موقع الاديبة الفلسطينية ناديا كمال / عطر الورد

 

الثامن  من  اّذار  ،يوم  المرأة العالمي ، حيث   تشعل  كل  نساء الأرض  شعلة  الحياة مجدداً ،وتعلن  أنها  ماضية في  طريق  التحدّي  والمقاومة ، وإثبات ذاتها  ووجودها على ساحة الحياة ، وأنها ستبقى تناضل  وتواجه الحياة  ،  بجانب الرجل ،  تتحمل  معه  كل  الأعباء  والمسؤوليات ، وتثبت له أنها ليست  أقلّ  قيمة  ولا قدرة منه على العطاء . قبل  قرن  وعامين    ،  وفي  مثل  هذا اليوم (  8  اذار )  قادت المناضلة  الألمانية التقدمية  كلارا  زيتكين  من  ولاية ساكسونيا   ( التي
أصبحت  بعده  رئيسة إتحاد  النساء  الدّيمقواطي العالمي ) مؤتمراً  عالميا في  كوبنهاجن   تبنّى  قضيىة حقوق  المرأة  عام  1910 ،  ومن  وقتها أصبح هذا اليوم   مناسبة معترف  بها  دولياً  تكرّم  فيها  النساء  وتقام الإحتفالات  والمهرجانات الخطابية  تضامناً  مع المرأة  وتقديراً  لتضحياتها ومجهوداتها  في  سبيل الحرية والسلام والمساواة  ،  والعدالة الإجتماعية ..


وناضلت  المرأة  وتحملت  العناء الطويل ،  وذرفت  الدموع  والدّماء  في
 سبيل  الحرية ،كان  أول  إحتفال   بهذا اليوم  في  19  مارس  1910  شاركت فيه  ملايين  النساء  في  العالم ، ولم  يمض  أسبوع   و في  25  مارس  تحديدا إلا  واندلع  حريق  هائل  في  أحد  المصانع  في  نيويورك  ، قتلت  على أثره أكثر  من  140  امرأة عاملة  لم  يوفر لهن الأمان  في  العمل   وقتها ،فكان هذا  الحادث  المأساوي  بمثابة شعلة  جديدة حثّت المرأة على مواصلة النضال والكفاح  ..ولم  يتوقف  كفاحها  ونضالها  هنا بل  تابعت  المسير وشاركت  في مواجهة الحروب  الرهيبة التي  قضت  على ملايين  البشر ,  ففي  روسيا  قادت المرأة إضرابا  شاملا  من أجل  ( الخبز  والسلام ) وقد  لبّى قيصر  روسيا مطالبهن  وكان  ذلك  يوافق  الثامن  من اّذار  حسب  التقويم  العالمي  ...  مسيرة  طويلة ،  وكفاح  وتحدي  وصمود  قادته  المرأة ،  عقد  خلالها أربع  مؤتمرات  دوليّة  تمخّضت  عن  إعتراف الأمم المتحدة  بهذا اليوم ، وأعلنت  المساواة  بين  الرجل  والمرأة  في  ميثاق  الأمم  المتحدة  في  سان فرانسيسكو  عام  1945....... وغدا  الثامن من اّذار  يوما رسميا  للمرأة  في  كل  العالم  ، وفي عالمنا  العربي أيضا   حيث  أثبتت المرأة العربية  وجودها  ومكانتها  فبرعت في شتى المجالات  منها   الأدب  والثقافة  والعلوم والأبحاث  والشريعة والسياسة  ايضا  حيث  اعتلت أرقى واكبر المناصب في  الدولة  ..و في  النضال وإعلاء  كلمة الحق والدين   في  كل  مكان  ، فها  هي  في  مصر الحبيبة تنزل الميدان  وتتحدى الظلم  والفساد  وتتعرض  لأبشع  الإهانات  ،  وتصمد  في سبيل  الحرية والكرامة والعدالة  الإجتماعية ،  وفي  تونس  واليمن  والجزائر وسوريا  وليبيا  وقطر   وغيرها  لم  تترك  مجالا إلا  وبرعت  فيه ..وتركت اّثارا  لا  تمحى  أبدا  مع السنين  .  و  في فلسطين  الحبيبة   ،لم  تكن  المرأة الفلسطينية أقل  نضالا وتحديا  من أجل  حريتها  وكرامتها  ،  بل  على العكس  ربما  كانت  من  أكثر المناضلات  في  العالم  وما  زالت   تحتل  الصدارة  في  تاريخ  النضال ،  فها  هي  تسطر  أروع  البطولات  في  تقديم  أبنائها  فداء  للوطن ، كلما اَستشهد  واحد  دفعت  بالاّخر   نحو الفداء والتضحية ، واعتادت أن  تمزج دموعها  بالزغاريد  في  عرس الشهادة   ،  وتحمل  راية الجهاد  والمقاومة وتقف   مع  الرجل  الفلسطيني  في  مواجهة الإحتلال  والقمع  ،  فتسطر  أروع ملحمة  للنضال  حين تتمسك  بجذع  شجرة الزيتون  التي  تأبى ان  تفارق  الأرض والطين  مثلها  ،وتواجه   دبابات  العدو   وتقول  لهم  :  اقتلعوا  زيتونتي
إن  شئتم   ولكن ... على جثتي ..
 ويتجسد  نضال  المرأة  الفلسطينية  منذ  بدء  الإحتلال  حتى اليوم  ،  في تقديمها  الغالي  والرخيص  في  سبيل الحرية والفداء والمقاومة  جنبا إلى  جنب مع الرجل  ،  فلا  أحد  ينسى  دلال المغربي  وعمليتها  الإنتحارية التي زلزلت  إسرائيل والعالم  وقتها  منذ  أكثر من  30  عاما  ويزيد ، وأودت بحياة الكثير من الصهاينة ، وما  زال الإحتلال  يحتفظ  بجثمانها  حتى الاّن ، ونعلم  كيف  خدع العالم أجمع  حين  أوهمنا أنه  سلّم  الجثمان  في  صفقة تبادل الأسرى  مع  حزب  الله  ،  واكتُشف  بعدها أنه ليس  لها  من خلال  تحليل الدي إن إيه  ، ولا  ننسى  الشهيدة  الطالبة لينا النابلسي  التي  إستشهدت في  طريقها  للمدرسة  في  السبعينيات ،واستمرت  المرأة الفلسطينية  في التضحيات   والنضال  وبدلاً  من  أن   تتزين    بالقلائد  المزخرفة والماسية والذهبية التي تتباهى  بها   النساء   إختارت زينتها  من نوع  خاص   هي القلائد  المفخخة  التي  وضعتها  الإستشهاديات  الفلسطينيات  لتجعلن  من أجسادهن  نارا  تحرق  تل  أبيب  ومن  فيها  وما  حولها  وتحرق  قلوب الصهاينة  ، وكانت  الإستشهادية وفاء إدريس   أول  من  أشعل  الفتيل  بعد إنتفاضة الأقصى المباركة ، وكان اّخر  ما  قالته  لأمها  واخوتها  كأنها تودعهم : (الوضع  صعب  وربما  يستشهد  الإنسان  في  أي  لحظة ) كما  قالت لصديقاتها  أيضا : ( سأقوم  بعمل  يرفع  رؤوسكن ) فحملت  لواء المقاومة   وتشرفت بهذه  المكرمة الإلهية  وشرفتنا  جميعا  وسجّلت إسمها  في  قائمة الشهداء في  28 /  1 /  2002  وتلتها   الأخوات  واحدة تلو الأخرى  منهن  ( دارين أبو  عيشة  22   عاما   من  نابلس  إستشهدت  في  27  /2  / 2002 ،  اّيات الأخرس  من  بيت  لحم  إستشهدت  في  29 /3/ 2002  ، الإستشهادية  عندليب طقاطقة  من  جنين  وكان  ذلك  بعد   عملية ما  يسمى بالسور  الواقي  التي شنها  الصهاينة  ضد  جنين ومخيمها  في العام  2002     فأرادت  أن  تثبت للإسرائيليين  والعالم  فشل  هذه  العملية   حيث  قرأت  وصيتها  على الملأ وقالت : ’’ إن  هذه  الحياة  حياة فانية  لا  طعم  لها  ولا  قيمة ، وخير ما يبحث  عنه  الإنسان  هو الحياة  الكريمة  في  الجنة ’’فاستشهدت  في  12 /4 /2002 ،وتتالت  الأسماء  بعدها وكبر  عرس  الشهادة  متمثلا  ب  هبة  سعيد دراغمة  ،  هنادي  جرادات  وهي  محامية  من  جنين  حيث  فجرت  نفسها  في مطعم  في حيفا  وقتلت  وقتها  19  صهيونيا غير الجرحى  وكان  ذلك  في  4 /10  /  2003   ،أيضا  نورا  شلهوب ، الهام  الدسوقي  ،  ريم  صالح  الرياشي ، وأخيرا زينب  عيسى  استشهدت في  22 /  9 /  2004  ،   كلهن قتلن  عددا  كبيرا من الصهاينة  و  تركن  بصمات لا  تنسى  ابدا  .. )
  وفي  صورة  أخرى  فما  زال الإحتلال  يمارس  التهجير من البيوت للفلسطينيين  وخاصة في  القدس  الحبيب  ويهدم  ويدمر  بيوتا  في  مناطق  أخرى،  وتقف  المرأة الفلسطينية بكل  بسالة  لتعلن  رفضها  وتحديها  للاّلة الصهيونية الحاقدة ،  معلنة  صرختها  :  لن أرحل  من هنا  ،  فلتفعلوا  ما شئتم  ، هذه  أرضي وهذا  بيتي  وهذه  زيتونتي   ،  سأضع  خيمتي   على أنقاض بيتي  هنا  واعيش  مع  عائلتي  ...ولن ارحل  ..واتركهم  للغرباء.. وها  هي  في  الأقصى الحبيب  تواجه  العدوان  والتدنيس  وتتصدى للحثالة الصهيونية  اللّعينة   وترابط  في  الأقصى  صباح  مساء  ، وتتعرض للذل  والمهانة  وسحب  بطاقتها  الشخصية ،  والإبعاد  عن  الأقصى ومحيطه
أحيانا    ،  وتجعل  من  جسدها   متراسا  في وجه  العدو  الغاصب ، لحماية الأقصى  وحماية المرابطين هناك  ،  فيا  لها  من إمرأة جبارة   عنيدة ..
 
واّخر  ما أريد  ذكره   وأهم ما  في  مسيرة  النضال الفلسطيني  للمرأة
 هي  الأسيرات الفلسطينيات  في  سجون  القمع  الصهيوني ، حيث  تُسلب  الحرية وتغتال  الكرامة  على أيدي أحقر المخلوقات  البشرية    وأدناها أخلاقاً وقيماً ،  فما  زالت  الأسيرات  تعاني   في  السجون  وتتعرض  لأبشع  أنواع التعذيب  والقهر  والذّل ،  وقد  أُفرج  عن  بعضهن  في  صفقة تبادل الأسرى مع  حماس  قبل  عدة أشهر ،  إلّا  أنّ   السجّان  أبى  إلّا  أن  تظلّ  بصمة الفلسطينيات  داخل  سجونه ، فها  هي  لينا  الجربوني  إبنة  فلسطين  في  48 تعاني  المرّ  والقهر  والعذاب منذ  اكثر من  9  اعوام ،حيث يرفض  الإحتلال الإفراج  عنها   في  أي  صفقة  أجريت وتطالب  لينا العالم  بأن  لا  ينساها وأن  يسارع  في  الإفراج  عنها من براثن المحتل ،  وأروع  أسطورة تسطرها الأسيرة البطلة  هناء الشلبي  التي  أفرج  عنها  في  صفقة التبادل  الأخيرة مع  حماس  ،  إلاّ  أنّ السجن  إشتاق  لها  وأبى سجّانها  إلا  أن  يعتقلها إداريا  ويعرضها  لأبشع الإهانات  والظلم والتعذيب  ،  وها  هي  تدخل الأسبوع الثالث  في  مسيرة  حربها  مع  الأمعاء الخاوية  مكمّلة المسيرة التي  بدأها الأسير المناضل  خضر عدنان ،  وتتحدى الغاصب   بابتسامة  ساخرة من  ثغرها المتعب    لتقول له   : لن  تهزمني أبدا  .....إرادتي  وكرامتي  أقوى  منك يا سجاني .... هذه  هي  المرأة الفلسطينية ،  خاضت  بطولاتها  ونضالها   في  شتّى المجالات وبرهنت  للعالم  أجمع  انها  إمرأة جبّارة   لا  تهزمها  قضبان  ولا  قيود ولا  جدران ،  فكانت  الفلاحة ،  والطالبة ،  والعاملة ،  والأديبة والمثقفة ،  والثكلى والأرملة ،  والأسيرة، والجريحة  ، والشهيدة ..وهي  لا  تحتاج ليوم  في  السنة كي  تحتفل  ،  وتناضل ،  فكل  أيامها  نضال  وصمود  وتحدي ..فلها ولكل  النساء  العربيات  المناضلات  .. تنحني  الهامات  وترفع القبعات  في  كل  وقت وحين .... وكل  التحية والتقدير  لكل  النساء  في  كل  العالم  الحر  المناضل  ...

الكاتبة الفلسطينية :  ناديا كمال
 
القدس  /  فلسطين

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 177 مشاهدة
نشرت فى 30 إبريل 2012 بواسطة nadia-alwardhmh

ساحة النقاش

ناديا كمال / عطر الورد

nadia-alwardhmh
فلسطينية الاسم ,,,,,فلسطينية الكلام والصمت ,,,,فلسطينية الوشم ,,,,,فلسطينية الاحزان والجرح ,,,,, نعم فعِنْدَمَآ يَقُولُونَ لِيْ : يَآ فَلَسْطِينـِــــيْة ... ..أشْعُرُ وَكَأنِّيْ ' مَلِكـة ' فِيْ هَذَآ الكَوْنْ ..! وأقول لاعدائي :عذِّبوني، هجِّروني، و ان اردتم حتى اقتلوني و لكن … من ارضي ابدا لن تقتلعوني !! »

أقسام الموقع

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

16,050