<!--<!--

محرمات استهان بها كثير من الناس (3)

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وخيرته من خلقه اللهم صل وسلم عليه وعلى إخوانه وآله وارض اللهم عن أصحابه وأتباعه إلى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا أما بعد فاتقوا الله معاشر المسلمين واخشوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون0

عباد الله : أيها المسلمون :لقد أوجب الله على عباده طاعته، وحرم عليهم معصيته، وكان ذنب إبليس لعنه الله أنه عصى ربه معصية عظيمة، كان سببها الكبر، إذ قال:  )خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ ( الأعراف:12 فلعنه الله وأعطاه بحكمته المهلة إلى قيام الساعة؛ فتعهد إبليس بإضلال البشر وإغوائهم، بشتى أنواع الإغواء وتعهد بإيقاعهم في حبائل المعصية، كبيرها وصغيرها. والذنوب تنقسم إلى قسمين: كبائر وصغائر دل عليها قول الله عز وجل:  )الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ ( النجم:32 وهي صغائر الذنوب. والمشكلة في هذا الزمان 0والمحرمات المقطوع بها مذكورة في القرآن وفي السنة كقوله تعالى : )قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ (الأنعام : 151 وفي السنة كذلك ذكر لكثير من المحرمات كقوله r ( إن الله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام). رواه أبوداود وقوله r: ( إن الله إذا حرم شيئا حرم ثمنه ) . رواه الدارقطني ثم إن الله الرحيم بعباده قد أحل لنا من الطيبات مالا يحصى كثرة وتنوعا ولذلك لم يفصل المباحات لأنها كثيرة لا تحصر وإنما فصل المحرمات لانحصارها وحتى نعرفها فنجتنبها فقال عز وجل : )وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ (الأنعام : 119 أما الحلال فأباحه على وجه الإجمال مادام طيبا فقال )يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا (البقرة : 168  فكان من رحمته أن جعل الأصل في الأشياء الإباحة حتى يدل الدليل على التحريم ، وهذا من كرمه سبحانه وتعالى ومن توسعته على عباده فعلينا الطاعة والحمد والشكر . وبالإضافة لما تقدم فينبغي أن يعلم المسلم بأن في تحريم المحرمات حكما منها : أن الله يبتلي عباده بهذه المحرمات فينظر كيف يعملون ومن أسباب تميز أهل الجنة عن أهل النار أن أهل النار قد انغمسوا في الشهوات التي حفت بها النار وأهل الجنة صبروا على المكاره التي حفت بها الجنة ، ولولا هذا الابتلاء ما تبين العاصي من المطيع . وأهل الإيمان ينظرون إلى مشقة التكليف بعين احتساب الأجر وامتثال أمر الله لنيل رضاه فتهون عليهم المشقة وأهل النفاق ينظرون إلى مشقة التكليف بعين الألم والتوجع والحرمان فتكون الوطأة عليهم شديدة والطاعة عسيرة . وبترك المحرمات يذوق المطيع حلاوة : من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه ويجد لذة الإيمان في قلبه . وهذه المحظورات مما شاع فعلها وعم ارتكابها بين كثير من المسلمين ،  و الله سبحانه وتعالى حرم المحرمات التي فيها ضرر على العباد سواء كان الضرر في أديانهم أو في أبدانهم أو في نفوسهم أو في أحوالهم عامة، وجعل الله الحرام مراتب، فجعل منه الكبائر التي لا بد لها من التوبة فلا تكفرها الأعمال الصالحة بخلاف الصغائر، فتحتاج هذه الكبائر إلى توبة مخصوصة، وجعل من الكبائر موبقات، فالكبائر كثيرة منها: ما توعد الله عليه بلعنة أو غضب، أو نار أو طرد وإبعاد عنه سبحانه وعن رحمته أو عدم تكليم صاحبه0ومن هذه الكبائر الموبقات التي توبق صاحبها في النار وتهلكه فيها؛ نظراً لكثرة شرها واتساعه، وعموم ضررها وشموله، وهي من الموبقات: انها فاحشة الزنا الذي حرمه الله سبحانه وتعالى ومقته وأبغضه، وأمرنا بالابتعاد عنه وعن أسبابه، فحديثنا اليوم عن  فاحشة الزناء  والأسباب التي تسهل الوصول إليه والتي استهان  بها كثير من الناس اليوم نسأل الله العفو والعافية

فاحشة الزنا : لما كان من مقاصد الشريعة حفظ العرض وحفظ النسل جاء فيها تحريم الزنا قال الله تعالى : ) وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا ( الإسراء:32 بل وسدت الشريعة جميع الذرائع والطرق الموصلة إليه بالأمر بالحجاب وغض البصر وتحريم الخلوة بالأجنبية وغير ذلك . ولقد ذم الله الزناء أشد الذم، وقال تعالى :  )وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ ( الفرقان:68 فجعله بعد الشرك والقتل، فليس بعد الكفر أعظم من قتل بغير حق ثم الزنا، وقال الإمام أحمد رحمه الله: ليس بعد قتل النفس أعظم من الزنا، بل قدمه في آية على القتل، فقال تعالى:  )وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً *  وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ(  الإسراء:32-33 وذلك لأن الزنا يؤدي إلى القتل، ويتبع الزنا في الغالب الرغبة من التخلص من آثاره بقتل الجنين وإزهاق روح ولد الزنا في بطن الزانية أو بعد ولادته، أو إهماله ووضعه في المرحاض أو رميه في الزبالة، وقال النبي r مبيناً خطره: (تفتح أبواب السماء نصف الليل فينادي منادٍ: هل من داع فيستجاب له، هل من سائل فيعطى، هل من مكروب فيفرج عنه، فلا يبقى مسلم يدعو بدعوة إلا استجاب الله عز وجل له، إلا زانية تسعى بفرجها أو عشَّارا) امرأة جعلت فرجها مصدراً للكسب، زانية تسعى بفرجها، أو عشَّاراً يأخذ الضرائب ظلماً، وقال النبي r مبيناً صورةً كريهةً من صور الزاني: (ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولا ينظر إليهم ولهم عذاب أليم: أشيمط زانٍ، وملك كذاب، وعائل مستكبر) فقير مع ذلك متكبر، والأشيمط الزاني الذي لم يردعه الشيب في شعره، لم يرتدع وقد اشتعل بالشيب رأسه أن يتعدى حدود الله، وأن يظلم نفسه وأن يقع في الفاحشة، مع أن الدواعي لديه أضعف من الشاب وكلهم ملعون، ولكن من كان هذا حاله فكيف يرجى له الخير ولم يفكر في اقتراب أجله ودنو موته، ولم يكن عنده رغبة في التوبة وقد وصل إلى ما وصل إليه في هذه المرحلة من العمر، وقد أعذر الله إلى امرئ بلغ الستين، ولما بلغ نبي الله أربعين: ) قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ ( الأحقاف:15قال العلماء: تجديد التوبة بعد الأربعين، وعند الستين يتفرغ للعبادة، وهذا أشيمط زانٍ. وقال النبي عليه الصلاة والسلام: (إذا زنا العبد خرج منه الإيمان فكان على رأسه كالظلة فإذا أقلع رجع إليه) فهو ليس بمؤمن حين زنا، لا يخرج من الدين بالكلية ولا يكفر، فلا يزال إيمانه متعلق به، لكن يكون كالظلة على رأسه، وقال النبي عليه الصلاة والسلام: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يسقي ماءه ولد غيره) وهذا الزاني الذي يطأ المتزوجة وفيها جنين غيره وربما تكون حاملاً من زوجها فلا يتورع أن يضع ماءه في هذا الرحم المحرم والفرج المحرم، فتختلط الأنساب وتتداخل المياه والعياذ بالله. وعاقبة الزاني المحصن يعاقب بأشنع عقوبة وأشدها وهي رجمه بالحجارة حتى يموت ليذوق وبال أمره وليتألم كل جزء من جسده كما استمتع به في الحرام والزاني الذي لم يسبق له الوطء في نكاح صحيح يجلد بأكثر عدد في الجلد ورد في الحدود الشرعية وهو مائة جلدة مع ما يحصل له من الفضيحة بشهادة طائفة من المؤمنين لعذابه والخزي بإبعاده عن بلده وتغريبه عن مكان الجريمة عاما كاملا .

وعذاب الزناة والزواني في البرزخ أنهم يكونون في تنور أعلاه ضيق وأسفله واسع يوقد تحته نار يكونون فيه عراة فإذا أوقدت عليهم النار صاحوا وارتفعوا حتى يكادوا أن يخرجوا فإذا أخمدت رجعوا فيها وهكذا يفعل بهم إلى قيام الساعة . ويزداد الأمر قبحا إذا كان الرجل مستمرا في الزنا مع تقدمه في السن وقربه من القبر وإمهال الله له فعن أبي هريرة مرفوعا :( ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولا ينظر إليهم ولهم عذاب أليم : شيخ زان وملك كذاب وعائل مستكبر ) رواه مسلم.

 وفي عصرنا فتح كل باب إلى الفاحشة وسهل الشيطان الطريق بمكره ومكر أوليائه واتبعه العصاة والفجرة ففشا التبرج والسفور وعم انفلات البصر والنظر المحرم وانتشر الاختلاط وراجت مجلات الخنا وأفلام الفحش وكثر السفر إلى بلاد الفجور وقام سوق تجارة الدعارة وكثر انتهاك الأعراض وازداد عدد أولاد الحرام وحالات قتل الأجنة فنسألك اللهم رحمتك ولطفك وسترك وعصمة من عندك تعصمنا بها من الفواحش ونسألك أن تطهر قلوبنا وتحصن فروجنا وأن تجعل بيننا وبين الحرام برزخا وحجرا محجورا

ومن المحرمات والمعاصي كذلك جريمة اللواط :- كانت جريمة قوم لوط هي إتيان الذكران من الناس قال الله تعالى : ) وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ العَالَمِينَ( الأعراف:80. : )أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ المُنْكَرَ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ( العنكبوت:29 ولشناعة هذه الجريمة وقبحها وخطورتها عاقب الله مرتكبيها بأربعة أنواع من العقوبات لم يجمعها على قوم غيرهم وهي أنه طمس أعينهم وجعل عاليها سافلها وأمطرهم بحجارة من سجيل منضود وأرسل عليهم الصيحة 0وفي هذه الشريعة صار القتل بالسيف ـ على الراجح ـ هو عقوبة الفاعل والمفعول به إذا كان عن رضا واختيار فعن ابن عباس مرفوعا : ( من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به ) رواه الإمام أحمد. وما ظهر في زماننا من الطواعين وأنواع الأمراض التي لم تكن في أسلافنا الذين مضوا بسبب الفاحشة كمرض الإيدز القاتل يدل على شئ من حكمة الشارع في تعيين هذه العقوبة البليغة .

وكذلك من المحرمات التي استهان بها كثير من الناس التزوير في انتساب الولد لأبيه وجحد الرجل ولده : لا يجوز شرعا لمسلم أن ينتسب إلى غير أبيه أو يلحق نفسه بقوم ليس منهم وبعض الناس يفعلون ذلك لمآرب مادية ويثبتون النسب المزور في الأوراق الرسمية وبعضهم قد يفعله حقدا على أبيه الذي تركه وهو في صغره وكل ذلك حرام ويترتب على ذلك مفاسد عظيمة في أبواب متعددة كالمحرمية والنكاح والميراث ونحو ذلك وقد جاء في الصحيح عن سعد وأبي بكرة رضي اله عنهما مرفوعا : ( من ادعى إلى غير أبيه وهو يعلم فالجنة عليه حرام ) رواه البخاري . ويحرم في الشريعة كل ما فيه عبث بالأنساب أو تزوير فيها وبعض الناس إذا فجر في خصومته مع زوجته اتهمها بالفاحشة وتبرأ من ولده دون بينة وهو قد جاء على فراشه وقد تخون بعض الزوجات الأمانة فتحمل من فاحشة وتدخل في نسب زوجها من ليس منه وقد جاء الوعيد العظيم على ذلك فيما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله r يقول لما نزلت آية الملاعنة : ( أيما امرأة أدخلت على قوم من ليس منهم فليست من الله في شيء ولن يدخلها الله جنته وأيما رجل جحد ولده وهو ينظر إليه احتجب الله منه وفضحه على رؤوس الأولين والآخرين ) رواه أبو داود

ومن المحرمات والمعاصي التي أستهان بها كثير من الناس الخلوة بالأجنبية الشيطان حريص على فتنة الناس وإيقاعهم في الحرام ولذلك حذرنا الله سبحانه بقوله : )ياأَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالفَحْشَاءِ وَالمُنْكَرِ 000 الآية(  النور:21  والشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم ومن سبل الشيطان في الإيقاع في الفاحشة الخلوة بالأجنبية ولذلك سدت الشريعة هذا الطريق كما في قوله r: ( لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان )  رواه الترمذي. وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي r قال : ( لا يدخلن رجل بعد يومي هذا على مغيبة إلا ومعه رجل أو اثنان ) رواه مسلم 0فلا يجوز لرجل أن يختلي في بيت أو حجرة أو سيارة بامرأة أجنبية عنه كزوجة أخيه أو الخادمة أو مريضة مع طبيب ونحو ذلك وكثير من الناس يتساهلون في هذا إما ثقة بنفسه أو بغيره فيترتب على ذلك الوقوع في الفاحشة أو مقدماتها وتزداد مأساة اختلاط الأنساب وأولاد الحرام . الافليتقي الله من وقع في تلك المحرمات والمعاصي، وليتذكر من وقع ذنبه فيتوب قبل أن يأتي الموت، فالموت قريب والأجل عاجل والله يمهل ولا يهمل، وسيرى عقوبة فعله ربما في أهله وبناته، فليتق الله قبل الفضيحة في هذه الدار ويوم يقوم الأشهاد. اللهم إنا نسألك أن تغنينا بحلالك عن حرامك وبفضلك عمن سواك.أسأل الله سبحانه وتعالى أن يجنبنا وإياكم هذه الفواحش والآثام، وأن يرزقنا وإياكم الابتعاد عن هذه الكبائر والذنوب، ونسأله أن يسلمنا ويسلمكم من سائر أنواع الفحش والمعاصي.

أيها الإخوة: بقيت في هذا  الموضوع  بقية، نسأل الله أن يوفّقنا لاستكمالها في الخطب الثانية إن شاء الله تعالى0 قد قلت ما قلت، إن صواباً فمن الله، وإن خطأً فمن نفسي والشيطان 0لا أريد إلا الإصلاح ماستطعت وماتوفيقي الابالله0بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياك بما فيه من الآيات والذكر الحكيم،واستغفر الله من كل ذنب وخطيئة فاستغفروه انه هو الغفور الرحيم 0

الخطبة الثانية: محرمات استهان بها كثير من الناس (3)

الحمد لله رب العالمين، حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن حفاظا على الأفراد، وصيانة للمجتمعات، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أحل الحلال ويسره، وحرم الحرام وعظمه، وأشهد ان محمد عبده ورسوله كان من أحسن الناس خلقا، اللهم صل وسلم عليه على سائر النبيين وعلى آله الطيبين، وارض الله عن الصحابة أجمعين وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. وبعد: اتقوا الله تعالى حق تقاته0

ايها الاخوة المومنون:ومن المحرمات مصافحة المرأة الأجنبية : وهذا مما طغت فيه بعض الأعراف الاجتماعية على شريعة الله في المجتمع وعلا فيه باطل عادات الناس وتقاليدهم على حكم الله حتى لو خاطبت أحدهم بحكم الشرع وأقمت الحجة وبينت الدليل اتهمك بالرجعية والتعقيد وقطع الرحم والتشكيك في النوايا الحسنة ... الخ، وصارت مصافحة بنت العم وبنت العمة وبنت الخال وبنت الخالة وزوجة الأخ وزوجة العم وزوجة الخال أسهل في مجتمعنا من شرب الماء ولو نظروا بعين البصيرة في خطورة الأمر شرعا ما فعلوا ذلك . قال المصطفى r( لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له ) رواه الطبراني. ولا شك أن هذا من زنا اليد كما قال r ( العينان تزنيان واليدان تزنيان والرجلان تزنيان والفرج يزني ) رواه الإمام أحمد  ، وهل هناك أطهر قلبا من محمد rومع ذلك قال ( إني لا أصافح النساء) رواه الإمام أحمد ، وقال أيضا (إني لا أمس أيدي النساء) رواه الطبراني . وعن عائشة رضي الله عنها قالت : (ولا والله ما مست يد رسول الله rيد امرأة قط غير أنه يبايعهن بالكلام) رواه مسلم. ألا فليتق الله ناس يهددون زوجاتهم الصالحات بالطلاق إذا لم يصافحن إخوانهم . وينبغي العلم بأن وضع حائل والمصافحة من وراء ثوب لا تغني شيئا فهو حرام في الحالين وكذلك تعمد النظر إلى المرأة الأجنبية : قال الله تعالى) قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ( النور:30 وقال r (فزنا العين النظر) ( أي إلى ما حرم الله ) رواه البخاري. ويستثنى من ذلك ما كان لحاجة شرعية كنظر الخاطب والطبيب . ويحرم كذلك على المرأة أن تنظر إلى الرجل الأجنبي نظر فتنة قال تعالى )وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ (النور:31 ويحرم كذلك النظر إلى الأمرد والحسن بشهوة ، ويحرم نظر الرجل إلى عورة الرجل والمرأة إلى عورة المرأة وكل عورة لا يجوز النظر إليها لا يجوز مسها ولو من وراء حائل . ومن تلاعب الشيطان ببعضهم ما يفعلون من النظر إلى الصور في المجلات ومشاهدة الأفلام بحجة أنها ليست حقيقية وجانب المفسدة وإثارة الشهوات في هذا واضح كل الوضوح .

و من المعاصي تطيب المرأة عند خروجها ومرورها بعطرها على الرجال : وهذا مما فشا في عصرنا رغم التحذير الشديد من النبي r بقوله ( أيما امرأة استعطرت ثم مرت على القوم ليجدوا ريحها فهي زانية ) رواه الإمام أحمد. وعند بعض النساء غفلة أو استهانة يجعلها تتساهل بهذا الأمر عند السائق والبائع وبواب المدرسة ، بل إن الشريعة شددت على من وضعت طيبا بأن تغتسل كغسل الجنابة إذا أرادت الخروج ولو إلى المسجد .قال r( أيما امرأة تطيبت ثم خرجت إلى المسجد ليوجد ريحها لم يقبل منها صلاة حتى تغتسل اغتسالها من الجنابة ) رواه الإمام أحمد  .

فإلى الله المشتكى من البخور والعود في الأعراس وحفلات النساء قبل خروجهن واستعمال هذه العطورات ذات الروائح النفاذة في الأسواق ووسائل النقل ومجتمعات الإختلاط وحتى في المساجد في ليالي رمضان وقد جاءت الشريعة بأن طيب النساء ما ظهر لونه وخفي ريحه نسأل الله أن لا يمقتنا وأن لا يؤاخذ الصالحين والصالحات بفعل السفهاء والسفيهات وأن يهدي الجميع إلى صراطه المستقيم .

وكذلك من المحرمات سفر المرأة بغير محرم : قال رسول الله r ( لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تسافر مسيرة يوم إلا مع ذي محرم  ) رواه مسلم. وسفرها بغير محرم يغري الفساق بها فيتعرضون لها وهي ضعيفة فقد تنجرف وأقل أحوالها أن تؤذى في عرضها أو شرفها، وكذلك ركوبها بالطائرة ولو بمحرم يودع ومحرم يستقبل ـ بزعمهم ـ فمن الذي سيركب بجانبها في المقعد المجاور ولو حصل خلل فهبطت الطائرة في مطار آخر أو حدث تأخير واختلاف موعد فماذا يكون الحال والقصص كثيرة . هذا ويشترط في المحرم أربعة شروط وهي أن يكون مسلما بالغا عاقلا ذكرا . عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله r : (لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر سفرا يكون ثلاثة أيام فصاعدا إلا ومعها أبوها أو ابنها أو زوجها أو أخوها أو ذو محرم منها ) رواه مسلم.

ومن المحرمات التي استهان بها كثير من الناس الدياثة : عن ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعا : ( ثلاثة قد حرم الله عليهم الجنة : مدمن الخمر والعاق والديوث الذي يقر في أهله الخبث ) رواه الإمام أحمد ومن صور الدياثة في عصرنا الإغضاء عن البنت أو المرأة في البيت وهي تتصل بالرجل الأجنبي يحادثها وتحادثه بما يسمى بالمغازلات وأن يرضى بخلوة إحدى نساء بيته مع رجل أجنبي وكذا ترك إحدى النساء من أهل البيت تركب بمفردها مع أجنبي كالسائق ونحوه وأن يرضى بخروجهن دون حجاب شرعي يتفرج عليهن الغادي والرائح وكذا جلب الأفلام أو المجلات التي تنشر الفساد والمجون وإدخالها البيت .

أيها الإخوةالمؤمنون : ولو ذهبت أسرد لكم ما المحرمات التي استهان بها كثير من المسلمين اليوم لطال بنا المقام ولم يكفِه مجلدات فضلاً عن وريقات كهذه التي بين يدي، لذلك فاطَّرِحْ ـ عبدَ الله ـ في الدجى على باب الذلّ وقل بقلبك ولسانك: إلهي، كم لك سواي، وما لي سواك، عبيدك سواي كثير، وليس لي سيد سواك، فبفقري إليك وغناك عني، بقوتك وضعفي، بعزتك وذلي إلا رحمتني وعفوتَ عني، هذه ناصيتي الكاذبة الخاطئة بين يديك، أسألك مسألة المسكين، وأبتهل إليك ابتهال الخاضع الذليل، وأدعوك دعاء الخائف الضرير، سؤال من خضعت لك رقبته ورغم لك أنفه وفاضت لك عيناه وذل لك قلبه0 نسأل الله تعالى أن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه وأم يرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابة

هذا وصلوا وسلموا على النبي المختار ، سيد الأبرار ، صادق الأخبار ، فقد أمركم الله بذلك الواحد القهار : ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ الأحزاب:56 اللهم صل وسلم وزد وبارك على نبينا محمد، وعلى آله الأطهار وصحابته الأخيار.ماتعاقب الليل والنهار0 اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين، وأجعلنا في هذا البلد آمنين مطمئنين وسائربلاد المسلمين يارب العالمين0 اللهم أعزنا بالإسلام، وقوِّنا بالإيمان. اهدنا إلى صراطك المستقيم، واغفر لنا خطايانا يوم الدين.اللهم أرنا الحق حقًا وارزقنا اتباعه، وارنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه. اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى ،اللهم آتي نفوسنا تقواها، وزكها أنت خير من زكاها ،أنت وليها ومولاها، وأنت على كل شيء قدير، اللهم ألبسنا لباس التقوى ، وألزمنا كلمة الحق والتقوى .واجعلنا من أولي النهى ، وأمتنا حين ترضى ، وأدخلنا جنة المأوى .واجعلنا ممّن بر واتقى ، وصدّق بالحسنى ، ونهى النفس عن الهوى .واجعلنا ممّن تيسّره لليسرى ، وتجنّبه العسرى .واجعلنا ممّن يتذكر فتنفعه الذكرى . اللهم وفق ولي أمرنا بتوفيقك ، وأيده بتأيدك ، واجعل عمله في رضاك ،اللهم بارك لنا في علمائنا وفي ولاة امرنا ،وفي مواطنينا واصلح ذات بيننا ،اللهم اجمع كلمتنا على الحق ،اللهم ألف بين قلوبنا ، اللهم ارحم ضعفاءنا وفقراءنا ،ومرضانا يارب العالمين ،اللهم انصر اخواننا المسلمين المستضعفين في كل مكان اللهم انصرهم في فلسطين وفي العراق وفي افغانستان وفي الصومال وفي سائر ديار المسلمين0 اللهم أنصرهم على أنفسهم اولا وعلى شهواتهم ثانيا وعلى أعداء الاسلام ثالثا اللهم اخرج اعداء الاسلام والمسلمين من بلاد المسلمين عاجلاً غير آجل اللهم لا ترفع لأعداء الاسلام في بلاد المسلمين راية ولا تحقق لهم فيها غاية يارب العالمين اللهم انصر الاسلام والمسلمين في كل مكان واقمع المشركين في كافة الأرض يارب العالمين انك سميع مجيب الدعوات 0 ﴿ رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ البقرة:201 ﴿سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ العِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ *وَسَلَامٌ عَلَى المُرْسَلِينَ *وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ ﴾الصَّفات:180-182  ، وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ، ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون0

 

 

 

 

 

 

 

التحميلات المرفقة

nassimbishra

اصبر على كيد الحسود فإن صبرك قاتله

  • Currently 30/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
10 تصويتات / 274 مشاهدة
نشرت فى 21 ديسمبر 2010 بواسطة nassimbishra

ساحة النقاش

نسيم الظواهرى بشارة

nassimbishra
موقع تعليمى إسلامى ، نهدف منه أن نساعد أبناءنا الطلاب فى كافة المراحل التعليمية ، وكذلك زملائى الأعزاء من المعلمين والمعلمات ، وموقع إسلامى لتقديم ما يساعد إخواننا الخطباء بالخطب المنبرية ، والثقافة الإسلامية العامة للمسلمين ، ونسال الله سبحانه وتعالى الإخلاص فى القول والعمل ، ونسألكم الدعاء »

تسجيل الدخول

ابحث

عدد زيارات الموقع

1,024,689

ملحمة التحرير