المناهج الدراسية وتنمية مهارات التفكير:
مفهوم المنهج الضيق هو المواد الدراسية التي تقدم فيها الخبرات من خلال الكتب الدراسية، لذا تعتبر هذه الكتب الدراسية وسيلة لتحقيق الأهداف.
وتتضمن الكتب الدراسية مفاهيم وحقائق وتعميمات تساعد على نمو التلاميذ من الجوانب الاجتماعية والعقلية والنفسية والجسمية. وتقترن بالكتب الدراسية الأهداف السلوكية بجوانبها الثلاثة المعرفية والوجدانية والنفس حركية أو المهارة. كما تتفاوت المعارف والحقائق والمفاهيم والتعميمات في تحقيق الأهداف السلوكية، فالأهداف المعرفية تعتبر من المستويات التي يسهل تحقيقها، لأنها تعتمد على التذكر والاسترجاع للمعلومة، أما بالنسبة للأهداف النفس حركية أو المهارية فهي تعتمد على تنمية مهارات التفكير عند التلاميذ، ومن أهم جوانبها تنمية مهارات التفكير ويفترض أن المحتوى الدراسي يساعد على تنمية مهارات التفكير الدنيا والعليا(كرم،1993).
تعتبر مهارات التفكير من أهداف غالبية المواد الدراسية، ولكن تتفاوت عمليات الاهتمام بها حسب طبيعة كل مادة دراسية. والسبب في ذلك أن عمليات التفكير أو مهارات التفكير تتدرج من البساطة إلى التعقيد حسب المواقف العملية التي تتطلب هذا النوع من التفكير. فالتذكر تعتبر عملية عقلية بسيطة أما الاستنتاج والتحليل فهي عمليات عقلية أكثر تعقيد. ومن العمليات الأخرى والتي تعتبر مستويات عليا من التعقيد مثل:
التفكير الناقد والتفكير الإبداعي وحل المشكلات ثم اتخاذ القرارات فهي تتطلب التقيد بخطوات دقيقة متسلسلة وتأخذ الوقت والجهد الكثير للتمكن من تطبيقها في مواقف عملية.
قسم غالبية التربويين مهارات التفكير إلى مجموعتين:
مهارات التفكير الأساسية ومهارات التفكير المعقدة (التفكير الإبداعي يعتبر من مهارات التفكير المعقدة).وهذه التقسيمات لمهارات التفكير تدل على أهمية مهارات التفكير بالنسبة للتلاميذ من جانب وبالنسبة، وان إدخالها في المنهج الدراسي من خلال المعلومات والمفاهيم التي يتم تدريسها من جانب آخر.
أكدت التقارير بعدم اتساق محتوى الكتب الدراسية مع ما وضع له من أهداف إلى جانب القصور في مجال الأنشطة المصاحبة للمنهج، خاصة تلك الأنشطة التي تعمل على تنمية ميول التلاميذ وتشجيعهم على القراءة الحرة وتدريبهم على طرق وأساليب التعليم الذاتي وحل المشكلات والتفكير الإبداعي وتنمية روح الفريق لديهم(وزارة التربية بدولة الكويت،1987:151).
مصطلحات:
تعرف المناهج الدراسية على إنها:
أ- مجموعة الخبرات التربوية التي تهيؤها المدرسة للتلاميذ داخلها او خارجها بقصد مساعدتهم على النمو الشامل في جميع الجوانب العقلية، والثقافية والدينية والاجتماعية والجسمية والنفسية والفنية نموا يؤدي إلى تعيل سلوكهم ويعمل على تحقيق الأهداف التربوية المنشودة(الوكيل والمفتي، 1987).
ب- أداة لتحقيق الأهداف التربوية، فالمناهج الدراسية خبرات منظمة متسلسلة هادفة لتحقيق غايات وآمال المجموعة التي وضع لها هذا المنهج، فالمناهج الدراسية مجموعة الخبرات الهادفة والمقصودة والتي تنظمها المدرسة وتقدمها للنشئ من اجل مساعدتهم على النمو الشامل والمتكامل(كرم،1993).
ج- الخبرات التي تقدمها المدرسة إلى تلاميذها تحقيقا لرسالتها وأهدافها، ووفق خطتها في تحقيق الأهداف(كرم،1993).
د- نظام متكامل يحدد البنية التربوية الأساسية للمؤسسات النظامية ،ويشتمل على مجموعة من النظم الفرعية ويتفاعل مع مجموعة أخرى من النظم النظيرة والكبيرة ، وتتفاعل مكوناته المختلفة معا من أجل تحقيق أهداف تلك المؤسسات وغايات السياسة التربوية لمجتمع ما(سالم ،1998).
الكتاب المدرسي: ت المرجع الأساسي الذي يستقي منه التلميذ معلوماته أكثر من غيره من المصادر فضلا عن انه هو الأساس الذي يستند إليه المعلم في إعداد دروسه قبل أن يواجه تلاميذه في حجرة الدراسة(اللقاني1990:73)
مهارات التفكير: تنشاط عقلي يكتسب الفرد من خلاله المعلومات ، بمعنى انه نشاط عقلي يساعد على تكوين فكرة أو حل مشكلة أو اتخاذ قرار مناسب (كرم،1993).
تتصميم المنهج :تتعريف قاموس التربية:
يعرف قاموس التربية تصميم المنهج من خلال ثلاثة اتجاهات أساسية هي:
أ- التعريف الأول : يشير إلى أن تصميم المنهج طريقة تنظم بها مكونات المنهج لتسهيل التعلم ولكن طريقة التنظيم هي في الواقع جزء من عملية التصميم لا العملية برمتها ،وقد يكون أساسيا أن تأخذ عملية التصميم بعض الأبعاد الأخرى التي يمكن أن تتعلق بتحديد الاحتياجات أو بالفئة المستهدفة باستراتيجيات عملية التصميم.
ب- التعريف الثاني : يبين أن تصميم المنهج هو العملية التي يتم عن طريقها تصور العلاقات بين التلاميذ والمدرس والمواد والمحتوى والزمن من جانب ، ومخرجات التدريس من جانب آخر.
ج- التعريف الثالث : يتجاوز مفهوم التصميم لأنه يشمل كافة العوامل التي توجه التدريس نحو مخرجات معينه وهو بذلك يضم العديد من العوامل الخارجية عن المنهج كالعناصر الإدارية والمادية وغيرها .
دراسات حديثة متعلقة في بناء المنهج وتطويره ومستقبله:
عدم الدقة في استخدام المفاهيم الأساسية للمنهج، أو اختلاف المصطلحات التي يستخدمها التربويون يشكل عقبة رئيسة في هذا المجال، فمسالة تصميم المنهج أخذت أشكال مختلفة ودلالات متباينة عند المتخصصين في دراسات المنهج، فلو تناولنا عدد من الدراسات الحديثة المتعلقة في بناء المنهج وتطويره ومستقبله لوجدنا أن مفهوم تصميم المنهج غير واضح: ت
فعند كلا من السويدي والخليلي تصميم المنهج يطابق مفهوم العمليات التنظيمية للمنهج ، ويتمثل لهم ذلك في مجموعة من التصاميم، منها تصاميم تتمحور حول المادة الدراسية وتصاميم تتمحور حول المتعلم، وتصاميم تتمحور حول المشكلات (السويدي والخليلي1997:127-148).
عند فالوقي ينصهر مفهوم التصميم في مراحل بناء المنهج التي تنقسم إلى مجموعتين رئيستين تمثل أولاهما :
*المراحل ذات العلاقة بتخطيط الهيكل العام للمناهج وأهدافها العامة ومحتوياتها وذلك وفق لاحتياجات المجتمع من ناحية ومواصفات العمل المطلوب من ناحية أخرى. وتمثل الثانية:
*مراحل إعداد تفاصيل المناهج وتنفيذها وتقويمها . ت(فالوقي،152:1997).
كما تندرج عملية تصميم المنهج ضمن نموذج بناء المنهج في بحث شوق، الذي تتداخل فيه بشكل جزئي عملية التنفيذ وخاصة ما يتعلق بالمراحل المرتبطة بتجريب النهج ومتابعته وتعميم التجربة ثم التقدم النهائي. ت(شوق,33:1995).
يمزج اليافعي عملية بناء المنهج بتصميمه في بحثه قائلا:تعد عملية بناء المنهج وتصميمه في الواقع عملية صعبة تهدف إلى اتخاذ قرارات التي تحدد طبيعة وتنظيم أجزاء المناهج(اليافعي،59:1995). ت
ضوابط تصميم المناهج:
السويدي والخليلي 1997: تيرجع الاختلاف في تصميم المناهج إلى الأهمية التي يعطيها المصممون لمكونات التصميم من أهداف ومحتوى وخبرات وتقويم ( السويدي – الخليلي 1997 : 114- 115 )
النوري 1992 : تيرى النوري أن أهم المقومات الرئيسية في تصميم المنهج هي : الأهداف واختيار محتوى الدراسة وتنظيمه وطرق التعليم والتعلم ، ثم التقويم إن مقومات التصميم هذه ترتبط حسب رأي الباحث بإحدى مراحل التصميم لأنها تشمل فقط على مكونات المنهج لا على المنهج بمفهومة النظامي ،وهي لا تشمل بالإضافة إلى ذلك كافة المكونات ، ومع أن النوري أقترح خطة لتطوير المناهج في البلاد العربية تشتمل على بعض النواحي التصميمية ، فهو يرى أنه من المناسب في كل الأحوال التمييز بين مكونات الشيء وعملية تصميمه. وبالتالي فمكونات المنهج شيء ومكونات تصميم المنهج شيء أخر إن عملية تصميم المنهج هي دراسة حقيقية للواقع ثم تحديد لإستراتيجية العمل ثم ضبط لمجمل تفاعلات الأنظمة الفرعية للمنهج وصوغها بشكل إجمالي.
يبين النوري عملية تصميم بناء ما لا يمكن التمحور حول أحد المكونات الداخلة في البناء ( في حال ثبات المكونات ) كمادة الاسمنت مثلا وإهمال المواد الأخرى الداخلة في البناء كليا أو جزئيا ،وعليه فلا يمكن أن يتمحور تصميم المنهج حول أحد مكونات المنهج . تلابد من التمييز بين مكونات المنهج ومكونات تصميمه فمكونات المنهج تدخل كعنصر أساسي في مكونات التصميم ولكنها لا تشكل وحدها هذه المكونات.
بوشامب 1987: تبين انه يمكن تحديد تصميم المنهج كتنظيم للأهداف والمحتوى الثقافي الذي ينظم بطريقة تعكس إمكانات التقدم من خلال المراحل التعليمية. وذلك لان القرارات في مجال المنهج حسب رأيه تتضمن هندسة المنهج وترتبط مباشرة بالمنهج( بو شامب ، 1987 : 111 ) وعند وضع البنية التعريفية لنظرية المنهج قام بوشامب بوضع قائمة بالفرضيات التعريفية:
أ-ما يتعقل بمفهوم المنهج:
المنهج هو خطة مكتوبة تصف مجال البرنامج التربوي المعلن للمدرسة والتربية. نظام المنهج هو نظام لصنع القرار والعمل فيما يتعلق بالوظائف الأولية الثلاث للمنهج . التخطيط والتنفيذ والتقويم. ت(بو شامب ، 1987 : 187 )
ب-ما يتعلق بمفهوم تصميم المنهج وهندسته: تإن تصميم المنهج يشكل إذا لدى بو شامب عملية مستقلة تماما عن هندسة المنهج وهي ترتبط بتنظيم الأهداف ومحتوى الثقافة إي بمكونين إثنين من مكونات المنهج.
محمد سالم 2004 : تعملية تصميم المنهج عند محمد سالم هي نشاط لا يسعى فقط إلى تحديد النظام الكلي للمنهج، وإنما أيضا إلى إعادة النظر في مراحل التصميم مفصلا كل مرحلة من مراحله، دارسا إياها باعتبارها وحدة مستقلة متفاعلة مع أنظمتها النظيرة والمصغرة والمكبرة من أجل تحقيق النموذج الكلي للتصميم (سالم،2004).
تتلخص خصائص النظام الكلي للمنهج في النقاط الخمس التالية (الجبان ،1995 ،151 -155 )
التنظيم : أي وجود ترتيب شامل لمكونات النظام يساعد على تحقيق الأهداف
التفاعل : أي العلاقات المتبادلة بين عناصره مما يجعل ناتج النظام يمثل حصيلة أنشطة مكوناته معا
التكافل: أي اعتماد مكونات النظام أحدهما على الآخر ، وهي تنسق مع بعضها بعضا وفقا لخطة مرسومة
التكامل : يشكل النظام وحدة متماسكة متناسقة بحيث إذا تغير مكون تأثرت بقية المكونات بذلكالنظام أكبر من مجموع مكوناته ، إن عمل مكونات النظام مجتمعة ينجز أكثر مما تنجز هذه المكونات عندما تعمل بشكل منفرد .
تفيد هذه الخصائص في وضع ضوابط عامه لتصميم المنهج باعتباره المكون الأول من مكونات النظام الكلي للمنهج الذي يشتمل على التصميم والتنفيذ والتقويم ، كما تنعكس من خلالها الأطر الأكثر وضوحا لتحديد مراحل التصميم وتفاعلاتها.
تبعض النماذج التي تقدم هياكل عامه لبناء المنهج: ت
يبدأ أي عمل نود القيام به باتخاذ مجموعة من القرارات المناسبة والإجراءات الكفيلة بإتمامه ويمكننا أن نسمى هذه المرحلة بمرحلة التصميم التي لا بد من أن تسبق مرحلة التنفيذ التي يمكننا أن نقسمها إلى عمليتي التنفيذ التجريبي والتنفيذ التعميمي ثم نقوم بعملية التقويم النهائي، وإذا كانت مرحلة التصميم هي الخطوة الأولى لبناء أي نظام فإن من المفيد عرض بعض النماذج التي تقدم هياكل عامه لبناء المنهج.
أ-نموذج رالف تايلرRalph Tylor
يعتبر نموذج رالف تايلر من أقدم النماذج التي وضعت لبناء المنهج حيث يبين أولا مصادر اشتقاق الأهداف التربوية في خمسة مكونات هي المتعلمون والمجتمع والمختصون والفلسفة وعلم النفس، ويبين ثانيا أن المنهج يتكون من العناصر الأربعة التالية : الأهداف التربوية واختيار الخبرات التربوية ثم تنظيم هذه الخبرات وعملية التقويم. ت
مصادر اشتقاق الأهداف التربوية: المتعلمون، المجتمع، المختصون، الفلسفة ، علم النفس.
مكونات المنهج: تحديد الأهداف- تحديد الخبرات- تنظيم الخبرات - التقويم.
ب-نموذج وييلرwheeler
أضاف وييلر تعديلين أساسيين على نموذج رالف تايلر يتعلق الأول منها بعدد المكونات حيث ميز بين اختيار المحتوى واختيار خبرات التعلم جاعلا كلا منها عنصرا مستقلا ويتعلق التعديل الثاني بشكل النظام وسيرة إذ جعله بشكل حلقي ليغلق بذلك دائرةالبناء ، ولترتبط العناصر بعضها ببعض وهذه العناصر: الغايات والأهداف والأغراض، اختيار خبرات التعلم، اختيار المحتوى، تنظيم خبرات التعلم، التقويم.
ج-نموذج زايس zais
ركز زايس في نموذجه المقترح على الأسس التي ترتكز عليها عملية بنائه بما فيها من متغيرات وعلاقات وقد نلاحظ في ذلك النموذج بوضوح الأسس التي يقوم عليها المنهج، يبين زايس أن مصادر اشتقاق الأهداف التربوية(طبيعة المعرفة – لمجتمع – الفرد – نظريات التعليم- الفلسفة)، مكونات المنهج: (الأهداف – المحتوى – نشاطات التعليم – التقويم).
د-نموذج ويفر weaver
يركز نموذج ويفر في بناء المنهج على التفاعلات الحصالة بين مجمل عناصره فالأهداف التعليمية تتحدد حسب حاجة المتعلمين وينعكس ذلك على عمليات التعليم والتعلم ثم إن عملية التقويم متصلة بنتائج التعلم من جهة وبأهداف المدرس من جهة ثانية ( فلاته وفلمبان 1985 ، 44-45 )
هـ-نموذج فلاته وفلمبان
الإطار العام لنموذجهما: مرحلة الإعداد، مرحلة التنفيذ، مرحلة التجريب، مرحلة التقويم –ى التغذية الراجعة
ويقترح المؤلفان متطلبات خاصة لنموذج بناء المنهج المقترح من قبلهم هي التالية( فلاته – فلمبان :1985 ، 52-53 ):ت
إعداد برامج تدريب خاصة لذوي العلاقة بعملية بناء المنهج.
تحديد الحاجات المختلفة للمجتمع الكبير وللأطفال.
اختيار محتوى المناهج من الخبرات والأنشطة التربوية.
تجريب المناهج.
التقويم والمتابعة.
و-نموذج الحارثي 1998يتضمن مخطط مشروع تخطيط المنهج في النظام المركزي عند الحارثي سبع خطوات رئيسية متداخلة وغير متسلسلة بالضرورة ولذلك مثلها الكاتب على شكل دائرة يمكن أن تكون أي منها نقطة البداية.
العناصر التالية على شكل دائرة يبين خطوات تخطيط المنهج عند الحارثي: ت تحليل الموقف أو دراسة الواقع وتحليله- الغايات والأهداف العامة-وضع السياسات والاستراتيجيات- تجريب المنهج- التنفيذ- المتابعة- التقويم والضبط
يتضح من خلال عرض النتائج السابقة أن هناك تداخل بين كلا من مرحلة التصميم ومرحلة التنفيذ عند بعض الباحثين.
تصميم المنهج :
تصميم المنهج يتضمن العديد من المهارات التقويمية و التبئية وأن فعل التصميم هو فعل تكاملي متسلسل يتعلق بعدة أشياء منها تحديد المعضلات . الواجب حلها والأهداف الواجب تحقيقها ونماذج تحقيق هذه الأهداف والتنبؤ بكافة الحلول المختارة وتقويم هذه التنبؤات ثم القرارات الواجب اتخاذها للمضي قدما في العمليات التالية كالتنفيذ والتقويم النهائي (مهدي ، 1993 : 108 – 109 )
تصميم المنهج هو ترتيب سلسة من الإجراءات المتتالية والمترابطة ضمن نموذج نظامي محدد يبين كيف سيتم إنجاز نظام المنهج (سالم،2004).
مراحل تصميم المنهج:
تقوم عملية التصميم تلك على مجموعة من النظريات في مجال العلوم المختلفة التربوية منها والفلسفية والاجتماعية والديموغرافية إلى جانب عملية الاتصال والتواصل.
تتحدد عملية المنهج حسب رأي محمد سالم باربعة مراحل متتالية مترابطة يمكن دراستها بشيء من التفصيل في النقاط التالية: ت
المرحلة الأولى : سبر الواقع وتحديد أطر العمل
إن أولى العمليات الأساسية التي تدخل كعنصر رئيس في عملية التصميم هذه هي سبر الواقع الحالي ودراسته دراسة معمقة تتيح تحديد الحاجات التربوية العامة .
ومن الطبيعي أن تتحدد تلك الحاجات في ضوء نقطتين تتعلق الأولى منهما بالغايات التربوية أو ما تسمى بالأهداف بعيدة المدى التي تحددها السياسات التربوية العامة والتي تعطي الخطوط العريضة والأساسية لسير العمليات التربوية في الأنظمة المتوسطة والمصغرة وتتحدد الثانية في ضوء ثقافة المجتمع وسماته العامة أي كل ما يرتبط بعادات المجتمع وتقاليده وقيمة التي تستند إليها الفلسفة التربوية لمجتمع محدد وتبين عمق قضاياه وأهدافه وأتساعها.
المرحلة الثانية : تصميم إجراءات العمل ومنهجيته
ينصب الاهتمام في هذه المرحلة على تصميم إجراءات العمل وتحديد منهجيته فلا بد أولا من دراسة مجموعة العمل وتقسيمها إلى وحدات نوعية متفاعلة تمكننا من الحصول على أفضل مردود منها بأقل تكلفة من ناحية الجهد والمال.
تقسم الجماعات إذا بحسب هويتها ومهامها ويحدد زمان اجتماعاتها الدورية ومكانها وموعد تقديم التقرير النهائي لكل مجموعة عمل ، ثم تحدد مواعيد وأمكنة التقاء المجموعات بعضها ببعض من أجل تبادل الخبرات وضبط النتائج واستخلاصها وتقديم التقرير النهائي الذي يبين طبيعة المنهج وأسسه النفسية والتاريخية والاجتماعية وغيرها.
وإذا كان اختيار مجموعة العمل كمرحلة أولى من التصميم يشكل خامات وأرضية بناء المنهج فإن تصميم إجراءات عمل تلك المجموعة وتحديد منهجيته وتفاعلاته يشكل القاعدة الأساسية التي ستقوم عليها مجمل البناءات والهياكل الأخرى التي تتحدد مضمون المنهج وهويته.
المرحلة الثالثة – تصميم مكونات المنهج
نصل في هذه المرحلة إلى تصميم الهيكلية العامة للمنهج داخلين في كل التفاصيل التي تتعلق بمكوناته الأساسية أي ما سميناه بالنظم التي تشكل بناه الأساسية والتي تحددت عبر دراسة سابقة أخذت بعين الاعتبار الرؤية الشاملة للمنهج باعتباره نظاما متكاملا ( سالم، 1998)
مكونات المنهج الأساسية: ت
أ-الأهداف : الأهداف وما ينتج عنها من صياغة سلوكية للأغراض تشكل أحد الأنظمة الفرعية الموازية التي تضم أيضا بعض الأنظمة المصغرة وقد يبدوا هاما أن يضع المصمم الأطر المحددة لنظام الأهداف المتعلقة بمرحلة تدريسية أو بمستوى محدد منها ثم يحدد الأطر الأخرى للأنظمة المصغرة مشيرا بوضوح إلى النقاط التعليمية الأساسية لكل وحدة تعليمية ذاكرا أو تاركا المجال لذكر الأغراض السلوكية لتلك الوحدة من قبل المدرس وقد يحتاج الأمر هنا إلى تصميمات فرعية مساندة من أجل تحليل المحتوى وتحديد النقاط التعليمية ثم صياغة الأغراض السلوكية وتكمن الأهمية البالغة لتحديد الأهداف والأغراض السلوكية في عملية تصميم الروابط الفراغية بين النظم الموازية والفرعية والمصغرة.
ب- المحتوى : يشكل تحديد المحتوى الكلي والتخصصات المتنوعة نظاما فرعيا متغيرا يرتبط بالتجديدات والتطورات العلمية والتغيرات التي نواجهها بشكل خاص في المرحلة الأولى من التصميم ، ولا شك أنه نظام مواز لمجمل النظم الفرعية لمكونات المنهج ويرتبط بها ويتفاعل معها ويتأثر بها ويؤثر فيها.
ج- طرائق التدريس: تعتبر طرائق التدريس أحد مكونات المنهج وتشكل نظاما فرعيا موازيا لنظام المحتوى ونظام الأهداف وتتكون من مجموعة من النظم المصغرة والمبادئ المعيارية التي تضبط المناشط المختلفة لعملية تعليمية ، وإذا كان هناك طرائق تدريس مختلفة تتناسب مع طبيعة المادة العلمية وكمية المعلومات ونوعية الأداء ثم مع طبيعة المدرسة وعدد الطلاب وأعمارهم والإمكانات المادية المتاحة والبيئتين الصفية والمدرسية ، فإن من المناسب لمصممي المنهج أن يضعوا التصورات والاحتمالات الممكنة لطرائق تدريس تتوافق وتتفاعل مع باقي النظم الفرعية بحيث تمكن من شدة انتباه الدارسين وتحقيق أكبر مشاركة لهم وتقدم حدودا من الليونة والمرونة والتداخل والابتكار والتطوير.
د- التقنيات التربوية: مما لا شك فيه أن هذا العصر يتطلب وقفة طويلة أمام الكم الهائل من المبتكرات التقنية الحديثة في المجالات المختلفة ثم دراسة مدى تأثيرها في النواحي التربوية وبشكل خاص في أشكال التعليم النظامي، وعند تصميم المنهج لابد أن تؤخذ هذه التطورات بعين الاعتبار ، فتصمم البني التربوية الجديدة نماذج من التقنيات تتوافق مع متطلبات الحاضر والتوقعات المستقبلية .
هـ - التقويم : إن عملية التقويم بشكل عام هي عملية جمع المعلومات وضبطها ثم تحليلها واستخدامها في تكوين أحكام تؤدي إلى اتخاذ بعض القرارات وقد يكون من المهم جدا أن نميز هنا بين شكلين من التقويم يخلط الكثير من العاملين في الميدان فيما بينهما.
تقويم المنهج بشكل عام
تقويم الانجاز في المجال التربوي
يمكن لمصممي المناهج إذا أن يضعوا التصورات والبناءات الأساسية لعملية تقويم الانجاز الذي ينتج عن تفاعل مجمل المكونات أو النظم المثيلة كما يمكنهم أن يحددا النظم الفرعية لتقويم الإنجاز محددين بذلك موضوع القياس وأدواته والقائمين عليه وما إلى ذلك.
المرحلة الرابعة – تقويم التصميم:
عملية التقويم الشاملة للمنهج تنقسم هنا في الواقع إلى عمليتين أساسيتين تتعلق الأولى بعملية التقويم النهائي للتصميم وتتعلق الثانية بعملية التقويم النهائي للتنفيذ ونركز مناقشتنا هنا على العملية الأولى أي تقويم التصميم.
ينظر إلى تلك العملية على أنها إعادة النظر في كل مرحلة من مراحل التصميم ثم في كل نظام فرعي من أنظمة المنهج وفي كل دراسة تفاعلية من تفاعلات نظمه المثيلة أو الفرعية أنها عودة إلى المراحل المختلفة للتصميم وإعادة النظر فيها من وجه نظر نقدية تحليلية تنظيمية ثم ضبطها وتعديلها وفق معطيات النظم وتفاعلاتها.
بينت الدراسة بأن مفهوم تصميم المنهج يأخذ إشكالا مختلفة ودلالات متباينة في الدراسات التربوية المعاصرة ويتأرجح بين الدمج والغموض فحيث يراه البعض كأسلوب لتنظيم مكونات المنهج يرى البعض الآخر كشكل من أشكال الربط بين الأهداف والخبرات التعليمية ، كما يرى آخرون أن يتعلق بالعمليات التي تحدد العلاقات بين مجموعة من الأنظمة بما فيها التلميذ والمدرس ومخرجات التدريس.
المصادر:
الجبان، رياض عارف(1995 ). تطوير برنامج التربية البيئة وفق نظرية النظم لإعداد المعلم في أثناء الخدمة، دراسة تجريبية في مدينة دمشق وريفها للتحقق من فاعلية البرنامج وكفايته رسالة لنيل درجة الدكتوراه في لتربية. جامعة دمشق.
سالم، محمد حسان (1998). ( ملامح نظام المنهج ). تونس: المجلة العربية للتربية المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم. العدد الثاني.المجلد الثامن عشر.
عميرة، إبراهيم بسيوني(1991). المنهج وعناصره. الطبعة الثالثة. القاهرة: دار المعارف.
فلاته إبراهيم محمود حسين – فلمبان ، سمير نور الدين(1985 ). الاتجاهات المعاصرة في بناء المناهج. الطبعة الأولى. مكة المكرمة: المكتبة الفيصلية.
الوكيل،حلمي - المفتي، محمد(1987). أسس بناء المناهج وتنظيماتها. القاهرة:مطبعة حسان.
كرم، إبراهيم(1993). المناهج الدراسية وتنمية مهارات التفكير. الكويت: وزارة التربية.
اللقاني، احمد، وآخرون(1990). تدريس المواد الاجتماعية. الجزء الأول.القاهرة:عالم الكتب.
وزارة التربية-التقرير الختامي لتقويم النظام التربوي في دولة الكويت. وزارة التربية-الكويت 1987(ص151).
السويدي، خليفة علي-الخليلي،خليل يوسف(1997). المنهاج: مفهومه وتصميمه وتنفيذه وصيانته، الطبعة الأولي. دبي: دار القلم للنشر والتوزيع. ت
فالوقي، محمد هشام(1997). بناء المناهج التربوية. الإسكندرية:المكتب الجامعي الحديث. ت
سالم،محمد حسان(2004).تصميم المنهج دراسة نظامية لوضع نموذج للتصميم وتفاعلاته. بيروت: المجلة العربية للتربية. المجلد الرابع والعشرون.
مهدي، سعاد عبد علي(1993). القابليات الإبداعية المطلوبة لدراسة العمارة وممارستها. دمشق: مجلة التعريب. العدد الخامس.
margin-top: 0px; margin-bottom: 0px; color: #638cbb; font-family: Arial, Geneva, sans-serif; font-size:
ساحة النقاش