محيط ـ عادل عبد الرحيم
رجل الأعمال هشام طلعت مصطفي
لم يكن قاضي المحكمة الإدارية التي حكمت ببطلان عقد "مدينتي" يعلم أن حكمه سيهوي كالصاعقة على أفراد عائلة الاقتصادي المعروف طلعت مصطفى وخصوصا في هذا الوقت بالذات الذي تقترب فيه جلسة المحاكمة النهائية لإمبراطور العقارات ، كما يلقبونه في مصر، هشام طلعت مصطفى المحكوم بالإعدام على خلفية اتهامه بالتحريض على قتل المطربة اللبنانية سوزان تميم قبل أكثر من عامين.
ففي الوقت الذي تواترت فيه أنباء من داخل سجن مزرعة طرة تفيد بتعرض إمبراطور المقاولات هشام طلعت مصطفى للانهيار داخل على إثر الحكم القضائي الذي نزع منه ملكية درة مشروعاته العملاقة "مديني" دبت حالة من الذعر الواسع بين رجال الأعمال المنتمين للحزب الحاكم خشية أن تتعرض ممتلكاتهم الواسع لمصير الملياردير هشام طلعت مصطفى التي تعرضت مؤسساته المالية الضخمة لهزات عنيفة في البورصة.
حيث فقد سهم المدينة التي يحجز فيها أعداد كبيرة من أثرياء المصريين وحدات وفيلات باهظة الثمن أمس لضربة قاضية على إثر الحكم القضائي الصادر أمس الأول والذي قضى ببطلان عقد مدينتي التي تتكون من ثمانية آلاف فدان وتعتبر درة ممتلكات إمبراطور العقارات المسجون حالياً على ذمة قضية مقتل المطربة اللبنانية سوزان تميم.
المطربة اللبنانية سوزان تميم
وقال نواب في البرلمان إن الحكم الأخير ينبغي أن يكون بداية الحرب على مستعمرات رجال الأعمال التي بنوها من المال الحرام بمعية النظام وأشار حمدي حسن النائب عن الإخوان عن مخاوفه من أن يتم الالتفاف على الحكم وهو ما شاركه فيه النواب حمدين صباحي ومحمد عبد العليم ومحمد البلتاجي، وذلك حسبما كتب زميلنا حسام أبو طالب في صحيفة "القدس العربي" اللندنية.
وقد أسفر اعلان عدد من النشطاء الذين لاحقوا ملف مديني أمام القضاء طيلة الفترة الماضية إصرارهم على ملاحقة رجال الأعمال الذين حصلوا على مساحات شاسعة من الأراضي عبر علاقتهم بكبار المسؤولين على مدار السنوات الماضية وجنوا ارباحا طائلة أسفرت عن صعودهم لقمة هرم الثروة في مصر.
وفي سياق متصل قرر رئيس الوزراء أحمد نظيف أمس تشكيل لجنة للحفاظ على حقوق المواطنين والمستثمرين في مشروع مدينتي التابع لمجموعة طلعت مصطفى.
وقال مجدي راضي المتحدث باسم مجلس الوزراء "قرر الدكتور أحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء تشكيل لجنة لحصر الاعمال التي تمت في مشروع مدينتي والاعمال المتبقية .. والنظر في الشكل القانوني الذي يمكن بموجبه التعامل مع الحكم الصادر بشأن المشروع .. بما لا يوقف العمل في هذا المشروع وبما يحافظ على حقوق المواطنين والمستثمرين".
وقد تدفق عدد من حاجزي مشروع "مدينتى" أمام مقر شركة "طلعت مصطفى" لمعرفة أوضاعهم كحاجزين وملاك
لوحدات سكنية ومحلات تجارية بعد صدور حكم الإدارية العليا بتأييد بطلان عقد "مدينتي"، بالإضافة لحسم الأوضاع الملتبسة لديهم فيما يخص طرق سداد الأقساط الفترة المقبلة وما إذا كانت ستستكمل مع الشركة أم سيتم سدادها بهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة.
شعار مدينتى المملوكة لمجموعة طلعت مصطفى
وزحف هؤلاء الحاجزون نحو مقرات المجموعة الاصتثمارية الضخمة في مجال العقارات في محاولة للاطمئنان على مستقبل ممتلكاتهم بينما فضل آخرون مبنى البورصة بوسط القاهرة لمتابعة الانهيار المتتالي لأسهم مدينتي والذي فقد من قيمته حتى صباح أمس 11 في المائة وكان العديد من ملاك تلك الوحدات يأملون في السابق أن يجنوا ثروات طائلة من خلال بيع ممتلكاتهم بعد استلامها غير ان الحكم القضائي الأخير عصف بآمال الكثيرين.
أما رجال الأعمال الذين يرتبطون بعلاقة عضوية مع الحزب الحاكم وحققوا ثروات طائلة خاصة أولئك الذين يحتفظون بكميات هائلة من الأراضي فيخشون من أن يتعرضوا لأحكام قاسية خلال الفترة المقبلة أو أن تطالهم يد النظام مدفوعة بسخط شعبي واسع وآخذ في الانتشار من أن تجرى ملاحقة ثرواتهم وإعادتها للدولة التي تواجه حالة من الإفلاس بسبب تضخم الدين العام وتراجع فرص الاستثمار وانتشار الفساد.
وكان مقيم الدعوى ضد مشروع مدينتي المهندس حمدي الفخراني قد أكد في دعواه أن عقد بيع هذه الأرض ترتب عليه خسارة كبيرة للدولة تقدر بنحو 147 مليار جنيه عوائد إنشاء المدينة، مشيرا إلى أن وزارة الإسكان قدمت تسهيلات غير مسبوقة لشركة طلعت مصطفى، المملوكة لرجل الأعمال هشام طلعت مصطفى، من مد المرافق إلى إعفاء الخامات والأدوات المستخدمة في أعمال المقاولة والبناء من الجمارك، وهو ما لا يحدث عند إنشاء المشروعات الحكومية المخصصة للنفع العام، على حد ما جاء بالدعوى.
مدينتي جنة الأثرياء في مصر
وقد خلف صدور حكم بطلان عقد مدينتي في هذا الوقت البالغ الحساسية حالة خطيرة من الجدل بين مختلف التيارات في مصر، ففي حين فسره البعض بأنه بمثابة ضربة قاصمة لمجموعة طلعت مصطفى التي تفوق استثماراتها في مصر وحدها عشرات المليارات، رآه آخرون صفقة متبادلة بين الدولة وطلعت جروب ربما تفضي إلى نجاة هشام طلعت من حبل المشنقة.
فيما يفسره البعض بانقلاب السحر على الساحر فهشام طلعت رجل الحزب الوطني النافذ الذي كان يعتبر أحد مراكز القوى في مصر لم يكن من المتوقع أن تأتي نهايته بهذه الصورة التي غلبت عليها رائحة الشماتة حينا والتشفي أحيانا خصوصا مع تردد أنباء عن أن الأيام القادمة ستشهد تساقط رؤوس كبيرة في البلد ككباش فداء لحملة تطهير غالبا ما تسبق أي معركة انتخابية حاسمة.
وفي النهاية لعل أحدا لا يملك جرأة التنبؤ بما تحمله الأيام القادمة من أحداث وإن كانت جميع السيناريوهات تبقى مفتوحة وستحمل بلا شك مفاجآت غير متصورة، فإذا أفلت هشام طلعت من حكم الإعدام ستكون مفاجأة مدوية، لكن ربما المفاجأة الأكثر دويا ستكون إذا خضع للمقصلة، فهناك من يحذرون بعواقب اقتصادية وخيمة لهذا السيناريو.. عموما ربنا يستر.