ثمار شجرة العلم النبوى
ليس من السهل أن يكون الإنسان فيلسوفاً فى غابه من الشياطين . . ولا من السهل أن يكون قديساً فى مستوطنه من الشياطين . . ولا متفتحاً فى مجتمع من المنغلقين . . ولكن . . ذلك ليس معناه أن نضع أصابعنا العشره فى الشق ونيأس . . أوأن ندفن رؤسنا فى الرمل وننسى . . أن علينا أن نقيم التوازن بين الإنفجارات التى تحدث حولنا وبين جداول المياه الصافيه التى ترقرق فى أعماقنا .
لا يجوز أن نغضب رغم أن كل ما حولنا يدفع إلى الغضب . . لايجوز أن نصرخ رغم أن كل ما حولنا يدفعنا للصراخ . . إن الصراخ حق إنسانى يلجأ إليه الإنسان لتعبير عن إحتجاجه . . أوعن عذابه . . فنحن نصرخ إذا إحترق إصبع واحد من أصابعنا . . وكيف لا نصرخ ونحن نرى من يشعلون النار فى دينهم وهم يبتسمون وكأنهم ملكوا ناصيته وفهموا خباياه وكشفوا أسراره . . على أنه رغم ذلك لن نغضب . . ولن نصرخ . . بل سنناقش . . ونجادل بالعقل . . بالتى هى أحسن .
إن أخطر ما فى هؤلاء المطمئنين إلى أنفسهم هو أنهم يأخذون الدين كماده خام لا يضيفون إليها ما يتفاعل معها لتنتج ما هو أفضل . . وأحسن . . وأبقى . . إن خام الحديد يحتاج لكثره من الخبره حتى يصبح سلعه حضاريه ضروريه . . سيارات . . ثلاجات . . ماكينات . . أساس عمارات . . والذهب لا يبرق إلا إذا أجرينا عليه عمليات إستخلاص متتاليه . . وكذلك البترول . . والفوسفات . . وكل ما نعرفه من خام .
وبهذا المنطق علينا أن نستخلص من الدين ما ينفع الناس مباشرة . . إن الله لم يشرح لنا آيه آيه . . وإنما تركنا نستخلص منها ما ينفعنا ويفيدنا . . ولكن . . هذا الإستخلاص له أصول ووسائل علمها لنا الرسول عليه الصلاة والسلام . . أن نجتهد فى التفكير والتفسير . . وألا نتقيد بالتقييد . . إن بعض الناس توقف عند ما وصل إليه الصحابه ولا ينظرون إلى إبعد من ذلك . . وحتى نناقش هؤلاء نتصور أن النبى عليه الصلاة والسلام زرع شجرة برتقال . . وتركها للصحابه على حالها . . قبل أن تثمر . . سيكون وصف الصحابه لها أنها شجرة خضراء . . وفى زمن التابعين للصحابه فوجئوا أن الشجره أخرجت زهوراً بيضاء . . لو قالوا إن الزهر لم يكن فى زمن الرسول والصحابه ولا نتعامل معه لما كسبوا من تحول هذه الزهور إلى ثمار . . لو إعتبروا الزهور البيضاء بدعه يجب الوقوف فى وجهها لخسروا مالم يتركوه ينمو أمامهم . . ولو أن رجلاً منصفاً منهم أمسك الزهره البيضاء ووجدها جزءاً أصيلاً من الشجره لاعتبرها تطوراً طبيعياً للشجره . . ولاعتبر الثمره تطوراً طبيعياً للزهره . . ولاعتبر عصير البرتقال تطوراً طبيعياً للثمره . . وكذلك المربى وفيتامين سى وغيرها من فوائد ثمرة البرتقال . . لو تجمدنا عند حدود الشجره التى تركها الرسول لما عرفنا البرتقال . . ولو أعتبرنا هذه الشجره هى شجرة العلم النبوى وتوقفنا عند مرحلنها فى زمن الصحابه لما كانت ثمار الإجتهاد التى جنيناها فيما بعد . . لقد أظهر الله فى زمن الرسول من شجرة العلم النبوى الفروع والأوراق . . ثم أظهر فى زمن التابعين الزهر الأبيض . . ثم فى زمن تال الثمره . . والعصير . . والمربى . . والدواء الذى نعالج به البرد . . ولو سمعنا كلام من يقولون إنهم يتمسكون بما كان فى عصر الصحابه لضاعت علينا كل هذه الفائده .
يقول النبى – صلى الله عليه وسلم : – ” خير القرون قرنى ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ” . . وفى قرن الرسول كانت الشجره . . وفى القرن الذى يليه كانت الزهره . . وفى القرن الذى يليه كانت الثمره . . بهذا التفتح علينا أن نفهم ونفسر كل ما يخرج من ثمار من شجرة العلم النبوى . وأن نفهم ما نسمعه من أحاديثها بعمق ورويه
وللحديث بقيه إن شاء الله تعالى