<!--<!--
محرمات استهان بها كثير من الناس (10)
الحمد لله عالم الغيب والشهادة، أحل الحلال وحرم الحرام، أحمده سبحانه، قسم العباد بعدله إلى شقي اجتاز حدود ربه وانتهك الحرمات، وسعيدٍ جرى على النهج السديد واتقى الشبهات، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، غافر الذنب ومقيل العثرات، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، حث على طلب الرزق الحلال، وحذر من الكسب الحرام؛ نصحًا للأمة وشفقة عليهم ومما يضرهم، صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحابته ومن سار على نهجه وتمسك بسنته إلى يوم الدين.أما بعد فيا أيها المسلمون : اتقوا الله تعالى والتزموا آوامره فتقوى الله خير الزاد في الدارين ، وبـها النجاة في يومٍ لا ينفع فيه مالٌ ولا بنون إلا من أتى الله بقلبٍ سليم وعملٍ صالحٍ مُتقبل فمن اتقى الله سلَّمه ورزقه ووقاه، وكفَّر عنه سيئاته وتاب عليه وهداه0فحققوا -رحمكم الله- تقوى الله سبحانه بامتثال أوامره، واجتناب زواجره, وتعظيم حرماته وشعائره، والوقوف عند حدوده، والتزام سنة رسوله r0
عباد الله : لقد جاء الإسلام بعقيدة التوحيد الخالصة لله ، وأشرقت أنوارها في جميع أصقاع المعمورة ، حررت القلوب من رق العبودية لغير الله ، ورفعت النفوس إلى قمم العز والشموخ ، وسمت بالعقول عن بؤر المال وحبه ، وعلت بالقلوب عن مستنقعات المال الحرام . كيف لا وعقيدة المسلم أعز شيء عنده ، وأغلى شيء لديه ، بها يواجه أعتى التحديات ، وبها يصبر على الابتلاءات ، وبها يترك الإغراءات ، ويقاوم موجات القلق والأرق ، والاكتئاب النفسي والاضطرابات ، وبها يقيم سداً منيعاً ، ودرعاً متيناً أما زحف المال الحرام0
نعم أيها الاخوة لقد جاء الدين الحنيف شاملاً ومنظمًا لجميع شؤون الحياة، فما من جانب إلا وللدين فيه توجيهات وحدود ومعالم وتعليمات، وهذا من كمال الدين ولله الحمد والمنة. ومن الجوانب التي جاءت الشريعة بتنظيمها ما يتعلّق بالأموال وتنميتها واستثمارها، والناظر في حال مجتمعنا هذه الأيام ليرى العجب العجاب، كيف يتحدث الصغار قبل الكبار في الاستثمار، وانشغلوا بثقافات اقتصادية لم يسبق لها مثيل على مستوى جميع الفئات العمرية.
عباد الله: لقد حثّنا الدين الحنيف على أن نجمل في طلب الرزق الحلال، ولا نتجاوزه إلى الحرام فنقع في الخسارة والنكال، ولأن الدنيا حلوة خضرة تلهي طالبها وتنسيه التحري فيها فإن رسولنا قد حذّرنا منها فقال r: (فوالله، ما الفقر أخشى عليكم، ولكني أخشى أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من كان قبلكم، فتنافسوها كما تنافسوها، وتهلككم كما أهلكتهم)، وقال r: ((من يأخذ مالاً بحقه يبارك له فيه، ومن يأخذ مالاً بغير حقه فمثله مثل الذي يأكل ولا يشبع))، وقال r: (ليأتين على الناس زمان لا يبالي المرء بما أخذ المال؛ أمن حلال أم من حرام).
لقد تهافت الناس على الدنيا وأخذها من حلها ومن غير حلها، وأصبح همّ الواحد الحصول على المال، لا يبالي أمن حلال هو أم من حرام، همّه أن يكون من الأثرياء، فضلّ بذلك عن الهدى واتبع الهوى، ]أَفَمَن يَمْشِى مُكِبًّا عَلَىٰ وَجْهِهِ أَهْدَىٰ أَمَّن يَمْشِى سَوِيًّا عَلَى صِرٰطٍ مُّسْتَقِيمٍ( سورة الملك : 22
أيها المسلمون : حديثنا في هذه الخطبة إكمالا لموضوع خطبتنا في الجمعة السابقة ( محرمات استهان بها كثير من الناس) ولو ذهبت أسرد لكم ما المحرمات التي استهان بها كثير من المسلمين اليوم لطال بنا المقام ولم يكفِه مجلدات فضلاً عن وريقات كهذه التي بين يدي0 فاليوم نذكر بعض منها0
ومن تلك المحرمات التي استهان بها كثير من الناس كتم عيوب السلعة وإخفاؤها عند بيعها : مر رسول الله r على صبرة طعام فأدخل يده فيها فنالت أصابعه بللا فقال ( ما هذا يا صاحب الطعام ؟ قال أصابته السماء يا رسول الله قال أفلا جعلته فوق الطعام كي يراه الناس ؟ من غش فليس منا ) رواه مسلم ، وكثير من الباعة اليوم ممن لا يخاف الله يحاول إخفاء العيب بوضع لاصق عليه أو جعله في أسفل صندوق البضاعة أو استعمال مواد كيميائية ونحوها تظهره بمظهر حسن أو تخفي صوت العيب الذي في المحرك في أول الأمر فإذا عاد المشتري بالسلعة لم تلبث أن تتلف من قريب وبعضهم يغير تاريخ انتهاء صلاحية السلعة أو يمنع المشتري من معاينة السلعة أو فحصها أو تجريبها وكثير ممن يبيعون السيارات والآلات لا يبينون عيوبها وهذا حرام . قال النبي r (المسلم أخو المسلم ولا يحل لمسلم باع من أخيه بيعا فيه عيب إلا بينه له ) رواه ابن ماجة. وبعضهم يظن أنه يخلي مسئوليته إذا قال للمشترين في المزاد العلني .. أبيع كومة حديد .. كومة حديد ، فهذا بيعه منزوع البركة كما قال r (البيعان بالخيار ما لم يتفرقا فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما وإن كذبا وكتما محقت بركة بيعهما ). رواه البخاري
ومن المحرمات التي استهان بها كثير من الناس بيع النجش : وهو أن يزيد في السلعة من لا يريد شراءها ليخدع غيره ويجره إلى الزيادة في السعر، قال r (لا تناجشوا) رواه البخاري وهذا نوع من الخداع ولا شك وقد قال عليه الصلاة والسلام ( المكر والخديعة في النار ). وكثير من الدلالين في الحراج والمزادات ومعارض بيع السيارات كسبهم خبيث لمحرمات كثيرة يقترفونها منها تواطؤهم في بيع النجش والتغرير بالمشتري القادم وخداعه فيتواطؤن على خفض سعر سلعته أما لو كانت السلعة لهم أو لأحدهم فعلى العكس يندسون بين المشترين ويرفعون الأسعار في المزاد يخدعون عباد الله ويضرونهم .
ومن المحرمات التي استهان بها كثير من الناس غصب الأرض :- إذا انعدم الخوف من الله صارت القوة والحيلة وبالا على صاحبها يستخدمها في الظلم كوضع اليد والاستيلاء على أموال الآخرين ومن ذلك غصب الأراضي وعقوبة ذلك في غاية الشدة فعن عبد الله بن عمر مرفوعا :( من أخذ من الأرض شيئا بغير حقه خسف به يوم القيامة إلى سبع أرضين ) رواه البخاري وعن يعلى بن مرة رضي الله عنه مرفوعا : ( أيما رجل ظلم شبرا من الأرض كلفه الله أن يحفره ( في الطبراني : يحضره ) حتى آخر سبع أرضين ثم يطوقه يوم القيامة حتى يقضى بين الناس ) رواه الطبراني ويدخل في ذلك تغيير علامات الأراضي وحدودها فيوسع أرضه على حساب جاره وهو المشار إليه بقوله r: ( لعن الله من غير منار الأرض) رواه مسلم
ومن المحرمات التي استهان بها كثير من الناس البيع بعد النداء الثاني يوم الجمعة : - قال الله تعالى : )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللهِ وَذَرُوا البَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (الجمعة:9 وبعض الباعة يستمرون في البيع بعد النداء الثاني في دكاكينهم أو أمام المساجد ويشترك معهم في الإثم الذين يشترون منهم ولو سواكا وهذا البيع باطل على الراجح وبعض أصحاب المطاعم والمخابز والمصانع يجبرون عمالهم على العمل في وقت صلاة الجمعة وهؤلاء وإن زاد ربحهم في الظاهر فإنهم لا يزدادون إلا خسارا في الحقيقة ، أما العامل فإنه لابد أن يعمل بمقتضى قوله r: ( لا طاعة لبشر في معصية الله ) . رواه الإمام أحمد
ومن المحرمات التي استهان بها كثير من الناس سؤال الناس المال من غير حاجة : عن سهل بن الحنظلية رضي الله عنه قال قال رسول الله r (من سأل وعنده ما يغنيه فإنما يستكثر من جمر جهنم قالوا وما الغنى الذي لا تنبغي معه المسألة قال قدر ما يغديه ويعشيه) ، وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله r ( من سأل وله ما يغنيه جاءت يوم القيامة خدوشا أو كدوشا في وجهه ) رواه الإمام أحمد . وبعض الشحاذين يقفون في المساجد أمام خلق الله يقطعون التسبيح بشكاياتهم وبعضهم يكذبون ويزورون أوراقا ويختلقون قصصا وقد يوزعون أفراد الأسرة على المساجد ثم يجمعونهم وينتقلون من مسجد لآخر وهم في حالة من الغنى لا يعلمها إلا الله فإذا ماتوا ظهرت التركة. وغيرهم من المحتاجين الحقيقيين يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف لا يسألون الناس إلحافا ولا يفطن لهم فيتصدق عليهم .
ومن المحرمات التي استهان بها كثير من الناس قبول الهدية بسبب الشفاعة :- الجاه والمكانة بين الناس من نعم الله على العبد إذا شكرها ومن شكر هذه النعمة أن يبذلها صاحبها لنفع المسلمين وهذا يدخل في عموم قول النبي r: ( من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل ) رواه مسلم ومن نفع بجاهه أخاه المسلم في دفع ظلم عنه أو جلب خير إليه دون ارتكاب محرم أو اعتداء على حق أحد فهو مأجور عند الله عز وجل إذا خلصت نيته كما أخبر عن ذلك النبي r بقوله : ( اشفعوا تؤجروا ) رواه أبو داود ولا يجوز أخذ مقابل على هذه الشفاعة والواسطة والدليل ما جاء عن أبي أمامة رضي الله عنه مرفوعا : ( من شفع لأحد شفاعة ، فأهدى له هدية (عليها) فقبلها (منه) فقد أتى بابا عظيما من أبواب الربا ) . رواه الإمام أحمد ومن الناس يعرض بذل جاهه ووساطته مقابل مبلغ مالي يشترطه لتعيين شخص في وظيفة أو نقل آخر من دائرة أو من منطقة إلى أخرى أو علاج مريض ونحو ذلك والراجح أن هذا المقابل محرم لحديث أبي أمامة المتقدم آنفا بل إن ظاهر الحديث يشمل الأخذ ولو بدون شرط مسبق [ من إفادات الشيخ عبد العزيز بن باز مشافهة ] وحسب فاعل الخير الأجر من الله يجده يوم القيامة . جاء رجل إلى الحسن بن سهل يستشفع به في حاجة فقضاها فأقبل الرجل يشكره فقال له الحسن بن سهل علام تشكرنا ونحن نرى أن للجاه زكاة كما أن للمال زكاة ؟. ومما يحسن الإشارة إليه هنا الفرق بين استئجار شخص لإنجاز معاملة ومتابعتها وملاحقتها مقابل أجرة فيكون هذا من باب الإجارة الجائزة بالشروط الشرعية وبين أن يبذل جاهه ووساطته فيشفع مقابل مال فهذا من المحظور . فاحذروا هذه المحرمات التي سمعتم اليها وتحريمها من الكتاب والسنه 0واتقوا الله في مكاسبكم يا عبادَ الله، وخلِّصوا أنفسَكم قبلَ لقاءِ الله،)وَٱتَّقُواْ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى ٱللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ( البقرة : 281
اللهم ارزقنا واهدنا، اللهم اجعل أوسع رزقك علينا عند كبر سننا وانقطاع عمرنا، اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك وأغننا بفضلك عمن سواك، اللهم أطب مطعمنا واجعلنا مجابي الدعوة، اللهم اجعلنا ممن يأخذ مالاً بحقّه فيبارك له فيه، اللهم لا تجعلنا ممن يأخذ مالاً بغير حقه فنكون مثل الذي يأكل ولا يشبع، اللهم لا تجعلنا من الذين لا يبالون بما أخذوا المال أمن حلال أم من حرام، كما نسأله أن يغنينا بحلاله عن حرامه ، وبطاعته عن معصيته ، وبفضله عمن سواه ، وأن يجعل غنانا في قلوبنا، إنه سميع مجيب0 أعوذ بالله من الشيطان الرجيم : )إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ ( التغابن:15
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياك بما فيه من الآيات والذكر الحكيم،واستغفر الله من كل ذنب وخطيئة فاستغفروه انه هو الغفور الرحيم 0
الخطبة الثانية : محرمات استهان بها كثير من الناس (10)
الحمد لله موزع أرزاق العالمين، )إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ(،الذاريات :58 والحمد لله الذي كتب الأرزاق وقدرها في السماء، )وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ(،الذاريات :22 وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله r، الذي كان يدعو الله تعالى ويطلب منه السعةَ في الرزق، فكان يقول r: (اللهم ارزقني واهدني)، وكان يقول r: (اللهم اجعل أوسع رزقك عليّ عند كبر سني وانقطاع عمري)، وكان يقول: (اللهم اكفني بحلالك عن حرامك، وأغنني بفضلك عمن سواك).أما بعد: فاتقوا الله عباد الله، وتعلقوا بخالقكم لعلكم تفلحون.
ومن المحرمات التي استهان بها كثير من الناس استيفاء العمل من الأجير وعدم إيفائه أجره :- لقد رغب النبي r في سرعة إعطاء الأجير حقه فقال : ( أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه ) رواه ابن ماجة ومن أنواع الظلم الحاصل في مجتمعات المسلمين عدم إعطاء العمال والأجراء والموظفين حقوقهم ولهذا عدة صور منها :
1- أن يجحده حقه بالكلية ولا يكون للأجير بينة فهذا وإن ضاع حقه في الدنيا فإنه لا يضيع عند الله يوم القيامة فإن الظالم يأتي وقد أكل مال المظلوم فيعطى المظلوم من حسنات الظالم فإن فنيت أخذ من سيئات المظلوم فطرحت على الظالم ثم طرح في النار .
2- أن يبخسه فيه فلا يعطيه إياه كاملا وينقص منه دون حق وقد قال الله تعالى : )وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ ( المطففين : 1
ومن أمثلة ذلك ما يفعله بعض أرباب العمل إذا استقدم عمالا من بلدهم وكان قد عقد معهم عقدا على أجر معين فإذا ارتبطوا به وباشروا العمل عمد إلى عقود العمل فغيرها بأجور أقل فيقيمون على كراهية وقد لا يستطيعون إثبات حقهم فيشكون أمرهم إلى الله ، وإن كان رب العمل الظالم مسلما والعامل كافرا كان ذلك البخس من الصد عن سبيل الله فيبوء بإثمه .
3- أن يزيد عليه أعمالا إضافية أو يطيل مدة الدوام ولا يعطيه إلا الأجرة الأساسية ويمنعه أجرة العمل الإضافي .
4- أن يماطل فيه فلا يدفعه إليه إلا بعد جهد جهيد وملاحقة وشكاوى ومحاكم وقد يكون غرض رب العمل من التأخير إملال العامل حتى يترك حقه ويكف عن المطالبة أو يقصد الاستفادة من أموال العمال بتوظيفها وبعضهم يرابي فيها والعامل المسكين لا يجد قوت يومه ولا ما يرسله نفقة لأهله وأولاده المحتاجين
الذين تغرب من أجلهم . فويل لهؤلاء الظلمة من عذاب يوم أليم روى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبيr قال : ( قال الله تعالى : ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة رجل أعطى بي ثم غدر ورجل باع حرا وأكل ثمنه ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يعطه أجره ) رواه البخاري.
ومن المحرمات التي استهان بها كثير من الناس المضارة في الوصية : - من قواعد الشريعة أنه لا ضرر ولا ضرار ومن الأمثلة على ذلك الإضرار بالورثة الشرعيين أو ببعضهم ومن يفعل ذلك فهو مهدد بقوله r: ( من ضار أضر الله به ومن شاق شق الله عليه ) رواه الإمام أحمد . ومن صور المضارة في الوصية حرمان أحد الورثة من حقه الشرعي أو أن يوصي لوارث بخلاف ما جعلته له الشريعة أو أن يوصي بأكثر من الثلث . وفي الأماكن التي لايخضع فيها الناس لسلطان القضاء الشرعي يتعذر على صاحب الحق أن يأخذ حقه الذي أعطاه الله له بسبب المحاكم الوضعية التي تحكم بخلاف الشريعة وتأمر بإنفاذ الوصية الجائرة المسجلة عند المحامي فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون . فاتقوا الله أيها المسلمون واعلموا أنكم لم تخلقوا لكسب الأموال ولم تخلقوا للمعاملات التي يكون فيها شبهة وإنما خلقتم لعبادة الله والدين أغلي ما يكون عند المرء والدنيا وسيلة له فلا تجعلوا الوسيلة غاية والغاية وسيلة 0
أسأل الله تعالى أن يرزقني وإياكم الفقه في دينه وأن يرزقنا جميعا رزقا طيبا حلالا نستغني به عن ما حرم الله عز وجل 0كما نسأل الله سبحانه وتعالى أن يبارك لنا فيما آتانا، وأن يقنعنا بما رزقنا، وأن يجعلنا ممن يبتغي الحلال ويحرص عليه0اللهم أغننا بحلالك عن حرامك وبفضلك عمن سواك، اللهم لا تجعل لنا نصيبا في الحرام، وحُل بيننا وبينه حتى نلقاك اللهم أبرد لاعج القلب بثلج اليقين ، وأطفىء جمر الأرواح بماء الإيمان. اللهم ألقي على النفوس المضطربة سكينة ، وأثبها فتحا قريبا. يا رب اهد حيارى البصائر إلى نورك ، وضلال المناهج إلى صراطك ، والزائغين عن السبيل إلى هداك. اللهم أزل الوساوس بفجر صادق من النور ، وأزهق باطل الضمائر بفيلق من الحق ، ورد كيد الشيطان بمدد من جنود عونك مسومين. اللهم أذهب عنا الحزن ، وأزل عنا الهم ، واطرد من نفوسنا القلق. نعوذ بك من الخوف إلا منك ، والركون إلا إليك ، والتوكل إلا عليك ، والسؤال إلا منك ، والاستعانة إلا بك ، أنت ولينا ، نعم المولى ونعم النصير اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، وانصر عبادك المؤمنين، واحم حوزة الدين يا رب العالمين .اللهم ادفع عنا الغلاء والوباء والربا والزنا والزلازل والمحن وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن عن بلادنا وعن سائر بلاد المسلمين يا رب العالمين، ، اللهم إنا نسألك البركة والتقوى، وأن تجنبنا الحرام والعسرى يا رب العالمين، اللهم إنا نسألك أن تجعلنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك، اللهم آمنا في الأوطان والدور، وأصلح الأئمة وولاة الأمور، وأغفر لنا يا عزيز يا غفور. اللهمَّ صلِّ على محمَّد وعلى آله محمَّد، فما صلَّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنَّك حميد مجيد، وبارك على محمَّد وعلى آل محمَّد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنَّك حميد مجيد، وارض اللهمَّ عن صحابة نبيِّك أجمعين وعنا معهم بعفوك وكرمك ياأكرم الاكرمين 0
﴿ رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾ البقرة:201 ﴿سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ العِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ *وَسَلَامٌ عَلَى المُرْسَلِينَ *وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ ﴾الصَّفات:180-182 ، وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ، ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون0
ساحة النقاش