ثالثا ـ المنظمات الإقليمية الأوروبية
قامت المنظمات الإقليمية بأوروبا فى أعقاب الحرب العالمية الثانية كوسيلة لجمع الشمل وتجاوز رواسب الحروب. وقد عرفت أوروبا نوعين من التنظيمات، ففى الجزء الشرقى من القارة والذى عرف بأوروبا الشرقية أو الاشتراكية كانت هناك تنظيمات سياسية واقتصادية وأيضا عسكرية، وفى الجزء الغربى من القارة وجدت منظمات اخرى. ومع تفكك الاتحاد السوفيتى انهارت بالتبعية التنظيمات التى جمعت الجزء الشرقى من القارة الأوروبية. أما الجزء الغربى فما تزال هذه المنظمات قائمة بل أنها تسعى الى استيعاب دول أوروبا الشرقية داخلها. ومن اهم هذه المنظمات الاتحاد الأوروبي الذى كان نتاجا للعديد من مراحل التعاون المشترك بين دول أوروبا الغربية والذى جمع بين جوانبه العديد من الهياكل والتنظيمات الإقليمية الدولية.
ولذلك سنركز على الاتحاد الأوروبى مع الإشارة الى المحاولات السابقة عليه. فهذا الاتحاد لم يزل فى تطور مستمر لا يتوقف.
وقد خطا اجتماع رؤساء دوله وحكوماته الـ 15 في نيس في 7 ديسمبر 2000 خطوةأخرى اتجاه توسيع قاعدة الاتحاد وزيادة عدد أعضائه. فقد وافقت الدول الأعضاء على استراتيجية لضم 12 دولة أوروبية أخرى إلى الاتحاد خلال العقد القادم. كما تقرر إحداث تغيير طفيف في مقاعد مجلس الوزراء الأوروبي كما سيرد ذكره.
ويعد هذا التطور حلقة أخرى اكثر تقدما فى سلسلة محاولات أوروبية لإقامة تكتلات اقتصادية إقليمية بين الدول الأوروبية ابتداء من سنة 1950 وحتى إنشاء الاتحاد الأوروبي بمقتضى معاهدة ماستريخت في عام 1993.
فقد بدأت هذه المحاولات بما يسمى اتحاد البينلوكس ثم اتفاقية بروكسل فالمجلس الأوروبي ثم المنظمة الأوروبية للتجارة الحرة واتحاد أوروبا الغربية. ثم دخلت هذه المحاولات الأوروبية مرحلة اخرى من مراحل التكامل فيما بينها، من خلال اندماج التجمعات الأوروبية الثلاثة: أولها الجماعة الأوروبية للفحم والصلب، وثانيها الجماعة الاقتصادية الأوروبية، وثالثها الجماعة الأوروبية للطاقة الذرية. فقد تم توحيد أجهزة هذه الجماعات الثلاث اعتبارا من يوليو 1967، واستمر هذا الاتجاه التكاملي بين هذه الدول حتى وصلت إلى فكرة إقامة الجماعة الأوروبية بمقتضى اتفاقية روما عام 1957. كما تطورت في الجماعة الأوروبية بعض الأجهزة التنظيمية والتنفيذية التي تمكنها من الاضطلاع بمهامها والتي استمرت فى صيغة الاتحاد الأوروبي مثل مجلس الوزراء والبرلمان الأوروبي ومحكمة العدل الأوروبية والمفوضية الأوروبية .
1
ـ نشأة الاتحاد الاوروبى:
تأسس الاتحاد الأوروبي، كما سبقت الإشارة، بمقتضى معاهدة ماستريخت التي جاءت بتعديل جوهري على معاهدة روما، حيث نصت على بدء مرحلة جديدة يتم فيها إقامة اتحاد أوثق بين الشعوب الأوروبية. ولذا وافق زعماء المجموعة الأوروبية في ماستريخت على معاهدة الاتحاد السياسي والنقدي لتحويل الجماعــة إلى اتحاد أوروبي. وتدعو معاهدة ماستريخت الــى: (أ) صياغة سياسية خارجية مشتركة. (ب) إقامة اتحاد فيدرالي. (ج) التحرير الكامل لحركة السلع والخدمات وإقامة الوحدة النقدية الكاملة على عدة مراحل تنتهى بإقامة بنك مركزي أوروبي.(د) التقدم الاقتصادي والاندماج المتواصل عن طريق إقامة منطقة تزول فيها الحدود وتعمل على تقوية الاندماج الاقتصادي والاجتماعي من خلال إقامة اتحاد اقتصادي ونقدي ذى عملة واحدة. (هـ) تأكيد هوية الاتحاد على الساحة الدولية من خلال تطبيق سياسة خارجية واقعية مشتركة تتضمن التوصل إلى سياسة دفاعية مشتركة.
وقد تضمنت معاهدة ماستريخت إعادة النظر فى معاهدة روما، وكان أهم هذه التعديلات في الجانب النقدي، حيث تحددت ثلاث مراحل للانتقال إلى الاتحاد النقدي أولها إزالة القيود على تدفقات رؤوس المال بين الدول الأعضاء وإجراء تنسيق أكبر بين السياسات المالية والنقدية للدول. أما المرحلة الثانية فبدأت في أول يناير 1994 ويجري فيها التأكد من إزالة كل العقبات أمام تدفق رؤوس الأموال وتحقيق مؤشرات التقارب، فى حين تتضمن المرحلة الثالثة عملية تحديد أسعار الصرف بشكل غير قابل للتعدد وإقامة اتحاد نقدي بعملة مشتركة.
2
ـ الهيكل التنظيمى للاتحاد الاوروبى:
أ ـ مجلس الوزراء:
يتكون من وزراء حكومات الدول الأعضاء في الاتحاد وفقا لنوع الاجتماع المزمع عقده. فإذا كان موضوع الاجتماع يتعلق بالشئون الخارجية يجتمع وزراء الخارجية، وكذلك يجتمع وزراء المالية على سبيل المثال إذا كان موضوع الاجتماع متعلقا بالشئون المالية والنقدية. ويعمل المجلس على التنسيق بين الخطط الاقتصادية العامة للدول الأعضاء مع اتخاذ القرارات الضرورية للعمل بالمعاهدات والاتفاقيات المؤسسة للاتحاد. وتنعقد اجتماعات المجلس بناء على طلب الرئيس ويكون ذلك بمبادرة منه أو بطلب من اى عضو من الأعضاء. أما قاعدة التصويت فتتم وفقا للأغلبية ويتم استخدامها في عدد من المجالات المحددة وأهمها الميزانية والسياسة الزراعية. والجدير بالذكر هنا ان أصوات الدول الأعضاء في الاتحاد الأوربي قبل قمة نيس، كانت كالتالى:
-
بريطانيا، فرنسا، إيطاليا، ألمانيا 10 أصوات لكل منها.
-
أسبانيا 8 أصوات.
-
بلجيكا، اليونان، هولندا، البرتغال 5 أصوات لكل منها.
-
الدانمارك، ايرلندا 3 أصوات لكل منهما.
-
النرويج، فنلندا 3 أصوات لكل منهما.
-
لوكسمبورج صوتان.
-
السويد، النمسا 4 أصوات لكل منهما.
ولقد جاءت قمة نيس بفرنسا لتشهد العديد من التغيرات سواء في عدد المقاعد أو في نمط اتخاذ القرارات .
فبالنسبة لنمط اتخاذ القرارات فقد صار مشروطا بثلاث قواعد هي الإجماع في بعض الحالات ، وغالبية 14 دولة في حالات ثانية، وغالبية دول تمثل 12 %من مجموع سكان أوروبا في حالة ثالثة. وذلك فى محاولة تتجنب الشكاوى العديدة من استخدام حق الفيتو وأثره في تعطيل بعض المشاريع الأوربية، خاصة من قبل دول صغيرة نسبيا مثل لوكسمبورج والتي تعارض بعض هذه المشاريع التي تتناقض مع مصالحها الخاصة. وعلى الرغم من ذلك فقد شهدت المداولات في قمة نيس قيام الدول الأعضاء بالاحتفاظ بالمجالات التي لا ترضى المساس بها، حيث أصرت ألمانيا على استثناء الهجرة واللجوء السياسي من التداول، إلى جانب الصحة والعدالة، بينما أصرت بريطانيا على استثناء الدفاع والتجانس الضريبي ، وأصرت أسبانيا على المساعدات الإقليمية .
كما شهدت القمة ظهور مطالبة ألمانيا بضرورة زيادة مقاعدها فى المجلس الوزارى بما يتناسب مع حجم سكانها البالغ 90 مليونا وألا تظل مساوية لفرنسا التى تضم 59 مليون نسمة فقط. وقد دب الخلاف بين فرنسا وألمانيا بسبب هذا المطلب الألماني. وانتهى الأمر بحصول ألمانيا على مقاعد متساوية مع فرنسا ولكن حصلت ألمانيا على بند ينص على إمكانية تعطيل قرارات المجلس من خلال تجمع أصوات دول يعادل سكانها نسبة 62% من عدد سكان أعضاء الاتحاد. وفيما يلى تقسيم مقاعد المجلس الوزاري:
ـ بريطانيا، فرنسا، المانيا، ايطاليا، 29 صوتا لكل منها.
ـ أسبانيا، 27 صوتا.
ـ اليونان، البرتغال، بلجيكا، 12 صوتا لكل منها.
ـ هولندا، 11 صوتا.
ـ فلندا، الدانمارك، ايرلندا، 7 أصوات لكل منها.
ـ لوكسمبورج، صوتان.
ـ السويد والنمسا 10 أصوات لكل منهما.
والجدير بالذكر هنا أن جدول أعمال مجلس الوزراء ينقسم إلى قسمين أولهما يتضمن المسائل التي سبق وتناولتها لجنة الممثلين الدائمين، أما القسم الثاني فيشتمل على مقترحات المفوضية والتي لم يتم التوصل إلى اتفاق بشأنها.

 

 

المصدر: المصدر: أ/ أيمن عبد الوهاب - موسوعة الشباب السياسية http://acpss.ahram.org.eg/ahram/2001/1/1/YOUN52.HTM
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 157 مشاهدة

ساحة النقاش

mowaten
يأتى الربيع العربى للثورات بمتطلبات ضرورية لعل من اهمها هو نشر التوعية السياسية بين المواطنين بوطننا العربى لارساء وتهيأة البيئة للعيش فى جو ديمقراطى طالما حلمنا به »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

274,409