جَنَّةُ عيْنٍ ودَيجورُ أُخْرَى... (من غَزَلِ الشَّباب)
دَعَيَا الظّلامَ فما الظّلامُ مُحَبّبُ
واللّيلُ ظُلْمٌ والدّياجِي تُرْهِبُ
دَعَيَا الظّلامَ فللصَّبَاح أشِعّةٌ
تُنْشِي الحَدَائِقَ والطُّيُورَ ، فَتُطْرِبُ
وذَرَا ، خَلِيلَيَّ، الحديثَ عن الدُّجَى
فالوَصْفُ منه مُحَبَّرٌ، مُتَغرّبُ
لا النُّورُ فيه، ولا الصَّبَاحةُ تَعْتَلِي
قَسَمَاتِه، فهو المُخيفُ المُرْهِبُ
وتَعَالَيَا أُلْقِ النّشيدَ إلَيْكُمَا
بِعَقِيقِ هَذِي العيْنِ، إنّي مُطْرِبُ...
فهي الرّبيعُ بِزَرْعِه وحُقُولِه
وهي السَّمَاء، بِصَحْوِها لا تُسْحِبُ
وهي المياه بِصَفْحَةٍ مُخْضَرّةٍ
بَعْدَ الأَصِيلِ، فَسَطْحُها يَتَخَضّبُ
وهي الزَّبَرْجَدُ في إطارٍ سَبِيكَةٍ
وهي االلّآلئُ، والإطارُ مُذَهَّبُ
هي جَـنَّــةٌ، إِنْسَانُها مُتَوَرِّدٌ
مُتَلَأْلِئٌ، مُتَخَضِّبٌ، مُعْشَوْشِبُ
حَفَّتْ بها سُودُ الرِّيَاضِ تَكَـاثُفًا
في بَحْــرِ نُورٍ طَافِــحٍ، هِيَ أَهْدُبُ
لا تُــذْكَــرُ الفَيْــحَاءُ عِنْدَ تَذَكُّرِي
زُرْقَ العُــيُونِ ، ففَــضْلُها لا يُحْسَبُ
فَلَئِنْ جَرَتْ تَحْتَ الجِنَانِ مِيَاهُهَا
فالعَيْنُ ماءً واخْضِرَارًا تَسْكُبُ
ونَـعِـيمُـهَا وأَدِيـمُهَا وسَـمَاؤُهَا
يُـــبْكِي القَــوَافِي لَحْنُها، ويُعَذِّبُ...
جَهْلًا، أَرَى لَيْلَ العُيُونِ قَصِيدَةً
فَقَصِيدَةُ الأَلْحَاظِ، سَهْلٌ مُعْشِبُ
أَبْــيَاتُها سِحْرُ الجُفُونِ ولَحْظُهَا
وضُــرُوبُها مَرْجُ العَقِيقِ، المُسْهِبُ
سَلَبَتْ نُهَايَ بِنَــفْحَةٍ أَزَلــــِيَّةٍ
مِنْ سِحْرِهَا ، فالوَصْفُ فِيهَا يَنْضُبُ...
حمدان حمّودة الوصيّف خواطر: ديوان الجِدّ والهزل.