<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"جدول عادي"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0in 5.4pt 0in 5.4pt; mso-para-margin:0in; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman";} </style> <![endif]-->
الكناية والتورية في الإجابة على أسئلة الأعداء أو الخصوم دون التصريح ، للحفاظ على الكليات الخمس ، أو واحدة منها _ وهي : النفس ، والدين ، والعرض ، والنسل ، والمال _ لنفسه ، أو لغيره : أمر لا يعد كذبا ، عند الضرورة لذلك .
وعدم استعمال هذا الأسلوب - عند استشعار الحرج فيه ، أحيانا - قد يؤدى إلى ضرر أفدح منه .
وهو درس واضح في سيرة النبي r بعامة .
كما هو واضح في الدروس التي تستفاد من هجرته ، r ، على النحو التالي :
ففي البخاري . . " عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : أقبل نبي الله r إلى المدينة ، وهو مردف أبا بكر ، وأبو بكر : شيخ يعرف ، ونبي الله r : شاب لا يعرف .
قال : فيلقي الرجل أبا بكر ، فيقول : يا أبا بكر من هذا الرجل الذي بين يديك . . ؟ فيقول : هذا الرجل يهديني السبيل .
قال : فيحسب الحاسب . . أنه إنما يعني الطريق ، وإنما يعني سبيل الخير " . " 53 "
وليس صمت النبي r ، وإقراره لتورية أبا بكر هذه : هي المستند الشرعي فيها فقط ، وإن كانت كافية .
بل : إن النبي r _ كما في طبقات ابن سعد _ كان قد قال له : " أله الناس عني " " 55 "
وهو درس جد عظيم . . حيث يبيح للمضطر _ ويرشده إلى _ وسيلة ينجو بها ، أو يحمي بها غيره ، من الهلاك أو الإيذاء ، وفي نفس الوقت يتيح له عدم الوقع تحت غائلة الكذب .
وليس هذا ترخصا في الدين ، أو استهانة بأحكامه ، أو تلاعبا بتعاليمه ، بل هو التشريع الذي يحفظ النفس أو الدين ، أو العرض ، أو النسل ، أو المال للمرء ذاته ، أو لغيره ، ممن تضطره الظروف والأحوال أن لا يفشي لهم سرا ، أو يذيع لهم خبرا ، إذ يقول r " إن في المعاريض : لمندوحة عن الكذب " " 56 "
بل إن الذي يستفيد من هذا الدرس ، ويستعمله _ عند الضرورات أو النوازل _ لا ينجو بنفسه ، أو يحمي غيره ، من ضرر محقق ، فقط : إنما يثاب على ذلك أيضا .
ففي حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنه ، أن رسول الله r قال : " المسلم أخو المسلم ، لا يظلمه ، ولا يسلمه ، ومن كان في حاجة أخيه : كان الله في حاجته ، ومن فرج عن مسلم كربة : فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة " " 57 "
كل ذلك : بشرط أن لا يكون كتمان هذا السر والتورية عنه ، لا يسبب ضررا للمسلمين _ أفرادا كانوا أو جماعات _ أو لبلادهم ؛ إذ آن دفع الضرر عنهم : أولى وأوجب من قدسية كتمان السر والتورية عنه .
حيث إنه ما صار سرا ، ولا وجب التورية عنه إلا خوفا من : كيد الأعداء ، أو بطش الخصوم وإيذائهم للفرد أو للجماعة ، أو للأمة .
والمقصود من حفظ هذا السر أو التورية عنه _ كما هو معلوم _ حماية النفس أو الغير من أفراد المسلمين ، أو جماعاتهم ، أو الأمة بأسرها .
إن الدعاة إلى الله : لا بد وأن يكونوا على قدر من الوعي والنباهة ، وحضور البديهة ، وحدة الذاكرة لدرجة تجعلهم يدركون حجم الخطر ، ويقدرون على خداع عدوهم ، والإفلات من بين يديه ، أو النجاة من إيذائه ، وبطش طغيانه ، دون استعمال أسلوب الكذب الصراح إلا عند الضرورة القصوى ، التي لا تجدي فيها كناية ، ولا تنفع فيها تورية . " 58 "
ساحة النقاش