كان رجل ذو مال و نعمة فزالت عنه و افتقر حاله و كانت له زوجة و أربعة أبناء ، فحبلت زوجته ، و أخذها المخاض في الليل ، فخرج الرجل هاربا يبحث عن مال ليطعم زوجته ، فمشى حتى غادر بغداد إلى جسر النهروان ، كي يطلب من عاملها الذي يعرفه فيعطيه رزق شهر ، فقعد ليستريح بالقرب من بقال ، فإذا بساعي البريد قد جاء للبقال ووضع مخلاته ( الحقيبه التي يحملها ساعي البريد على كتفه كي يضع فيها البريد ) و عصاه و قال للبقال :
أعطني كذا و كذا من خبز و تمر و إدام ، فأعطاه ، فأكل و أعطاه الثمن .
فلما فتح مخلاته و أخرج ما بها من رسائل رأى الرجل رسالة له مع ساعي البريد ، فقال للساعي : هذا الكتاب لي . قال الساعي : أتدري ما تقول ؟ فقال له : قد قلت الصحيح ، فإن مضيت إلى بغداد ، لم تجد صاحب الرسالة , فقال له : أهاهنا إنسان يعرفك . قال : نعم ، عامل البلدة . فذهبا إلى عامل البلد و هو المسئول عنها مثل المحافظ أو الوالي ، فقال له : من أنا ؟ و أين منزلي ببغداد :فقال له : أنت فلان ، و منزلك في بغداد بمدينة المنصور في سكة كذا و كذا . فقال للساعي : عرفت صدقي , قال الساعي : نعم . و أعطاه الرسالة ، فإذا هي مرسلة إليه كي يحضرإلى الدينور لاستلام ميراث له تركه له ابن عمه المتوفى الذي أوصى بثلث التركة لأعمال الخير و الثلثين له . فورث من ابن عمه نحو عشرة آلاف دينار و عاد إليه الفرج و الفرج بعد الشدة و الغم و لله الحمد . فقد خرج يبحث عن رزقه فوجد رزقه يبحث عنه . و سبحا ن الرزاق .