الحمد لله الذي جعل شهر رمضان من أفضل شهور العام، ومنَّ علينا بإدراك شهر الصيام والقيام، فضل أيامه على سائر الأيام،وعمر نهاره بالصيام، ونور ليله بالقيام.أحمده وأشكره على الإحسان والإنعام، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له،إله تفرد بالكمال والتمام،وأشهد أن محمدا عبده ورسوله،أفضل من صلى وصام، وأتقى من تهجد وقام، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، صلاة دائمة تتعاقب بتعاقب الضياء والظلام، وسلم تسليما كثيراً. أما بعد: فيا عباد الله، اتقوا الله تعالى واحمدوه واشكروه على أن بلغكم شهر رمضان، رمضان النور والذكر والخير والطهر، فيه ليلة القدر والذكريات الكثر، فيه عزّ الفتح وفيه نصر بدر، وفي ختامه بهجة العيد وفرحة الفطر.

أيها المسلمون :نزل بساحتكم شهر كريم وموسم عظيم،فهذا اليوم المبارك يوم الجمعة ثاني أيامه، يحمل خيراتٍ عظيمةً، وبركات كثيرة، فيه مضاعفة للحسنات، وتكفير عن السيئات، وإقالة للعثرات، مخصوصٌ بأسمى الصفات وأزكى الدرجات. فهلال رمضان قد حلَّ، ووجه سعدِهِ قد طلَّ، رمضان هلَّ هلاله، وخيّمت ظلاله، وهَيْمَنَ جلاله، وسَطَع جماله، لقد أظلّنا موسم كريم الفضائل، عظيم الهبات والنَّوَائل0      أيها الصائمون : إن بلوغ هذا الشهر نعمة عظمى، وإدراكه منة كبرى، تستوجب الشكر، وتقتضي اغتنام الفرصة الكبرى، بما يكون سبباً للفوز بدار القرار، والنجاة من النار، يقول الله جل وعلا: )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ( البقرة : 183

فاشكُروا ربَّكم على أن بلّغكم رمضان، واحمَدوه على أن وفَّقكم للصّيام والقيام،)قُلْ بِفَضْلِ ٱللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مّمَّا يَجْمَعُونَ(يونس:58.فلله الحمد والمنة وله الشكر والثناء أن بلغنا شهر رمضان المبارك فنهنِّئ أنفسَنا والمسلمين ببلوغِ هذا الشّهرِ العظيم، جعَلَه الله مبَاركًا على أمّةِ الإسلام وعمومِ المسلمين في مشارِقِ الأرضِ ومغَاربها، أهلَّه الله علينا بالأمنِ والإيمان والسلامَةِ والإسلام والعِزّ والنّصر والتمكين للمسلمين. ثم أعلم يا عبد الله: إن العبد ببلوغ رمضان وصيامه وقيامه يسبق الشهداء في سبيل الله الذين لم يدركوا رمضان .فعن طلحة بن عبيدالله أن رجلين من بلى قدما على رسول اللهr وكان إسلامهما جميعا فكان أحدهما أشدَ اجتهادا من الآخر ، فغزا المجتهد منهما فاستشهد ، ثم مكث الآخر بعده سنة ، ثم توفي ، قال طلحة: فرأيت في المنام بينا أنا عند باب الجنة ، إذا أنا بهما فخرج خارج من الجنة فأذن للذي توفي الآخر منهما ، ثم خرج فأذن للذي استشهد ، ثم رجع إلي فقال: ارجع فإنك لم يأن لك بعد. فأصبح طلحة يحدث به الناس، فعجبوا لذلك،فبلغ ذلك رسول الله r، وحدثوه الحديث، فقال: من أي ذلك تعجبون؟فقالوا: يا رسول الله،هذا كان أشد الرجلين اجتهادا ثم استشهد،ودخل هذا الآخر الجنة قبله! فقال رسول اللهr:(أليس قد مكث هذا بعده سنة؟ )قالوا: بلى  قال :( وأدرك رمضان ، فصام وصلى كذا وكذا من سجدة في السنة )، قالوا: بلى . قال رسول الله r: (فما بينهما أبعدُ مما بين السماء والأرض) .رواه ابن ماجه وصححه الألباني    

عبادَ الله: إن مِنَ المسلمين لا يعرِف فضلَ هذا الشهرِ وقدرَه، فهو سيِّد الشهور وخيرُها، )شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ(، البقرة من الآية 185 من صامه وقامه غفِر له ما تقدَّم من ذنبِه، فيه ليلةٌ هي خيرٌ من ألفِ شهر، وقد ثبت في الصحيحَين أن النبي r قال:(مَن صام رمَضان إيمانًا واحتسابًا غفِر له ما تقدَّم من ذنبه، ومن قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفِر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلةَ القدر إيمانًا واحتسابًا غفِر له ما تقدَّم من ذنبه) وفي هذا  الشهرِ العظيم نتذكرُ قولَ ربِّنا - جل جلاله - وهو يبينُ الغايةَ العظمى , التي من أجلها شُرع الصيامُ وفُرض , ألا وهي تحقيقُ التقوى في القلوب , وعمارتُها بالخشيةِ واليقينِ الثابت , وتعويدُ النفسِ على الصبرِ ومكابدةُ المشاق , والإحساسِ بمعاناةِ الآخرين, وأنَّها إنْ استطاعت أن تؤمنَّ لذَّاتِها ومطعوماتِها طِوالَ العام ,فإنَّ ثمةَ أنفساً كثيرة , تكابدُ الجوعَ والعطشَ العامَ كلَّه! )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (, البقرة : 183 فالصوم أيها المسلمون لم يُشرعْ عبثاً , ولم يفرضْ سفهاً , حاشا وكلا , وليستْ القضية , قضيةُ تركٍ للطعامِ أو زهدٍ في الشراب , القضيةُ أكبرُ من ذلك بكثير يا مسلمون ,فما فُرضَ الصيامُ يومَ فُرض , إلاَّ لكي يعلمَ المسلم أنَّ هناك رباً , يُشرِّعُ الصومَ متى شاء , ويبيحُ الفطرَ متى شاء , وليعلمَ كذلك أن هناك رباً يعدُ ويَتوعد , يُعطي ويَمنع , ويَخفض ويَرفع , ويَضر ويَنفع , ألا إلى الله تصيُر الأمور ,! وليعلمَ علمَ يقيٍن لا يعتريه شكٌ , أنَّ هناكَ موتاً وقبراً , وأنَّ هناك بعثاً وحشراً , وأنَّ هناك جنةً وناراً ,ونعيماً وجحيماً , فإذا استشعر الصائمُ هذه المعانيَ العظيمة , فتغلغلتْ في روحه ,وجرتْ في دمه,أيقنَ بضرورةِ إصلاحِ أوضاعه,والتخلي عن كبريائه ,وجرأته على انتهاكِ محارمِ الله ,وسارعَ إلى الالتزامِ بشرعِ الله , وانطلقَ ينشدُ التقوى بأي ثمن , وحملِ النفس على تلمسِ رضا مولاه جلَّ جلالهُ وتقدستْ أسماؤهُ                                                                                                  أيها المسلمون : لقد أساءَ الكثيرونَ فهمَ الإسلام، واتخذوا شعائرَه  هزواً ولعباً, وفي أحسنِ الأحوال جعلوها شعائرَ جوفاء, وعباداتٍ جرداء ،لا روحَ فيها ولا تأثيرَ لها, وإلاّ فما معنى أن يكون أعظمُ شُهورهم,وأنفسُ دُهُور هم  وأغلى أوقاتهم ؟! ما معنى أن يتحولَ ذلكَ الشهرُ المقدسُ إلى شهرِ الأسواقِ المزدحمةِ,والموائد ِالممتدةِ بألوانِ الإسرافِ, والتبذير؟!وما معنى أن يتحولَ أعظمَ شُهُورِهم إلى شهرٍ لمطالعةِ الفتنةِ, وإثارةِ الغرائزِ  وهدم الفضائل ؟! وما معنى أنْ يظلَّ الشبابُ عمادُ الأمةِ وأملُها سادرينَ في غيهِم, ممعنينَ في ضلالِهم, مستسلمين لشهواتِهم,منكبينَ في ملذاتِهم؟! لا يُراعون للشهرِ حرمةً، ولا يرجونَ لله وقاراً,  يذرعونَ الشوارعَ بسياراتِهم اللامعةِ, ووجوههمِ المصقولةِ، وهيئاتِهم البغيضة, يؤذونَ العبادَ, ،ولا يَسلمُ من شرِّهم حاضرٌ ولا باد, وما معنى أن يتحولَ شهرُ بدرٍ وفتحِ مكة, إلى شهرِ الخمولِ, والتثاؤب, والتثاقلِ عن أداءِ الضروريِّ الواجب؟!, واعجباً لصوَّامِ آخرِ الزمان هؤلاء. من لا يسجدُ للهِ سجدةً لا في رمضانَ ولا في غيرِ رمضان,  وهو مع ذلكَ صائمٌ محتسبٌ, يظنُ أنَّه قد بلغَ مرتبةَ أبي بكر وعمر , إنَّهم يسيئونَ فهمَ الإسلام,ويتعاملونَ معهَ مشوهاً ممزقاً, مجزاءً, فوا غربةَ الإسلامِ! ويا حسرةً على العباد!!

أيها المسلمون :وفي رمضان نتذكرُ جملةً من أخبارِ رسولنا الحبيب - صلواتُ اللهِ وسلامُه عليه - الذي ما تركَ شاردةً ولا واردة ولا طائراً يطيرُ بجناحيه , إلاَّ أنبأنا شيئاً من نبأهِ ، وأخبرنا شيئاً من خبرهِ ، يخبرنا نبيُنا r عن تصفيدِ مردةِ الشياطين في رمضان فلا يصلونَ إلى ما كانوا يصلونه في غيرِ رمضان ، لكنْ من يصفدُ لنا مردةَ شياطينِ الإنس الذين لا يرعونَ في رمضانَ ولا غيرهِ ؟! فبمناسبةِ رمضان تنشط بشكل عجيب ،ويتضاعف جهود المحطات وقنوات البث من مسلسلات العنف والجريمة الدرامية والمشاهد الفكاهية المستهزئة والأغاني المائعة، فأصبح رمضان موسم للمحرمات وعرض الأفلام. حتى أصبح الكثير من أبناء المسلمين رهينة لأعداء الله ولقمة سائغة لهم، فأعداء الإسلام حينما علموا عن شهر رمضان ومكانته عند المسلمين وأنه موسم للقربة ولرجوع الناس أجلبوا بخيلهم ورجلهم، وسلطوا سهامهم في شهر رمضان، وأعدوا العدة للانقضاض على روح العبادة في هذا الشهر بأنواع المعاصي التي يجرون إليها الناس. بما يُفسد على الناس صومهم، ويهدم أخلاقهم، ويبعدهم عن تحسس واستشعار معاني الصيام والقيام، فيستعدون باللهو والعبث، وبما يفسد حرمة هذا الشهر الكريم، يستعدون لنا ببرامج قنواتهم التافهة التي تحمل شرًا وفسقًا ورقصًا وعريًا، والأعظم استهزاء بدين الله وشرائعه وتشويهًا للتاريخ ومراجعه. باسم الترفيه عن الصائمين بطرح برامج ومسلسلات لهم تتنافس فيما بينها لسرقة رمضان وجوِّه الروحي من عباد الرحمن الذين رضوا بها فشاهدوها ،مضيِّعين معنى الصوم الحقيقي وهو التقوى،(فمن لم يدع قول الزور والعملَ به فليس لله حاجةٌ في أن يدع طعامه وشرابه) كيف بمن أضاع فرصة رمضان العظيمة بالمغفرة والرحمة والعتق من النار ليشتري بدلاً منها وزرًا وإثمًا؟! ثم ألم يكفي هذه القنوات ورجالها ما أفسدوه خلال العام في بيوت المسلمين ليعتدوا على هذه الشهر الكريم بهذا الفسق والفجور بالبرامج الرمضانية كما يسمونها؟!ما الذي دهى القوم؟! وأيّ قناعات تسرّبت إليهم ليجعَلوا من شهر التقى والعفاف موسم حياة لاهية وسمر عابث؟! أين هم من النداء الرمضاني (يا با غي الخير أقبل، ويا با غي الشر أقصر، ولله عتقاء من النار في كل ليلة) ؟!إنني أقول لمن ابتلوا بهذه القنوات أو المجلات أو بتضييع أوقاتهم فيما لا يفيد ولا ينفع: لماذا لا نفكر أن نبدل السيئة بالحسنة؟! لعلها ـ أيها الأحبة في الله ـ أن تكون بداية النهاية ـ إن شاء الله ـ لكل شيء يُبعِد عن الله ويُسخِطه، ولعلها أن تكون بداية الانطلاقة الحقيقية في المسارعة إلى الخيرات وإرضاء رب الأرض والسماوات. فاتقوا الله أيها الصائمون ،إننا نخاطب الإيمان الذي في قلوبكم ،ونخاطب الصيام الذي تصومون ،أن تتقوا الله جل وتعالى وأن يستحي الواحد منا من ربه ،فلا يعصيه ويخالفه وهو صائم ،ولا يعصيه بنعمه التي أنعمها عليه0ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منَّا وافتح بيننا و بينهم بالحق وأنت خير الفاتحين  اللهم اجعلنا ممن عمر هذا الشهر بالعبادة، اللهم أعنا فيه على ذكرك و شكرك وحسن عبادتك، وارزقنا توبة نصوحاً، وعملاً متقبلاً، وصياماً مبروراً، وقياماً مشكوراً. اللهم إنا نبرأ إليك من تقصيرنا، اللهم إنا نسألك أن تتجاوز عما أسرفنا فيه من حق أنفسنا. أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه انه هو الغفور الرحيم0

الحمد لله الذي منّ على عباده بمواسم الخيرات،ووفق من شاء منهم لاغتنام هذه المواسم بفعل الخيرات، وخذل من شاء منهم، فكان حظه التفريط والخسران والندامات.وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له رب الأرض والسماوات،وواسع الكرم والجود والهبات،وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أفضل المخلوقات،صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان مدى الدهور والأوقات، وسلم تسليما:أما بعد أيها المسلمون : ويخبرُنا رسولنُا rعن فتحِ أبوابِ الجنةِ في رمضان ، وإغلاقِ أبوابِ النار ، وما أعظمَها من بشارة  لو تأملنا ها بوعيٍ وإدراك, لو تدبَّر المسلمونَ هذا الخبرَ العجيب,الذي فيه من معانيِ الرحمةِ والإحسانِ ما فيه, لوجدتَهم مسارعينَ في الخيرات, متنافسينَ في القُربات, راحمينَ للضعفاء, محسنينَ للفقراء .لو تأملَ المسلمون هذا الخبرَ العظيم, لوجدتَهم هاجرينَ للموبقات,تاركينَ للشهوات, عافِّين عن الحرام,زاهدينَ في الآثام, لو تخيلَ المسلمون أبوابَ الجنةِ المشرعة, ومصا ريعها المفتوحةِ, لهبَّوا من رقدتِهم, وانتفضوا انتفاضةَ الأسد يبتدرونَ تلكَ الأبواب, علَّهم يلجونها وينعمونَ بدخولِها, ألا إنَّ أبوابَ الجنة لا تدركُ بالأمانيِ الكاذبة, ولا تولجُ بالأحلامِ الزائفة,ولكنَّها تولج بأداءِ الفرائضِ المفروضة, أبواب الجنة تولجُ بصنائعِ المعروف، وتفطيرِ الصائمين، وتفقدِ الأراملِ واليتامى, والضعفاءِ, أبوابُ الجنَّة تولجُ بصلاةِ التهجدِ خلفَ الإمام، وكفَ اللسان وحبسِ المداد عن شتمِ الناسِ وثلبهم، وتتبعِ عوراتِهم, وتصيدِ زلاَّتهم وهفواتِهم, إنَّها تولجُ بحسنِ الدعوةِ إلى الله، والصبرِ على الأذى في ذاتِ الله ، والأمرِ بالمعروف والنهيِ عن المنكر، أبوابُ الجنَّة  مفتوحةٌ لمن قامَ بحقِّ النصيحةِ مخلصاً للهِ ولكتابهِ ولرسولهِ ولأئمةِ المسلمينَ وعامتهِم, بأدبِ قرآنيٍ جم, ومنطقٍ نبويٍ مهذب .ويُخبرنا رسولنا r ( أنَّ من لمْ يدعْ قولَ الزورِ والعملَ به فليس للهِ حاجةٌ بأنْ يدعَ طعامَه وشرابَه )

وهنا تتضحُ القضيةُ الكبرى وتتجلى حقيقةُ الصيامِ كالشمسِ في رابعةِ النهار , فالقضيةُ يا مسلمون،ليست قضيةَ تجويعٍ وحرمان ,القضيةُ يا هؤلاء كفُ للسانِ عن الغيبةِ والنميمةِ والكذبِ والبهتان والسبِ واللعان , وكبحٌ للنفسِ من التلطخِ برجس المعاصي  ووحلِ الموبقاتِ المهلكات ، فهلاَّ تذكرت أيها الأخُ الحبيب هذا الخبرَ الرهيب ، قبلَ أن تُطلق للسانكِ الزمام ، تخوضُ به مع الخائضين ، وتتهكمُ معهم بالآخرين وتسخر ، هلاَّ تذكرتَ يرحمك الله ،هذا الخبرَ الجليل قبل أنْ تحركَ بأصابعك التي خُلقتْ ، مسبحةً لله وذاكرة ، هلا تذكرتَ هذا الحديث قبلَ أنْ تحرك بأصابعك تلك ، أزرةَ تشغيلَ قنوات البثِ الفضائي وغيرِ الفضائي ، وعلمتَ يقيناً أنَّ الله ليس بغافلٍ عمَّا تعملُ ويعملون , وعمَّا تُشاهد ويُشاهدون,! وعمَّا تسمعُ ويسمعون ,! فإتق الله – يرحمُك الله – وأعلمْ بأنَّك راحلٌ عمَّا قريب ، وأنَّك موقوفٌ بين يديِ قاهرِ الجبابرةِ،ومهلكِ القياصرة،وأنَّك مسؤولٌ عن النقيرِ والقطمير ،والصغيرِ والكبير ) فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ۝ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ( الحجر:92-93 فسارع – يرحمك الله – إلى التوبة النصوح وقل ربي أني ظلمت نفسي ظلماً كبيراً وإلا تغفر لي وترحمني أكن من الخاسرين .

وأما الخبرُ الأخير من أخبارِ رسولنا r في شأنِ رمضان, فهو إخبارهُ الأمة بأنَّ (للصائمِ عند فطرهِ دعوةً لا ترد). أنَّ للصـائمِ عند فطرهِ دعوةً لا تُرد فهلا اغتنمتَ – يرحمُك الله – هذه الفرصةَ النادرة ودعوتَ ملكَ الملوك ،أنْ يَفيضَ عليكَ من رحماتِه ،ويُنزلَ عليك من بركاتِه ،هلاَّ دعوتَ الرؤوفُ الرحيم أن يقيكَ مُضلاتِ الفتن، التي أصبحتْ اليومَ يرققُ بعضها بعضاً, ويُهونُ بعضها بعضاً, هلاّ دعوتَ اللهَ أن يقيكَ شرَّ نفسكَ, وشر الشيطانِ وشركه ؟‍!وأنْ يأخذَ بيدكَ إلى حيثُ البرُ والتقوى , وحلاوةُ الإيمانِ وبرد المتقين ؟! إنَّ للصائمِ عند فطرهِ دعوةً لا تُرد, بشارةٌ لا ينبغي أنْ يفرطَ فيها لبيبٌ, أو يغفلَ عنها من لديهِ مسكةٌ من عقل .واعجباً كيفَ يُفرطُ بها أقوامٌ وهمْ في أمسِّ الحاجةِ إليها ! فلا يخُصَّون بها أنفسَهم وقد علموا شدَّة افتقارِها إلى عونِ الله، ومسيسِ حاجتها إلى تأييدهِ وتسديده, ولا يُخصونَ بها إخوانَهم المستضعفين المضطهدينَ في أماكنَ شتى,  تحتَ مطارقِ الإلحادِ والزندقة واليهود الغاصبة في فلسطين وفي أفغانستان وفي العراق 0حذاري أيها اللبيبُ أن تنسيكَ فرحةُ الفطرِ حرارةَ الدعاء للعراق, وفلسطين, بأنْ يعجّلَ اللُه للأمةِ فرجَها، وينفسَ كربتَها, ويبعثَ عزَّتها, ويشفِ صدورَ قومٍ مؤمنين .وأنْ يعجلَ العزيزُ الجبار بهلاكِ الظالمين،وزوالِ الجبابرةِ المتسلطين ،فإنَّه سبحانه لا يُعجزهُ شيءٌ في الأرضِِ ولا في السماءِ وهو القوي المتين.هذا وصلوا وسلموا على نبيكم محمد فقد أمرتم بالصلاة عليه فقال عز من قائلا عليما )إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً( اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله الطبيبن الطاهرين وعلى أزواجه أمهات المؤمنين، وارضَ اللهم عن الخلفاء الأربعة الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلى،وعن الصحابة أجمعين والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين،وعنا معهم بعفوك وجودك وإحسانك يا أكرم الأكرمين. اللهم أعز الإسلام والمسلمين اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين واحم حوزة الدين وانصر عبادك الموحدين اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح ولاة أمورنا ودلهم على الرشاد وباعد بينهم وبين سبل أهل البغي والفساد يا أكرم الأكرمين.اللهم إنا نسألك أن تنصر المسلمين في كل مكان، اللهم انصر المستضعفين من المؤمنين، اللهم انصر المستضعفين من المؤمنين في كل مكان، اللهم واجعلهم حامين لشرعك رافعين لراية توحيدك يا رب العالمين داعين إلى دينك كما دعا إليه نبيك r،اللهم اجعل صيامنا صيامًا حقيقيًّا مقبولاً، واجعله إيمانًا واحتسابًا، إيمانًا بما عندك، واحتسابًا لثوابك، يلرب العالمين كما أسأله تعالى أن يجعلنا وإياكم وسائر المسلمين أن يكتب صيامنا في عداد الصائمين، وقيامنا في عداد القائمين0اللهم وفقنا وإياكم لاغتنام الأوقات بالطاعات، وحمانا من فعل المنكر والسيئات، وهدانا صراطه المستقيم، وجنبنا صراط الجحيم، وجعلنا ممن يصوم رمضان ويقومه إيمانا بالله واحتسابا لثواب الله إنه جواد كريم. وجعل اللهم هذا الشهر شهر عز ونصر وتمكين لأمة محمد r، ووفقنا فيه للصيام والقيام، ،واقبلنا فيه وتقبله منا، اللهم زدنا ولا تنقصنا، وأعطنا ولا تحرمنا، وأكرمنا ولا تهنا، اللهم وأحسن عاقبتنا في الأمور كلها وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة.اللهم أظلَّ شهر رمضان وحضر ، فسلّمه لنا ، وسلّمنا فيه ، وتسلّمه منا .اللهم ارزقنا صيامه وقيامه صبرا واحتسابا ، وارزقنا فيه الجد والاجتهاد ،والقوة والنشاط ، وأعذنا فيه من السآمة والفترة ،والكسل والنعاس ،ووفقنا فيه لليلة القدر  واجعلها خيرا لنا من ألف شهر اللهم أعنا ولا تعن علينا وانصرنا ولا تنصر علينا وامكر لنا ولا تمكر علينا, وأهدنا ويسر الهدى لنا، وانصرنا على من بغى علينا. اللهم اجعلنا لك شاكرين لك ذاكرين لك مخبتين لك أواهين منيبين اللهم تقبل منا إنك أنت السميع العليم، و تب علينا إنك أنت التواب الرحيم )رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ( وأدخلنا الجنة مع الأبرار، يا عزيز يا غفار  0

عباد الله: )إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ( فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون0

 

التحميلات المرفقة

nassimbishra

اصبر على كيد الحسود فإن صبرك قاتله

  • Currently 30/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
10 تصويتات / 357 مشاهدة
نشرت فى 6 أغسطس 2011 بواسطة nassimbishra

ساحة النقاش

نسيم الظواهرى بشارة

nassimbishra
موقع تعليمى إسلامى ، نهدف منه أن نساعد أبناءنا الطلاب فى كافة المراحل التعليمية ، وكذلك زملائى الأعزاء من المعلمين والمعلمات ، وموقع إسلامى لتقديم ما يساعد إخواننا الخطباء بالخطب المنبرية ، والثقافة الإسلامية العامة للمسلمين ، ونسال الله سبحانه وتعالى الإخلاص فى القول والعمل ، ونسألكم الدعاء »

تسجيل الدخول

ابحث

عدد زيارات الموقع

1,068,362

ملحمة التحرير