حسن كنعان
في الإسراء والمعراج :
سبحانَ ربّي لا أجلّ وأقدرا
أسرى بعبد اللهِ من أُمِّ القُرى
من مهبط الوحيِ الكريمِ بغارها
يسري رسولُ اللهِ بدراً نيّرا
شقَّ الظلامَ بنورهِ في ليلةٍ
ظلّت حديث العالمين لما جرى
للقدسِ حتى زادها شرفاً على
شرفٍ فباهت بالنبيِّ الأعصُرا
وهناك أَمَّ الأنبياء بساحها
فبدا ثراها للأنام مُعطّرا
يسري بليلٍ قاطعاً ما تنطوي
تحت المطايا في المسيرة أشهُرا
وقف البُراقُ على الصّفاةِ فهلّلتْ
وكأنّما همّتْ فجاذبها الثّرى
ومضى يجوزُ بهِ السّماواتِ العلى
ويرى من الآياتِ فيها ما يرى
قد حفّهُ ركبُ الملائكةِ الأُلى
مرّوا بهِ بالأنبياء مُكَبّرا
ما زال يعرُجُ والأمين رفيقهُ
حتّى دنا من سدرةٍ فتاخّرا
وهناكَ أمسك ليس يقوى عندها
كسواهُ من ملأ السّما أن يعبرا
قالوا لهُ : هذا مجالٌ محرِقٌ
إلّا عليك فكنت فيهِ مُخَيّرا
سبحان من أدناكَ في الدّنيا ومن
يدنيك في الأخرى كريماً مُؤثَرا
ناجيتهُ فأراك أكبر آيةٍ
في خلْقهِ فيما قضاه وقدّرا
فخشعتَ والإيمان يملأ خافقاً
بين الضّلوع فما أجلّ المنظرا
سبحانك اللهمَّ أيّدتَ النًَبي
يَ بآية نعمَ المعارج والسّرا
فأزلتَ عن أهلِ الظًٌنون غشاوة
وحطمتَ با ب الكفر وانزاحَ الكرى
سفّهتَ كُفرَ السادرين بِغَيِّهِمْ
وأعدتَ جمعَ الكافرين القهقرى
ما بين إسراءً ومعراجٍ لنا
عِبَرٌ وآياتٌ تَمَثّلُ للورى
ورجعتَ من علياءِ رحلتك التي
حملتْ لدنيا الناس خيراً أوفرا
وافيتهم بصلاتهم مفروضةً
وسبقتهم في ما تُشدّ بهِ العُرى
ودّعتَ قدسَ اللهِ ، عدتَ ولم يزلْ
كلٌَ بليلِ سُباتهِ مُتَدَثّرا
ودفعتَ بالحجج البليغةِ رأيَ من
سمع الروايةَ فاستخفّ وأنكرا
فإذا الشواهدُ صدّقت ْ ما قلتَهُ
ورأيتهُ حقّا على وجه الثّرى
للهِ درّكَ ما نطقتَ بغير ما
يُوحى إليكَ مُحذّراً ومبشّرا
من كوّن الدّنيا وأبدعَ خلقها
وأدارَ شمساً في الفضاء وكوّرا
لا شكّ فالمعراجُ في ملكوتهِ
ما كان أهونهُ عليهِ وأيسرا
لم يبقَ إلّا أن نرى القدسَ الذي
شهد المعارجَ والسُّرى مُتطهّرا
إنّي لأرجو أن نعودَ لقدسنا
جيشاً يكبّرُ للجهادِ مُظفّرا
من يرتضِ الإسلامَ حقاً دينهُ
هيهاتَ في دنياهُ أن يتعثّرا
شاعر المعلمين العرب
حسن كنعان/ أبو بلال