قال الله تعالى في كتابه الكريم في سورة الكهف في الآية: 18: (وتحسبهم أيقاظاً وهم رقود ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد لو اطلعت عليهم لوليت منهم فراراً ولملئت منهم رعباً)·

 ما المقصود بكلمة نقلبهم؟ ولماذا تكررت، ذات اليمين وذات الشمال؟

 تحدث قرح الفراش بسبب استمرار الضغط الخارجي الواقع على الأنسجة والذي يؤدي بدوره إلى الضغط على أوردة الدم الدقيقة والشعيرات الدموية الصغيرة التي تغذي الجلد بالأكسجين والغذاء، وإذا استمر ذلك الضغط لفترة طويلة، تموت الأنسجة وتبدأ القرح بالتكوين، وتتراوح من بسيطة إلى خطيرة تصل حتى العظم، وإذا لم تعالج وتركت بلا عناية يحدث بها التهاب وتعفن وتؤدي إلى الموت·

 أسبابها

 على الرغم من أن لأمراض الجهاز العصبي والشلل عوامل مسببة لظهور تقرحات الفراش، إلا أن أهم تلك العوامل هو الضغط الشديد على الأنسجة، وقد اتضح أن الضغط لفترة طويلة تتراوح من 3 إلى 12 ساعة هو أكبر سبب لحدوثها· وفي العام 1930م قام >لاندين< بدراسة مستوى الضغط عبر شرايين الأطراف عند الجلوس والاستلقاء لفترة خرج منها بما يلي:

ـ في وضع الاستلقاء على الظهر تكون الفقرات العجزية والمقعدة والكعبان ومؤخرة الرأس معرضة لأكبر كمية من الضغط الواقع عليهم تتراوح من 40 ـ 60 مم/ زئبقي بينما عند وضع الاستلقاء على الوجه، تصبح الركبتان، والقفص الصدري معرضة لنحو 50مم/ زئبقي من الضغط، أما عند الجلوس فتتعرض حدبتا الوركين إلى ضغط يصل إلى 75مم/ زئبقي

· ـ ينتقل الضغط من السطح إلى العظم الأسفل ويضغط معه كل الأنسجة السفلية ويكون في أعلى صوره فوق العظام، ولذلك فإن أول أنسجة تبدأ بالموت، والتحلل هي الأنسجة المغطية للعظام مباشرة، وليست الموجودة على سطح الجلد كما يعتقد بعضهم·

 وتلعب التغذية دوراً كبيراً في تكوين القروح عند المريض، سواء كان سوء التغذية بسبب إهمال المريض وعدم الاهتمام بغذائه، أو بسبب سوء حاله النفسية والامتناع عن الطعام·

 والبول والبراز أو أي بلل يزيد من قابلية الجلد للالتهاب، لذلك تزيد نسبة القرح في المرضى غير القادرين على التحكم في إخراج البول أو البراز، وخصوصاً إذا صاحبه عدم القدرة على الحركة·

 أين تتكون قرح الفراش؟

 تتكون القروح في أي مكان يكون فيه العظم ممثلاً القوة العظمى، ويضغط الأنسجة ضد السطح الخارجي، ويحدث ذلك عندما تصبح الأجزاء العظمية البارزة ضاغطة على أجزاء الجسم الأخرى، أو أن تضغطها ضد مرتبة السرير أو الكرسي المتحرك، ولذلك فعندما يكون المريض طريح الفراش تظهر عنده القرح على الجزء السفلي من الظهر تحت الوسط وعند مفصل الحوض، والكعبين، أما المريض الملازم للكرسي المتحرك، فتظهر عنده القرح مكان عظمتي الإليتين ضد الكرسي، وفي باطن القدم·

وتبدأ القرح بالظهور على شكل احمرار نتيجة الضغط الواقع عليها، ثم تدخل بعد ذلك في مرحلة التورم والزرقة وتقشير الطبقة الخارجية للجلد، ثم يحدث موت موضعي للأنسجة وهو ما يعرف باسم >التنكرز<، وغالباً ما يتم التغلب على هذه المرحلة البدائية، بتحرير ذلك الجزء من الضغط الواقع عليه، بعدها يحدث موت للطبقة الداخلية للدهن والعضلات ومن ثم التهاب العظم ومنه إلى التهاب الدم، وهي المرحلة الخطيرة·

 وإذا سألنا أنفسنا لماذا لا تظهر تلك القرح عند كل الناس عند اتخاذهم لوضع معين فترة طويلة؟ ذلك لأن الشخص الطبيعي تنبهه أعصابه إلى الضغط الواقع على جزء من جسمه، وتشعره الأعضاء إما بالضيق، أو بالألم، أو الإحساس بالوخز >التنميل<، ولذلك يغيّر من وضعه ومن طريقة جلوسه بما يتناسب مع جسمه بطريقة تلقائية، من دون أن يفكر فيها، أما المرضى المصابون بمرض في الأعصاب الملازم للفراش الذي يعجزهم عن الحركة لكي يغيروا من أوضاعهم، فإنما تتكون فيهم تلك القروح بعد فترة تتراوح بين ساعتين إلى ثلاث ساعات·

 من هم المرضى الأكثر قابلية لقرح الفراش؟

 ـ تحدث النسبة العليا من القروح عند المرضى المصابين بالشلل النصفي أو الرباعي الملازمين للفراش أو للكراسي المتحركة· ـ عند غير القادرين على الحركة، إذا كان المريض لا يستطيع تغيير موضعه من دون مساعدة الآخرين، كالأشخاص المصابين بالغيبوبة، أو بكسور في الحوض·

 ـ عند المرضى الذين فقدوا القدرة على التحكم في إخراج البول أو البراز، فيعرضهم ذلك لعدم بقاء الجلد جافاً خالياً من البول أو البراز، وهذا يزيد عندهم نسبة الإصابة· ـ عند الذين لا يتناولون غذاءً متوازناً يؤدي هذا بدوره إلى ضعف تغذية الجلد، فالقروح تزيد في الجلد غير الصحي·

 ـ عندما يقل الوعي العقلي، وذلك لأن الشخص يكون غير مدرك ولا واعٍ لكي يمنع تكوين القرح وعلاجها·

 من الممكن جداً تجنب ظهور قرح الفرش، أو على الأقل تجنب الآثار الجانبية لها إذا اتبعنا ما يلي:

ـ الاهتمام بجلد المريض، فلا بد من فحصه مرة واحدة على الأقل يومياً، مع الانتباه جيداً لأي بقعة حمراء يظل لونها ثابتاً على الاحمرار حتى بعد تقليب المريض، ورفع الضغط عنه، ومن الممكن أن يفعل المريض ذلك بنفسه إذا كان عقله واعياً، ويستطيع القيام ببعض الحركات، ويجب أن يكون الجلد نظيفاً سواء بالاستحمام أو بتنظيفه بمطهِّر موضعي بقطعة من الإسفنج، وإذا كان المريض يفضل أخذ حمام يومي فعليه أن يمنع جفاف جلده، وذلك باستخدام الماء الدافئ >وليس الساخن< مع قليل من الصابون الخفيف، ثم يرطِّب جلده بكريم مرطب، مع تجنب التعرض للهواء البارد أو الجاف·

 وإذا كان المريض يعاني من عدم التحكم في إخراج البول، أو يستخدم قسطرة للتبول، فيجب علاجه بالمحافظة على بقاء الجلد نظيفاً وجافاً·

 2 ـ يجب المحافظة على جلد المريض من الجروح أو الخدوش، كما يجب تجنب عمل المساج لجلده وبخاصة على الأجزاء العظمية، فالمساج من الممكن أن يضغط على الجلد، ويدمِّر الأنسجة الموجودة تحت الجلد، ويجعله أكثر قابلية للإصابة بتلك القرح·

3 ـ يجب تغيير وضع المريض وتقليبه كل ساعتين باستمرار، إذا كان ملازماً للفراش، وكذلك تعديل وضعه كل ساعة إذا كان يستخدم الكرسي المتحرك، وإذا كان بإمكانه رفع نفسه عن الكرسي، يجب عليه تغيير وضعه كل ربع ساعة لتقليل الضغط الواقع على الأجزاء العظمية، مع التأكد من أنه يرفع نفسه، لا أن يجر نفسه في أثناء تغيير وضعه، وذلك لتقليل الاحتكاك بين أنسجة جسمه والكرسي، حيث إن الاحتكاك من الممكن أن يزيل الطبقة العليا من الجلد، ويؤذي الأوعية الدموية الموجودة تحته، ولذلك على مرافق المريض أو الممرض أن يساعده في ملائمة وضعه· الوقاية:

1 ـ إذا كان المريض ملازماً للفراش فعليه عمل ما يلي: ـ أن يستخدم فراشاً مملوءاً بالهواء أو الماء أو الرغوة أو الجل >مادة هلامية<، تساعده على امتناع تكوين تلك القروح·

ـ أن يرفع رأس السرير قليلاً، بحيث لا يزيد عن 30 درجة، حتى لا ينزلق الجلد فوق سطح السرير، ويسبب احتكاكاً وتدميراً للأوعية الدموية الدقيقة

· ـ أن يستخدم المريض الوسادات ووضعها بين الركبتين والكعبين، لمنع ملامستهما لبعضهما بعضاً، واحتكاكهما بعضهما ببعض

 ـ تجنب النوم مباشرة على عظمة الحوض، عند استلقاء المريض على جنبه، ويجب عليه وضع وسادة لكي يقلل من ذلك·

 ـ إذا كان المريض لا يستطيع الحركة تماماً توضع الوسادات تحت رجليه عند سمانة الرجل، وحتى مفصل الكاحل، لمنع ملامسة الكعبين للسرير، في الوقت عينه، عليه أن يتجنب وضع وسادات تحت ركبتيه·

2 ـ إذا كان المريض يجلس على كرسي متحرك فعليه عمل ما يلي: ـ أن يستخدم الوسادات المملوءة بالهواء، حتى يتحرر من الضغط الواقع عليه، وعليه تجنب استخدام الوسادات الحلقية، لأنها تقلل من تدفق الدم، وتسبب تورم الأنسجة، وهو ما يزيد من نسبة الإصابة بقرح الفراش·

 ـ تجنب الجلوس المستمر من دون حركة، أو تغيير وضعه، فعلى الأقل يغيِّر من وضع جلوسه كل ساعة·

ـ اتخاذ الوضع المناسب والمريح له عامل مهم جداً·

ـ يجب المحافظة على الأكل المتوازن والجيد المحتوي على البروتين والكربوهيدرات والدهون، وهذا أمر مهم جداً، فالجلد الصحي هو أقل عرضة للإصابة بأي جروح، وإذا كان المريض غير قادر على تناول الطعام بصورة طبيعية، فعليه تعويض ذلك بالفيتامينات اللازمة·

ـ يجب مساعدة المريض على تحسين قدرته على الحركة وذلك بعمل علاج طبيعي، وتمرينات علاجية له، وبرنامج تأهيلي لاستعادة قدرته على الحركة، وعدم الاعتماد على الآخرين في كل شيء·

إن قرح الفراش في الأغلب تشفى تماماً، إذا عولجت بطريقة صحيحة، أما إذا أهملت فإن مضاعفاتها تكون خطيرة، وأحياناً تؤدي إلى الموت·

 طرق العلاج

 في حال القروح الصغيرة، يستخدم العلاج الموضعي، وذلك بأن تملأ من الأسفل ومن الجوانب بكريم يساعد على التئام الجروح، ومع أن معظم قرح الفراش تحتاج إلى جراحة لإزالة الأنسجة الميتة بما فيها الجلد، والدهن، والعضلات، بحيث تزال معها كل الأنسجة المتهتكة، فمن الأفضل أن يغسل الجرح بمزيج متساوٍ من محلول ملحي مع هيدروجين بيروكسيد، ويغطى بعدها بدهان أكسيد الزنك أو السيلكون، ووضع غيار نظيف على الجرح باستمرار، وهناك بعض الأطباء الذين يستخدمون مطهرات موضعية، أو مضادات حيوية موضعية·

 أما إذا كانت القروح كبيرة وعميقة، فلابد من اللجوء للجراحة، لعمل ترقيع لها، والعملية عبارة عن تغطيتها بجلد حي يؤخذ من منطقة أخرى من جسم المريض

المصدر: منقول
  • Currently 272/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
94 تصويتات / 1461 مشاهدة
نشرت فى 14 سبتمبر 2009 بواسطة moneelsakhwi

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

1,150,258