توطئة:
تلقيت العديد من الاتصالات والتعليقات الايجابية حول الجزء الأول من هذه المقالة التي نشرتها مجلة المعلوماتية تحت عنوان "هل تغني المكتبة عن الإنترنت" , وبخاصة ونحن نعيش مرحلة انتقالية مهمة في عالمنا العربي تجري فيها كثير من الاستعدادات لتطوير عملية "الاتصال العلمي" ولتحسين الإفادة من التقنيات الحديثة في الوصول للمعلومات. وتختلف الجهود - من حيث حجم الإنفاق- المبذولة من بلد إلى آخر وبخاصة فيما يتعلق بالبنية الاتصالية التحتية. ففي بلد مثل الإمارات أو الكويت أو البحرين نلحظ أن مسألة الاتصال بالانترنت لدى عامة الناس أفضل منها بكثير في أي من البلدان العربية الأخرى. كما أن العامل الاقتصادي لاقتناء حاسب شخصي في المنازل في الإمارات والكويت والسعودية أفضل منه في البلدان الأخرى. وأكثر ما يعيب الحالة السعودية في هذا المجال ما يختص بضعف حركة الاتصال جراء حتمية المرور "بتعقيدات" مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية KACST التي تتبادل الاتهامات مع مقدمي الخدمة في المملكة العربية السعودية حول أسباب البطء الذي يعاني منه مستخدمو الشبكة.
إن مشكلات الانترنت والاتصال بها ذات أثر واضح على الإفادة المثلى من التقنيات الحديثة في مجالات المعلومات وإتاحتها, وبالتالي التفكير في المفهوم الرقمي/ الافتراضي للخدمات المعلوماتية, وهو ما تتأثر به نتائج هذه الدراسة عند طرحها على الواقع العربي. لذلك سيهتم الباحث "باستقراء" مسألة الاستغناء بالإنترنت عن الكتبة في الأدب المنشور الغربي ومحاولة محاكاة ذلك بواقع التعاطي العربي مع المعلومات والسبل المتاحة للإفادة منها.
مكتبة متنقلة على الانترنت:
تعود بدايات المكتبات المتنقلة إلى أكثر من مئة وخمسين عاما عندما قامت مؤسسة وورينجتون بأول تجربة لها عندما وضعت كتبا بعربة يجرها حصان . وتطورت الخدمة بعد ذلك في بريطانيا, وكذلك في أمريكا التي عرفت أول استخدام لها في ولاية ماريلاند منذ عام 1905. وكذلك انتشرت في أوربا في حوالي تلك الفترة. وقد عرفت الهند المكتبات المتنقلة بفضل منظمة اليونسكو في عام 1953, حتى قبل أن تعرفها بعض الدول الأوروبية . وقد عُرفت الخدمة في الضفة الغربية في مدينة الخليل في عام 1956 قبل أن تنطلق إلى مدن أخرى هناك .
جولة مع المصطلحات:
لقد عُرفت الخدمة بمصطلحات متعددة – مع فوارق بسيطة فيما بينها – نذكر منها ما يلي: مكتبة متنقلة Mobile Library, أو مكتبة متحركة Traveling Library, عربة عرض كتب Exhibition or display van , شاحنة توزيع Delivery van وغير ذلك. وقد عرفت باللغة العربية بعدد من التسميات مثل المكتبة المتنقلة والمكتبة السيارة والمكتبة المتجولة, والمكتبة المتحركة .
غير أن ما سنتحدث عنه هنا في هذه الجزئية من الورقة يختلف بعض الشيء عن كل ما سبق في كيفية الحصول على مصادر المعلومات. فكل ما سبق يعتمد على أن المكتبة المتنقلة – أيا كان مسماها أو هيئتها – تحمل معها كماً معيناً من الكتب والدوريات ومصادر المعلومات المختلفة. لكن المفهوم الجديد الذي ابتدعه البريطاني بريستور كاهل يعتمد على أرشفة الانترنت وما ينشر فيها بهدف حفظه للأجيال القادمة. وبعد ذلك ابتكر فكرة المكتبة الالكترونية المتنقلة Bookmobiles, التي تُتيح – بمساعدة الانترنت – الوصول إلى المعارف الإنسانية بسعر زهيد لا يتجاوز دولاراً واحداً للكتاب الواحد.
وتتمحور فكرته هذه بالاعتماد على جهاز حاسوب مع طابعة ليزر ملونة وماسحة ضوئية وماكينة تغليف سريع وصحن التقاط هوائي يربطه بالانترنت، كل ذلك في سيارته. وما على المستفيد إلا أن يختار الكتاب، فيقوم سائق سيارة مكتبة الانترنت المتنقلة أو الموظف المرافق بتنزيل الكتاب للمستفيد من الانترنت, ونسخه وتجليده، ثم تسليمه للمستفيد في دقائق مقابل دولار واحد. وتكفي عشرون دقيقة فقط لتجهيز الكتاب الذي يقع في نحو ثلاثمائة صفحة. وإذا كان لديك أربع طابعات مثلا فإنك تستطيع تجهيز ثلاثين كتاباً في الساعة.
لقد أعجب باحث في جامعة هارفارد بالفكرة، وقال إن إعارة الكتاب ثم إرجاعه عند إعادته إلى مكانه في المكتبة يكلف دولارين, ولهذا فإن إعطاء نسخة منه دون إعادتها - مع بقاء الكتاب في محله - سيكون أقل كلفة.
ويتساءل آخرون عن الأسباب التي تمنع نسخ جميع الكتب على قرص ليزر ضخم ليتم بيعه؟
ويرد كاهل أننا لن نكون قد فعلنا شيئاً, فالانترنت اليوم بمثابة المكتبة العالمية التي تختزن كل شيء، وبإمكانك الوصول لكل ما تريد من خلالها, وإن كانت المعارف لم تنقل كاملة بعد للانترنت. ويتمنى كاهل أن يقتنع الناس بالفكرة, وإذا تم ذلك فسنرى المكتبات المتنقلة Bookmobiles تجوب شوارع المدن والأرياف في شتى أنحاء العالم لتسهل الحصول على الكتاب وتيسر تهيئة المعرفة لمريديها.
وقد قام كاهل بنقل الفكرة للهند, حيث تقوم اليوم مكتبتان من هذا النوع بنسخ الكتب من الانترنت مباشرة. ويتم الإعداد لإطلاق نحو ثلاثين مكتبة أخرى جميعها عبارة عن حاسوب وطابعة وناسخة ضوئية وطبق التقاط للاتصال بالانترنت. وهناك حديث عن أن الصين تستعد لاستباق الركب لتقوم مع الهند بنقل مليون ونصف المليون كتاب على الشبكة العالمية للمعلومات- الانترنت.
المعوقات:
هذا المشروع - شأنه شأن بقية المشروعات المماثلة - ليس بدون مشكلات أو صعوبات. وكل المشروعات الطموحة يعترضها العديد من الصعوبات. وأول ما يعترض هذا المشروع من المعوقات هو مسألة عدم تواجد الكم الهائل من المعرفة البشرية على الانترنت. ونقل هذه المعرفة الإنسانية من أشكالها ووسائطها الحالية لتصبح قابلة للإتاحة على الشبكة العالمية ليس بالأمر الهيّن. فالولايات المتحدة الأمريكية – مثلا – لديها أكثر من 16 مليون كتابا في مكتباتها, لم يُحوّل إلى الشكل الرقمي إلا عشرات الآلاف منها. ناهيك عن بلايين الكتب في مكتبات العالم التي تحتاج لمقدرات ضخمة لتحويلها إلى الشكل الرقمي، الذي يعتبر المتطلب الأول لعملية الإتاحة بواسطة شبكة الانترنت. ويعول كاهل – وكذلك المهتمون بهذا الأمر– على الأفراد الذين بإمكانهم الإسهام في هكذا مشروع، إما بالتطوع لنسخ الكتب إلى الانترنت – مثلما يقوم به العديد من الناس في الولايات المتحدة مثلا – أو بالتبرع بما يحقق شيئا من ذلك.
ولو نظرنا إلى هذه المسألة فيما يخص وطننا العربي لوجدنا أننا أكثر حاجة إلى هكذا مشروعات، وبخاصة إذا سلّمنا أننا أقل حظّا في تواجد المكتبات "المؤهلة" للخدمة العامة، مقارنة بما يتوافر في البلدان الغربية. وكذلك نحن في حاجة أكثر للتقدم الفكري والعلمي -للحاق بالركب – مقارنة أيضا مع حالة البلدان المتقدمة.
أما التحدي الثاني فيتمثل في مسألة حقوق الملكية الفكرية وحقوق التأليف والنشر التي تتوسع كل عام لتشمل أشياء لم تكن محسوبة كملكيات فكرية في السابق. ففي الولايات المتحدة – مثلا – كانت الملكية الفكرية تنتفي بمرور 28 عاماً على النشر. وهذا يتطلب أن يكون المُنتج مسجلا لدى جهة معينة, حتى يُصنف كملكية فكرية. وقد أصبح كل شيء في أمريكا ملكية فكرية منذ 1978 بشكل تلقائي, حتى لو لم يُسجّل لدى أي جهة. ثم مُدّدت الفترة إلى سبعين عاما بعد وفاة المؤلف.
وكذلك يظهر على السطح مشكلة أخرى تتمثل في الصعوبة التي تجدها دور النشر عند البحث عن أصحاب حقوق النشر, وبخاصة بعد وفاة المؤلف وذلك بتتبع ورثته, مما يكلف أموالا كبيرة تعوق في معظم الأحيان تهيئة الكتاب للنشر مجددا بالطرق الحديثة.
إدارة حقوق النشر:
لقد تم تكوين جماعة لإدارة حقوق النشر والتأليف وتسهيل التعاطي معها, وذلك بقيادة أستاذ قانون بريطاني في جامعة استانفورد تحت مسمى Creative commons . وتم تأسيس موقع لها على الانترنت يستطيع المؤلف من خلاله أن يختار من بنود الملكية الفكرية التي يريد التخلي عنها, وتلك التي يرغب الاحتفاظ بها, وروادها حاليا أولئك الذين ينشرون أعمالها على الانترنت. ويشمل هذا الموقع – بالإضافة إلى المعلومات الأساسية لهذه الجماعة وأهدافها والبنود المختلفة لحقوق النشر والتأليف – أكثر من 400 ألف وصلة Links لمواقع مهمة ومختلفة تساعد في إتمام أهداف هذه الجماعة. ولقد بدأ هذا المشروع بالكتب, وهناك فكرة لتوسيعه ليشمل الأفلام والأغاني والصور ومختلف وسائط حفظ ونقل المعرفة البشرية.
أمية معرفية أم تكنولوجية:
لقد أظهر تقرير اليونسكو ( 2002 – 2003 ) أن نحو 8 ملايين من أطفال العرب غير ملتحقين بالمدرسة، منهم حوالي خمسة ملايين فتاة. وقد أشار التقرير إلى أن البنات – متى مُنحن الفرصة – ينجحن بنسب أفضل من الأولاد، وأنهن ينهين دراساتهن الأولية والثانوية في معظم الأحيان. وقد أظهر التقرير أن 35 مليون طفل ( 54 % منهم ذكور ) التحقوا بالمدارس خلال العام الدراسي 99/2000، الأمر الذي يعني أن واحدا من كل خمسة أطفال خارج المدرسة . وقد بين التقرير أن نسبة الأمية في الدول العربية تصل إلى شخص من بين كل ثلاثة رجال, وواحدة بين كل امرأتين. وهذا يعني أن الدول العربية مطالبة أولا بالعمل الجاد والدءوب للتغلب على هذه الأمية التي تتضاعف مخاطرها في عالم لا يعرف مكانا لمن لا يعرف.
وهذه الأمية التعليمية يضاف إليها أمية أخرى يتصف بها كل من لا يعرف/يتصل بالانترنت وبالفضاء الالكتروني. إننا مقبلون على عهد سيكون للاتصال الالكتروني Connection الدور الأكبر في تسيير/تحديد مسار التطور العلمي والحضاري في السنوات القليلة القادمة. وكما أن الدول العربية مطالبة بالعمل الجاد والدءوب لمحو الأمية, فهي كذلك مطالبة لردم الهوة/الفجوة الرقمية ( الانقسام الرقمي Digital–divide ) التي يزيد اتساعها يوما بعد يوم جراء التطور التقني المتسارع في الغرب والشرق المتقدمين مقابل التطور البسيط/ الضعيف الذي تشهده بلداننا العربية, في زمن أصبحنا نصف الناس فيه بمتصل connected وغير متصل disconnected.
الأسباب العامة للاتصال بالانترنت:
استحوذت الانترنت على اهتمام كثير من الناس لأسباب كثيرة ومتعددة. فمن الناس من اهتم بها لمقدرتها في وصل الناس ببعض عن طريق المرسال ( البريد الالكتروني Email ), ومنهم من أفاد منها في التواصل مع عائلته وأصدقائه بالمحادثة الالكترونية Chatting، ثم بالحديث الهاتفي من خلالها. ومن الناس من انصب اهتمامه على مقدرة الانترنت في اختراق الحواجز الرقابية على المعلومات والمعارف التي لا تجد قبولا سياسيا أو اجتماعيا في هذا البلد أو ذاك. ومن الناس من تركّز اهتمامه على الانترنت كوسيلة سهلة ورخيصة في البحث عن المعلومات بشكل آني وسريع، إما لأغراض بحثية ودراسية أو لأغراض اقتصادية وتجارية أو بهدف ترويجي أو خلاف ذلك. كما أن فئة من الناس وجدت في الانترنت وسيلة مثالية بواسطتها تمكنوا من الحصول على الدرجات العلمية أو المهنية من الجامعات أو المعاهد والكليات التي تشجع على التعليم عن بعد.
ومن بين كل فئات المجتمع العاملة, كانت فئة العاملين في المكتبات ومراكز المعلومات من أكثر الفئات المهنية التي نظرت وتنظر للانترنت بعينين متفاوتتين ومتباينتين. نظرة مُرحّبة ومُتعطّشة كون الانترنت يمكن لها أن تكون ساعدا أيمنا لهم في تنفيذ أعمالهم وفي تقديم خدمات متميزة وسريعة لزبائنهم كالتي يحلمون بها منذ زمن بعيد. بل إن الانترنت تكاد تكون النموذج الذي كان يتطلع إليه منظرو الخدمات المعلوماتية الذين يعود المكتبيون إلى أعمالهم وكتاباتهم عندما كانوا يتنبؤن بمستقبل الخدمات المعلوماتية مثل فانيفر بوش وليكلايدر وغيرهما.
أما النظرة الثانية فكانت نظرة التوجس والريبة والحذر من هذا" العملاق" الذي يمكن له أن "يأكل الأخضر واليابس" في طريقه. ومردُّ هذه النظرة يعود إلى إمكانيات الانترنت العالية "ومواهبها" المتعددة التي قد تسحب البساط من تحت أقدام العاملين في المكتبات ومراكز المعلومات والذين استطاعوا المحافظة على هذه المهنة وتطويرها وتمكينها من سحب اعتراف المجتمع بها كمهنة مهمة.. بل واستطاعوا إقناع الجامعات بإعداد برامج الدراسات العليا التي تمنح الماجستير والدكتوراه في هذا العلم - مما يعني الكثير في ترسيخ مكانة هذه المهنة.
ووَجَلُ المعلوماتيين والمكتبيين من الانترنت أمرٌ في محلِّه, ذلك أن كثيرا من الناس يشعر اليوم أن الانترنت يمكن لها أن تغني عن المكتبات ومراكز المعلومات. ولقد سمعت في أكثر من موقع وفي أكثر من مكان مسؤليين كبارا عن مرافق معلوماتية يتساءلون إن كانت مرافق المعلومات لا زالت تستحق البقاء/الصرف عليها؟! بل إن زميلا يحمل درجة الدكتوراه (كنت وإياه في زيارة لأحد مراكز المعلومات) قال لرئيس المركز:" إننا لا نأتي كثيرا هنا بسبب مشاغلنا ( الله يعين عليها ), ثم إن الانترنت أصبحت الملاذ للباحث عن المعلومات"! وهذا الاعتقاد –للأسف- أصبح شائعا لدى كثير من المثقفين فضلا عن عامة الناس, الأمر الذي يدعوني أن أتساءل معهم إن كانت الانترنت تغني عن المكتبة؟!
تأثير الانترنت على المكتبات:
برغم إقرارنا أن الانترنت – في حد ذاتها – ليست مكتبة ولا يمكن لها وحدها أن تغني نهائيا عن المكتبة, إلا أنه من الواضح أن لها تأثيراتها الإيجابية والسلبية على المكتبات. تأثيراتها الإيجابية كثيرة نذكر من بينها بعضا من مميزاتها وما يتوافق مع حديثنا هذا. فهي أولا تمثل "العصب" بالنسبة للمكتبات الافتراضية التي بدأ تفكير علماء المكتبات والمعلومات فيها منذ زمن ليس بالقريب، ومن أوائل من تحدث عنها فانيفربوش عندما نشر مقالته الشهيرة في عام 1945 في مجلة أتلانتك منثلي، والتي عنونها بـ" كما يمكن لنا أن نفكر As We May Think", والتي يرجع إليها كثير من الباحثين, حيث تُعد الأكثر استشهادا عند الحديث عن المفاهيم الافتراضية أو الرقمية.
وهذا "العصب" يساعد المكتبات أيضا في التواصل فيما بينها وتبادل المعلومات, وتبادل الأسئلة والأجوبة المرجعية (في حال برامج التعاون بين المكتبات). كما يساعد المكتبات فيما بينها على تبادل البيانات ( الفهارس المنتجة ذاتيا ) وتبادل الوثائق إليكترونيا, ناهيك عن كونها السبيل الأسهل والأرخص –كوسيلة اتصال- للبحث في قواعد المعلومات المتخصصة دون الحاجة إلى الوسائل القديمة عند إعداد الاتصال باستخدام وسيلة الاتصال المباشر على الخط أو ما عرف بـDial–Up .
كما أن الانتشار الكبير للانترنت في المكاتب والمنازل والمكتبات جعلها جزءا لا يتجزأ من النسيج المعلوماتي لكثير من الناس الذين لم يكن لهم مجال أن يتصلوا بالمكتبات أو يفيدوا منها في السابق.
كذلك من التأثيرات الايجابية للانترنت على المكتبات أنها أسهمت/وتسهم في التزوّد بالمعلومات الحديثة جدا بشكل لم يكن يتم في السابق إلا بالاتصال المباشر المكلف ماديا وعلى حساب الوقت والجهد أيضا.
تأثير الانترنت في رسالة علمية:
لقد أظهرت إحدى الدراسات المتخصصة ، "حول تأثير الانترنت على استخدام المكتبات العامة"، العديد من النتائج المهمة التي سنستعرض بعضاً منها في هذه العجالة، بما يتوافق مع سياق هذه الدراسة. لقد أجريت هذه الدراسة بالهاتف، حيث تم الاتصال بأكثر من 3 ألاف شخص راشد في الولايات المتحدة في ربيع 2000 باستخدام الإنجليزية أو الأسبانية فقط. وقد تم إجراؤها بدعم مادي تمثل في منحة من إحدى المؤسسات، ونفذها أستاذ في علم المعلومات بجامعة بفلو في نيويورك (جورج ديليا)، ورئيسة مجلس المكتبات العامة في المدن (إلينور جو. رودجر). وجاء في الدراسة ما نجمله فيما يلي:
? أن 75.2% من مستخدمي الانترنت استخدموا المكتبة أيضاً, و60% من مستخدمي المكتبة استخدموا الانترنت؛
? أربعون بالمائة من العينة استخدمت كلاً من المكتبة والانترنت؛
? إن استخدام المكتبة واستخدام الانترنت ذات علاقة عكسية مع أعمار المستفيدين، بمعنى أن المستفيدين من المكتبة -بشكل ملحوظ- أصغر من غير المستفيدين, وكذلك مستخدمي الانترنت أصغر من غير المستخدمين؛
? أن استخدام المكتبة لم يكن ذو علاقة واضحة مع اختلاف السلالة Race/Hispanic (عند الأمريكيين), بينما وجدت العلاقة مع مستخدمي الانترنت؛
? استخدام الانترنت واستخدام المكتبة مرتبطة/ذات علاقة ايجابية مع مستوى التحصيل العلمي. فالمستخدمون كانوا أفضل تحصيلاً في التعليم من غير المستخدمين؛
? هناك ارتباط ايجابي بين المستخدمين (الانترنت والمكتبة) وبين دخل الأسرة Household Income. فقد أوضح المستخدمون بأنهم أفضل حالاً (فيما يخص الدخل) من غير المستفيدين؛
? أظهرت الدراسة علاقة بين جنس العينة (ذكر أو أنثى) واستخدام المكتبة/الانترنت. فنسبة مستخدمي المكتبة من الإناث تفوق الذكور, بينما تفوق نسبة مستخدمي الانترنت من الرجال نسبة الإناث؛
- أنه من بين أفراد العينة الذين يستخدمون المكتبة والانترنت:
• لا يوجد فرق – في هذه المرحلة – يدل على أن " استخدام الانترنت يُغيّر في دواعي وأسباب استخدام الناس للمكتبة"؟
• كما لا يوجد دليل – في هذه المرحلة – على أن " طول وحداثة وتردد استخدام الانترنت" يغير اتجاه استخدام الناس للمكتبات؛
• وكذلك لا يوجد دليل – في هذه المرحلة – على أن طول وحداثة وتردد استخدام الانترنت" يؤثر في " تردد استخدام الناس للمكتبة".
- أن نسبة الذين قالوا أنهم "يستخدمون الانترنت فقط" (20,3 % ) تمثل ضعفي نسبة الذين "يستخدمون المكتبة فقط"! الأمر الذي يعني أن المستخدمين الذين يستخدمون واحدة من الوسيلتين فقط، نجد فيها أن مستخدمي الانترنت أكثر مرتين من مستخدمي المكتبة.
وقد حظيت المكتبة بنسبة أعلى في الخصائص التالية:
- سهولة الاستخدام
- الأقل تكلفة
- إتاحة النسخ الورقية ( مقابل الرقمية للانترنت )
- دقة المعلومات
- مساعدة المكتبين وأخصائي المراجع ( مقابل خطوط المساعدة/أخصائي المراجع الرقمية على الشبكة).
ووجدت الانترنت تقديرا أكبرا في الخصائص التالية:
- سهولة الوصول للمعلومات ( بمعنى عدم الحاجة للذهاب للمكتبة جسدياً)؛
- الوقت (الذي يحتاجه الإنسان للوصول للمكتبة)؛
- إمكانية الوصول لها في أي وقت ( أربع وعشرين ساعة )
- تعدد المصادر
- توقع وجود ما يريده الإنسان.
- المقدرة على العمل مباشرة باستخدام ما حصل عليه من معلومات
- أكثر حداثة للمعلومات
- المقدرة على البحث/التصفح دون الحاجة لمساعدة المكتبين
- الترويح عن النفس
- المقدرة على العمل في مكانك دون أن تكون مع أحد في المكتبة (إذا كانت تجمعات الناس تضايقك)
- أكثر متعة عند التصفح
لقد أظهرت الدراسة أن مميزات/أوجه الخدمة في كل من المكتبة والانترنت قد حظيت بدرجات عليا من قبل المستفيدين، مقارنة مع الدرجات التي وضعها العاملون/القيمون على كل من الانترنت والمكتبة. وهذا يعني أن القائمين على الخدمتين لديهم الرغبة في تقديم ما هو أفضل، ربما أعاقهم عن تنفيذ ذلك عدد من المعوقات.
- أن أسباب عدم استخدام المكتبة ( عند غير مستخدميها ) ترجع إلى أسلوب حياتهم, ولا يوجد دليل على أن وجود الانترنت كان وراء ذلك.
- السبب الرئيس لعدم استخدام الانترنت عند المقدرة على ذلك يعود لعدم وجود حاجة ملحة لذلك؟
- السبب الأساس لعدم وجود اتصال بالانترنت (من قبل الذين قالوا أنهم لا يستخدمونها ) يعود لكلفة ذلك.
- أن الذين قالوا أنهم لا يستخدمون لا المكتبة ولا الانترنت من العينة، يعتمدون في تلبية احتياجاتهم المعلوماتية من الصحف والتلفزيون. وللتوضيح فقط, فقد استبعد الباحثان كل من لا يحسن التحدث بالإنجليزية أو الأسبانية، وكذلك فإن 9% من سكان الولايات - المتحدة الذين لا يملكون هواتف- لم تشملهم الدراسة. وقد اعتبر الباحثان أن كل من استخدم المكتبة خلال العام المنصرم أو اتصل بها هاتفيا أو استخدم موقعها على الانترنت أو لديه شخص آخر استخدم المكتبة نيابة عنه فإنه يُعتبر " مستفيدا من المكتبة ". كذلك يُعتبر " مستخدم الانترنت " كل من لديه مقدرة على الدخول على الانترنت من المنزل أو العمل أو المدرسة أو المكتبة العامة أو منزل/مكتب صديق أو مركز الخدمة الاجتماعية أو أي مكان آخر. بمعنى أنه استخدم الشبكة خلال العام المنصرم .
ولو حاولنا " رصد " أهم الأسباب للاتصال بالانترنت فسنجد الآتي:
حداثة المعلومات:
لعل أهم ما يميز الانترنت هو ما تتميز به من قدرة " مثالية " لتحديث معلوماتها. ولنتذكر الكتب السنوية ( كتب الحقائق ) التي كنا نعتمد عليها في المكتبات ( كلنا يذكر Europa Book على سبيل المثال ) التي كانت تشترك فيها المكتبات في طبعة سنوية، وذلك لتلبية احتياجات المستفيدين المعلوماتية فيما يختص بنوعية تلك المعلومات في أقسام المراجع.
إن أي تطور/تحديث لمعلومة في ذلك الكتاب تنتظر عاما أو أكثر لتعديلها في طبعة/نسخة الكتاب القادمة في العام اللاحق, وهو الأمر الذي لا يستغرق بضع دقائق اليوم باستخدام الشبكة العنكبوتية للمعلومات: الانترنت.
تعدد المصادر:
إن الاتصال بالانترنت لا يعني ترك وإهمال الكم الهائل من المعلومات المتوافرة على الوسائط التقليدية، سواء الورقية أو المحفوظة على أشكال المايكرفورم المختلفة أو السمعبصرية وغيرها. لكننا – من جانب – علينا بالاستخدام الذكي في هذه المرحلة الانتقالية Transition Period التي يتجه فيها معظم الناشرين إلى وضع كل ما لديهم على الشبكة، بحيث نوازن/نختار -عند ممارسة مهام التزود بمصادر المعلومات- مما يتوفر رقميا/افتراضيا وبين ما نحتاج للوصول إليه من المعلومات التي لم تصل بعد للشبكة العنكبوتية أو التي لم يتسنّ بعد لمالكي حقوقها أو الناشرين أن يحولوها إلى أشكال رقمية قابلة للتداول على الانترنت.
ومن الضروري أن نعمل على توحيد المدخل/الملجأ للمعلومات (بوابة المعلومات) بحيث يصبح المستفيدون يفكرون بطريقة تلقائية في مكان واحد يلجأون إليه عند الحاجة للمعلومات. وأيا كان هذا المدخل/الملجأ, فيجب أن يستجيب لمتطلبات واحتياجات المستفيدين المعلوماتية. وحيث أصبح الناس يفكرون في الاتصال بالانترنت تلقائياً للبحث عن المعلومات, فإنه من الطبيعي أن تسعى المكتبات لوضع محتوياتها على الانترنت أو تهيئة الدخول إليها عن طريق الانترنت, وهذا يقتضي تهيئة الفهارس لتصبح متوافقة مع معايير وبروتوكولات IP, وهو ما يوصف عادة بكونها تعمل في بيئة الانترنت Web-Based.
كذلك فإن الانترنت - بالإضافة إلى ما سبق- تساعد في حرية المعلوماتFreedom of Information لتتجاوز مشكلات الرقابة Censorship التي تفرضها العديد من الدول. وكذلك تُتيح التساوي بين الناس في تهيئة الوصول للمعلوماتInformation democracy فلا تُحتكر المعلومات في مكان واحد أو بلد واحد أو لجنس بعينه. وهذا بدوه يسهم في حرية التفكير والحرية الفكرية of Thought Freedom و Intellectual Freedom.
مزايا الانترنت:
لقد عدد رائد حلاق (2001 )، في بحثه حول تقويم معلومات الانترنت, العديد من المعايير عند اختيار مصادر المعلومات ( من الانترنت ) للبحوث منها المصداقية التي عدها أهم خصائص تقويم المعلومات, ودقتها ( أي صحتها ) وتاريخها وشموليتها وعقلانيتها ( الاعتدال والموضوعية والاستقامة ) .
كما سرد يوسف ( 2000 ) العديد من المزايا والخصائص للانترنت نستأنس براية في هذا السياق, حيث ذكر أولا أن الانترنت مفتوحة ماديا ومعنويا, إذ بإمكان أي شبكة فرعية أو محلية أن ترتبط بالانترنت وتصبح جزءا منها بصرف النظر عن موقعها الجغرافي أو توجهها الديني أو الاجتماعي أو السياسي؛ أن الانترنت عملاقة ومتنامية حيث حققت ما لم تحققه أي تقانه أخرى في تاريخ البشرية. لقد احتاجت خدمة المذياع نحو 40 سنة حتى أصبح لديها 50 مليون مشتركا؛ واحتاجت خدمات التلفزة إلى 13 عاما والحواسيب الشخصية إلى 16 عاما لتحقيق مثل ذلك الرقم. فيما حققت الانترنت في نحو 4 أعوام أكثر من ذلك الرقم وهو في تزايد مطرد. ففيما كان المشتركون في الانترنت يقدر عددهم بأربعين مليون مشترك نجده اليوم يتجاوز 300 مليون مستخدما .
3- معلومات عشوائية:
بسبب أن الانترنت تنمو بدون جهة أو جهات تنظيمية أو رقابية أو إدارية, فقد " تطاول بناؤها " بشكل عشوائي غير منظم. ورغم أن هناك محركات بحث كثيرة ومتعددة وبلغات مختلفة, فإن الانترنت لا زالت تزخر بمواد ومصادر ومعارف لا يمكن الوصول إليها بسهولة جراء الحالة العشوائية التي تعيشها. وهو الأمر التي تتفوق فيه المكتبات على الانترنت بما يبذل فيها من جهود تنظيمية وعلمية وإدارية وخدماتية.
4- شعبية طاغية: لا توجد وسيلة اليوم تضاهي في شعبيتها الانترنت, فهي وسيلة جماهيرية وغير مقصورة على فئة معينة, وبواسطتها امتلك الفرد العادي قوة كبيرة جدا بفضل ما تهيئة من خدمات من المراسلات والمعارف والمداولات المالية والعقود والاستفسارات وتبادل الصور والبيانات والمعلومات وسهولة البحث عن المعلومات إضافة إلى مزايا الاتصال الهاتفي بواسطتها أيضا واستخدام وسائل المحادثة Chatting والتراسل السريع بالماسنجر Messenger.
5- تجارة اليكترونية:
لا توجد وسيلة إعلانية تضاهي الانترنت في الوقت الحاضر حيث يقدر حجم التجارة الاليكترونية بين 65 – 100 بليون دولار, أكثر من نصفها من نصيب الولايات المتحدة, ومن المقرر أن يكون قد ارتفع حجمها مع نهاية هذا العام (2003 ) إلى نحو واحد ونصف ترليون.
6- التطور المستمر:
لقد أحدثت الانترنت تحولا كبيرا في مفهوم صناعة المعلومات وسرعة انتشارها لدرجة امحت معها فوارق الزمن وبعد المسافات. فقد تحول العالم – بفضل هذه الوسيلة – إلى شاشة صغيرة بقاراته الشاسعة وشعوبه المختلفة وأجناسه المتعددة التي أصبح من خلالها لأفراد يتزايدون في منازلهم ومكاتبهم.
معلومات مفيدة أم وسيلة ترفيه وتسلية:
وفي ذات السياق عدّد أحد مناصري المكتبات عشرة أسباب لبقاء المكتبات في أداء مهامها، شريطة أن يعمل القائمون عليها على تجديد هويتها/رسالتها mission، وتحديث أهدافها وتطوير السبل الكفيلة بتحقيق تلك الأهداف. ومن أجل المحافظة عليها ولئلا تصبح رمزاً "لعالم المطبوعات التي في طريقها للانقراض", على المكتبات أن تصبح قادرة على خدمة الباحثين أينما كانوا بحيث تمكنهم من التجول في كنوزها من أي مكان وفي أي وقت. ويقول مناصر المكتبات المشار إليه أن المكتبات العامة وجدت لتبقى, فلا "تخطط لإغلاق الأبواب" في المستقبل القريب. لقد جاء في تعداده لتلك الأسباب مايلي:
(1) أن رسالة الانترنت الأولى هي الترويح والتسلية وليس التعليم أو التربية أو المعرفة. وبرغم الكم الهائل من مصادر المعلومات (العلمية والثقافية) مثلما يتوفر على بعض المواقع -ومن خلال روابط مكتبة الانترنت العامة IPL.org أو كشاف المكتبيين على الانترنت Lii.Org وخلافهما- فإن السبب الرئيس وراء دخول الانترنت معظم المنازل هو كونها وسيلة تسلية. وبصرف النظر عما يقوله/يدعيه معظم الناس, فإنهم يشترون أجهزة الحاسوب ويشتركون في الانترنت لنفس الأسباب التي يشترون من أجلها التلفاز ويشتركون من أجلها في محطات البث التلفزيوني المشفر. وبلغه المتابعين والمشاهدين فلأنها (الانترنت) مثل قناةHPO وليست فقط من أجل C-SPANأو. THOMAS
(2) والانترنت كونها وسيلة تسلية, فهي - بطبعه الحال - مكان للتسويق. وأصبحت وسيلة "تكسّب"، ومكان لعقد الصفقات. ولهذا يتجلى قانون قريشامGresham (الذي يقتضي أن المواقع السيئة تطرد/ تطغي على المواقع المفيدة الجيدة). ولهذا فهناك من مواقع التسلية Entertainment أضعاف ما هو موجود من المواقع الجادة على الانترنت, برغم صعوبة التفريق بين الفئتين. وستصبح الانترنت مرتعا "للاعبين" الكبار (أمثال دزني) بحيث تصبح أكثر مركزية مع تنامي "المعلومات بالتسلية" Infotainment، وستختفي الحواجز بين الدعاية والإعلان وبين مصادر المعومات الجادة مع تزايد إعلانات Pop-UPs وترويسة الاعلاناتلBanners على رؤوس الصفحات التي تمتلئ بالإعلانات المضيئة Flashing. لقد كانت الدوريات والكتب العلمية بمنأى عن الدعاية والإعلان، بحيث لا يتشارك شيء في أسباب وجودها مع الهدف العلمي. وعليه, فلا نتوقع أن تتخلص الانترنت من إشكالات الجودة في المواقع إذا كانت الدوافع الدعائية والتسويقية تتداخل مع الأهداف العلمية في تحريك عجلة وهيئة وكيفية مصادر/مرافق المعلومات على الشبكة. وهنا يصبح للمعلن دور وتأثير في مسائل الاتصال العلمـي Scientific communication ، بدلاً من المستفيد النهائي الذي كان يتحكم في مسيرة "التواصل" والتفاعل بينه وبين ما ينتج من معلومات علمية( ).
(3) إن المعلومات ذات الجودة quality content ستكلف أكثر بشكل مطرد مما كانت تكلف)رغم أنها كانت مكلفة أيضا). وإلا فإن UMI وأمثالها EBSCO وLAC ستخسر بقاءها فضلاً عن أن نذكر Wall Street Journal .
إن هذه هي الطريقة التي تعمل مع الاقتصاد الذي يعتمد على المجانية أولا كما كان الحال مع انتشار التلفاز الذي ابتدأ مسيرته بعدد القنوات التي دُعمت من قبل شركات الإعلان قبل أن تتخصص بعض القنوات لتعمل لجماهير محددة (بالاشتراك Cable). ثم جاءت بعد ذلك قنوات متميزة ولكن نظير اشتراكات أعلى قُبيل مجيء قنوات ادفع مقابل أن تشاهد Pay per view للمناسبات الخاصة. ونلاحظ أن الأخيرتين تخصصاً في المناسبات الرياضية أو الإباحية.
ولهذا فإنه من الصعب إيجاد قنوات تلفزيونية اليوم –خالية من الدعاية- تقدم محتويات "راقية" وذات جودة عالية. وهذا هو ما تسير الأمور إليه في الانترنت. ولعل الاشتراكات "المعقولة" Micropayment تكون الحل الأمثل اليوم بدلاً من مفهوم الاقتصاد المجاني gift economy الذي تعتمد عليه الانترنت ، لتحقيق اعتمادية وموثوقية وجودة أكبر لما يقدم على الانترنت اليوم.
(4) لعل أهم ما يميز به الانترنت اليوم اجتماعيا هو استخدامها كوسيلة تواصل Communication Medium. لقد تغير كل شيء بالفعل في هذا المجال حيث استبدل الناس المرسال email بالبريد العادي (البطيء) لدرجة تقلق مكاتب البريد وتنذر بإغلاق كثير من وكالاته. كما أن هاتف الانترنت وناسخوها (الفاكس) يتطوران بشكل متسارع في هذا الاتجاه. وبرغم الإفادة القصوى التي قدمتها هاتان الخدمتان للعائلات والأصدقاء للتواصل فيما بينهم, إلا أنها للأسف تستخدم كثيراً في المحادثات الفارغة Chattingوفي بث الإعلانات غير المقننة Spam التي يتطفل بها أصحابها على الناس بدون وجه حق. وقد ظهر عدد من الخدمات التي تشبه ما تقدمه المكتبات في الخدمة المرجعية, لكنها لا ترقى لأن تصل لمرحلة إغلاق المكتبات والاستغناء نهائيا خدماتها.
(5) الانترنت –أحياناً- تُشبه كتاب قطعت أوراقه ورميت عشوائيا على الأرض. وعليه فمن السهل أن تجد بعضا مما تحتاجه بالفعل. ولكن من الصعب القول بأن الباحث سيجد كل مايحتاجه، وبالجودة التي كان يجدها في المكتبات. والانترنت هنا تتميز بعجز من يريد أن يقطع ورقة في كتاب بمكتبة أن يفعل الشيء نفسه. لكنها -كونها تعتمد على محركات بحث- تعاني من مشكلة الاسترجاع، إذ تسترجع أحيانا مئات الآلاف من المواقع حول موضوع معين, لأنها تعتمد على برامج اليكترونية تجوب مواقع الانترنت في كل العالم بحثا عن كلمات مفتاحية Key words . وهذه المواقع – أولا ليست مكشفة (بمعنى أنها تستخدم اللغة الطبيعية Natural Language مقابل اللغة المحكمة Controlled vocabulary).
وكون عملية الاسترجاع هنا تعتمد على مرور محرك البحث بالكلمات المفتاحية, فقد ظهرت تقنيات برمجية " تستقطب محركات البحث للمواقع بغية ظهورها في نتائج البحث أولا. وقد استخدمت هذه التقنية كثيرا من قبل المواقع الإباحية مثلا. كذلك فإن بعض المواقع تتضمن كثيرا من الكلمات المفتاحية ذات غير علاقة بمحتوى الموقع وذلك أيضا حتى تتمكن من " لفت الانتباه " محركات البحث.
(6) لازالت الانترنت تعاني من مسألة التوثيق/الأصالة لما تقدمه من معلومات وبحوث. فهناك العديد من الوثائق غير المذيلة بمؤلف صاحب مسؤولية, وبعضها لا يشير إلى آخر تحديث طرأ عليها. كما أنه ليس هناك " تأكيد " على أصالة ودقة ما تحوى من معلومات. ونظرا لوجود مشكلات كبيرة فيما يتعلق بأمن المعلومات على الانترنت, فإن هذه الوثائق معرضة لاختراق. ( هناك تقنيات محددة مثل PDF مضمونة الحماية ولا يمكن تعديلها).
(7) كثيرة هي المعلومات على الانترنت حتى لا يكاد المرء يحصي ما عليها حول موضوع معين, لكنها في ذات الوقت ليست عميقة! كما أن الانترنت تحوى معلومات – غالبا – خلال فترة تاريخية قصيرة, إضافة إلى أنها لا تحوي كل ما نشر عليها منذ نشأتها, بمعنى أن الجانب التاريخي لما ينشر عليها ضعيف حتى مع نشأة مؤسسات متخصصة في هذا المجال مثل: www.archive.org.
وهناك إشكالية حول مستوى ما ينشر على الشبكة, فهو ليس بالضرورة جيد المستوى. إذ أن هناك كثيرا ممن يرغبون في النشر وجدوا في الانترنت ضالتهم في ظل عدم مقدرتهم/امتناع أي ناشر بتولي نشر أعمالهم لرداءتها. ويجب أن نشير إلى أنه هذه السلبية للانترنت يقابلها ايجابيات للنشر لمن لم يستطيعوا النشر لظروف مادية أو لعدم مقدرتهم تجاوز ظروف اجتماعية أو سياسية لنشر أعمالهم.
وعليه فإن مسائل استرجاع المحتوى تعتمد على عمليات الإدخال, فلا تتوقع أن نسترجع أفضل مما تم وضعه على الشبكة. بمعنى أن نظام/قانون المتخصصين في الحواسيب ينطبق هنا تماما: garbage in, garbage out .
(8) ليس هناك من شك في أن الانترنت ستُحدث تغييرا جذريا في مسائل التعاطي مع حقوق النشر. وهذا التغيير لا يعني زوال تأثير حقوق التأليف على النشر, بل العكس هو الصحيح. فمن جانب يسهل تصوير ونقل المعلومات من على كتاب أو مجلة اليكترونية أو موقع اليكتروني, ولكن من جانب آخر فإن ذلك يصعب متي ما استخدمت التقنيات المناسبة لحفظ الحقوق. كما أن الباحث/المؤلف أصبح لديه امكانات كبيرة لحفظ حقوقه التي نُشرت اليكترونيا متى أراد ذلك.
(9) لعل الوثائق الورقية لديها من المميزات الكثير التي يتجاهلها كثير من الناس سعيا لمواكبة التطورات المتلاحقة خلف الانترنت التي " أغرت " بمميزاتها كل ما عداها. فالوثائق الورقية رخيصة في الانتاج, وليس لها عمر افترضي, فلا نحتاج لتجديد حواسيببنا كل خمس سنوات لقراءتها, ولا يفرق معنا أكانت حواسيببنا انتل أو ماكيروسفت. كما أن للكتاب وضوح في الرؤية Resolution لا تتوفر في أي حاسوب حاليا ولا في المستقبل القريب, وهي أيضا لا تحتاج لطاقة الكهرباء مثلا للإطلاع عليها.
(10) بالمقابل فإن الانترنت, بما تشمل من مصادر معلومات اليكترونية, تتميز على المصادر الورقية بالكثير مما تقدمه من معلومات بأشكال مختلفة تدمج فيها الصوت مع الصورة مع الحرف. ولو قدر لي لقلت في جملة واحدة أن الكتاب الورقي يتميز بالمعلومات الخطية/ الطولية Linear فيما تتفوق الانترنت بما تقدمه من الوسائط المتعددة في آن Multimedia.
وعليه فإن المكتبة تتفوق في تهيئة بيئة " مثالية " للإفادة من المعلومات وفي " تشجيع " المستفيدين بالتواصل " الحي " بين موظفيها والمستفيدين وفي إتاحة المعرفة للمستفيدين بشكل يشجعهم على التحصيل والافادة. ولعله من الصعب جدا الاختيار بين المكتبة والانترنت كواحدة منهما دون الأخرى في ظل الحاجة الماسة للاثنتين, ولكن الواضح أن الافادة من الاثنتين تكامليا في المرحلة الحالية هو الخيار الأمثل. بيد أنه من الضروري لكل منهما العمل على تجاوز مشكلاتها الخاصة بها والعمل على تحقيق تقدم نحو مميزات الأخرى.
ولنا أن نتخيل المكتبة -بما تتمتع به من بيئة معرفية وجوّ مساعد للبحث والتقصي وموظفين "بشوشين" ومهتمين– تحقق بعضا أو أغلب مميزات الانترنت من سرعة في التواصل وسرعة في الوصول للمعلومة الحديثة وما إلى ذلك من مميزات الانترنت. كما لنا أن نتصور الانترنت وقد اتسمت بموثوقية المعرفة (الورقية) وأصالة ومصداقية محتواها في بيئة تشجع على العلم والمعرفة دون تدخل وسائل الكسب ( الإعلان ) في مسيرة عرضها. إنه لخيال جميل قريب التحقق إن شاء الله. المراجع العربية
حسين, فاروق ( 1997 ). الانترنت: الشبكة الدولية للمعلومات. بيروت: دار الراتب الجامعية.
الزهري, سعد بن سعيد (1424). هل تغني المكتبة عن الانترنت؟. المعلوماتية, ع4. صـ12-15.
حلاق, رائد ( 2001 ). تقويم معلومات الانترنت. العربية 3000. ع3, ص67 -76.
صوفي, عبد اللطيف ( 1998 ). انترنت 2000: أهميتها في المكتبات وسبل مواجهتها. أعمال مؤتمر الاتحاد العربي للمكتبات والمعلومات التاسع المنعقد في دمشق 21-26 / 10 / 1998 م. تونس: المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم, 1999.
الضبيعان, سعد عبد الله ( 1420 ). مكتبة أرامكو السعودية المتنقلة: الواقع والطموحات. الرياض: جامعة الملك سعود
عباس, بشار ( 1998 ). دور انترنت والنشر الالكتروني في تطوير خدمات المكتبات الحديثة. مجلة مكتبة الملك فهد الوطنية. مح3, ع2 . صص7- 26 .
عباس, هشام عبد الله (2001 ). المكتبات في عصر الانترنت: تحديات ومواجهة. العربية 3000. ع3, ص- 97 – 109.
محيى الدين, حسانه ( 2001 ). الانترنت في المكتبات ومراكز المعلومات: الامكانات, الفوائد والتحديات. العربية 3000. ع3, ص154 – 171.
يوسف, عاطف ( 1981 ). واقع المكتبات المتنقلة في الأردن. رسالة المكتبة. مج16 , ع3 . ص ص 39 - 42 .
يوسف, محمد زايد ( 2000 ). الانترنت لغة المستقبل. صحيفة عكاظ. س42 , عم 12259 . ( 14 / 12 / 1420 الموافق 20 مارس 2000 ). (استشهد به عباس, هشام عبد الله (2001 ). المكتبات في عصر الانترنت: تحديات ومواجهة. العربية 3000. ع3, ص- 97 – 109).
المراجع الأجنبية
Beyond Portals and gifts: Towards a bottom-up net-economy. At:
http://www.firstmonday.dk/issues/issue4_1/stalder/ (شوهد في 27/12/2003).
D` ELia, George & Eleanor Jo Rodger (2003). The Impacts of the Internet on public Library Use.
موجود على الرابط التالي:
WWW.urbanlibraries.org/internet%20study%Fact%sheet.html (Seen on 9/17/ 2003).
Harrocks, S.H.& J.A. Hargreaves (1961). Book Mobile operations over the world. Library Trends, Vol.9, No.3.
نقلا عن: الضبيعان, سعد عبد الله ( 1420 ). مكتبة أرامكو السعودية المتنقلة: الواقع والطموحات. الرياض: جامعة الملك سعود.
Here to stay 2.02: The top ten reasons Why the internet will not replace library:
WWW.Geocities.Com/Soho/nook/8823/still-hunt.html .
portal.Unesco.Org //
Reasons for connecting to the internet. at:
//home.cc.umanitoba.ca/~ poluha/cps/reasons.html (شوهد في 17 /9 / 2003 )
Beyond Portals and gifts: Towards a bottom-up n<!--EndFragment--> man"; '9�8-a�/��� family:"Times New Roman";color:#222222;mso-fareast-language: FR'>وكمثال على التآلف بين مزايا برامج البحث الآلي ومزايا الفهرسة البشرية،
يمكن أن نأخذ مثال المعايير التقنية التي تسمى خطة من أجل انتقاء محتويات إنترنت : Platform for Inteernet Contents Selection (PICS) ، حيث يستطيع الجمهور أن يوزع إلكترونياً توصيفات الأعمال الرقمية بصيغة بسيطة قابلة للقراءة من الحاسوب . وتستطيع الحواسيب أن تعالج هذه العبارات التعريفية Labels لحجب المستفيدين آلياً عن المواد غير المرغوبة أو توجيه عنايتهم إلى مواقع ذات أهمية استثنائية .
وقد كان الدافع الأصلي لابتكار (PICS) هو السماح للآباء والمعلمين بحجب مواد لمسوا أنها غير ملائمة للأطفال الذين يستخدمون الشبكة .
وتتجه PICS اليوم إلى توسيع هذا المفهوم بهدف تخويل المستخدمين بالتحكم بما يستقبلونه .
ويمكن لعبارة التعريف PICS أن تصف مظهر الوثيقة أو الموقع وتصنيف الموضوعات ودرجة اعتماد المعلومات في موقع معين ومدى أمن الموقع وخلوه من الفيروسات .
وتستطيع شركات التزويد دمج عبارات التعريف مباشرة بوثائق وصفحات Web ، كما يمكنها أن تحتفظ بها مجمعة ضمن قاعدة بيانات مستقلة يرجع إليها من يرغب بالاسترشاد بها . وإذا كان معظم مستخدمي إنترنت يعدون الوسائل التقنية المتوافرة حالياً للبحث عن المعلومات أمراً مزعجاً ويستهلك كثيراً من الوقت ، فإن مبادرات عديدة انطلقت لتطويرها ، ومن أهمها المبادرة الخدماتية الحديثة : البحث البشري - هيومن سيرتش Human Search التي تعتمد على فريق من جامعي المعلومات الذين يتمتعون بخبرة البحث في شبكة Web ، ويقومون بالبحث بالنيابة عن المستفيدين ، وما على المستفيد سوى إرسال طلبه بدقة عبر البريد الإلكتروني على عنوان الشركة في صفحات Web وهو:(w.w.w.humansearch. wl. com) .
وبعدئذ يقوم جامع المعلومات الشخصي بالبحث عن البيانات وإرسال النتائج عبر البريد الإلكتروني إلى المستفيد . ويمكن القول إن هذه الطريقة قد تغدو أحد الأساليب المستقبلية للبحث عن المعلومات عبر إنترنت ، تماماً كما هو حالة ( الوكلاء الأذكياء ) التي تعتمد على برامج ذكية تؤدي دور وكيل المستفيد ، وهي برامج متطورة مرتكزة على نظام خاص من الذكاء الصنعي المصمم لتقليد الدماغ البشري . كما أنها قادرة على ترجمة اللغات البشرية إلى مفاهيم يتقبلها جهاز الكمبيوتر . فإن هذا النظام يتأقلم تدريجياً مع احتياجات المستفيد الخاصة من المعلومات ، حيث يجري تدريبه مرحلياً على العثور المعلومات الشخصية التي ينشدها كل مستفيد أو قطاع .
ونورد فيما يلي مثالاً لشكل العبارة التعريفية :
4.2.1 – الآفاق :
تشهد برامج البحث الآلية تطوراً كبيراً في بنيتها ، ويزداد اعتمادها على الذكاء الصنعي ، ويحاول مصمموها باستمرار سد الثغرات التي أشرنا إليها سابقاً، لأن الوسائل الراهنة المتوافرة للبحث عن المعلومات عبر الشبكة لن تكون قادرة على مواجهة معدل النمو المتسارع جداً .
ورغم كل ذلك فإن الاتجاه الرئيس في هذا المجال لن يتقرر فقط في مكاتب التقنيين والباحثين وإنما سيقرره الجمهور الواسع في إنترنت .
إن توسع نطاق أي من مهارات التصنيف البشرية أو الفهرسة الآلية واستراتيجيات البحث الضرورية سيتوقف على الناس الذين يستخدمون إنترنت ، فهناك مجموعات كبيرة من الباحثين الذين يرغبون بدعم مهارات التصنيف البشرية ويرون أن أفضل نموذج للإنترنت هو المكتبة الرقمية ، في هذه الحالة لا تبقى محركات البحث مجانية لأن مشتركي إنترنت سيتضاعفون بنسبة كبيرة حسب توقعات المراقبين جميعهم ، بينما هنالك مجموعات أخرى ترغب بالحصول على المعلومات على أوسع نطاق وهذا ما توفره الفهرسة الآلية ، وكذلك يرغب المحللون الاقتصاديون بالحصول على نفاذ شامل إلى قواعد البيانات الخام للمعلومات دون أي تحكم أو رقابة أو تنقيح ، وهم بذلك يرون في محركات البحث ضالتهم المنشودة لأنها توفر لهم فوائد حقيقية فهي تمنع أي ترشيح Filtering انتقائي للمعلومات . كما يحتاج عدد كبير من المستخدمين إلى إرشادات حول الطريقة المثلى لاستخدام إنترنت والحصول على المعلومات التي تتعلق بعملهم أو بهواياتهم دون أن يضطروا إلى دفع نفقات المفهرسين البشر لتحليل ونقد عشرات آلاف المواقع في إنترنت .
ولذلك نستطيع القول إن قرار اختيار منهج معين لتجميع المعلومات سيتوقف غالباً على المستخدمين . هل يناسبهم أسلوب منظم لبناء المجموعات ؟ أو يفضلون أن تبقى فوضوية ، مع توفير النفاذ بالنظم الآلية ؟ .
وتتوقع بعض الأوساط أن تكون الخدمات الجديدة لمحركات البحث موجهة إلى قطاعات متخصصة ومتنوعة مثل محركات بحث مصممة للفنون الإبداعية وأخرى للآداب أو للعلوم الإنسانية أو آليات السيارات أو حتى لمبرمجي الحاسوب.
وبما أن خيار دعم الفهرسة البشرية سيتكلف مبالغ كبيرة جداً لتحقيقه ، فقد تكون الفهرسة الآلية منخفضة الكلفة التي تعتمد على الحاسوب هي المهيمنة في المستقبل على البيئة عديمة الشكل التي تميز إنترنت المعاصرة .
لذلك نجد أن صياغة مستقبل استرجاع المعلومات في إنترنت سيعتمد على العوامل الاجتماعية والاقتصادية أكثر من اعتماده على إمكانات التطور التقني .
وبناء على ذلك قد تتجه إنترنت في النهاية إلى الانقسام إلى شبكتين ، إذ تعتزم المؤسسات العلمية الأمريكية تحقيق تصورها حول إنشاء شبكة ( إنترنت 2 ) وشبكة إنترنت الجيل التالي Next Generation Internet (NGI) حيث يفترض أن تخصص هاتان الشبكتان للبحث العلمي ، وبذلك يمكن أن تكونا أكثر تأهيلاً لتطبيق حلول تدمج جهات المكتبيين مع قدرات برامج الفهرسة الآلية للوصول إلى تنظيم أدق المعلومات المنشورة على الشبكة
المراجع
1- Chapman. Fern Shumer : Web of Deceit-Pc WOLD, August / 1997
2- Engst, Tonya: The Internet Robot’s Guide to a Web Site-Byte, May / 1997 .
3- Fox, Robert: Communication of the ACM- Web Techniques, January / 1997.
4- Halfhill, Tom. R.: Good-Bye, GUI….Hello,NUI-BYTE/ 1997 .
5- Lange, Alex: Sorting through Search Engines – Web Techniques, June / 1997 .
6- Lynch, Clifford : Searching the Internet Scientific American, March / 1997.
7- Richardson, Eric.c: See; Seek and Shalbe Found – Web Developer, November/ December / 1996 .
8- Scientific American : Feltering Information on the Internet – March / 1997 .
9- Scientific American : The Internet : Bringig Order from Chaos- March / 1997 .
ساحة النقاش