2- البرلمان هيئة لتمثيل المواطنين فى الحكم:
إذا كانت المشاركة ركيزة أساسية للديمقراطية، فإن السؤال الذى يطرح نفسه هو: كيف يشارك الشعب؟، هل يشارك بنفسه فى الحكم، وبطريقة مباشرة، أى دون وسيط؟ أم يكتفى باختيار نواب عنه ليمارسوا تلك المشاركة؟
وفى الحقيقة، شهد التطور السياسى فى العالم مختلف هذه الصور للمشاركة السياسية، فى مراحل متعددة من التطور الديمقراطى، فيما يعرف بالديمقراطية المباشرة، وشبه المباشرة، وغير المباشرة، التى أصبحت الصورة الأكثر شيوعا لتحقيق المشاركة الشعبية فى الحكم.
فقد عرفت الحضارة اليونانية القديمة نوعا من الديمقراطية المباشرة، قام فيها المواطنون بالتعبير عن الإرادة الشعبية بطريقة مباشرة، واختيار الحكام، والتأثير على صناعة القرارات العامة. كما عرفت الحضارة الرومانية نموذجا مشابها لذلك، فيما عرف بإسم الإكليسيا أو المنتدى الرومانى.
ولكن هذا النوع من الديمقراطية لم يكن شعبيا فى الحقيقة، حيث اقتصرت حقوق المشاركة فيه، بل وصفة المواطنة أصلا، على مجموعة قليلة من النبلاء ونخبة الحكم. كما أن استمرار هذه الديمقراطية المباشرة أو تكرارها اليوم أصبح مستحيلا، بسبب ضخامة عدد المواطنين الذين يتمتعون بالحقوق السياسية واستحالة جمعهم فى مكان واحد للبت فى الشئون العامة من جانب، وتعقد الحياة الاجتماعية وظهور ما يعرف بالمجتمع الجماهيرى من جانب آخر، بالإضافة الى أن وظائف الدولة فى الوقت الحاضر قد تعددت وتشعبت وأصبح الحكم من الأمور المعقدة.
ولنفس الأسباب، فإن الديمقراطية شبه المباشرة لم تعد ذات طابع عملى اليوم، وربما يقتصر تطبيقها فى أحد مظاهرها وهو الاستفتاء الشعبى العام، سواء على شخص الحاكم أو للتصديق على الدساتير والقوانين والمعاهدات الدولية.
لكل هذا، كان لابد من اللجوء الى الديمقراطية غير المباشرة أو النيابية وهى الشكل السائد اليوم للنظام الديمقراطى.
وفى هذه الصورة من صور الديمقراطية، لا يباشر الشعب سيادته بنفسه وإنما بواسطة نواب عنه، يمارسون مهام النيابة بإسمه، ولمدة معينة، ثم يتجددون فى انتخابات دورية.
لهذا، فإن البرلمان أصبح الهيئة الأساسية التى تمثل المواطنين فى شئون الحكم، مع الاحتفاظ بالسيادة للشعب ذاته، لأن أعضاء البرلمان يباشرون سلطتهم تحت رقابة الرأى العام، وطالما حصلوا على ثقة الناخبين. بعبارة أخرى، فإن الكلمة فى نهاية الأمر هى كلمة الشعب، وتصبح الديمقراطية النيابية هى أكثر صور الديمقراطية استجابة للضرورات العملية فى تطور المجتمع.

 

المصدر: دكتور على الصاوى - موسوعة الشباب السياسية http://acpss.ahram.org.eg/ahram/2001/1/1/YOUN26.HTM
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 169 مشاهدة
نشرت فى 5 أكتوبر 2011 بواسطة mowaten

ساحة النقاش

mowaten
يأتى الربيع العربى للثورات بمتطلبات ضرورية لعل من اهمها هو نشر التوعية السياسية بين المواطنين بوطننا العربى لارساء وتهيأة البيئة للعيش فى جو ديمقراطى طالما حلمنا به »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

272,749