هل المواطن البسيط الذى يتظاهر ويعتصم ويقطع الطريق أمام ماسبيرو للمطالبة بشقة يسكن فيها هو وأسرته بدلاً من الحياة غير الآدمية فى «مخيمات مدينة السلام» يمكن أن نتهمه بأنه من فلول الحزب الوطنى ويحاول تخريب وإجهاض الثورة؟!.المؤكد أن مثل هذا المواطن كادح وغلبان ومسكين وربما لا يعرف أن هناك شيئا كان اسمه الحزب الوطنى ناهيك بالطبع أنه ربما لم يسمع كلمة «الفلول» طوال عمره!

المؤكد أيضاً أن هذا المواطن لا يعرف أن نتيجة سلوكه النهائى المتمثل فى الاعتصام وقطع الطريق لا تمثل خطراً فقط على تحقيق الثورة لأهدافها بل ربما تمثل خطراً على تماسك الدولة نفسها.

الذى لا يستطيع المرء إدراكه أن كثيراً من المثقفين وبعض النخبة ، خصوصاً من اليسار وكلهم لا يشك أحد فى وطنيتهم ودورهم فى إنجاح الثورة يؤيدون بلا تحفظ استمرار مثل هذه الاعتصامات الفئوية.

لا أحد عاقل يستطيع أن ينكر حق كل أصحاب المطالب الفئوية ، لكن الخلاف فقط هو حول التوقيت. هل تتم الآن أم ننتظر قليلا لشهور حتى تكون هناك حكومة ورئيس منتخبين؟

المواطن الذى لا يجد شقة ، أو وظيفة ، أو الذى تم فصله تعسفياً أو لم يتم تثبيته أو يتقاضى أجراً متدنياً، معذور، وأغلب الظن أن نظرته للثورة تتمحور أولاً وأخيراً فى مدى قدرتها على تغيير حاله إلى الأفضل ، وبالتالى فمثل هذا المواطن لا تعنيه المطالب العامة كثيراً ، مثل الحريات والديمقراطية وتداول السلطة.

نظام "مبارك" دمر معظم المجتمع تقريباً ، وارتكب جرائم لا تعد ولا تحصى ، ويندر أن تجد قطاعاً ، أو فئة لم يطلها سيف الفساد ، ولأن المتضررين كثر نجد أن المطالب الفئوية كثيرة جداً.

وإذا افترضنا نظرياً أن كل أصحاب هذه المطالب قرروا التظاهر والاعتصام والإضراب من أجل الاستجابة لمطالبهم فوراً ، فالنتيجة الوحيدة هى أن البلد سينهار ويتفكك خلال أقل من ستة أشهر.

الذين يؤيدون المظاهرات والاعتصامات الفئوية الآن لم يخبرونا كيف ستتم الاستجابة لهذه المطالب؟! وما هو توصيفهم لحكومة شرف؟!.

هل تمتلك هذه الحكومة وهى حكومة يفترض أنها مؤقتة لتسيير الأعمال أن تتخذ قرارات مصيرية بتثبيت كل العمالة المؤقتة ، وتعيين كل العاطلين عن العمل مثلاً وعددهم لا يقل عن 10٪ من المجتمع ، أو تقدم وحدات سكنية لكل المحرومين ، إضافة لبقية المطالب. وحتى إذا ارادت الحكومة ذلك فمن أين ستدبر كل هذه المخصصات ، وهل تملك قانوناً وهى غير منتخبة أن تتخذ قرارات استراتيجية تتعلق مثلا بإقامة مشروعات كبرى مثل تعمير سيناء أو تعيين الملايين؟!.

ما يريده الفئويون هو تغيير وإصلاح كل الأوضاع الخاطئة فى مصر وهو مطلب مثالى وجميل ومحترم لكن لا يمكن تنفيذه فوراً والآن.

لو أننا أعطينا الحق القانونى والأخلاقى لكل صاحب مطلب فئوى أن يعتصم فى الشارع ويغلقه ويشل حركة القطارات أو الطرق السريعة ؛ فإننا نعطى هذه الفئة حق تدمير مصر، وإجهاض ثورة قامت بالأساس من أجل تحقيق الحرية والكرامة والعدل لكل المجتمع ، خصوصاً لهذه الفئة التى ظلت صابرة وراضية بحكومات الفساد وعندما لاح فى الأفق أمل وضوء للتغيير تحاول أن تطفئه.

أن تتظاهر للتعبير عن رأيك فهذا حقك ، لكن أن تقطع الطريق وتوقف البلد بأكمله ، فأنت لا تعمل إلا لمصلحة نظام "حسنى مبارك" ، ولذلك فالحل هو تطبيق القانون بحزم على الجميع
.
  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 64 مشاهدة
نشرت فى 11 يونيو 2011 بواسطة mohamedmedhat1

ساحة النقاش

محمد مدحت عمار

mohamedmedhat1
طالب فى الاعدادى واحب الاسلام وهوايتى الكمبيوتر والمقالات والنت و كاتب صغير »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

43,547