التاتو... زينة أو مرض مخفي
 بقلم نسرين عجب

"تألمت ونزف حاجبي كثيراً عندما كانت المزينة تدق التاتو (الوشم) عليه، ولم يأخذ اللون"، تقولها سحر لميسا بغضب. وتتابع: "قالت لي ان جلدي قاس ولا يأخذ اللون بسهولة، ولكني أظن أنها تستخدم حبراً زهيداً". وتلوّح بيدها متأففة: "سأضطر للذهاب اليها الاسبوع المقبل لتدقه من جديد". ثم تردف: "وبعد أن أنتهي من حاجبي سأرسم تاتو على خصري في مكان جرح العملية التي أجريتها منذ مدة". وتصرخ فيها ميسا: "أمجنونة أنت، الحبر قد يسمم جرحك". ولكن تحذير ميسا لم يبدل من عزيمة سحر التي أجابتها باستهزاء: "ماذا سيحصل؟"

وسحر عينة من فتيات عدة أغراهن التاتو. وفي حين انها لا تكترث بما قد يرتبه على صحتها، فنور تستسيغه بحذر وتقول: "يعجبني التاتو الناعم على الكتف كثيراً، ولكن قبل أن أقدم على رسمه سأدرس آثاره من كل النواحي، صحتي أبدى منه".

وخلافاً لسحر ونور، تعتبر ليلى التاتو موضة فارغة، وتقول بهدوء: "لا أدري ما الذي يعجبهم فيه، فهو لا يضيف أي جمال، هذا اذا لم نتكلم عن الأشكال المخيفة التي يرسمها البعض".
ويعكس التباين في وجهات النظر الاختلاف في النظرة الى التاتو. واذا كانت شخصية الفتاة والبيئة الاجتماعية التي تعيش فيها تكوّن نظرتها الى التاتو، فالعلم يقول رأيه فيه ويمشي. ومن دون الدخول في تفاصيل آثاره يبدو الواضح أن المخاطر التي تنجم عن عملية دق الوشم هي نفسها التي تخلفها أي عملية ثقب للجلد. ومن الضروري أن تكون الأدوات التي تستخدم معقّمة، والا هناك احتمال أن يتلوّث الجلد أو تنتقل إليه الأمراض المحمولة بالدمّ مثل التهاب الكبد سي، التهاب كبد ب، داء الكزاز، السل، ونقص المناعة إذا استعملت أجهزة ملوثة.

ونشرت أحد المواقع الالكترونية عن الدّكتورة آن لومان، أستاذة مشاركة في طب الأمراض الجلدية في الجامعة الشمالية الغربية، استغرابها كيف يضع البعض أشياء شاذة في أجسامهم من دون التفكير في عواقبها أو في احتمال الإصابة بمرض مثل السرطان. وحذرت من أنه بالرغم من أنّ الأوشام لا تبدو مسبّبة لسرطان الجلد، إلا أن تحدّيد الأورام يمكن أن يكون صعبا جداً بوجود الوشم.
واعتبرت لومان أن التعقيدات الرئيسية تكمن في الأحبار، اذ قد يكون الجلد حساساً تجاهها، مشيرة الى أن الحساسية تجاه الأصباغ الحمراء هي الأكثر شيوعاً. وأكدت أن أكثر المستويات البيئية المعقّمة لا تمنع هذه الحساسية.

في المحصلة، ليس الوشم ظاهرة جديدة تقتحم المجتمعات، فهو موجود منذ سنين، وان اختلف شيوعه بين بلد وآخر وثقافة وأخرى. واذا كانت فراشة أو وردة على الكتف أو الخصر أو أسفل الكاحل، حلماً يراود مخيلة الصبية اللبنانية، فالبعض تحول الوشم عندهم هاجساً فملأوا أجسادهم بالرسوم. ويبقى السؤال متى تتحول هذه الموضة من زينة الى مرض خفي؟

  • Currently 184/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
61 تصويتات / 332 مشاهدة
نشرت فى 30 مايو 2009 بواسطة moonksa

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

1,194,131