبط بعوامل أخرى غير التعليم منها العوامل الشخصية والتأثيرات الاجتماعية والاقتصادية المحيطة وطبيعة عمل الزوج والزوجة، وعدد أفراد الأسرة ومدى روح التفاهم والتعاون بينهما فكل هذه العوامل تتفاعل مع بعضها وتساهم في خلق نوع الإدارة.

وما أثر على الإدارة الاقتصادية هو اعتماد الأسر على السوق الخارجي كواحد من سمات العصر الحديث، نجد أنه تم تجاوز سريع لمسألة الاكتفاء الذاتي وتصنيع الغذاء وحياكة الملابس وصناعة الأثاثات في المنزل، فقد كانت الأسر قديماً تعتمد على الخضروات والفاكهة من مزرعتها والألبان كذلك، حتى إن بعضها تفنن في صناعة الجبن واكتفى ذاتياً من البيض والدجاج. أما الآن فقد تلاشى مصطلح الأسر المنتجة التي كانت توفر لعائلاتها مبالغ كبيرة لأنها تنتج ما تنفقه على نفسها وما تستفيد من بيعه أيضاً. وبخروج الناس للأسواق الحديثة ونسبة للانفتاح في مجال التسويق فإن الأسر كيفما كانت طبقتها الاجتماعية تنفق على الغذاء والأشياء الضرورية اليومية دون تخطيط مسبق؛ مما نتج عنه إهدار للمال وانخفاض في الوعي الغذائي وتفشٍ لثقافة التسوق كداء يصيب ربات البيوت أولاً ويفقدهن المقدرة على التفريق بين ما هو صحي وغير صحي من المشتريات.

ونسبة للزيادة في الحاجات الإنسانية من غذاء ومسكن وتعليم وصحة وترفيه وغيرها، فما تضعه أي أسرة أمامها هو خطة في كيفية سد هذه الاحتياجات من موارد الدخل الموجودة. وهذه الخطة يشترك فيها كل أعضائها فيقتسمون الإحساس بالمسؤولية، ويكون عاملاً مهماً من عوامل نجاحها. كما أن الأسر تنظر بعين الاعتبار للادخار كواحد من بنود الاحتياجات المؤجلة؛ لأنه يدخل في إطار تلبية الطلبات الطارئة على الأسرة مثل مشاريع الزواج وتأثيث منزل جديد أو اقتناء أشياء جديدة. فإذا أرادت الأسرة أن ترفع مستواها المادي فلا يتم إلا بتفعيل التنمية البشرية، أي تأهيل أفرادها للعمل وفق مواهبهم ومؤهلاتهم، ثم الادخار كبديل لداء الإسراف والتبذير الذي تعاني منه معظم الأسر


منقووول

  • Currently 75/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
25 تصويتات / 654 مشاهدة
نشرت فى 27 سبتمبر 2008 بواسطة nemo7a

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

2,730,317