بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
الحمد لله الذى أنار الوجود بميلاد أفضل رسولٍ . وجعله خاتم النبيين ، وشفيع المذنبين . وحامل لواء الحمد يوم الدِّين .
وأشهد أن لا إله إلا الله وحدهُ لا شريك له فضَّل سيدنا محمداً على سائر الأنام . وخلع عليه من حُلل الجلال والجمال ما ملأ القلوب وأدهشَ الأفهام . وأشهد أن سيدنا محمداً رسول الله . الذى تشرَّفت بإمامتهِ كل الرُّسلِ والأنبياء وعظَّم الله قدْرهُ فى مُحكمِ الكتاب . فقال سبحانه : ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ ﴾ .
اللهم صلِّ وسَلِّمْ وبارِك على سِّيدنَا ومولانا مُحمدٍ نبيِّكَ ورسُولِِكَ وحبيبك بَحْر أنوارِكَ ومَعْدِنِ أَسْرَارِكَ ، وَلِسَانِ حُجَّتِكَ وعروسِ مَمْلكتِكَ ، وإِمَامِِ حَضْرَتِكَ ، وطِرازِ مُلكِكَ ، وخزائِنِ رحمَتِكَ ، وطريقِ شريعَتِكَ المُتَلذِّذِ بتوحيِدِكَ . إنسانُ عين الوجود والسَّبَبِ فى كلِّ موجوُدِ . صَلاةً تَدُومُ بدوامِكَ ، وتَبْقَى بِبَقائِكَ . يا رب العالمين .
وبعد
فَإِنَّ فَضْلَ سيِّدِنا رسول الله  لَيْسَ لهُ حَدٌّ فَيُعْرِبُ عنهُ نَاطِقٌ بِفَمِ . ويكفيهِ صلى الله عليه وسلم فخراً ونُبْلاً قولُ الله عزَّ وجَلًّ فى قُرآنهِ العظيم ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ .
ولا يَسَعُنى إلا أنْ أُدْلِى بِدَلْوِى . وأَحُومُ حولَ مقامِ الرسولِ الأعْظَمِ خَلْقاً وخُلُقاً حتى أحظى بالقَبُولِ . فأقولُ :
يا مُصْطَفى من قَبْلِ نَشْأَةِ آدَمِ والكَونُ لم تُفتَحَ له أغْلاقُ
أيَرُومُ مَخْلوقٌ ثَناءَكَ بعْدَمـا أَثْنَى على أخْلاقِكَ الخَلاقُ
فلقد جاء فى المَواهِبِ : ( إنَّ اللهَ لَمَّا خَلقَ آدم ، ألْهَمَهُ أنْ قالَ : يا ربِّ : لِمَ كَنَّيْتَنى أبَا مُحمَّدٍ ؟ قال الله تعالى : يا آدم : ارفعْ رأسَكَ . فرفعَ رأسهُ ، فرأى نورَ مُحمَّدٍ صلى الله عليه وسلم فى سُرَادِقِ العرشِ ، فقال : يا ربِّ : ما هذا النُّور ؟ قال : هذا نُورُ نَبِىٍّ مِنْ ذُرِّيّتِكَ اسمُهُ فى السَماءِ أحمدْ ، وفى الإرضِ مُحمدْ . لولاهُ ما خَلَقْتُكَ ، ولا خَلقتُ سماءً ، ولا أرضاً . وفى هذا قيل :
وكانَ لَدَى الفِرْدَّوسِ فى زَمنِ الصِبَا
وأثْوابُ شَمْلِ الأُنْسِ مُحْكَمَةُ السُّدَى
يُشاهِدُ فى عَـدْنٍ ضِّيـاءً مُشَعْشعاً
يَزِيدُ على الأَنْوارِ فى الضَّوءِ والهُدَى
فـقـالَ إلهِى ما الضِّيـاءُ الذِى أرى
جُنُودَ السَّما تَعْشُو إليهِ تَرَدُّدَا
فـقـالَ نـَبِىٌّ خَـيْرُ مَنْ وَطِئَ الثـَّرَى
وأفْضَلُ منْ فى الخَيْرِ راحَ أو اغْتَدّى

تَخَـيّـَرْتُـهُ مِنْ قَبْـلِ خَـلْقِكَ سيّـِدَاً

وألْبَسْتُهُ قَبْلَ النَبِيِّينَ سُؤْدَدَا

ويَشْـفَـعُ فى إنْـقَـاذِ كُـلِّ مُـوَحِّدٍ

ويُدْخِلًُهُ جَنَّاتِ عَدْنٍ مُخَلَّدَا

وأَنَّ لـهُ أسْمَـاءً سَـمْيِتـُهُ بها

ولَكِنَنِى أحْبَبْتُ مِنْهَا مُحمَّداً

صلى الله عليه وسلم

قال بن عباس : كان فى سيدنا مُحمَّدٍ صلى الله عليه وسلم علاماتٍ :
فأما العلامةُ التى فى رأسهِ صلى الله عليه وسلم فكان إذا مشَى تُظِلُّهُ الغَمَامة ، وأمَّا التى فى جبِينهِ صلى الله عليه وسلم فكان إذا زارَ قوماً تسْبِقُهُ الأنوارِ ، وأمَّا التى فى عينَيِهِ صلى الله عليه وسلم فكان ينظُرُ مِنْ خَلْفِهِ كما ينظُرُ مِنْ أمَامِهِ ، وأمَّا التى فى أنْفِهِ صلى الله عليه وسلم فكان يَشُمُ الرَّائحةَ الطَّيِبة ، ولا يَشُمُ الرَّائحةَ الكَرِيهةَ ، وأما التى فى أُذُنَيْهِ صلى الله عليه وسلم فكانَ يسْمَعُ صَرِيفَ القَلَمِ فى اللَّوحِ المَحْفُوظِ ، وأمَّا التى فى لسانهِ صلى الله عليه وسلم : فكانَ لا يقُولُ إلا حقاً ، ولا ينْطِقُ إلا صِدْقَاً ، وأمَّا التى فى ريِقِهِ صلى الله عليه وسلم : فكان إذا تَفَلَ فى الماءِ المَالِحِ يصِيِرُ عَذْبَاً ، وأمَّا التى فى كَفِّهِ صلى الله عليه وسلم فكان الحَصى يُسَبِحُ فى راحَتيهِ ، وأمّا التى فى أصابِعِهِ صلى الله عليه وسلم فكان يَنْبُعُ مِنْهَا المَاءُ الزُّلال ، وأمّا التى فى كَتِفَيهِ صلى الله عليه وسلم : فهو خاتمُ النُبوَةِ : لا إله إلا الله *** مُحمَّدٌ رسول الله صلى الله عليه وسلم . وأمَّا التى فى طُولهِ صلى الله عليه وسلم : فكان إذا مَشَى مَعَ الطَويلِ ساواهُ وإذا مشى مع القَصيرِ حَاذَاهُ ، وأمَّا التى فى قَدَميهِ صلى الله عليه وسلم : فكان إذا مشى على الرَّمْلِ لمْ يَظْهَر له أَثَر ، وإذا مشى على الصَّخرِ غاصَتْ قَدَماهُ صلى الله عليه وسلم .
مَنْ مِثْلُ أحْمَدَ فى الكَونَيْنِ نَهْواهُ فسائِرُ الخَلْقِ فى أوصَافِهِ تَاهُو
مَنْ مِثْلُهُ وإلهُ العَرْشِ شَــرَّفَهُ وبالخَلْقِ والخُلْقِ إنَّ الله أعطاهُ
صلَّى علَيهِ إلهُ العَرْشِ ما طَلَعَتْ شَمْسٌ ومَا غَابَتْ حَيّاءً مِنْ مُحَيَّاهُ
أمّا شيخى وأُستاذى ومُعَلِّمِى العَالِمِ العَلامة والكَوكَبِ اللامِعِ الفَهَّامة الوَلِىِّ التَقىِّ النَقىِّ سَليلُ بيتِ النُبوةِ الحَسِيبِ النَّسيبِ الشَّرِيفِ العَارفِ بالله سيدى ومولاى وشيخى ( مُحمد السيد أبو العَينَينِ الرِّفاعى رضى الله عنه ) . أقولُ له ما نحنُ بين يديكَ إلا مُتعلِّمِين
ما كُنْتَ لِنَفْسِكَ يَومـاً يا سيـدى بل كُنْتَ للمَولى مَدى الأَوقاتِ
مَنْ مِثْلُ شَيْخى فى الصَّفاءِ لربِّهِ قَدْ فازَ بالتَقوى وبالطَّاعـاتِ
لكَ وجْهٌ كُـلُ المِلاحـةِ فـيـه وجَبينٌ يَزُولُ مِنهُ الظَّــلامُ
لكَ فَمُّ حَوَى الفَصَاحَةَ حُسْــنَاً فيهِ شَــهْدٌ وسُكَّرٌ ومُــدَامُ
لكَ صَدْرٌ كَــلامُ رَبِّـكَ فــيهِ فيه عِلْــمٌ وحِكْـمَةٌ واحتِكَامُ
لكَ قَلـــْبٌ مُطَـهَّـرٌ ونَقـِىٌّ لكَ فى الليْـلِ قِبْلَةٌ ومُـقَـامُ
قوَّاكَ الله . وسَدَّدَ خُطَاكَ . وجَمَعَ بِكَ الشَّمْل
إذا قيلَ مَنْ للصُوفيةِ يجْمَعُ شَمْلَها تَنَفَّسَـتِ الدُنيـا ومَـدَّتْ لكَ اليَدَا
بَعَثْتُ معَ الأمْثـالِ أزْكـى تَحِيَّتى وحَسْبى مِنَ الإخْلاصِ أنِّى لكَ الوَفَا
أعَزَّ إلَهى شخْصُكُـمْ وحمَـاكـُمُ مِنَ الهَـمِّ والغَـمِّ والكَـيْدِ والعِدَا
وأبْقى جَميعَ المُسلمينَ بِعزَّةٍ وخَصَّ إلَهِى بالصَلاةِ مُحمَّدا
وقد أنعم الله عز وجل على قطب هذا الزمان وفخر هذا العصر والأوان شيخنا ومولانا سيدى / محمد السيد أبو العينين الرفاعى رضى الله عنه فنشر الأعطار الزكية ، ونثر الأزهارَ الورديَّة فى هذا الكتاب ، وسَمَّاهُ
( النفحات المحمدية ) .
وهو خُلاصة ما ألقاهُ على الأحبابِ فى ليلة مولدِ النبى عليه الصلاة والسلام بالإحتفالات السنوية بالساحة المُحمدية بالمولد النبوى الشريف وقد قام بعضُ الأحبابِ من مُريديهِ وتلامِذتِهِ الصَّادقين بتسجيلها على شرائط الكاسيت والفيديو وأَذِنَ لهم فضيلة الشيخ بنقلها وكتابتها فى كتابٍ جامعٍ لها كتابةً لتكونَ مُيَسَّرةً فى مُتناول جميع الأحباب ؛ ليتذوقوا ما فيها من مذاقٍ ربانىٍ وعلمٍ ربانىٍ لَدُّنِّىٍّ مُحمدىٍّ يُفاضُ على العارفين من بابٍ من القرآن ( وعلمناه من لدنا علماً ) وهذا العلمُ لا يُعطى إلا لرجُلٍ طرحَ الأكوانْ وأحبَ الرحمن ، واقتَدَى بالقرآن ، واتَّبَعَ سيد الأنام . وهذا العارفُ لو خَطرَتْ فى قلبهِ خَطرَةً دونَ الله تعالى سهواًَ لتعطَّلَ سِرُّهُ وما كان من العارفين . لذلك قال سلطانُ العاشقين سيدى عمر بن الفارض رضى الله عنه :
ولو خَطَرَتْ لى فى سِوَاكَ إرَادَةٌ على خَاطِرِى سَهْواً قاضَيتُ بِرِدَّتى
وقال صلى الله عليه وسلم ( إن من العلم كهيئةِ المكنونِ لا يعلمُهُ إلا العلماءُ بالله تعالى . فإذا نطقوا به لا يُنكِرُهُ إلا أهلُ الغِرَّةِ بالله )
وهؤلاء هم أولياء الله الذين هم ورثةُ الأنبياء كشف الله لهم ذخائرَ خزائنَ الغيبِ تحت كُلِ حرفٍ من كتاب الله وآيةٍ من كلامِ الله عجائبَ الإدراكاتِ الوَهْبِيَّةِ فهم ينطقونَ بالحكمةِ البالغة والألفاظ السابغةِ فهم أهل العلم بالله الذين قال فيهم الحق سبحانه : ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء ﴾ فهم أهل الخشيةِ من الله الذين يعلمون أن الله على كل شئٍ قدير . فقد قال بن مسعودِ رضى الله عنه ( ليس العلم عن كثرةِ الحديثِ وَلَكِنَّ العلمَ عن كثرةِ الخشيةِ ) وبالخشية جعل الله قلوبهم أوعيةً يَصُبُ فيها عُلُومُهُ وأسرارهُ وأنوارهُ وفى ذلك قال الإمام مالك رضى الله عنه : ( إنَّ العِلْمَ ليسَ بِكَثْرةِ الرِّوَايةِ . وإنَما العِلمُ نُورٌ يجعلهُ الله فى القلبِ ) .
وإنهُ لشرفٌ عظيمٌ لى إذ كَلَّفَنى شيخى بتقديمِ هذا الكتاب الذى هو مَنْهَلٌ يَنهَلُ منهُ كلَ مُحبٍّ لسيدنا رسول الله فما أحوج شباب الإسلام فى هذا الزمان إلى التربية الروحية المحمدية .
وفى وصفِ جمالِ هذا الكتاب أقول :
هذا كِتَابٌ لو تَحَـلَّى لُؤْلُؤاً أو عَسْجَدَاً لم يُوفِيَاهُ بِحَقِهِّ
جَمَعَ المَحاسِنَ كُلَّهَا فكَأنها عَقدُ الثُّرَيَّا مزهَرِ مَنْ طوقِهِ
وستجد فى طيَّاتهِ القطوف الدَّانية ، والثمار اليانعة ، وستشعرُ بهذا الإحساس دائماً أنك فى بُستانٍ تستمتعُ فيه بكل ما لذَّ وطاب .
وصدق من قال :
للهِ سفرٌ قد حـوى إعظـامـا قد حيَرتهُ يدُ سمـت إكراماً
رُفِعَتْ إلى المولى فأكرمها بما أعطى لصاحبِهَا عُلاً ومَقاما
ولا يسعُنى بعد هذا التقريظِ إلا أن أقول جزى الله عنا شيخنا خير الجزاء ونفعنا بعلمهِ وأكرمنا بصُحبَتِه وأدَّبنا بأدبه . أمين .

( كتبهُ بقلم العناية الربانية مُحبٌّ للنبى وآلهِ وخادِم السادة الصوفية

الأحمدى عبد الفتاح محمد خليل
أستاذ الحديث بجامعة الأزهر الشريف
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
أسـألُكَ اللـهـمَ يا ربنـا يا من تجلى بالبَـقَا والـدوامِ
اغفرْ للأحمدىِ ما قد جَنَى وامنحهُ عِندَ الموتِ حُسنَ الخِتامِ


  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 403 مشاهدة
نشرت فى 2 يونيو 2011 بواسطة mwlana

ساحة النقاش

النفحات المحمدية

mwlana
العارف بالله الشيخ محمد السيد ابو العينين الرفاعى رضى الله عنه »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

42,068