يقاوم الأرق، والقلق، والإجهاض المتكرر
ملك السلطة أو سيد السلطة، هكذا يطلق البعض على نبات الخس، الذي يعتبر مكوّناً أساسياً في طبق السلطة على الموائد العربية.
ولما لا، فهو يستحق هذا اللقب عن جدارة، خاصة في ظل فوائده الغذائية الكبيرة، وتعدد الأمراض التي يفيد في علاجها بداية من الأرق والقلق وصولا إلى السكري والسعال والإجهاض المتكرر، هيا بنا نتعرف جيداً على ملك السلطة، ولنبدأ الحكاية من البداية.
كان علماء النبات يعتقدون أن الموطن الأصلي للخس هو منطقة البحر المتوسط، ووسط اوروبا، وجنوب روسيا، لكن الدلائل الاثارية تشير إلى أن قدماء المصريين كانوا يزرعونه، منذ 4500 عام قبل الميلاد، واستخدموه كعلاج للعقم والتوتر والقلق، فقد عثر على رسومات لنبات الخس على حوائط أهرامات الجيزة، فضلا عن أن الأسم العلمي للخس (Lettuce Sativa) تعود أصوله إلى اللغة الهيروغليفية، لذلك فإن القول المرجح هو أن أنواعاً برية من الخس نمت في وادي النيل أولاً، وانتقلت منه إلى دول منطقة البحر المتوسط، ثم إلى بلاد فارس عام 550 قبل الميلاد، والصين في القرن السابع الميلادي. وكان الرومان والإغريق مولعين بزراعة الخس ليس للغذاء بل للاستفادة من خصائصه العلاجية حيث نقل إليهم من شمال افريقيا. وزرع الخس في بريطانيا عام 1520م، ونقل منها إلى الامريكتين عام 1726م.
وقد زرع الخس في بداية الأمر للاستفادة من خصائصه العلاجية، ثم بدأ يستخدم كنوع من الخضروات في القرون الوسطى. ويسمى في الوطن العربي بالخس أو السلطة.
وكلمة الخس باللغة الإنجليزية (Lettuce) مأخوذة من الكلمة اللاتينية (Lac.lactis) اي الحليب، او من الفرنسية Laitue أي الحليب ايضاً، وهو من الفصيلة المركبة Compositae . ويعتقد ان النوع الزراعي من الخس أخذ من الأصل البري L.Serriola وهو الأغنى في العصارة اللبنية من الأنواع الأخرى.
وهناك خمسة أنواع رئيسة من الخس هي: Crisphead, Leaf, Stem, Cos or Romaine, Butterhead. وهناك نوع يعتقد أن أصله شرق الهند يسمى L.Endive، ونوع آخر أصله منطقة البحر المتوسط ويسمى L.Chicory. أما الخس الذي يزرع في الوطن العربية، فهو من نوع (Cos or Romaine).
وتختلف أنواع الخس في الشكل واللون، أهمها الخس المكور، وهو يشبه الملفوف لكن أوراقه أقل سمكاً وتفككاً. وهناك الخس الأحمر، ويسمى بالاشرعة الحمراء، وهو أغنى أنواع الخس بفيتامين أ،ج.
القيمة الغذائية
ويتميز الخس بإرتفاع محتواه من الماء، وانخفاض محتواه من السعرات الحرارية حيث يحتوي كل 100 جرام منه نحو 18 سعرة حرارة فقط ، لذا فهو يفيد في حميات التخسيس.
ويحتوي كذلك على كميات جيدة من الكالسيوم والفسفور، والبوتاسيوم، والصوديوم، وفيتامين ج، وأ. فضلا عن غناه بالكثير من العناصر الكيماوية، وحمض الفوليك، ونحو 20 إنزيماً.
وتعتبر أوراق الخس الخارجية المعرضة للشمس أغنى أجزاء هذا النبات بالعناصر الغذائية والعلاجية، بينما تقل هذه العناصر في الأوراق الداخلية للخس، لكن للأسف الشديد تتخلص الكثير من ربات البيوت من الأوراق الخارجية للخس وتستعمل القلب فقط.
الفوائد العلاجية
استخدم الخس منذ القدم في علاج التوتر والقلق والأرق والضعف الجنسي، كما نجحت وصفات من الخس في تخفيض نسبة السكر لدى مرضى السكر بما يزيد عن 30%. وتأكدت فائدته بالنسبة لمن يعاني السمنة، والإمساك، والضعف الجنسي، وهو من العناصر الضرورية للحوامل ولا سيما في الأشهر الأولى، حيث ثبت لنا انه يمنع الإسقاط المتكرر وفقر الدم لديهن، فضلا عن أن بذور الخس مخدرة وطاردة للغازات ومدرة للبول وحليب المرضعات، ومخفضة للحمى ونوبات السعال الجاف، والديكي والأرق الناتج عن الإجهاد الذهني.
وترجع أغلب الخصائص العلاجية للخس على احتوائه سائل أبيض لبنى يسيل منه عند جرح النبات أو كسر ساقه، ويجف عند تعرضه للهواء.
ويحتوي هذا السائل، على مادة مخدرة تسمى لاكتوكاريوم Lectucarium.
وتوجد هذه المادة بكميات قليلة في المراحل المبكرة من عمر نبات الخس، وتزداد كميتها باستمرار مع نمو الخس حتى تصل إلى أقصى نسبة لها في مرحلة التزهير، كما أن النوع البري من الخس أغنى بهذه المادة من النوع الزراعي.
ويمكن استخلاص هذه المادة بنقع الخس الجاف المزهر في الماء.
وتستخدم هذه المادة في الطب الحديث لعلاج عسر الهضم، والتوتر، والأرق، والقلق، وآلام الروماتيزم، والسعال الجاف، والديكي، والنشاط الزائد عند الأطفال، والتشنجات، وتفيد كذلك في إدرار البول والحليب.
وتستخدم هذه المادة كذلك في علاج الثاليل، وذلك لفاعليتها الكبيرة في إبادة الطفيليات.
ويشبه مفعول هذه المادة مفعول الأفيون، لكنها لا تتضمن أضرار الافيون المعروفة مثل الإدمان. كما أن احتواء الخس على الحديد، ومادة اليخضور، وفيتامين (ج)، تجعله علاجاً مهماً لفقر الدم ووهن الشيخوخة.
وصفات مفيدة
- الإجهاض المتكرر، وفقر الدم:
تقطع الأوراق الخارجية من الخس مع قليل من البزيلاء، والسبانخ، والقرنبيط والسباركس، ويعد منها حساء، يتم تناوله في الغداء والعشاء، خلال الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل.
- تورم الجفون، وحب الشباب:
تغلى 5 أوراق من الخس في ربع كوب من الماء على نار هادئة لمدة عشر دقائق، ثم يبرد ويصفى، وتعمل منه كمادات على العين الملتهبة من 2 إلى 3 مرات يومياً. ويغسل الوجه بهذا الشراب ايضاً من 2 إلى 3 مرات يومياً، لإزالة حب الشباب والبثور وتنقية لون البشرة.
- جفاف البشرة:
تهرس كمية من أوراق الخس في الخلاط، وتسخن مع زيت الزيتون حتى الغليان، ويستخدم المركب الناتج في دهن الأجزاء المصابة، من 2 إلى 3 مرات يومياً.
- ارتفاع سكر الدم:
تقطع كمية من أوراق الخس، ويضاف إليها قليل من البصل والكرات والبقدونس، ويتم تناولها في الغذاء والعشاء، ويؤدي ذلك إلى خفض نسبة سكر الدم بحوالي 30%.
- الإمساك:
يؤكل الخس الغض مع وجبات الطعام.
- الضعف الجنسي:
تؤكل السلطة المكونة من الخس، والخمص، والبيض المسلوق، والجرجير، في وجبتي الغذاء والعشاء.
- الأرق والتوتر والسعال:
تقطع أوراق الخس، والساق، وتفرم في الخلاط، ثم يخلط نصف كوب من العصير الناتج مع كوب لبن زبادي، ويشرب قبل النوم بساعة للأرق، وبعد تناول الطعام للتوتر والسعال.
- الثاليل:
توضع قطرة واحدة على الثولول في المساء، وتترك معرضة للهواء كي تجف، ويكرر ذلك عند الصباح.
- لإدرار البول والحليب:
توضع ملعقة صغيرة من البذور المطحونة في قدح ماء مغلي، ثم يبرد ويصفى، ويشرب عن الحاجة.
قبل أن تأكل
ولضمان الاستفادة الجيدة من الخصائص العلاجية المتعددة للخس، يجب مراعاة ما يلي:
- غسل الخس جيداً قبل تناوله بالماء والليمون أو بالماء والخل، لان هذا النبات يسمد عادة بالاسمدة الطبيعية التي قد تسبب بعض الأمراض الميكروبية مثل: التيفوئيد، والكوليرا، والديدان المختلفة.
- عدم الإفراط في تناول الخس، لان ذلك قد يؤدي إلى القلق والتوتر المتواصل.
- تجنب تناول كميات كبيرة من مادة لاكتوكاريوم، لان ذلك قد تؤدي إلى شلل القلب والوفاة.
- قد يسبب تناول الخس من نوع (L.Endive) و (L.Chicory) الى اثارة أعراض الحساسية لدى بعض الناس مثل الاكزيما، والحكة الشديدة، والعوار، لذا يجب التأكد من ذلك، ولحسن الحظ، تعد معظم أنواع الخس التي تزرع في الوطن العربي مأمونة من هذه الناحية.
______________________________
عالم الغذاء-العدد 111- أغسطس 2007
ساحة النقاش