قصر محمد على باشا: الأطفال يلهون بالأثاث.. ويعبثون باللوحات الأثرية.. وعاملات النظافة يستخدمن «المقصورات» كاستراحة
كتب سارة سند ٢٨/ ٨/ ٢٠١٠
بثلاثة جنيهات فقط يمكنك أن ترجع بالزمن مائتى عام إلى الوراء، وأن تدلف بكل سهولة إلى عالم الملوك والأمراء، بثلاثة جنيهات تحصل على تذكرة دخولك إلى قصر محمد على بشبرا، وتقتحم سوره الضخم الذى يغطى مساحة ٢٢ فدانا لا يمكن لمن خارجه أن يرى أى شبر منه. من أمام بوابة القصر الضخمة، يجلس أفراد الأمن على الجهة اليسرى، يستطلعون هويتك، يتأكدون أنه ليس من ضمن الدخول صحفى أو إعلامى، وعندها فقط يشيرون لك إلى شباك قطع التذاكر بالجهة اليمنى. طريق طويل يفصل بين بوابة القصر الرئيسية ومبنى القصر نفسه، حيث جاءت عمارة القصر على طراز معمارى خاص من تركيا، هو نمط قصور «الحدائق» الذى شاع فى تركيا وقتها على شواطئ البوسفور والدردنيل وبحر مرمرة، وتعتمد فكرة التصميم على الحديقة الشاسعة المحاطة بسور ضخم تتخلله أبواب قليلة العدد، وتتناثر فى هذه الحديقة عدة مبان، كل منها يحمل صفات معمارية خاصة. لا تزال أشجار النخيل الضخمة التى يعود عمرها إلى عمر القصر نفسه محتفظة بجزء كبير من روعتها وجمالها رغم مرور الزمن، يرجع ذلك إلى قلة ما تحتاج إليه تلك الأشجار من اهتمام، لكن من ناحية أخرى ضرب الوهن بقية الأشجار التى تحتاج إلى متابعة دائمة، حيث ذبلت أوراق معظمها وتحولت إلى اللون البنى وتساقطت بطول مساحة الحديقة. المساحة الضخمة التى يقع عليها القصر ومبانيه، لم ينتبه إليها أحد ليفكر فى وضع أى لوحات إرشادية فى الطريق تدل الزائر على كيفية التحرك ومسار الزيارة داخل القصر، قد يصادفك الحظ وتقابل أحد العاملين يتجول فيدلك على ما تريد، وقد لا يحدث فتجد نفسك أمام اختيار واحد فقط هو استكمال السير حتى يتبين لك أول مبنى فتسأل من بداخله. القيمة الأثرية العظيمة لقصر محمد على، والمحتويات الثمينة بداخله، لم تمنع القائمين، على الحراسة الأمنية به من الاكتفاء بتفتيش الحقائب يدويا، دون الاستعانة بالأجهزة التكنولوجية المخصصة لذلك، التى يمكنها أن تكشف محتويات الحقيبة كاملة، وهو الإجراء الذى تتبعه معظم الأماكن المهمة التى تحوى داخلها مقتنيات ثمينة، أما فى قصر محمد على فيكفى أن تمر على بوابة إلكترونية، ثم يطلب منك أحد الموظفين بأدب أن تفتح الحقيبة لينظر بداخلها نظرة خاطفة ثم يرحب بك للدخول، ويطلب من موظف آخر مرافقة الزائرين ليشرح لهم تاريخ القصر. أول ما يلفت النظر فى القصر اللوحة المعلقة ببرواز أسود اللون تحمل بعض الإرشادات، لا يتضمن أى منها التعريف بالقصر أو بمسار الزيارة بداخله، إنما اكتفت اللوحة بتعريف الزائرين بـ«كيف تتصرف عند حدوث حريق»، الغريب أن هذه الإرشادات كُتبت باللغة العربية فقط، دون ترجمتها إلى لغات أخرى، وذلك رغم العدد الكبير من السائحين الأجانب الذى يحرصون على زيارة القصر. تتناثر الصالونات الأثرية فى جميع جنبات الأثر، ففى ذلك الركن توجد «كنبة» صغيرة من الخشب، وفى ركن آخر مقعدان أثريان مزخرفان، وهناك استقر الصالون المذهب الذى ينتمى زمنه إلى قرنين مضيا، لكن بخلاف لوحة التحذير من الحرائق، تخلو حوائط السقف المرتفعة من أى لوحة أخرى تمنع الزائرين من لمس تلك القطع أو الجلوس عليها، وهو ما جعل طفلتين كانتا برفقة أسرتهما فى زيارة للقصر تقومان باللعب و«التنطيط» على تلك القطع الأثرية من خلال الصعود والنزول المتكرر عليها بالأحذية، وذلك على مرأى ومسمع من الموظف المصاحب دون أن تصدر منه أى إشارة نهى عن القيام بذلك، بالإضافة إلى قيامها باستكمال اللعب من خلال وضع أكفهما الصغيرة على إحدى اللوحات الأثرية النادرة بالقصر دون وجود تعليمات تمنع لمس اللوحات الأثرية. نظافة القصر أيضاً لم تكن بحال أفضل من «الصالونات» الأثرية التى استخدمها الأطفال للعب، حيث يجد الزائر إحدى أوراق المناديل ملقاة على صالون أثرى، هذا غير أدوات النظافة التى تستخدمها العاملات والملقاة فى معظم جنبات القصر، فيمكنك أن ترى بكل وضوح المكانس الكهربائية و«الجركن» المملوء بسوائل التنظيف، من ناحية أخرى فإن عاملات النظافة استخدمن البهو فى الجلوس والراحة، حيث جلست إحدى العاملات على الأرض فى أماكن الزيارة، بينما استخدمت الأخريات «المقصورات» الموجودة فى صالة القصر لتمديد سيقانهن عليها. وخلا القصر من اللوحات الزيتية التسع الخاصة بأسرة محمد على، التى تمت سرقتها العام الماضى وتم العثور عليها بعدها بـ٧ أيام بالصدفة فى إحدى صالات القصر بناء على اتصال هاتفى من مجهول ألقاها داخل سور القصر، وأكد أحد العاملين أن اللوحات لن تعود مرة أخرى بسبب عدم وجود تأمين كاف للقصر بسبب عدم وجود كاميرات مراقبة، وأشار إلى أن اللوحات التسع حالياً فى المخازن. يذكر أن الرئيس مبارك افتتح قصر محمد على باشا بشبرا الخيمة فى ٢٦/١٢/٢٠٠٥ بعد انتهاء وزارة الثقافة من ترميمه وتطويره كمركز عالمى لاستضافة المؤتمرات وكبار الزوار وكمزار سياحى وذلك بتكلفة ٥٠ مليون جنيه، لكن رغم افتتاحه منذ أقل من خمس سنوات، فإن دهانات الأسقف بدأت أجزاء منها فى الانهيار، بالإضافة إلى تعطل «الفسقيات» التى تعطى مظهراً جمالياً آخاذاً بسبب تسرب المياه منها |