جريدة أخبار الجمهورية الدولى

رئيس التحرير محمود أبومسلم



أسس الصحافة : المقالة

...........................................

نقلها لكم/محمود أبو مسلم

.......................................

س: ما هي المقالة ؟؟


المقالة :

يعتبر فن المقالة من الفنون الأدبية المستقلة والمنفردة بخصوصيتها وقوانينها
وكما أنها تعتبر من الفنون المهمة جدا في حياة الأدب سواء كان أدباً عريباً ام
غربياً . وكما ترى فعند ذكر كلمة مقالة يأتي في عقل القارئ تلك القطعة المكونة
من مجموعة أفكار يطرحها كاتب المقالة ويعرض فيها قضية معينة يتم تداولها في هذه
المقالة محاولا الوصول الى حل أو ابداء وجهة نظر خاصة به تجاه موضوع المقالة .

والمقالة قديمة يعود تاريخها حسب المصادر الأدبية والتاريخية الى الكاتب
الفروسي ميشييل دي مونتين ويعتبر هذا الرجل من اهم كتاب المقالة ورائد المقالة
الحديثة في الآداب الاوروبية .

هذا لن يفيدنا كثرا في دراسة المقالة ومعرفة مكوناتها وطيفية كتابتها بطريقة
أدبية بسيطة لتسهيلها على القارئ او عاشق فن المقالة . ولكن سنبدأ من هنا
لندخل في محور هذا الكتاب الالكتروني عن فن المقالة :

تعريف المقالة :
قال الدكتور جونسون بتعريفة للمقالة " المقالة نزوة عقلية لا ينبغي ان يكون لها
ضابط من نظام . هي قطعة لا تجري على نسق معلوم ولم يتم هضمها في نفس صاحبها او
كاتبها " ولابد من مراعاة أن هذا التعريف من الدكتور جونسون يعرف المقالة في
عصره هو او عصرها الاول وليس بالضرورة أن يكون تعريف المقالة لهذا العصر .

وكان تعريف أدموند جوس بأنه قال : " هي قطعة انشائية ذات طول معتدل تكتب نثراً
. تمس موضوعا معيناً تحاول ملامسته من نواحٍ عدّه " .

ومن هذه التعريفات نستطيع أن نجعل تعريفنا للمقالة بأنها عقطة معتدلة الطول
تخرج بعفوية وصدق من كاتبها لعلاج قضية معيّنه يحددها الكاتب ويفضل أن لا تحمل
من الكلفة ولا التعقيد شيئ .

أنواع المقالة :
للمقالة أنواع عدة ولكل نوع من هذه الانواع ظروفه الخاصة به واسلوبه الخاص أيضا
. فالكاتب إما أن يكتب مقالةً تدل على افكاره هو أو عواطفة وميولة الخاصة ويكون
محور الحديث فيها عن نفسه او ذاتة لذلك أطلقوا عليها أسم ( المقالة الذاتية ) .
وإما ان تكون المقالة طرح لموضوع او قضيّة ودراستها وتوضيحها او بيان فحواها
للقارئ باسلوب علمي ودراسة واعية لا علاقة لميول الكاتب وعواطفة فيها لانها
تشترط أن يتخلي الكاتب عن عواطفة اذا أراد كتابة هذا النوع من المقالات ويسمى
( المقالة الموضوعية ) .

إذا مما سبق نستطيع القول أن المقالة هي إما أن تكون :
1- ذاتية :
- تهتم بإظهار شخصية الكاتب .
- تهتم بالاسلوب الادبي او الجمالي .
- تكون ميول الكاتب وعواطفة حيّة في هذه المقالة .
- حرة في اسلوبها لا تحكمها ضوابط معيّنة .

2- الموضوعية :
- تطرح موضوعاً معيّناً وتكشف عن خفاياه ليكون الموضوع واضحا للقارئ .
- يكون الالوب فيها واضحاً وبسيطا من غير غموض ولبس .
- تحرض المقالة الموضوعية على استخراج النتائج وتقديم الأدلة والمقدمات
والتقيّد بالموضوع .

لكنهما في الأخير يشتركان في أن كليهما آتٍ من رغبة تعبيرية لدى الكاتب عن قضية
أو طرح معيّن .

3- المقالة النقدية الادبية :
هذا النوع من المقالات كثيرا ما تجدة في عالم الأدب والفن . وتعتمد اعتمادا
كبيرا على التذوّق وقدرة الكاتب على فهم ودراسة العمل الأدبي وتحليلة وتفصيلة
واستخراج النتائج وعرضها باسلوب نقدي واضح للجمهور .

4- مقالة النقد الاجتماعي :
قلنا ان المقالة هي قطعة معلومة الطول تطرح قضية معيّنة لذلك كان لا بد من وجود
مثل هذا النوع من المقالات في كل مجتمع تتغيّر فيه عادات او تدخل عليها آخرى
غريبة او مستحدثة . فكان لابد من وجود طريقة للتعبير عن الرأي الخاص في هذا
التغيير . فكانت المقالة الاجتماعية النقدية هى الطريقة المثلى لذلك . وتعتبر
هذه المقالة من المقالات الاصلاحية في المجتمعات فالكل يستطيع كتابتها ما دام
قادرا الكتابة بصدق وملم بفنون الكتابة .

5- مقالات الوصف :
من عنوانها تعرف مضمونها هي مقالات تحمل الوصف للقارئ عن بيئة او أحداث مهمة
تحتاج الى من يصفها لتصل الى عقل القارئ بسهولة فكان لا بد من ظهور كاتب يحترف
هذا العمل الكتابي الجميل . تحتاج هذه المقالة والتى نسميها ( المقالة الوصفية
) الى كاتب واعي له القدرة على الوصف بدقة وعبقرية ليكون مسيطرا على عقل وذهن
القارئ وبارعا في التصوير للأحداث او الصور التعبيرية الجميلة .

6- مقالة السيرة :
ربما تعتقد ان السيرة هنا هي سيرة القدماء من العصور القديمة كامرئ القيس او
عنترة العبسي ولكن لا ليس هذا المطلوب منك إذا أردت كتابة مقالة سيرية او سيرة
مقالية . فالهذا النوع من المقالات يتحدث عن موقف انساني لشخص صدر منه موقف
فأثر هذا الموقف بالكاتب وبدأ يترجم تأثره في صدر المقالة معبرا عن عواطفة
وانفعالاته وانطباعاته الخاصة بالموقف .
ومقالة السيرة تعتبر سيرة قصيرة كما أن الاقصوصة هي أقصر من القصة القصيرة .
فالسيرة الكبيرة تشمل عالماً بأكملة أما المقالة السيرية فلا تتعدى شخصية وموقف
معيّن وإبداء رأي الكاتب .

7- المقالة التاريخية :
تعتمد هذه المقالة على الاحداث التاريخية والروايات وجمعها مع الخبر التاريخي
وتنسيقها ثم عرضها بطريقة الكاتب ولكن يشترط على الكاتب هنا الأمانة في الطرح
وعدم إدخال ميولة في هذا النوع من المقالات لحساسيتة مع التاريخ وأنت تعلم ما
نعني .

8- المقالة العلمية :
يهتم هذا النوع من المقالات بالعلوم والنظريات والعلماء وطرح المستجدات على
الساحة العلمية من أمور والبحوث والدراسات وغيرها من الامور المتعلقة بالعلم .


تحليل المقالة :
لابد من طرح هذه الاسئلة اذا أردنا ان نعرف ما معنى هذه المقالة وهي كالتالي :

- ماذا يريد ان يقول كاتب المقالة ؟
فلا بد من قراءة المقالة بشكل جيد والتفكر فيها ومن ثم الجواب على هذا السؤال
ولكن لا تعتقد ان الجواب سيكون سهلا في بداية الأمر . وعليه ان يدرس المقالة
ويبحث عن تفسيرها للآخرين إذا اراد . وأن يبحث عن مواطن الخطأ والصواب فيها وأن
يدرس جيدا الاسلوب للكاتب ويبحث عن نقاط اضعف سواء في تركيب اللغة او تراكبية
البيانية البلاغية . فكل هذا سيساعد القارئ على فهم الكاتب . وربما لو حاول
القارئ معرفة الحالة النفسية للكاتب فسيكون لهذا الفضل الكبير في معرفة ظروف
الكتابة لدى كاتب المقالة .
وبعد كل هذا يقوم القارئ او الدارس بنثر ما وجد في المقالة ومحاول ترتيب افكارة
ترتيبا سليما ومحاولة الشرح لما فهم او استنتج من هذه المقالة بعد دراستها .


هيكل المقالة :
المقالة كأي فن ادبي آخر له اسلوبة الخاص في الطرق . ومن اهم الامور التى لابد
من معرفتها هو ان المقالة تحمل بين طياتها هيكلا يسير عليه أكثر الكتّاب وهو
كما يلي :

1- المقدمة :
مقدمة المقالة او البداية كما نحب أن نسميها دائما هي فقرات تطرح التمهيد
للقضية وتهيأة القارئ للدخول في عمق المقالة او في موضوع المقالة ليكون ملما
بأفكار المقالة في المقدمة .
فعلى كاتب المقالة ان يحاول في كتابة المقدمة ان يوضح الفكرة او يعطي القارئ
علامات وأدلّة يخبر فيها القارئ بما سيقون بطرحة في المقالة التى بين يديه .

2- الموضوع او العرض :
هنا لا حاجة للشرح في هذا الجزء من الهيكل ولكن نقول ان جزء الموضوع هو محور
المقالة وسبب كتابتها وكثيرا ما يكون هذا الجزء هو مصدر القوة في المقالة بحيث
ان القارئ يأتي الى هنا وهو ملم ببعض الأفكار التى استقاها من المقدمّة . ولذلك
على الكاتب أن يهتم بالموضوع هنا وان يكون الاسلوب مهذبا قدر الإمكان . ويستطيع
الكاتب في هذا الجزء طرح وجهات نظره وكل ما يريد .

3- الخاتمة :
البعض يسمونها الخلاصة . وهو استنتاجات الكاتب للمحصّلة النهائية لموضوع مقالته
وعرض خلاصة بسيطة عن مضمون المقالة . وفي هذا الجزء من المقالة يستطيع الكاتب
أن يرمي بعنصر المفاجأة كما يسمية البعض ليفاجئ القارئ في نهاية رحلته مع
المقالة .

4- الاسلوب :
يعتبر الاسلوب هو الروح الخاصة بالمقالة والتى عن طريقة يمكن معرفة هل يستطيع
القارئ الاستمرار في القراءة ام لا . فالكاتب الجيّد هو من يحاول استدراج
القارئ بطريقة سهله ومحببه للقارئ تجعلة يتفاعل مع المقالة تفاعلاً يدل على أنه
يحمل الفرح لهذه المقالة . وكثيرا ما نقرأ مقالات ولا نستطيع تكملة النصف منها
بسبب ضعف الاسلوب وسطحية الطرح . وكما أنه كذلك فهناك مقالات لبعض الكتّاب تجد
من الصعوبة ترك شيئ منها لجمال اسلوب وقدرة كاتبها على جذب القارئ بسحر اسلوبه
. فعليك المحاولة جاهدا قدر المستطاع من الاعتناء بالاسلوب وصحة العبارة .


أخيرا نقول ان المقالات كثيرة الانواع يصعب التمييز بينها بسهولة ولا تنس أن المهمة شاقة وجميلة جدا اذا رغبت في دراستها وتجربتها .

بسم الله الرحمنالرحيم

المقالةالأدبيَّة

د. حمد الدخيل

لكتابة المقالة الأدبية شروط ومواصفات معينة ينبغي أن يعيهاالكاتب، وأن يتقيد بها حين يمارس هذا اللون من الكتابة الأدبية.
لعل في مقدمتهاأن تكون المقالة في حجم معين محدد، كالعمود الصحفي الواحد مثلاً؛ والخروج بها عن حدالحجم المعقول يفضي بها إلى أن تكون بحثاً أو دراسة.
وأمر آخر يتصل بالأسلوب،وهو أن تكتب بلغة عربية فصيحة، سلسة، واضحة، لا غموض فيها ولا التواء ولا إغراب،وهذا يعني أن تعرض الفكرة التي يراد عرضها عرضاً واضحاً، ولكن في لغة تخلو منالكلمات العامية التي لا تمت إلى الفصحى بصلة.
ولابد أن تشتمل المقالة على فكرةمعينة يريد أن يطرحها الكاتب، أو مشكلة يريد أن يعرضها للمناقشة واقتراح الحل الذييراه مناسباً.
وقد تكون الفكرة أو المشكلة أدبية، أو اجتماعية، أو اقتصادية، أوسياسية، أو ما يتصل بشؤون الحياة وقضاياها.
ويتركب هيكل المقالة من المقدمة،والعرض، والخاتمة. ويشترط في المقدمة أن تكون إرهاصاً للفكرة أو المشكلة التي يرادعرضها، وذات صلة بها، وهذا مايسميه علماء البلاغة ببراعة الاستهلال.
والعرض هوطرح الفكرة أو المشكلة، ومناقشتها مناقشة واضحة من جميع جوانبها.
أما الخاتمةفتتضمن الحل المقترح غالباً.
ولابد أن تكون المقدمة والخاتمة أقصر من العرض؛لأن مدار المقالة هو طرح الفكرة ومناقشتها، وهذا هو لب الموضوع وجوهره.
ونشأتالمقالة في أحضان الصحافة، ولا سيما الصحافة اليومية؛ لأنه يناسبها هذا اللون منالكتابة الأدبية الخفيفة التي لا ترهق القارئ، ويجد الوقت لقراءتها في مختلف الظروفوالأحوال.
وإذا كانت المقالة بنت الصحافة فمن الطبيعي أن يعرفها الغرب قبلالشرق؛ لأن الصحافة وجدت في أوروبا قبل أن تعرفها بلدان الشرق بأكثر من مائتي عام،وحين أذكر ذلك فإنما أريد الصحافة الحديثة التي شاعت بعد أن اخترع حنا جوتنبرج (1400 ¯¯ 1468م) الطباعة، أما إذا تلمسنا تاريخاً قديما لنشأة الصحافة، فالصينيونيبدون أسبق الأمم لإصدار أول صحيفة في العالم، كان ذلك في عام 911 ق.م. وعرفتالمقالة طريقها إلى الشرق العربي حينما انتشرت الصحافة، وكانت الشؤون السياسيةالموضوع الأول الذي تصدر فن المقالة بحكم خضوع البلدان الشرقية في ذلك الوقتللاستعمار.

ولكن الأسلوب الذي عولج به هذا الفن في تلك الفترة كان امتداداًلأساليب العصور الوسطى، من حيث الاحتفال بالسجع وسائر ضروب البديع، والتضحيةبالمضمون في أكثر الأحيان في سبيل تزويق الشكل وتنميقه، وإخراجه في الصورة التيعرفت عند كثير من الكتاب قبيل عصر النهضة الحديثة.
وعند الرجوع إلى الأدبالعربي القديم، إلى العصر العباسي بخاصة، نلاحظ نماذج من النثر لا تختلف اختلافاًملحوظاً عن فن المقالة كما عرفناه، فالرسائل الإخوانية والأدبية والعلمية التي شاعتفي القرن الثاني والثالث من الهجرة تتوافر فيها شروط المقالة ومقاييسها الفنية إلىحد كبير، وحسب القارئ في هذا أن يطلع على بعض رسائل عبدالحميد الكاتب وصديقه ابنالمقفع، وعلى رسائل العتابي، ومحمد بن زياد الحارثي، وابن سيابة، وجبل ابن يزيد،والجاحظ وغيرهم.
ويمكن له أن يطلع على كثير مما ذكر في الجزء الثاني والثالثوالرابع من جمهرة رسائل العرب لأحمد زكي صفوت، وسيجد فيها ما لا يتوافر في كثير منالكتب مجتمعة.

المصدر: د. حمد الدخيل: ((في الأدبالعربي الحديث)) :
http://www.adabihail.com/books.php?verid=5&secid=66

ماذا تعرف عن فن المقالة؟
تُعد الحياة في البحر مسرفة إسرافاً أبعد من كل خيال ، سواءً في وفرتها ، أو تنوُّعها ، أو قِدمها ، أو غرابتها ، أو جمالها ، أو شراستها بغير تعقل ، وبما ليس له نظير آخر في الطبيعة ، وتتراوح الكائنات البحرية من ملايين بلايين الكائنات الميكروئية ، التي تجوب البحر في المياه الزرق ، إلى حيتان المحيط المتجمد الجنوبي ، الزرق الذي يبلغ طول الواحد منها ثلاثين متراً ، ويزن مائة وثلاثين طناً ، وتشتمل هذه الكائنات على أجمل الأنواع ، التي لم تجد الطبيعة بمثلها ، كتلك الأسماك الرائعة الفضية ، وتلك الحيوانات التي تتفتح كالزهور ، وكتلك الشعب المرجانية المتلألئة ، وكتلك الديدان التي يبلغ طولها سبعة وعشرين متراً وكتلك الأسماك التي تتلون بأحد ثمانية ألوان ، فإذا وقفنا عند أكبر هذه الكائنات وهو الحوت ، فإنه يحتاج إلى أربعة أطنان من السمك ، تدخل في معدته حتى يشعر بالشبع ، ويحتاج وليده إلى ثلاثمائة كيلو من الحليب في الرضعة الواحدة .
ويتدفق من جسم الحوت في أثناء صيده ثمانية أطنان من الدم ، وفيه خمسة وعشرون طناً من الدهن ، وخمسون طناً من اللحم وعشرون طناً من العظام ، وتزن أعضاؤه الداخلية ثلاثة أطنان ، ولسانه طنين ونصف ويستخرج منه ما يزيد على مائة وعشرين برميلاً من الزيت ، وقد استطاع حوت أن يجر سفينة ثمانية ساعات ونصف ، بسرعة خمس عقد في الساعة ، والسفينة تُعمِل محركاتها بأقصى اتجاه معاكس لسيره .
هذه فقرات من مقالة علمية عن الكائنات البحرية ، مأخوذة من مجموعة " لايف " العلمية ، أردت أن استهل بها هذه المقال عن فن المقالة ، لتكون تجسيداً ومتكأً للأفكار النظرية المتعلقة بهذا الموضوع .
****
تعريف المقالة :
المقالة كما يعرفها أدمون جونسون ، فن من فنون الأدب ، وهي قطعة إنشائية ، ذات طول معتدل تُكتب نثراً ، وتُلِمُّ بالمظاهر الخارجية للموضوع بطريقة سهلةٍ سريعة ، ولا تعنى إلا بالناحية التي تمسُّ الكاتب عن قرب .
والمقالة ـ بتعريف آخر ـ قطعة من النثر معتدلة الطول ، تعالج موضوعاً ما معالجة سريعة من وجهة نظر كاتبها ، وهي بنت الصحافة نشأت بنشأتها وازدهرت بازدهارها .
كلمة " موضوعاً ما " في التعريف تعني أن المقالة من أكثر الفنون الأدبية استيعاباً وشمولاً لشتى الموضوعات ، فموضوعات كالتضخم النقدي ، وأساليب الإعلان والتخدير بالإبر ، لا يمكن أن تحملها أجنحة الشعر ، ولا حوادث القصة ، ولاحوار المسرحية ، والمقالة وحدها تتقبل مثل هذه الموضوعات ، وأية موضوعات أخرى وتجيد توضيحها وتحسن عرضها .
وكلمة " معالجة سريعة " في التعريف تعني أن كاتب المقالة ، مازاد على أنه سجل تأملات ، أو تصورات أو مشاهدات تغلب عليها العفوية والسرعة ، فلو كانت المعالجة متأنية فجمعت الحقائق ، وفحصت وصنفت ، واعتمد على الإحصاء ، والتجربة والمتابعة ، لعُدَّ هذا العمل بحثاً علمياً ، وليس مقالة أدبية .
فلو قرأت في مجلة علمية ، أن طيور البلاكبول ، تطير في الخريف إلى شاطئ المحيط الأطلسي ، ومن هناك تقوم برحلة جوية لا تصدق فوق البحار ، في اتجاه أمريكا الجنوبية ، مجتازة مسافة أربعة آلاف كيلو متر بلا توقف ، خلال ست وثمانين ساعة ، على ارتفاع يزيد على ستة آلاف متر ، لو قرأت هذه الفقرة لعرفت أن هذه الأسطر قد كلفت العلماء سنوات طويلة من الملاحظة ، والمتابعة ، فهذه فقرة من بحث علمي وليس مقالة أدبية .
وكلمة من " من وجهة نظر كاتبها " تعني أن المقالة تعبِّر عن ذات كاتبها أكثر مما تُعبِّر عن موضوعها ؛ لأن كاتب المقالة يرى الأشياء من خلال ذاته ، وما يعمل فيها من مشاعر وانفعالات .
استمعوا معي إلى أحد الكتاب ، يتحدث عن طائرة :
" طائر صغير أحببته شهوراً طوالاً ، غرد لكآبتي فأطربها ، ناجى وحشتي فآنسها ، غنّى لقلبي فأرقصه ، ونادم وحدتي فملأها ألحاناً " .
****
المقالة فن عصري :
كُتب على غلاف أحدى المجلات ذات الطبعات الدولية ، أكثر من مائة مليون يقرؤون هذه المجلة ، في مائة وثمانين بلداً ، وبخمسة عشر لغة فما سر هذا الإقبال الشديد على مطالعة المقالات المنوعة في الصحف والمجلات ، وفي كل أقطار العالم ؟ .
في هذا العصر الذي طغت فيه المادة على القيم ، ونما العقل على حساب القلب ، وتعقدت أنماط الحياة ، وكثرت متطلباتها ، واستهلك كسب الرزق ، معظم الوقت ، واختُصر كل شيء ، حتى اختصرت الشهور في ساعات والسنون في أيام ، وظهرت الحاجة ملحة إلى مطالعات سريعة خفيفة ، فتطلع الناس إلى الصحف والمجلات ، واستهوتهم الكتيبات ، والدوريات ، وكأن الناس أرادوا أن يختصروا البحر في قارورة ، والبستان في باقة ، وضياء الشمس في بارقة ، وهزيم الرعد في أغرودة ، وبحثوا عن فن أدبي يدور معهم أينما داروا ، ويرافقهم حيثما ساروا ، ويكون معهم في حلِّهم وترحالهم ، وأحزانهم وأفراحهم في لهوهم وجدِّهم ، يعبر عن نشاطهم العقلي ، وعن اضطرابهم النفسي كذلك اختصرت الكتب في مقالات ، فجاءت بلسماً شافياً لمرض العصر ودواءً لضيق الوقت ، فكانت المقالة من أوسع الفنون الأدبية انتشاراً ؛ لأنها أقلها تعقيداً وأشدها وضوحاً ، وأكثرها استيعاباً ، لشتى الموضوعات وأيسرها مرونة على الكاتب ، وأسهلها هضماً على القارئ .
****
عناصر المقالة :
المادة والأسلوب والخطة .
فالمادة هي مجموعة الأفكار ، والاراء ، والحقائق ، والمعارف والنظريات ، والتأملات ، والتصورات ، والمشاهد ، والتجارب والأحاسيس ، والمشاعر ، والخبرات التي تنطوي عليها المقالة ، ويجب أن تكون المادة واضحة ، لالبس فيها ولا غموض ، وأن تكون صحيحة بعيدة عن التناقض ، بين المقدمات والنتائج ، فيها من العمق ما يجتذب القارئ ، وفيها من التركيز ما لا يجعل من قراءتها هدراً للوقت ، وفيها وفاء بالغرض ، بحيث لا يُصاب قارئها بخيبة أمل ، وأن يكون فيها من الطرافة والجدة بحيث تبتعد عن الهزيل من الراي ، والشائع من المعرفة والسوقي من الفكر ، وفيها من الإمتاع ، بحيث تكون مطالعتها ترويحاً للنفس ، وليس عبئاً عليها .
إن مهمة الكاتب ليست في إضعاف النفوس ، بل في تحريك الرؤوس وكل كاتب لايثير في الناس رأياً ، أو فكراً ، أو مغزى يدفعهم إلى التطور ، أوالنهوض ، أو السمو ، على أنفسهم ، ولا يحرك فيهم غير المشاعر السطية العابثة ، ولا يقرُّ فيهم غير الاطمئنان الرخيص ، ولا يوحي إليهم إلا بالإحساس المبتذل ، ولا يمنحهم غير الراحة الفارغة ولا يغمرهم إلا في التسلية ، والملذات السخيفة التي لا تكوِّن فيهم شخصية ولا تثقف فيهم ذهناً ، ولا تربي فيهم رأياً ، لهو كاتب يقضي على نمو الشعب ، وتطور المجتمع .
الأسلوب :
وهو الصياغة اللغوية ، والأدبية لمادة المقالة ، أو هو القالب الأدبي الذي تصب فيه أفكارها ، ومع أن الكتَّاب تختلف أساليبهم ، بحسب تنوع ثقافاتهم ، وتباين أمزجتهم ، وتعدد طرائق تفكيرهم ، وتفاوتهم في قدراتهم التعبيرية ، وأساليبهم التصويرية ، ومع ذلك فلا بد من حدٍّ أدنى من الخصائص الأسلوبية ، حتى يصح انتماء المقالة إلى فنون الأدب .
فلا بد في أسلوب المقالة من الوضوح لقصد الإفهام ، والقوة لقصد التأثير ، والجمال لقصد الإمتاع ، فالوضوح في التفكير ، يفضي إلى الوضوح في التعبير ، ومعرفة الفروق الدقيقة ، بين المترادفات ثم استعمال الكلمة ذات المعنى الدقيق في مكانها المناسب ، سبب من أسباب وضوح التعبير ودقته (لمح ـ لاح ـ حدَّج ـ حملق ـ شخص ـ رنا ـ استشف استشرف) ووضوح العلاقات ، وتحديدها في التراكيب سبب في وضوح التركيب ، ودقته ، فهناك فرق شاسع بين الصياغتين (يُسمح ببيع العلف لفلان ـ يسمح لفلان ببيع العلف ).
والإكثار من الطباق يزيد المعنى وضوحاً ، وقديماً قالوا : (وبضدها تتميز الأشياء ) الحرُّ والقرُّ ، والجود والشحُّ ، والطيش والحلم واستخدام الصور عامة ، والصور البيانية خاصة ، يسهم في توضيح المعاني المجردة ، مثال ذلك :
الأدب اليوم عصاً بيد الإنسانية ، بها تسير لامرود ، تكحل به عينها وهو نور براق ، يفتح الأبصار ، وليس حلية ساكنة بديعة تزين الصدور.
****
والقوة في الأسلوب :
والقوة في الأسلوب سبب في قوة التأثير ، فقد يسهم الأسلوب في إحداث القناعة ، لكن قوة الأسلوب تحدث " موقفاً " وتأتي قوة الأسلوب من حيوية الأفكار ، ودقتها ، ومتانة الجمل ، وروعتها ، وكذلك تسهم في قوة الأسلوب الكلمات الموحية ، والعبارات الغنية ، والصورة الرائعة والتقديم والتأخير ، والإيجاز والإطناب ، والخبر والإنشاء ، والتأكيد والإسناد ، والفصل والوصل .
مثال ذلك :
إذا أردنا أن نعيش سعداء حقاً فما علينا إلا أن نراقب القمح في نموه والأزهار في تفتحها ، ونستنشق النسيم العليل ، ولنقرأ ولنفكر ، ولنشارك تايلر في إحساسه ، إذ يقول : سلبني اللصوص ما سلبوا ولكنهم تركوا لي الشمس المشرقة ، والقمر المنير ، والحياة الفضية ، الأديم ، وزوجة مخلصة تسهر على مصالحي ، وتربية أطفالي ، ورفقاء يشدون أزري ، ويأخذون بيدي في كُربي ، فماذا سلبني اللصوص ، بعد ذلك ؟ .. لا شيء ، فهاهوذا ثغري باسم وقلبي ضاحك ، وضميري نقي طاهر .
****
الجمال في الأسلوب :
إذا كان الوضوح من أجل الإفهام ، والقوة من أجل التأثير ، فالجمال من أجل المتعة الأدبية الخالصة ، وحينما يملك الكاتب الذوق الأدبي المرهف والأذن الموسيقية ، والقدرات البيانية ، يستطيع أن يتحاشى الكلمات الخشنة والجمل المتنافرة ، والجرس الرتيب ، وحينما يوائم بين الألفاظ والمعاني ويستوحي من خياله الصورة المعبرة ، يكون أسلوبه جميلاً .
مثال ذلك :
البرج العاجي الخلقي هو السمو عن المطامع المادية ، والمآرب الشخصية فليس من حق مفكر اليوم أن ينأى بفكره عن معضلات زمانه ولكن من واجبه أن ينأى بخلقه عن مباذل عصره ، وسقطاته ، البرج العاجي عندي هو الصفاء الفكري ، والنقاء الخلقي ، وهو الصخرة التي ينبغي أن يعيش فوقها الكاتب مرتفعاً عن بحر الدنايا الذي يغمر أهل عصره ، لا خير عندي للمفكر الذي لا يعطي من شخصه مثلاً لكل شيء نبيل رفيع جميل .
والعنصر الثالث من عناصر المقالة الخطة ويسميها بعضهم الأسلوب الخفي وهي المنهج العقلي الذي تسير عليه المقالة ، فإذا اجتمعت للكاتب أفكارٌ وآراء يريد بسطها للقراء ، وكان له من الأسلوب ما يستطيع أن تشرق فيه معانيه ، وجب ألا يهجم على الموضوع من غير أن يهيء الخطة التي يدفع في سبيلها موضوعه .
والخطة تتألف من مقدمة ، وعرض ، وخاتمة ، والمقدمة هي المدخل وتمهيد لعرض آراء الكاتب ، ويجب أن تكون أفكار المقدمة بديهية مسلماً بها ، ولا تحتاج إلى برهان ، وأن تكون شديدة الاتصال بالموضوع وأن تكون موجزة ، ومركزة ومشرقة .
وأما العرض ، فهو صلب الموضوع ، وهو الأصل في المقالة ، وفيه تعرض أفكار الكاتب عرضاً صحيحاً ، وافياً متوازناً ، مترابطاً متسلسلاً ويُستحسن أن يمهد الكاتب لكل فكرة ، ويربطها بسابقتها ، ويذكر أهميتها ويشرحها ، ويعللها ، ويوازنها مع غيرها ، ويذكر أصلها وتطورها ويدعمها بشاهد أدبي ، أو تاريخي ، ويُفضل ان تُعرض كل فكرة رئيسة في فقرة مستقلة .
والخاتمة تلخص النتائج التي توصل إليها الكاتب في العرض ، ويجب أن تكون واضحة ، صريحة ، حازمة .
ومما يتصل بالحديث عن عناصر المقالة الحديث عن أنواعها :
فمن حيث الموضوع هناك المقالة الاجتماعية ، والسياسية ، ومن حيث الأسلوب ، هناك المقالة العلمية ، والأدبية ، ومن حيث الطول ، هناك المقالة المطولة ، والخاطرة ، ومن حيث اللبوس الفني ، هناك المقالة القصصية ، والتمثيلية ، ومقالة الرحلات ، ومقالة الرسالة ، ومن حيث موقف الكاتب هناك الذاتية ، والموضوعية ، ومن حيث طرق نقلها إلى الجمهور ، هناك المقالة المقروءة ، والمسموعة ، والمنظورة .
****
أنواع المقالة :
المقالة العلمية :
موضوعاتها علمية ، وأهدافها تبسيط الحقائق العلمية ، وتيسير نقلها إلى الجمهور ، يقول قدري طوقان " الشمس أقرب نجم إلينا ، وتقدر المسافة بثلاثة وتسعين مليوناً من الأميال ، فلو سار قطار إليها بسرعة خمسين ميلاً في الساعة لوصلها في مائتين وعشرين سنة ، والأمواج اللاسلكية ، التي تدور حول الأرض سبع مرات في ثانية واحدة ، هذه الأمواج لو أرسلت إلى الشمس لوصلها في ثماني دقائق وربع ، ولو أرسلت إلى أقرب نجم إلينا بعد الشمس لوصلته في أربع سنين ونصف " .
لعلكم لاحظتم أسلوب المقالة العملية المباشر الذي يعتمد على الدقة في استخدام الألفاظ ، والسهولة في صوغ العبارات ، والبعد عن التأنق والزينة ولا تلبس المقالة العلمية من الأدب إلا أرق ثوب .
المقالة الأدبية :
وهي قطعة من الشعر المنثور ، تشف عن ذات الأديب ، وتعبر عن مشاعره ، وتنطلق مع خياله ، وترسم ملامح شخصيته ، أسلوبها أدبي محض ، ففيها ماشئت من عواطف جياشة ، وخيال عريض ، وصور مترفة وأسلوب رشيق ، يقول عبد العزيز البشري متحدثاً عن سيد درويش :
" فما إن لحن سيد درويش فكان المغني شديداً إلا قوي لحنه ، ودعم ركنه وشدَّ بالصنعة متنه ، فسمعت له مثل قعقعة النبال ، إذا استعر القتال ، أو مثل زئير الآساد ، إذا تحفزت للصيال ، وإذا جنح الكلام إلى اللين ، كان لحنه أرق من نسج الطيف ، وألطف من النسمة في سحرة الصيف .
الخاطرة :
مقالة قصيرة جداً تحتل بعض الزوايا في الصحف ، والمجلات وتعتمد على أسلوب الخطف في معالجة الموضوعات ، وتتميز بالطابع الذاتي وتشيع فيها السخرية ، ولها مذاق عذب في نفس القارئ ، وهي أشبه شيء بالرسم الكاريكاتوري

جمهوري العزيز نقدم لكم كل جديد وحديث في دنيا الأخبار

لذا نرجو كتابة التعليق والتصويت لان هذا يسعدنا كما نسعدكم

مع تحيات / صحفي

محمود مســلم

Apu_msALm @yahoo.com

0102259689

0180688635/0115408636

 

www.kenanaonline.com/ws/msALm

 

 

 

msALm

صحفى محمود ابو مسلم الموقع أخبار رياضية – ثقافية- فنية- اجتماعية –حوادث وتحقيقات- زورنا على مواقعنا الإخبارية والإعلامية 01280688635 01023399536

  • Currently 183/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
62 تصويتات / 1585 مشاهدة
نشرت فى 1 سبتمبر 2009 بواسطة msALm

جريدة أخبار الجمهورية الدولى الالكترونى

msALm
الأخبار الفنية الرياضية السياسية - التحقيقات- قضايا المجتمع - قضايا المرأة -حوادث - بريد القراء - صالة التحرير- أعلانات - »

عدد زيارات الموقع

880,509

تسجيل الدخول

ابحث